عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18 Dec 2013, 09:35 PM
إسحاق بارودي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

في بيان تركيب البدن ووضع الأعضاء مواضعها و إعدادها لما أعدت له

و قال ابن القيم رحمه الله في نفس الكتاب في فصل آخر يبين فيه كيفية تركيب البدن ووضع الأعضاء مواضعها و إعدادها لما أعدت له :

((فأعد النظر في نفسك وتأمل حكمة اللطيف الخبير في تركيب البدن ووضع هذه الأعضاء مواضعها منه وإعدادها لما أعدت له وإعداد هذه الأوعية المعدة لحمل الفضلات وجمعها لكيلا تنتشر في البدن فتفسده ثم تأمل الحكمة البالغة في تنميتك وكثرة أجزائك من غير تفكيك ولا تفصيل ولو أن صائغا أخذ تمثالا من ذهب أو فضة أو نحاس فأراد أن يجعله أكبر مما هو هل كان يمكنه ذلك إلا بعد أن يكسره ويصوغه صياغة أخرى والرب تعالى ينمي جسم الطفل وأعضاءه الظاهرة والباطنة وجميع أجزائه وهو باق ثابت على شكله وهيئته لا يتزايل ولا ينفك ولا ينقص وأعجب من هذا كله تصويره في الرحم حيث لاتراه العيون ولا تلمسه الأيدي ولا تصل إليه الآلات فيخرج بشرا سويا مستوفيا لكل ما فيه مصلحته وقوامه من عضو وحاسة وآلة من الأحشاء والجوارح والحوامل والأعصاب والرباطات والأغشية والعظام المختلفة الشكل والقدر والمنفعة والموضع إلى غير ذلك من اللحم والشحم والمخ وما في ذلك من دقيق التركيب ولطيف الخلقة وخفي الحكمة وبديع الصنعة كل هذا صنع الله أحسن الخالقين في قطرة من ماء مهين وما كرر عليك في كتابه مبدأ خلقك وإعادته ودعاك إلى التفكير فيه إلا لما بك من العبرة والمعرفة ولا تستطل هذا الفصل وما فيه من نوع تكرار يشتمل على مزيد فائدة فإن الحاجة إليه ماسة والمنفعة عظيمة فانظر إلى بعض ما خصك به وفضلك به على البهائم المهملة إذ خلقك على هيئة تنتصب قائما وتستوي جالسا وتستقبل الأشياء ببدنك وتقبل عليها بجملتك فيمكنك العمل والصلاح والتدبير ولو كنت كذوات الأربع المكبوبة على وجهها لم يظهر لك فضيلة تمييز واختصاص ولم يتهيأ منك ما تهيأ من هذه النسبة ))


التعديل الأخير تم بواسطة إسحاق بارودي ; 30 Dec 2013 الساعة 02:14 PM
رد مع اقتباس