عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03 Jun 2018, 06:13 PM
أبو عبيد الله السلفي أبو عبيد الله السلفي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2018
المشاركات: 2
افتراضي اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد حمودة




اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالدحمودة




إن الحمد لله، نحمده، و نستعينه، و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده، و رسوله، صلى الله عليه، و على آله، و صحبه، و سلم تسليما كثيرا، أما بعد :
فإنه قد ساءني ما يقوم به بعض الغلمان، من نشـر الفتن، و توسيع دائرة الخلاف، و ذلك بما ينشـرونه من الصوتيات، و ما يكتبونه من الزُّبالات، التي نجست بساط الدعوة السلفية، فوجب غسلها سبع مرات، إحداهن بالتراب، و من عجيب ما سمعناه مؤخرا، أنهم سألوا عن لفظة أرادوا من خلالها الطعن في قائلها، فحمَّلوها ما لا تحتمل، و فرحوا بما استخرجوه من الشيخ عبيد الله الجابري ــ حفظه الله ــ و هو معذور في ذلك، فشنَّعوا لجهلهم على من نطق بها، طلبا لإسقاطه، و لم يعلموا أنهم متمسكون ببيت عنكبوت ( و إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانو يعلمون ) {العنكبوت : 41}، وهذه اللفظة هي لفظة (التهميش)، التي سوّد حمودة بسببها أوراقا ضيَّع فيها وقتَه، و مدادَه، و أظهر عنادَه، و ما مثله إلا كمثل رجل رأى غلاما يكتب، و يخطئ، فيمحو ما يخطُّه بريقه، فقال فيه :
و رأيته في الطَّرْس يكتب مرة غلطا يواصل محوه برباضه (1)
و لم يكن بأول من غرَّه السـراب، و هذا الذي خطَّه بيمينه جوابٌ جدلي، لأنه يعلم بطلان ما أجاب به، و يعلم مقصود العلامة الشيخ محمد علي فركوس من هذه اللفظة، و إنما أراد إفحام الخصم، أو إقناع القاصر عن الدليل (2) ، و من رجع إلى معنى هذه اللفظة في اللغة العربية التي هي لسان المتكلم بها، عرف حقيقتها، جاء في المعجم الوسيط، و غيره من كتب اللغة، هَمَشَ الرجلُ هَمْشًا : أكثر الكلام في غير صواب، و القومُ تحركوا، و الجرادُ تحرَّك ليثور، و الشـيءَ همشا جمعه . . . و فلان يعيش على الهامش لم يدخل في زحمة الناس (محدثة) (3) ، فهذا هو المقصود من اللفظة أي لا تخالطوهم، أو نحو هذا المعنى، لا المعنى الاصطلاحي عند الرافضة، الذي أراد الغلمان التشغيب به، و لو ذهبنا نَحْمِلُ كلام المتكلم على اصطلاح غيره، و عُرْفِه، لضاع الميزان العلمي، و لم يبق للاصطلاحات معنى، فهل يُعقل أن نحمل كلام أهل السنة، الذين يتكلمون باللسان العربي على مصطلحات، الرافضة، و الجهمية، و المعتزلة، و المرجئة، و غيرهم من أهل الضلال، فهذا من عجيب ما سمعناه في العلم.
قال ابن القيم لما ذكر أنواع التأويل الباطل : "الرابع : ما لم يُؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب، و إن ألف في الاصطلاح الحادث، و هذا موضع زلت فيه أقدام كثير من الناس، و ضلت فيه أفهام".
