عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03 May 2017, 12:37 PM
مراد قرازة مراد قرازة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
الدولة: الجزائر ولاية أم البواقي
المشاركات: 438
افتراضي نظم مبادئ الأصول للشّيخ: عبد الحميد بن باديس –رحمه الله-




نظم مبادئ الأصول
للشّيخ: عبد الحميد بن باديس –رحمه الله-


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾،
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً﴾،
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسنَ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد :
فهذه محاولة على قدر الوسع والاستطاعة، أردت من خلالها نظم كتاب " مبادئ الأصول " للشّيخ المصلح المجدّد عبد الحميد بن باديس – رحمه الله- ، وهو كتاب على صغر حجمه، واختصار متنه، قد حوى أهم أبواب الفن، مما لا يستغني عنه طالب العلم المبتدئ، في فهم علم الأصول، ومعرفة مصطلحاته، والإحاطة بقواعده وأحكامه.
وممّا زاد من أهمّية هذا المتن، أن تعرّض له شيخنا العلاّمة محمد علي فركوس- حفظه الله- بالشّرح والإيضاح، حتى غدا شرحه " الفتح المأمول"، من مهمات الخطى في طريق طالب العلم.
ولا شكّ أنّ النّظم أقرب للحفظ، وأسهل للاستحضار، وهو من أهمّ وسائل ضبط الفنون، وتقريب المتون، و قد حاولت فيه التزام ألفاظ المؤلف على وجهها، كما التزمت الإشارة إلى الأمثلة حيث وردت، حتى يجمع حفظ المثال إلى قاعدته، فيعمّ نفعها ويسهل فهمها –والله الموفق-
فما أصبت فمن الله وما قصّرت فمن نفسي والشّيطان، ولعلّه أن يصير إلى أفضل منه، بتوجيه من الإخوة الكرام ، والمشايخ الفضلاء
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


مقدمة النّاظم

الحَمْــــــدُ للهِ العَلِــــــيِّ القَـــــــادِرِ **** المُرْسِـــلِ العُقُــــولَ بِالخَوَاطِــــرِ
وَمُنْشِــــئِ الأَخْــــلاَقِ بِالجَوَانِــــحِ **** وَمُظْهِـــرِ الخَيْرِ عَلَى الجَـــوَارِحِ
أَسْألُـــهُ سُبْحَانَـــهُ عَوْنًــــا عَلَــــى **** أَمْـــرٍ بِـــهِ الفُــؤَادُ يَوْمِــي شُغِــلاَ
وَالعَيْـــنُ فِيـــهِ دُونَ ذَنْـبٍ حُبِسَـتْ **** وَالنَّفْــسُ فِيــهِ عَــنْ هَوَاهَا شُغِلَتْ
وَأَنْ يُعِيـــــنَ الكَـــــفِّ بِالمِــــــدَادِ **** وَيُرْسِـــــلَ الأقْــــــلامَ بِالسَّـــــدَادِ

1- علم الأصول

عِلْـــمُ الأُصُـــولِ جُمْلَـــةُ القَوَاعِــدِ **** المُرْشِـــــدَةِ الفُحُـــــولِ لِلْفَوَائِـــــدِ
فِــــي طُــــرُقِ اسْتِفَــــادَةِ الأَنَــــامِ **** لِلْحُكْــــمِ مِـــــنْ أَدِلَّــــةِ الأَحْكَـــامِ
فَلْنَحْصِـــرِ الكَـــلاَمَ فِـــي أَبْـــوَابِ **** أَرْبَعَــــــةٍ مُحْكَمَــــــةِ الجَــــــوَابِ

الباب الأوّل
في أفعال المكلّفين


مِــنْ مُقْتَضَــى التَّسْلِيــمِ بِالعِبَـــادَهْ **** إِطَـاعَـــةُ المَمْلُـــوكِ ذِي السِّيَـــادَهْ
بِكُـــلِّ فِعْــــلٍ ظَاهِـــرٍ أَوْ بَاطِـــنِ **** مِمَّــا قَضَـى فِـي جُمْلَــةِ المَوَاطِــنِ
فَيُنْجِـــزُ المَطْلُـــوبَ فِعْـــلاً مِثْلَمَــا **** يُجَــانِبُ المَطْلُــوبَ تَرْكَـــهُ وَمَـــا
قَـــدْ خَيَّـــرَ العَظِيــمُ بَيْـــنَ فِعْلِــــهِ **** أَوْ تَرْكِــــهِ فَــــذَا لِحُكْــــمِ عَقْلِــــهِ
فَالكُـــلُّ إِمَّـــا فِعْلُــــهُ قَـــدْ طُلِبَـــــا **** أَوْ تَرْكُـــــهُ أَوْ بِالخِيَـــارِ سُيِّبَـــــا

الباب الثاني
في أحكام الله تعالى


وَكُـــلُّ فِعْــــلٍ بَاطِـــنٍ أَوْ ظَاهِـــرِ **** لاَبــــدَّ مَحْكُـــومٌ بِأَمْــــرِ القَـــاهِـرِ
فَخَلْقُهُ الإنْسَانَ جَـــلَّ عَـــنْ عَبَــثْ **** فَلَـمْ يَكُـــنْ لِشَأْنِـــهِ سُـــدًى بُعِـــثْ
وَحُكْمُ رَبِّنَا فَمَطْلُوبٌ وَمَا **** يَأْذَنُ فِيهِ أَوْ بِوَضْعٍ أُحْكِمَا
وَطَلَبٌ لِلْفِعْلِ أَوْ لِلتَّرْكِ **** بِالحَتْمِ وَالتَّرْجِيحِ دُونَ شَكِّ
فَفِعْلُكَ المَطْلُوبَ حَتْمَا وَاجِبُ **** أَوْ رَاجِحًا فَمُسْتَحَبٌ يُنْدَبُ
وَمَا بِحَتْمٍ تَرْكُهُ قَدْ حُرِّمَا **** وَرَاجِحًا مَكْرُوهُهُ قَدْ عُلِمَا
وَإِذْنُهُ فِي الفِعْلِ أَوْ فِي التَّرْكِ ذَا **** إِبَاحَةٌ وَكُلٌّ حُكْمٌ أُنْفِذَا

