عرض مشاركة واحدة
  #72  
قديم 25 May 2008, 02:47 PM
ابوعبدالله الجزائري ابوعبدالله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 287
افتراضي

ينقسم الناس بالنسبة للاخلاص والمتابعة الى اربعة اقسام

جمعوا بين الإخلاص والمتابعة، فأعمالهم كلها لله، و أقوالهم لله، وعطاؤهم لله، و منعهم لله، و حبهم لله، و بغضهم لله. فمعاملتهم ظاهرا و باطنا لوجه الله وحده، لا يريدون بذلك من الناس جزاء و لا شكورا، و لا ابتغاء الجاه عندهم، و لا طلب المحمدة، و المنزلة في قلوبهم، و لاهربا من ذمهم، بل قد عدوا الناس بمنزلة أصحاب القبور، لا يملكون لهم ضرا و لا نفعا، و لا موتا و لا حياة ولا نشورا،فالعمل لاجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم ورجائهم للضر والنفع منهم لا يكون من عارف بنهم البتة،بل من جاهل بشأنهم وجاهل بربه،فمن عرف الناس انزلهم منازلهم،ومن عرف الله اخلص له اعماله واقواله وعطاءه ومنعه وحبه وبغضه،ولا يعامل احد الخلق دون الله الا لجهله بالله وجهله بالخلق،والا فاذا عرف الله وعرف الناس آثر معاملة الله على معاملتهم.

و كذلك أعمالهم كلها و عبادتهم موافقة لأمر الله، و لما يحبه و يرضاه. و هذا هو العمل الذي لا يقبل الله من عامل سواه. و هو الذي بلا عباده بالموت و الحياة لأجله. قال الله تعالى ((الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)) وجعل ما على الارض زينة لها ليختبرهم ايهم احسن عملا.

- قال الفضيل بن عياض:العمل الحسن هو أخلصه وأصوبه.

قالوا :يا ابا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال :ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا : لم يقبل، واذا كان صوابا ولم يكن خالصا :لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا. والخالص:ما كان لله،والصواب:ما كان على السنة،وهذا هو المذكور في قوله: :(( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً{110}))الكهف:110.

وفي قوله تعالى :(( وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)) النساء:110.

فلا يقبل الله من العمل الا ما كان خالصا لوجهه الكريم وعلى متابعة أمره،وما عدا ذلك فهو مردود على عامله يرد عليه احوج ما هو اليه هباءا منثورا.

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).اخرجه البخاري رقم:2550ومسلم رقم:1718 وفي رواية مسلم:((من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد)).

فكل عمل بلا اقتداء فانه لا يزيد عامله من الله الا بعدا ،فان الله تعالى فانما يعبد بامره،لا بالاراء والاهواء.

القسم الثاني: من لا اخلاص له ولا متابعة،فليس عمله موافقا للشرع،ولا هو خالصا للمعبود،كاعمال المتزينين للناس،المرائين لهم بما لم يشرعه الله ولم يبلغه رسوله،وهؤلاء شرار الخلق،وامقتهم الى الله عز وجل ولهم اوفر نصيب من قوله تعالى :(( لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{188})) آل عمران:188.

يفرحون بما اتوا من البدعة والضلالة والشرك،ويحبون ان يحمدوا باتباع السنة والاخلاص وهذا القسم يكثر فيمن انحرف-من المنتسبين الى العلم والفقر والعبادة-عن الصراط المستقيم،فانهم يرتكبون البدع والضلا لات والرياء والسمعة ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا من الاتباع والاخلاص والعلم،فهم اهل الغضب والضلال.

القسم الثالث:من هو مخلص في اعماله لكنها على غير متابعة الامر،كجهال العباد والمنتسبين الى طرق الزهد والفقر،وكل من عبد الله بغير ما شرع واعتقد عبادته هذه قربة الى الله فهذا حاله،كما يضن سماع المكاء والتصدية قربة،وان الخلوة التي يترك فيها الجمعة والجماعة قربة،وان مواصلة صوم النهار بالليل قربة،وان صيام العيدين قربة،ويتقرب بها الى الله بفعل البدع والمعاصي.
فاخلاصه في هذه الحالة لا ينفعه لا الاعمال التي يقوم بها محدثة ومبتدعة،والعمل المحدث مردود على صاحبه كما في حديث عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها مرفوعا: :((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).متفق عليه.

القسم الرابع:من اعماله على متابعة الامر لكنها لغير الله كطاعة المرائين والكرجل يقاتل رياء وحمية وشجاعة ويحج ليقال،ويقرا القرآن ليقال،فهؤلاء أعمالهم ظاهرها أعمال صالحة مأمور بها،لكنها غير صالحة لانها لغير الله فلا تقبل.

قال الله تعالى :(( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ))فكل احد لم يؤمر الا بعبادة الله بما امر والاخلاص له في العبادة،واهل الاخلاص والمتابعة هم اهل:((اياك نعبد واياك نستعين (5))).
انتهى من كتاب مدارج السالكين للعلامة ابن القيم رحمه الله(1/95-97) بتصرف.

رد مع اقتباس