ثم قال : "و كذلك تأويل الأحد، بأنه الذي لا يتميَّز منه شيء عن شيء البتة، ثم قالوا : لو كان فوق العرش لم يكن أحدا، فإن تأويل الأحد بهذا المعنى لا يعرفه أحد من العرب، و لا أهل اللغة، و لا يُعرف استعماله في لغة القوم في هذا المعنى في موضع واحد أصلا، و إنما هو اصطلاح الجهمية، و الفلاسفة، و المعتزلة، و من وافقهم" (4)
و للرافضة اصطلاحات يريدون بها عند إطلاقها أهل السنة، و الجماعة، كاصطلاح (العامة)، و اصطلاح ( المخالفين )، و غيرها، يقول يوسف البحراني :" لأنّا لا نعقل من المخالف متى أُطلق إلا المخالف في الإمامة، المقدِّم فيها" (5) ، و قال آيتهم العظمى محسن الحكيم :" ولا ينافي الطعن فيه بما سبق أن يكون حاله حال جماعة من العامة"(6) ، و يقول آيتهم العظمى الكلبايكاني : "المخالف في لساننا يطلق على منكر خلافة أمير المؤمنين " عليه السلام " بلا فصل" (7) ، فهل من تكلَّم بهذه الألفاظ، و نحوها يُحمل كلامه على اصطلاح الرافضة!؟
و قال بعضهم لما سمع هذا الكلام الذي نشـره هؤلاء الغلمان في موقعهم موقع الضرار (القسطاس المستقيم) ، الذي اتُّخذ للتفريق بين المؤمنين كما قال سبحانه في كتابه العزيز:
( و الذين اتخذوا مسجدا ضرارا و كفرا و تفريقا بين المؤمنين و ارصادا لمن حارب الله و رسوله من قبل و ليحلفن إن أردنا إلا الحسنى و الله يشهد إنهم لكاذبون ) { التوبة :107}، فالتفريق واقع به بين المؤمنين، و ادِّعاء الإحسان صادر من أصحابه، قال : "أنتم على منهج الرافضة في ادعاء العصمة لأئمتهم، و لسان حالكم يقول : إن الحق لا يخرج عن الشيخ ربيع، و الشيخ عبيد الجابري – حفظهما الله- في مسائل الجرح، و التعديل، فكل من خالفهما فهو مخطئ، فهذه عصمة خاصة، و الأولى عصمة عامة، فهل يُقبل منه هذا "؟ كلا، و ألف كلا، فللرافضة اصطلاحات خاصة بهم، يقصدون عند إطلاقها أهل السنة بصورة عامة ، لأن الخلاف بينهم، وبين أهل السنة عقدي، و الشيخ محمد علي فركوس لما تكلم بهذه اللفظة قصد بها أشخاصا يُعدُّون على الأصابع، و الخلاف بينه، و بينهم منهجي، فكيف يُلحق هؤلاء بهؤلاء، فيُحمل الكلام على اصطلاح الرافضة، هذا قياس مع الفارق، يا معلم الناس الأصول زعموا.
و الذي نعلمه أن الحقيقة عند العلماء تنقسم إلى ثلاثة أقسام : حقيقة لغوية، و حقيقة شرعية، و حقيقة عرفية، و اللغوية هي الأصل.
قال الزركشي لما ذكر أنواع الحقيقة : "و لنتنبه لأمرين:
- أحدها : أن اللغوية أصل الكل، فالعرف نقلها من اللغة إلى العرف، و الشـرع نقلها عن اللغة، و العرف.
- الثاني : أن الوضع في اللغوية غير الوضع في الشـرعية، و العرفية، فإنه في اللغة تعليق اللفظ بإزاء معنى لم يُعرف به غير ذلك الوضع، و أما الشـرعية، و العرفية فبمعنى غلبة الاستعمال
"(7) ، و قد سبق معنى التهميش في اللغة.
ثم قال :" وأما العرفية فتنقسم إلى خاصة، و عامة، فإن كان الناقل طائفة مخصوصة سُمِّيت خاصة، و إن كان عامة الناس سميت عامة".
و نقل عن القاضي عبد الوهاب أنه قال :" والاعتبارات في العرف إنما هو بعُرف من هو له، دون من ليس له من أهل ذلك العرف" (9) .
و المرداوي لما قسَّم الحقيقة العرفية إلى قسمين قال : "والخاصة ما لكل طائفة من العلماء من الاصطلاحات التي تخصهم "(10) ، فيُحمل اللفظ الصادر من متكلم له عُرفٌ، على عرف المتكلم، كالفقيه مثلا، فإنه يُرجع إلى عرفه في كلامه، و مصطلحاته، و كذا الأصولي، و المحدث، و المفسـر، و اللغوي، و نحوهم من أرباب العلوم (11) .
و الشيخ فركوس -حفظه الله- ليس على اصطلاح من حملتم كلامه عليه، و نوع الحقيقة إنما يتبين باستعمال اللفظ عند أهله، فيُحمل في استعمال أهل اللغة على الحقيقة اللغوية، و في استعمال أهل الشـرع على الحقيقة الشـرعية، و في استعمال أهل العرف على الحقيقة العرفية، و الحقيقة اللغوية لا تحتاج إلى قرينة، لأنها الأصل، وقد سبق بيان ذلك.