الحكم

إِثْبَاتُ شَيْءٍ مَا لِشَيْءٍ سُمِّيَا **** حُكْمًا كَذَاكَ نَفْيُ مَا قَدْ نُفِيَا
فَالوَصْفُ بِالوُجُوبِ حُكْمٌ مِثْلُهُ **** مِثْلُ الَّذِي بِالنَّدْبِ جَاءَ وَصْفُهُ
كَذَاكَ وَصْفُ الحَظْرِ وَالكَرَاهَةْ **** وَالإِذْنِ بِالمُبَاحِ لِلنَّزَاهَةْ
وَخَمْسَةُ الأَحْكَامِ قَدْ تَسَمَّتْ **** أَحْكَامَ تَكْلِيفٍ بِمَا أَقَلَّتْ
مِنْ كُلْفَةٍ لِطَالِبِ المُرَادِ **** الطَّائِع المُنْقَادِ ذِي الرَّشَادِ

الوضع

وَوَضْعُ رَبِّنَا لِشَيْءٍ يَلْزَمُ **** الوُجُودُ مِنْ وُجُودِهِ وَيُعْدَمُ
مِنْ عَدَمٍ لَهُ فَذَاكَ سَبَبُ **** مِثْلُ الوَقُوتِ لِلصَّلاَةِ تُنْسَبُ
وَالشَّرْطَ يَلْزَمُ انْعدَامَهُ العَدَمْ **** لاَ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ أَوْ عَدَمْ
كَشَرْطِنَا الوُضُوءَ لِلصَّلاةِ **** فَافْهَمْ أَتَتْكَ أَنْفَسُ الصِّلاتِ
وَمَانِعٌ يُعْدَمُ مِنْ وُجُودِهِ **** كَالحَيْضِ لِلوُجُودِ أَوْ وُجُوبِهِ
وَإِنّمَا سُمِّيَتِ الأَسْبَابُ **** حُكْمًا لِمَا أَثْبَتَهُ الخِطَابُ
لَهَا وَلِلشُّرُوطِ وَالمَوَانِعِ **** مِنْ صِفَةٍ لَهَا بِلاَ مُنَازِعِ
وَذِي الثَّلاَثُ سُمِّيَتْ وَضْعِيَّهَ **** أَوْ إِنْ تَشَأْ فَكُلُّهَا جَعْلِيَّهْ

تفريق ما بينهما
(أي الحكم التكليفي والحكم الوضعي)


وَمَيِّزِ التَّكْلِيفَ إِنْ تَعَلَّقَا **** بِعَمَلِ المُكَلَّفِينَ مُطْلَقَا
فَذَاكَ مِنْ فِعْلِ العِبَادِ يُطْلَبُ **** لأَنَّهُ سَعْيٌ لَهُمْ وَمَكْسَبُ
وَخَالَفَ الوَضْعِيُّ فِي تَعَلُّقِهْ **** بِغَيْرِ مَا يُرَامُ مِنْ مُعَلَّقِهْ
كَالوَقْتِ فِي القِيَامِ لِلصَّلاَةِ **** وَالحَوْلِ فِي الوُجُوبِ لِلزَّكَاةِ
فَإِنْ يَكُنْ مِمَّا تَعَلَّقَ الطّلَبْ *** فَذَاكَ تَكْلِيفٌ لِوَضْعٍ قَدْ نُسِبْ
كَقَصْدِ قِبْلَةٍ لِكُلِّ عَابِدِ *** طَهَارَةٌ لِلثَّوْبِ وَالمَسَاجِدِ

الأحكام الشرعية في الخطابات الإلهية

وَكُلُّ حُكْمٍ لِلإِلَهِ يُسْتَمَدْ **** مِنَ الخِطَابِ فَاسْتَفِدْ وَلاَ تَحِدْ
فَإِنْ حَوَى التَّكْلِيفَ فَالخِطَابُ **** خِطَابُ تَكْلِيفٍ وَذَا الجَوابُ
فِيمَا حَوَى الوَضْعِيَّ مِنْ خِطَابِهْ **** فَسَمِّهِ الوَضْعِيَّ لاَ تُشَابِهْ
فَالأمْرُ بِالصَّلاَةِ أَنْ أَقِيمُوا **** قَدْ عَرَّفَ الوُجُوبَ فَاسْتَقِيمُوا
وَالنَّهْيُ عَنْ قُرْبِ الزِّنَا بِهِ عُرِفْ **** تَحْرِيمُهُ مِنْ كُلِّ بَاغٍ مُقْتَرِفْ
وَفِي حَدِيثِ السَّعْيِ نَحْوَ المَسْجِدِ **** تَعْرِيفُ الاسْتِحْبَابِ فَاسْعَ وَاسْجُدِ
وَمِنْ كَلاَمِ رَبِّنَا لاَ يَأْتَلِ **** تَعْرِيفُ مَكْرُوهٍ بِنَهْيٍ يَنْجَلِي
وَقَوْلُهُ فَانْتَشِرُوا بِهِ عُلِمْ **** جَوَازُ الانْتِشَارِ فَافْهَمِ الكَلِمْ
وَلِدُلُوكِ الشَّمْسِ قَدْ عَرَّفَنَا **** بِالسَّبَبِ الوَضْعِيِّ فَاسْتَوْقَفَنَا
وَالنَّهْيُ عَنْ صَلاَةِ حَائِضٍ فَذَا **** مُعَرِّفٌ لِلْوَضْعِ بِالمَنْعِ كَذَا
أَتَى حَدِيثُ الأمْرِ بِالوُضُوءِ **** مُعَرِّفًا بِشَرْطِهِ المَجْزُوءِ
وَآيَةُ الوُضُوءِ بَعْدُ عَرَّفَتْ **** وُجُوبَهُ مِنْ بَعْدِ وَضْعٍ أَثْبَتَتْ

تتميم وتقسيم
(عزم وترخيص)


يُقَسَّمُ الحُكْمُ إِلًى عَزْمٍ وَمَا **** كَرُخْصَةٍ بِهَا الإِلَهُ أَكْرَمَا
فَكُلُّ حُكْمٍ ابْتَدَا مُعَمَّمَا **** بِكُلٍّ حَالٍ عَزْمُهُ قَدْ عُلِمَا
وَمِنْهُ سَمِّ الفِعْلَ بِالعَزَائِمِ **** مِثْلُ الوُجُوبِ فِي امْتِنَاعِ الصَّائِمِ
تَرْخِيصُهُ السَّهْلُ الَّذِي قَدْ شُرِعَا **** لِمَا يُخَصُّ إِثْرَ عُذْرٍ مَنَعَا
مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ الأصْلِيِّ **** وَالفِعْلَ سَمِّ رُخْصَةَ العَلِيِّ
كَالقَصْرِ وَالإفْطَارِ لِلمُسَافِرِ **** وَغُصَّةٌ بِالخَمْرِ لِلمُغَرْغِرِ

تصحيح وإبطال

تَصْحِيحُ أَمْرٍ إِنْ بِصِحَّةٍ حُكِمْ **** لِلْعَقْدِ أَوْ عِبَادَةٍ لَمْ تَنْعَدِمْ
بِهَا شُرُوطُ الشَّارِعِ المُعْتَبَرَهْ **** وَانْتَفَتِ المَوَانِعُ المُقَرَّرَهْ
وَمَا بِهِ عُلِّقَ ذَا صَحِيحُ **** مُوَافِقٌ لِشَرْعِنَا مَلِيحُ
إِبْطَالُهَا هُوَ الفَسَادُ إِنْ تُخِلْ **** بِالشَّرْطِ أَوْ بِمَانِعٍ لَهَا تَصِلْ
وَمَا بِهِ عُلِّقَ ذَاكَ بَاطِلُ **** مُخَالِفٌ للشَّرْعِ لاَ يُمَاثِلُ
فَفِي الحَدِيثِ كُلُّ سَعْيٍ قَدْ يَرِدْ **** لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَذَاكَ رَدْ

مقتضيات الحكم

وَكُلُّ قَاضٍ فِي الأنَامِ إِنَّمَا **** يَكُونُ شَرْعًا حَاكِمًا إِنْ حَكَمَا
بِالشَّرْعِ قَاصِدًا لَهُ مُجْتَهِدَا **** فَاللهُ جَلَّ شَأْنُهُ قَدْ شَهِدَا
أَنَّ القَضَاءَ لِلإِلَهِ وَحْدَهُ **** كَذَاكَ أَمْرُهُ بِأَنْ نَتْبَعَهُ
وَالحُكْمُ مِنْ غَيْرِ الكِتَابِ أَوْجَبَا **** كُفْرًا وَظُلْمًا بَعْدَ فِسْقِ مَنْ أَبَى

المحكوم فيه

فِعْلُ المُكَلَّفِينَ ذَا المَحْكُومُ **** فِيهِ وَذَا بِقُدْرَةٍ يَقُومُ
فَمَا يُكَلَّفُ الفَتَى فِعْلاً سِوَى *** وُسْعًا بِغَيْرِ حَرَجٍ قَدِ احْتَوَى
كَالأمْرِ لِلْمُقْعَدِ بِالقِيَامِ **** كَذَا المَرِيضُ فَافْهَمَنْ كَلاَمِي
وَآيَةُ الحَجِّ لِذَا مُقَرِّرَهْ **** مِنْ بَعْدِ آيَةٍ بِذَيْلِ البَقَرَهْ

المحكوم عليه


ثُمَّ الَّذِي عَلَيْهِ ذَا الحُكْمُ نَزَلْ **** فَبَالِغٌ مُخَيَّرٌ لَئِنْ عَقَلْ
دُونَ صَبِيٍّ أَوْ كَجِنَّةِ الفَتَى **** أَوْ مِثْلِ مَعْتُوهٍ وَمُكْرَهٍ أَتَى

المخاطب بالأحكام

خُوطِبَ بِالوَضْعِي مِنَ الأَحْكَامِ **** عَلَى العُمُومِ جُمْلَةُ الأَنَاِم
كَذِي الجُنُونِ وَالصَّبِيِّ إِذْ وَجَبْ **** أَرْشُهُمَا بِكلِّ جُرْمٍ يُرْتَكَبْ
كَذَا الزَّكَاةُ فَرْضُهَا عَلَيْهِمَا **** إِنْ بَلَغَ النِّصَابُ مِنْ مَالِهِمَا
تَكْلِيفُهَا خُصِّصَ بِالمُكَلَّفِ **** دُونَ سِوَاهُ فَادْرِ ذَاكَ وَاعْرِفِ
فَإِنْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ قَدْ تَقِفْ **** مَصَالِحُ الأَفْرَادِ بِالعَيْنِ وُصِفْ
وَعَرَّفُوا مُرَادَهُ المَطْلُوبَا **** بِالعَيْنِ وَاجِبًا كَذَا مَنْدُوبَا
كَالصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ وَالحَجِّ فَلاَ **** يُجْزَأُ تَارِكٌ بِمَنْ قَدْ فَعَلاَ
أَوْ كَانَ مِنْ مَصَالِحِ الجُمُوعِ **** وَالفَرْدُ فِيهِ نِيلَ بِالشُّيُوعِ
وَسُمِّيَ الخِطَابُ بِالكِفَائِي **** وَمِثْلُهُ المَطْلُوبُ بِالسَّوَاءِ
إِنْ كَانَ فِعْلاً وَاجِبَ الحُصُولِ **** أَوْ مُسْتَحَبًّا بَعْدُ بِالأُصُولِ
كَالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالتَّعَلُّمِ **** كَذَا الإِفْشَاءُ بَعْدُ لِلْمُسَلِّمِ
وَيَسْقُطُ التَّكْلِيفُ بِالأَنَامِ **** لِفِعْلِ بَعْضِهِمْ عَلَى التَّمَامِ
وَكُلُّ وَاحِدٍ كَفَى عَنْ غَيْرِهِ **** إِذَا أَتَى بِالأَمْرِ وِفْقَ قَدْرِهِ
كَآيَةِ العِلْمِ مَعَ الجِهَادِ **** وَالأمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالرَّشَادِ

الباب الثالث
أدلة الأحكام من الكتاب والسنّة والإجماع والقياس


1- الكتاب

الأَوَّلُ القُرْآنُ خَيْرُ مُنْزَلِ **** عَلَى خِتَامِ الأَنْبِيَا وَالرُّسُلِ
المُثْبَتُ المَخْطُوطُ بِالمَحَابِرِ **** فِي المُصْحَفِ المَنْقُولِ بِالتَّوَاتُرِ
السَالِمُ المَحْفُوظُ مِنْ تَبْدِيلِ **** بِحِفْظِ رَبٍّ عَالِمٍ جَلِيلِ
وَالأَصْلُ لِلأحْكَامِ وَالأَدِلَةْ **** وَكُلُّهَا بِهِ فَمُسْتَدِلَّةْ
فَسُنَّةُ النَّبِي لَهُ تَبْيِينُ **** إِجْمَاعُهُمْ بِهِ فَمُسْتَعِينُ
ثُمُّ القِيَاسُ مِنْ كِتَابٍ يُسْتَمَدْ **** أَوْ سُنَّةٍ أَوِ اجْتِمَاعٍ مُعْتَمَدْ