و اعلم أنَّ المتكلم إذا تكلم بكلام له فيه قصدٌ يُرجَّح ما قصدَه من الكلام على غيره من المقاصد، و الاحتمالات.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، في كتاب آداب البحث و المناظرة، في فصل ترتيب المناظرة في التصديق ما نصه :
"الثاني : ترجيح الاحتمال الذي قصده – أي المتكلم - على غيره من الاحتمالات، كأن يقول المعلل : ذلك الشبح أسد، فيقول المسْتَفْسِـر : ما مُرادك بالأسد ؟ فيقول: لا إجمال في كلامي، فيقول الآخر : أليس الأسد يُطلق على الحيوان المفترس، و على الرجل الشجاع ؟ فيقول الآخر : هو في الحيوان المفترس أظهر من الرجل الشجاع عند التجرد عن القرينة، و حمل اللفظ على ظاهره لازم، لرجحانه على غيره" (12) ، فَقَصْدُ الشيخ محمد علي فركوس من هذه العبارة لا إجمال فيه من حيث اللفظ، و الدلالة، فلا يُحمل على غيره من الاحتمالات، و الاصطلاحات، لأن حمل اللفظ على ظاهره لازم، و هذا هو الشاهد من كلام الشيخ الشنقيطي، و إن كان بحثه هنا متعلقا بالحقيقة، و المجاز.
و قال الشيخ الشنقيطي كذلك في فصل تقسيم الكلام إلى مفرد، و مركب، و بيان ما تجري فيه المناظرة، و ما لا تجري فيه المناظرة :
"اعلم أن الكلام ينقسم إلى قسمين : مفرد، ومركب . . . و المفرد لا تجري فيه المناظرة، و قد يجري فيه الاستفسار، إن كان غريبا" (13) .
فلو كان قصد هؤلاء الغلمان سليما لاستفسـروا الشيخ عن مقصوده بهذه اللفظة، التي هي عندهم من غريب الكلام، و لكنهم يريدون إسقاطه كما هو المعروف من تاريخهم الأسود ، و من عاش فتنة فالح الحربي عرف أن التاريخ يُعيد نفسه، و ظن المساكين أنههم سيفلحون في إسقاط المشايخ كما أفلحوا في فتنة فالح، و ليسوا بفالحين، فليعلموا أننا لن نسلم لهم مشايخنا، و لو مزقنا كل ممزق.
و أسوق لك أيها الناظر بعين الإنصاف كلاما لشيخ الإسلام ليَتَبَيَّن لك القصد الحسن في التعامل مع الكلام الذي فيه إجمال، فقد نقل - رحمه الله - عن الجنيد قولَه : "التوحيد إفراد القدم من الحدث" (14) ، قال شيخ الإسلام :" هذا الكلام فيه إجمال، و المُحِقُّ يحمله محملا حسنا، و غير المُحقِّ يُدخل فيه أشياء- كما صنع الغلمان -، و القشيري مقصوده ما يذكره أهل الكلام . . . و أما الجنيد فمقصوده التوحيد الذي يشير إليه المشايخ، و هو التوحيد في القصد، و الإرادة، و ما يدخل في ذلك من الإخلاص، و التوكل، و المحبة" (15) .
فلم يحمل شيخ الإسلام كلام الجنيد على اصطلاحِ، أو عرفِ أهلِ الكلام، مع أن الكلام مُحتمِل لذلك، و ذلك لحسن قصده، فالمحِقُّ يحمل لفظ التهميش على أحسن المحامل، و الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله- معذور لايعلم أن الغلمان يريدون التحريش بينه، و بين الشيخ محمد علي فركوس-حفظه الله-، فأدخَلوا في اللفظة أشياء، لأنهم مبطلون، واقعون في أسر الهوى، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لا تظننَّ بكلمة خرجت من مسلم شرا، و أنت تجد لها في الخير محملا "(15) .
و أقول لك لو أن الشيخ محمدًا علي فركوس تنزَّل، و حذف هذه الكلمة، و استبدلها بقوله : اهجروهم، أو اتركوهم، أو تجنَّبوهم، أو لا تخالطوهم، هل كان هذا يُغيِّر من المسألة شيئا، أو أنك ستفتش في قاموس الرافضة عن هذه الألفاظ، لتحملها على اصطلاحهم.
فاعلم يا حمودة أننا لن نترك شيخنا ، و لو جئتنا بألف جرح مفسـر، لأننا عرفنا مدخلك، و مخرجك، و منهجك في إسقاط الدعاة، فإن الشيخ قد ثبتت إمامتُه، و جاوز القنطرة، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.
قال تاج الدين السبكي : "فنحن نقبل قول ابن معين في إبراهيم بن شعيب المدني شيخٌ روى عنه ابن وهب : إنه ليس بشـيء، و في ابراهيم بن يزيد المدني : إنه ضعيف، وفي الحسين بن فرج الخياط : إنه كذاب، يسـرق الحديث، و على هذا – و إن لم يُبين الجرح - لأنه إمام مقدَّم في الصنعة، جرح طائفة غير ثابتي العدالة، و الثَّبْت، و لا نقبل قوله في الشافعي، و لو فسَّـر وأتى بألف إيضاح لقيام القاطع على أنه غير مُحقٍّ بالنسبة إليه" (17) .
فماذا نصنع بك يا حمودة، فقد قُضـي أمرُك، و طُوي بساطك، وهذا جزاء من نطح الكبار، و كان فرخا فطار، فقد استبان للسلفيين زيفُ معدنك، و أمَرَ المشايخ بهجرك، فلم يبق حولك إلا بعض الغلمان، لتضحك على عقولهم.
و لو قَدِرتُ أن أصنِّف كتابا في الفتَّانين، كما صنف العلماء في الضعفاء، و المجروحين، لفعلتُ، و لجعلتُ في المقدمة حمودة مثالا، أُبَيِّن به منهجي في ترتيب الكتاب، فأذكر اسمه، و نسبه، و بلده، و الفتن التي كان رأسا فيها، و أذكر كيف اشتهر أمره، و بسبب مَنْ اشتهر، و كيف سنَّ السُّنة السيئة سنةَ الرد على المشايخ، و كيف تحمَّل إثم من اتَّبَعَه فيها، و كيف حاول زعزعة المرجعية في بلدنا الجزائر، و أذكر بعض أقواله التي تمُجُّها العقول، و أذكر شيئا من تدليسه، و تلبيسه، و طيشه، و منهجه في إسقاط الدعاة، و المخالفين له، وأذكر بعض مَنْ تَجَلَّدَ معه في الباطل، و أختم بذكر نهايته، و استراحة السلفيين من خبره، وقولهم له : اللهم إنا نبرأ إليك مما صنع خالد، و كيف دُوِّن اسمُه في سجل النسيان.
وفي الأخير فإني أقول لمن أرسل الغلمان على المشايخ : امنعوا عنا سفهاءكم، و إلا فإني قائل لكم كما قال جرير لبني حنيفة :
أَبَني حَنيفةَ أَحْكِمُوا سُفهاءَكم إني أخاف عليكمُ أن أغضبا
أبني حنيفة إنَّني إِنْ أَهْجُكُمْ أَدَعِ اليمام لا تُواري أرنبا (18)

و الله أعلم و صلى الله و سلم وبارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
بقلم مقيده عفا الله عنه : أبي عبيد الله السلفي
17 رمضان 1439هـــ
(1) الطرس : الصحيفة، الرباض : الريق. (2)انظر آداب البحث و المناظرة للشنقيطي (ص273).
(3) المعجم الوسيط (ص994)، لسان العرب 6/365، معجم مقاييس اللغة 6/66.
(4)الصواعق المرسلة 1/189-190-191.
(5) الشهاب الثاقب في بيان معن الناصب، للبحراني (ص 254).
(6)مستمسك العروة الوثقى 5/366.
(7) إرشاد السالك للكلبايكاني (ص5).
(8)البحر المحيط للزركشي 2/154-155.
(9)المصدر السابق 2/156.
(10) التحبير شرح التحرير للمرداوي 1/390.
(11) انظر الكوكب المنير للفتوحي 1/299.
(12) آداب البحث و المناظرة للشنقيطي (ص261).
(13) المصدر السابق (ص142).
(14) في مجموع الفتاوى، التوحيد إفراد الحدوث عن القدم 2/299.
(15) الاستقامة لشيخ الإسلام 1/92.
(16) كنز العمال لعلي بن حسام الدين 16/262.
(17) قاعدة في الجرح و التعديل لتاج الدين السبكي (ص52-53).
(18) ديوان جرير(ص47).


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 05 Jun 2018 الساعة 01:36 PM
رد مع اقتباس