2- السنّة

وَالُسنَّةُ الثَّابِتُ عَنْ خَيْرِ الوَرَى **** قَوْلاً وَفِعْلاً أَوْ كَتَقْرِيرٍ جَرَى
وَحُجَّةُ السُّنَّةِ بِالإِجْمَاعِ **** كَذَا الدَّلِيلُ جَاءَ بِالسَّمَاعِ
فِي قَوْلِ رَبِّنَا "وَمَا آتَاكُمْ" **** كَذَا "أَطِيعُوا" أَمْرَ مَنْ وَلاَّكُمْ
وَنَفْيُهُ الخِيَارَ حَيْثُ أَمْلَى **** وَنَفْيُهُ إِيمَانَ مَنْ تَوَلَّى
وَوَصْفُهُ الصُّدُودُ بِالنِّفَاقِ **** تَعْلِيقُهُ الوَعِيدَ بِالشِّقَاقِ
وَقَدْ تَجِيءُ سُنَّةٌ مُبَيِّنَةْ **** لِفَهْمِ قَوْلِ رَبِّنَا مُعَيِّنَةْ
لِقَوْلِ رَبِّنَا "وَمَا أَنْزَلْنَا" **** فِي النَّحْلِ إِثْرَ قَوْلِهِ "أَنْزَلْنَا"
وَتَسْتَقِلُّ بَعْدُ بِالتَّشْرِيعِ **** لأَمْرِ رَبٍّ مُبْصِرٍ سَمِيعِ
قَدْ نَصَّ فِي الكِتَابِ "مَا آتَاكُمْ" **** فَالْتَزِمُوا أَيْضًا "وَمَا نَهَاكُمْ"
وَشَرْحُهَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ جَلَا **** فِي مُسْلِمٍ كَذَا البُخَارِيُّ تَلاَ

3- الإجماع

وَالثَّالِثُ الإجْمَاعُ فِي عَصْرٍ تَلاَ **** مَوْتَ النَّبِيِّ حَوْلَ أَمْرٍ نَزَلاَ
مِنْ كُلِّ عَالِمٍ فَقِيهٍ مُجْتَهِدْ **** وَحُجًّةُ الإجْمَاعِ حَقٌّ قَدْ وَرَدْ
فِي نَصِّ آيَةِ النِّسَا "مَنْ يَتَّبِعْ **** غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ" فَاسْتَمِعْ
قِسْمَاهُ عِلْمِيٌّ كَصَوْمٍ مَثَلاَ **** أَوْ نَظَرِيٌّ بِاجْتِهَادٍ أُصِّلاَ
عَنْ نَظَرٍ فِي حُجَّةٍ قَطْعِيَّةْ **** أَوْ مُقْتَضَى أَدِلَّةٍ ظَنِّيَّةْ
وَالنَّظَرِي فَمُمْكِنُ الوُقُوعِ **** مُمْتَنِعُ الإدْرَاكِ مِنْ شُيُوعِ
أَئِمَةِ الهُدَى بِكُلِّ مَصْرِ **** غَيْرُ صَحَابَةٍ فَذَا ذُو حَصْرِ

4- القياس

إِلْحَاقُ فَرْعٍ حُكْمُهُ قَدْ جُهِلاَ **** بِحُكْمِ أَصْلٍ ثَابِتٍ قَدْ نُقِلاَ
لِأَجْلِ وَصْفٍ قَدْ جَرَى بَيْنَهُمَا **** يَكُونُ عِلَّةً الأَصِيلِ مِنْهُمَا
مَعَ انْتِفَاءِ الفَارِقِ المُؤَثِّرِ **** هُوَ القِيَاسُ دُونَ قَوْلِ المُفْتَرِي
مِثْلُ النَّبِيذِ قِيسَ لِلإسْكَارِ **** بِالخَمْرِ حُرْمَةً بِلاَ إِنْكَارِ

الباب الرّابع
في القواعد الأصوليّة


تمهيد (الأدلة قسمان)

أَدِلَّةُ الأَحْكَامِ قِسْمَانِ هُمَا **** مُفَصَّلٌ وَمُجْمَلٌ قَدْ عُلِمَا
فَالأوَّلُ الآيَاتُ لِلأَحْكَامِ **** كَذَا حَدِيثُ سَيِّدِ الأنَامِ
وَكُلُّ وَاحِدٍ بِهَا خُصِّصَ فِي **** حُكْمٍ لِفِعْلٍ مُفْرَدٍ مُخْتَلِفِ
ثَانِيهِمَا قَوَاعِدُ الأَصَولِ **** مُرْشِدَةُ البَاحِثِ لِلْوُصُولِ
لِحَمْلِهَا أَدِلَّةً كَثِيرَهْ **** تَحْتَ غِطَاءِ جُمْلَةٍ صَغِيرَهْ
فَالأَمْرُ بِالصَّلاَةِ فِي الكِتَابِ **** مُفَصِّلٌ لِلْحُكْمِ بِالخِطَابِ
وَ "الأَمْرُ لِلوُجُوبٍ" تِلْكَ قَاعِدَهْ **** قَدْ شَمِلَتْ فِي الحُكْمِ غَيْرَ فَائِدَهْ
وَمَرْجِعُ الأَدِلَّةِ المُفَصَّلَهْ **** كِتَابُهُ وَالسُنَّةُ المُذَلَّلَـهْ
وَمَا قَضَى الإجْمَاعُ وَالقِيَاسُ **** وَذِي مَصَادِرٌ هِيَ الأَسَاسُ
وَمَرْجِعُ الإجْمَالِ فِي الأَدِلَّهْ **** مَكْتَبَةُ الأصُولِ خَيْرُ مُلَّهْ

قاعدة في حمل اللّفظ

بِاللَّفْظ عَنْ حَقِيقَةٍ لاَ تَعْدِلِ **** إِلَى المَجَازِ دُونَ حُجَّةٍ تَلِي
وَاحْمِلْهُ عَنْ عُرْفِ الّذِي لَهُ بَرَا **** لاَ غَيْرِهِ وَاللّغَوِيِّ مَا جَرَى
وَلَفْظُ وَحْيَيْنِ بِنَصٍّ إِنْ يَرِدْ **** فَعَنْ مَعَانِي الشَّرْعِ حَمْلاً لاَ تَحِدْ

قاعدة في الأمر

وَصِيغَةُ الأَمْرِ لِفِعْلٍ أَوْجَبَتْ **** بِغَيْرِ تَكْرَارٍ وَلاَ فَوْرٍ قَضَتْ
إِلاَّ بِحُجَّةٍ أَتَتْ مَكِينَهْ **** أَوْسَمِّهَا الدَّلِيلَ وَالقَرِينَهْ
وَمَرَّةٌ ضَرُورَةُ امْتِثَالِ **** وَنَهْيُ ضِدٍّ مُقْتَضَى المَقَالِ
كَذَا اقْتِضَاءُ فِعْلِكَ الأَسْبَابَا **** أَيْضًا يُرَامُ فَافْهَمِ الخِطَابَا

قاعدة في النّهي

وَصِيغَةُ النَّهْيِ فَتِلْكَ حَرَّمَتْ **** كَذَا لِتَكْرَارٍ وَفَوْرٍ مَنَعَتْ
إِلاَّ لِحُجَّةٍ، كَذَاكَ قَدْ قَضَتْ **** وُجُوبَ ضِدٍّ لِلَّذِي قَدْ حَظَرَتْ

قاعدة في المأمور به

وَالأمْرُ مَوْكُولٌ بِالاسْتِطَاعَهْ **** وَالنَّهْيُ مُطْلَقًا قَضَى بِطَاعَهْ
فَفِي الحَدِيثِ مَا نَهَيْتُ اجْتَنِبُوا **** وَمَا أَمَرْتُ قَدْرَ جَهْدٍ فَارْكَبُوا

قواعد المفهوم والمنطوق

مَنْطُوقُ لَفْظٍ جَوْهَرٌ لِمَا سُمِعْ **** وَذَا الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ اللَّفْظُ وُضِعْ
كَالشَّخْصِ مَوْصُوفًا بِعِلْمٍ إِذْ فُهِمْ **** مِنْ عَالِمٍ فَذَاكَ نُطْقٌ قَدْ سَلِمْ
مَفْهُومُهُ مَعْنًى بِهِ قَدْ طَرَقَا **** مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ لِلَّذِي قَدْ نُطِقَا
كَلَفْظِ عَالِمٍ قَضَى مَا صَدَقَا **** بِذِكْرِ جَاهِلٍ لِذِهْنٍ سَبَقَا
فَإِنْ يَكُنْ نَقِيضَ مَعْنَى الأوَّلِ **** فَالحُكْمُ بِالنَّقِيضِ لاَ تُحَوِّلِ
وَذَا دَلِيلٌ لِلْخِطَابِ أُجْرِيَا **** كَذَا بِمَفْهُومِ الخِلاَفِ سُمِّيَا
أَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَاءَ بِالخِلاَفِ **** فَسَمِّهِ الوِفَاقَ لاَ تُجَافِ
وَإِنْ يَكُنْ طِبَاقَ نُطْقٍ سَمِّهِ **** لَحْنَ الخِطَابِ أَوْ مُسَاوَاةً بِهِ
كَالنَّهْيِ مِنْ "لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ" **** فِي حُرْمَةِ الإفْسَادِ فَاعْرِفَ حَقَّهُمْ
وَإِنْ يَكًنْ أَقْوَى بِعِلَّةٍ فَقَدْ **** سَمّوهُ فَحْوًى لِلخِطَابِ فَاسْتَفِدْ
كَحُرْمَةِ الضَّرْبِ لِنَهْيِ القَاهِرِ **** بِلاَ تَقُلْ أُفٍّ فَلاَ تُكَابِرِ

أنواع دليل الخطاب

الوَصْفُ مِثْلُ أَوْجُهٍ قَدْ وَرَدَتْ **** فِي قَوْلِ رَبِّنَا " فَمِن مَّا مَلَكَتْ"
وَالشَّرْط مِنْ قَوْلِ الّذِي تَكَلَّمَا **** " حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" أُعْلِمَا
وَغَايَةٌ كَمِثْلِ "حَتَّى تَنْكِحَا" **** أَوْ عَدَدٌ كَمَا بِجَلْدٍ أُفْصِحَا
وَالحَصْرُ جَاءَ فِي كَلامِ مَنْ نَطَقْ **** أَنَّ الوَلاَءَ ثَابِتٌ لِمَنْ عَتَقْ
وَزَمَنٌ فِي قَوْلِهِ أَيَّامَا **** وَمَوْضِعٌ كَشَرْطِهِ حَرَامَا

تقييد

مَفْهُومُهُ إِنْ أَخْرَجُوا لِغَالِبِ **** كَفِي حُجُورِكُمْ إِذًا فَجَانِبِ
أَوْ كَانَ أَمْرًا وَاقِعًا قَدْ صُوِّرَا **** كَالنَّهْيِ عَنْ ضِعْفِ الرِّبَا إِذْ ذُكِرَا
أَوْ جَاءَ حَسْبَ مَا عَلَيْهِ شَأِنُهُ **** كَمَسْجِدٍ لِلِاعْتِكَافِ فَانْسَهُ
أَوْ قِيلَ لِلتَّفْخِيمِ وَالتَّأْكِيدِ **** كَالحُسْنِ بِالمَمَتِّعِ المُفِيدِ
أَوْ إِنْ أتَاكَ النَّصُّ يَنْفِي مَا فُهِمْ **** كَالشَّرْطِ فِي قَصْرِ الصّلاةِ فَاسْتَقِمْ

قاعدة النّصّ

وَالنَّصُّ مَا جَرَى بِفَهْمٍ أَوْحَدِ **** لاَ غَيْرُ كَالأعْلاَمِ أَوْ كَالعَدَدِ

قاعدة الظّاهر

وَالظَّاهِرُ الرَّاجِحُ مِنْ مَعَانِ **** فَاحْمِلْ عَلَيْهِ جُمْلَةَ المَبَانِي
كَالأصْلِ فِي مَعْنَى اسْمِ جِنْسِ نُظِمَا **** كَذَا اسْتِغْرَاقُ الفَرْدِ حَيْثُ عُمِّمَا

قاعدة المؤوّل

مَرْجُوحَ مَعْنًى سَمِّهِ المُؤَوَّلاَ **** وَاقْبَلْهُ مِنْ دَلِيلِهِ مَا حَمَلاَ
كَالجِنْسِ فِي غَيْرِ الّذِي لَهُ وُضِعْ **** كَذَا العُمُومَ إِنْ حَصَرْتَ فَاسْتَمِعْ

قاعدة في المبيّن

وَكُلُّ لَفْظٍ اسْتَقَلَّ فَهْمُهُ **** مُبَيَّنٌ مَعْنَاهُ ثُمَّ حُكْمُهُ

قاعدة في المجمل

وَكُلُّ لَفْظٍ لَمْ يُعَيِّنْ مَا عَنَى **** فَمُجْمَلٌ بِنَفْسِهِ مَا بُيِّنَا
وَالحُكْمُ فِيهِ بَعْدُ بِالتَّوَقُّفِ **** حَتَّى وُرُودِ شَرْحِهِ المُعَرِّفِ

أسباب الإجمال

الأَوَّلُ اشْتِرَاكُ وَضْعٍ قَدْ حَصَلْ **** كَالقُرْءِ لِلطُّهْرِ وَحَيْضَةٍ جُعِلْ
وَالنَّقْلُ شَرْعًا كَالصَّلاةِ وَالزَّكَا **** وَصَالِحٌ لِمَعْنَيَيْنِ قَدْ حَكَى
كَعَاقِدِ النِّكَاحِ حَيْثُ أُطْلِقَا **** فِي الزَّوْجِ وَالوَلِيِّ حَقًّا صَدَقَا

قاعدة المبيّن

وَكُلُّ مَا بِغَيْرِهِ قَدْ عُيِّنَا **** مُرَادُهُ قَوْلاً وَفِعْلاً بُيِّنَا

قاعدة في العام

لَفْظٌ أَتَى مُسْتَغْرِقًا لَمَا صَلَحْ **** بِدَفْعَةٍ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ قَدْ طُرِحْ
هُوَ العُمُومُ فَاحْمِلَنْ بِالظَاهِرِ **** إِنْ لَمْ يُخَصَّ بِالدَّلِيلِ القَاهِرِ
فَيُخْرِجُ الدَّلِيلُ مِنْهُ مَا اقْتَضَى وَغَيْرُهُ فَبِالعُمُومِ يُرْتَضَى

صيغ العموم

أَسْمَاءُ شَرْطٍ لِلْعُمُومِ مُثْبِتَهْ **** كَلَفْظِ مَنْ أَحْيَا أَرَاضٍ مَيِّتَهْ
كَذَاكَ مَا أَبْقَتْ لَنَا السِّهَامُ **** لِعُصْبَةِ الذُّكُورِ مَا يُقَامُ
وَاسْمٌ لِلِاسْتِفْهَامِ مِثُل القِائِلِ **** مَا الحِلُّ بِالحَائِضِ لِلمُزَاوِلِ؟
كَذَا اسْمُ مَوْصُولٍ كَذِكْرِ رَبِّنَا **** لَفْظُ " الَّذِينَ" فِي حِدَادِ مَوْتِنَا
وَمِثْلُهُ جِنْسٌ بِـ" ألْ" قَدْ أُغْرِقَا **** كَالسَّارِقِ الشَّائِعِ فِي مَنْ صَدَقَا
كَذَا الرِّجَالُ فِي قِوَامَةِ النِّسَا **** فَالنَّصُّ فِيهِمْ لِلعُمُومِ أَسَّسَا
وَفِي سِيَاقِ النَّفْيِ عَمَّتْ نَكِرَهْ **** وَالنَّهْيِ وَاسْتِفْهَامٍ جَاءَ مُنْكِرَا
وَفِي سِيَاقِ الشَّرْطِ أَيْضًا إِنْ أَتَتْ**** كَلاَ زَكَاةَ قَبْلَ حَوْلٍ وَجَبَتْ
وَمِنْ كَلامِ رَبِّنَا لاَ يَسْخَرُ **** وَفِي الحَدِيثِ شَرْطُهَا فَيَظْهَرُ
وَفِي حَدِيثِ الظُّلْمِ لِلذِمِيِّ **** نَفْيُ شَرِيكِ رَبِّنَا العَلِيِّ
ثُمَّ المُضَافُ بَعْدُ لِلمَعَارِفِ **** بِقَصْدِ الاسْتِغْرَاقِ لِلْمَوَاقِفِ
كَاسْمِ الصَّلاَةِ فِي الحَدِيثِ أُسْنِدَا **** "أَعْمَالُكُمْ" مِنْ قَوْلِ رَبٍّ وُحِّدَا

قاعدة في فرق العام

ثُمَّ العُمُومُ حَيْثُ لَمْ يُخَصَّصِ **** هُوَ المُرَادُ بِالكَلاَمِ فَانْصُصِ
وَمَا بِهِ يُرَامُ بَعْضُ مَا حَمَلْ **** هُوَ العُمُومُ لِلْخُصُوصِ قَدْ نُقِلْ
وَذَا مِنَ المَجَازِ حَيْثُمَا وَرَدْ **** "كَالنَّاسِ" فِي آيِ القِتَالِ فَاعْتَمِدْ

قاعدة في التخصيص

تَخْصِيصُهُ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا حَوَتْ **** ألْفَاظُهُ لِغَيْرِ حُكْمِ مَا قَضَتْ

قاعدة في المخصص وتقسيمه

مُخَصِّصُ العُمُومِ طَوْرًا مُتَّصِلْ **** بِالنَّفْسِ عَنْ سِيَاقِهِ لَمْ يَسْتَقِلْ
كَمِثْلِ الاِسْتِثْنَاءِ فِي نَهْيِ النَّبِي **** عَنْ فَضْلِ طُعْمَةِ الرِّبَا فَاجْتَنِبِ
وَالشَّرْطِ فِي القُرْآنِ: مَا اسْتَقَامُوا **** لَكُمْ عَلَى الطَّرِيقِ فَاسْتَقِيمُوا
أَوْ صِفَةٍ كَمِثْلِ: لَمْ يُظَاهِرُوا **** عَلَيْكُمُ فِي العَهْدِ أَوْ يُغَيِّرُوا
أَوْ غَايَةٍ كَالأمْرِ بِالإِتْمَامِ **** عَهْدًا لِمُدَّةٍ عَلَى التّمَامِ
مُنْفَصِلٌ بِلَفْظِهِ اسْتَقَلَّ **** مُخَصِّصٌ بِمَا قَضَى وَدَلَّ
فَآيَةٌ لِمِثْلِهَا قَدْ خَصَّصَتْ **** أَوْ مِنْ عُمُومٍ لِلْحَدِيثِ أَنْقَصَتْ
كَعِدَّةٍ لِلْحَمْلِ حَيْثُ استُثْنِيَتْ **** مِنْ آيَةٍ عَنِ الطّلاَقِ عُمِّمَتْ
وَجَاءَنَا القُرْآنُ بِالتَّيَمُّمِ **** مُخَصِّصًا لَفْظَ الحَدِيثِ فَافْهَمِ
كَذَا حَدِيثٌ قَدْ قَضَى فِي مِثْلِهْ **** أَوْ آيَةٍ قَدْ خُصِّصَتْ بِنَقْلِهِ
فَالأوّلُ النِّصَابُ حَيْثُ نُصِّصَا **** بِهِ حَدِيِثُ العُشْرِ قَطْعًا خُصِّصَا
وَآيَةُ المِيرَاثَ إِذْمَا أُجْرِيَتْ **** بِالدِّينِ فِي الحَدِيثِ حَقًّا قُصِرَتْ
كَذَا القِيَاسُ لِلنُّصُوصِ خَصَّصَا **** وَالحَقُّ فِيهِ قَدْ بَدَا وَحَصْحَصَا
فَآية الزِّنَا لِذَا تُفِيدُ **** وَبِالقِيَاسِ أُخْرِجَ العَبِيدُ

قاعدة المطلق والمقيّد

وَكُلُّ مَا شَاعَ بِغَيْرِ قَيْدِ **** مَدْلُولُهُ مِنْ كَثْرَةٍ أَوْ فَرْدِ
مِنِ اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ أَتَى فَمُطْلَقُ **** وَحَمْلُهُ عَلَى الإطْلاَقِ يَسْبِقُ
مُقَيَّدٌ مِثْلُهُ جَا بِقَيْدِ **** مُعْتَبَرٍ فِي حُكْمِهِ مُعْتَمَدِ

قاعدة في حمل المطلق على المقيّد

مَعَ اتِّحَادِ صُورَةٍ فِي حُكْمِهَا **** فَاحْمِلْ عَلَى التَّقْيِيدِ طَلْقَ وَصْفِهَا
سَوَاءَ كَانَتَا لِنَفْسِ السَّبَبِ **** أَوْ بِاخْتِلاَف عِلَّةٍ لاَ تَرْغَبِ
فَالأوَّلُ الذِّكْرُ عَلَى التَّخْيِيرِ **** فَسَّرَهُ الحَدِيثُ بِالتَّكْبِيرِ
وَالآخَرُ الإِطْلاَقُ فِي الرِّقَابِ **** تَقْيِيدُهُ الإيمَانُ بِالكِتَابِ
وَفِي اخْتِلاَفِ حُكْمِهَا قَدْ تُرِكَا **** وَإِنْ لِفَرْدِ عِلَّةٍ قَدْ سُبِكَا
مِثْلُ الصِّيَامِ جَاءَ بِالتَّتَابُعِ **** تَنْجِيمُكَ الطَّعَامَ لاَ تُمَانِعِ
قَطْعُ يَدٍ أَتَى بِحَدِّ السَّارِق **** لاَ كَالوُضُوءِ حُدَّ بِالمَرَافِقِ

قاعدة في المحكم والمنسوخ والناسخ والنّسخ

كُلُّ دَلِيلٍ حُكْمُهُ لَمْ يَرْتَفِعْ **** مُجْمَلُهُ بِآخَرٍ حَيْثُ وَقَعْ
فَمُحْكَمٌ مِنَ النُّصُوصِ أُعْمِلاَ **** وَعَكْسُهُ المَنْسُوخُ حَيْثُ أُهْمِلاَ
وَكُلُّ نَصٍّ رَافِعٍ شَرْعًا مَضَى **** بِحُجَّةٍ فَنَاسِخٌ فِيهِ قَضَى
وَالنَسْخُ فِي عِلْمِ الأُصُولِ مَا فُعِلْ **** مِنْ دُونِهِ اسْتَمَرَّ أَوَّلٌ نُقِلْ

متى يحكم بالنّسخ

إِنْ عَارَضَ الصَّحِيحَ حُكْمُ مِثْلِهِ **** وَلْمْ يَكُنّْ بِالوِسْعِ جَمْعُ شَمْلِهِ
وَعُلِمَ الأَوَّلُ وَالأخِيرُ **** فَالحُكْمُ لِلنَّسْخِ إِذًا يَصِيرُ
ثُمَّ الصَّحِيحُ دُونَهُ يُقَدَّمُ **** أَوْ جَمْعُهَا أَوْ بِالوُقُوفِ يُلْزَمُ

مورد النّسخ

وَيَدْخُلُ النَّسْخُ عَلَى الأَحْكَامِ **** لاَ مُخْبَرٍ بِهِ مِنَ الكَلاَمِ

حكمة النسخ

وَالنَّسْخُ جَاءَ لاعْتِبَارِ مَا عُلِمْ **** مِنَ المَصَالِح التِي لَمْ تَنْعَدِمْ
فِي شَرْعِنَا، كَذَاكَ تَدْرِيبٌ عَلَى **** تَقَبُّلِ التَّشْرِيعِ أَنَّى نُقِلاَ
كَذَا التَّنْبِيهُ وَقْتَ الاجْتِهَادِ **** عَلَى اعْتِبَارِ صَالِحِ العِبَادِ

وجوه النّسخ وأقسامه

الأَوُّل النَّسْخُ لِمَا قَدْ رُسِمَا **** مَعَ بَقَاءِ الحُكْمِ مِنْهُ مُلْزِمَا
كَآيَةِ الرَّجْمِ الّتِي قَدْ شَرَعَتْ **** حَدَّا لِلْمُحْصنِينَ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ
أَوْ يُنْسَخُ الحُكْمُ وَيَبْقَى مَا رُسِمْ **** كَعِدَّةٍ لِلْحَوْلِ فَافْهَمْ مَا نُظِمْ
أَوْ يُنْسَخُ الحُكْمُ وَرَسْمُهُ مَعَا **** كَالعَشْرِ فِي حَدِّ الفَتَى إِنْ رَضَعَا
وَالنَّسْخُ إِمَّا مِنْ بَدِيلٍ وَرَدَا **** كَالمَسْجِدِ الحَرَامِ حِينَ اعْتُمِدَا
أَوْ دُونَهُ وَذَاكَ نَسْخٌ قَدْ عُلِمْ **** كَفِدْيَةٍ مِنَ المُنَاجِي إِذْ ظَلَمْ
وَقَدْ يَجِيءُ النَّسْخُ لِلتَّخْفِيفِ **** أَوْ عَكْسِهِ بِحِكْمَةِ اللَّطِيفِ
فَالأوَّلُ الصَّبْرُ عَلَى القِتَالِ **** وَالآخِرُ التَّخْيِيرُ فِي الخِصَالِ
وَيَنْسَخُ الكِتَابُ لِلْكِتَابِ **** وَسُنَّةٍ فَشُدَّ بِالصَّوَابِ
كَآيَةِ العِدَّةِ وَالمُصَابَرَهْ **** أَوْ قِبْلَةٍ فَالْزَمْ بِلاَ مُكَابَرَهْ
وَسُنَّةٌ نَاسِخَةٌ لِمِثْلِهَا **** وَلِلْكِتَابِ فَامْتَثِلْ لِحُكْمِهَا
كَالنَّهْيِ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ **** أَوْ إِرْثِ عَبْدٍ فَاجِرٍ كَفُورِ

تنبيه

كُلُّ القَوَاعِدِ الّتِي قَدْ سَبَقَتْ **** فَفِي الكِتَابِ وَالحِدِيثِ أُجْرِيَتْ
وَأُهْمِلَ التَّقْرِيرُ لِلرَّسُولِ **** وَفِعْلهُ المَحْفُوظُ فِي المَنْقُولِ

قواعد في أفعاله صلى الله عليه وسلّم

فَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ تَقَرُّبَا **** فَدَائِرٌ بَيْنَ الّذِي قَدْ وَجَبَا
وَالاسْتِحْبَابِ وَالّذِي قَدْ رَجَحَا **** بِهِ الدَّلِيلُ إِثْرَ ذَاكَ صُحِّحَا
وَكُلُّ مَا عَلَيْهِ حَقًّا وَاضَبَا **** فَرَاجِحٌ عَمَّا أَتَاهُ مُغْبِبَا
وَكُلُّ فِعْلِ مِنْ عِبَادَةٍ أَبَى **** مَا فِيهِ مِنْ حَظٍّ لِمَنْ تَقَرَّبَا
وَكُلُّ مَا أَتَى لِمَحْضِ خِلْقَةٍ **** فَلَيِسَ فِيهِ مِنْ مَقَامِ أُسْوَةٍ
لَكِنَّ هَيْئَةً لَهُ أَوْقَعَهَا **** تُوجِبُ فَضْلاً لِلَّذِي يَتْبَعُهَا

قواعد في تقريره صلّى الله عليه وسلّم

وَكُلُّ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مَرَّ **** قَوْلاً وَفِعْلاً وَالنَّبِي أَقَرَّ
أَوْ كَانَ فِي زَمَانِهِ مُنْتَشِرَا **** فَذَا عَلَى الّذِي بِهِ الوَضْعُ جَرَى

تنبيه ثان

وَخَالَفَ الحَدِيثُ لِلْقُرْآنِ **** مِنْ جِهَةِ الثُّبُوتِ وَالبُطْلاَنِ
فَكُلُّ ثَابِتٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنْ **** بِهِ لِلاسْتِدْلاَلِ شَرْعًا قَدْ أُذِنْ
ثُمَّ الضَّعِيفُ مِنْ حَدِيثِ المُصْطَفَى **** فَعَكْسُهُ وثَابِتٌ عَنْهُ كَفَى
إِلاَّ بِتَرْغِيبٍ وَتَرْهِيبٍ مَتَى **** تَضْعِيفُهُ بِغَيْرِ شِدَّةٍ أَتَى
وَكَانَ أَصْلُ فِعْلِهِ قَدْ طُلْبَا **** أَوْ تَرْكُهُ وَبِالدَّلِيلِ صُوِّبَا

خاتمة في الاجتهاد والتّقليد والاتّباع

الاجتهاد

وَالاجْتِهَادُ ذَاكَ جُهْدٌ يُبْذَلُ **** فِي طَلَبٍ لِحُكْمِ مَا قَدْ يُجْهَلُ
مِنَ الدَّلِيلِ وِفْقَ نَهْجٍ بُنِيَتْ **** مِنَ القَوَاعِدِ الّتِي قَدْ سَبَقَتْ
وَأَهْلُهُ فَكُلُّ مَنْ تَبَحَّرَا **** فِي آيِهِ وَالسُّنَّةِ المُطَهَّرَهْ
الوَاسِعُ الإدْرَاكِ لِلمَقَاصِدِ **** وَفِي كَلاَمِ العُرْبِ خَيْرُ رَاشِدِ

التّقليد

تَقْلِيدُهُ فَأَخْذُ قَوْلٍ قَدْ وَرَدْ **** مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِدَلِيلِ المُجْتَهِدْ
وَأَهْلُهُ فَكُلُّ عَبْدٍ عَاطِلِ **** وَعَاجِزٍ عَنِ الدَّلِيلِ خَاطِلِ

الاتّباع

وَالاِتِّبَاعُ أَخْذُ قَوْلِ المُجْتَهِدْ **** مَعَ الدَّلِيلِ وَالطّرِيقِ المُعْتَمَدْ
مِنَ القَوَاعِدِ الّتِي قَدْ سَبَقَتْ **** وَمِنْ يَدِ الأَدِيبِ دُرًّا نُظِمَتْ
وَأَهْلُهُ فَمَنْ سَعَى وَاشْتَغَلاَ **** بِالشَّرْعِ وَاللِّسَانِ حَتَّى حَصَّلاَ
مَوْهِبَةً عِنْدَ الخِلاَفِ يَقْدِرُ **** بِهَا عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلٍ يَظْهَرُ
فَيَسْتَمِدُّ مِنْ هُدَى الكِتَابِ **** وَالسُّنَّةِ المُرْشِدَةِ الصَّوَابِ
مَا قَدْ يُنِيرُ لِلْعُقُولِ دَرْبَهَا **** وَيُلْهِمُ النُّفُوسَ بَعْدُ رُشْدَهَا
فَيُصْلِحُ القُلُوبَ وَالفِعَالاَ **** وَيَسْتَمِدُّ عَفْوَهُ تَعَالَى
وَذَاكَ حَقٌّ لِلَّذِي تَعَلَّمَا **** أَنْ يَرْتَقِي فِيهِ إِذًا فَيَغْنَمَا

خاتمة النّاظم

هَـــــذَا وَقَـــــدْ تَـــمَّ الّــــذِي أَرَدْتُ **** وَزَانَ مَــــا بِسَبْكِـــــهِ احْتَفَيْـــــتُ
سَمَّيْتُــــــهُ بِالقَبَــــــسِ المَنْخُـــــولِ **** نَظْمًــــا عَلَـى مَبَـــادِئِ الأُصُــولِ
لِلْعَــــالِـــمِ المُجَـــــاهِـدِ المُجَـــــدِّدِ **** عَبْـــدِ الحَمِيـــدِ العَـــابِدِ المُجْتَهِـــدِ
وَالحَمْــــــدُ للهِ عَلَـــــــى التَّمَــــــامِ **** حَمْــــدًا بِغَيْـــرِ حَــــدٍّ أَوْ خِطَـــامِ
ثُـــمَّ الصَّـــلاَةُ وَالسَّـــلاَمُ أُظْهِـــرَا **** عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفى خَيْرِ الوَرَى
وَآلِـــــــهِ وَصَحْبِــــــهِ الأَبْــــــرَارِ **** السَّــــــادَةِ الأَئِمَّــــــةِ الأَخْيَــــــارِ


التعديل الأخير تم بواسطة مراد قرازة ; 03 May 2017 الساعة 12:58 PM
رد مع اقتباس