الموضوع: مسعوديٌّ جديد
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12 Sep 2013, 01:56 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي مسعوديٌّ جديد

بسم الله الرَّحمن الرحيم


مسعوديٌّ جديد


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبة ومن اتَّبع هداه.



المسعودي الأوَّل هو صاحب "مروج الذَّهب" الَّذي كان يخلق الفِرَى ويقول الكذب، وربما شوَّه به خلقًا من النَّاس كما فعل بالأمير خالد القسري، لفَّق عليه الأخبار حتَّى حمل الحافظ الذَّهبي أن قال: ناصبي بغيض، وقد نبَّه على ذلك ابن كثير في ترجمة خالد من البداية والنِّهاية، والمسعودي الجديد هو صاحب مقال: "شيخ من شيوخ (مجلة الإصلاح) حبيب إلى قلوبنا والحقُّ أحب إلينا منه" مقال رُفع على "منتديات كلِّ السَّلفيين" ردًّا على شيخنا أبي عبد الله أزهر سنيقرة - صان الله مهجته -، كتبه أحد من كان مكثرًا من التردُّد إليه مع طول المسافة وبعد الشُّقة، وقد كان مستور الحال، ربَّما آنس منه من لم يخبُر حقيقة حاله فهمًا، فلما كتب هذه المقالة أبدى عورته، وكشف عن سوءته.
إذ فهمه لكلام الشَّيخ الذي يرد ُّعليه، وفهمُه لكلام غيره من العلماء فهم سقيمٌ ينتجع صاحبه في أبعد واد.
والعجبُ أنَّ هؤلاء القوم يدَّعون العلم والعدل، وينسبون إلى مخالفيهم الجهالة والغواية والبغي والظُّلم ، ثمَّ يخرج علينا الواحد منهم بمثل هذه المقالات التي جمعت إلى الجهل المطبق تعالمًا وسوءَ فهم وظلمًا وبغيًا بغير الحقِّ، وأسوأهم سوءًا ذاك الذي يُخرج ردَّه في صورة النَّاصح المشفق الملتزم لأدب المحاورة وحسن المحاضرة، ثم إذا طالعته وجدت صاحبه في هوَّة بعيدة من الجهالة والبعد عن الإنصاف، والله المستعان.
بلى والله هاهنا من هو أسوأ منه، وهو الَّذي يرى أعراض أفاضل الأمَّة تنتهك من قبل سفهائها، يحولون بين النَّاس وبين الهداة من مشايخهم وعلمائهم، ثم لا يحرِّك من ساكنه جارحًا، فإذا تكلَّم من يتكلَّم بشيء من ذلك قام عليه وأنكر فعله، فلا هو يقوم بما يجب عليه، ولا هو تارك من يكفيه ذلك، فإلى الله المشتكى من هؤلاء وأولئك.
ووالله إنِّي أجدني كارهًا للكتابة، لكنِّي محمول عليها مضطر إليها، فالمسعوديُّ هذا من أخدان المهاترة، وممَّن ألِف عراك السَّخافة على الأنترنت، فمن ردَّ عليه يوشك أن يلتحق بحاله، لكن العزاء أن المقصود بالردِّ هو من يقف وراءه من يسوِّق كلامه، ويروِّج له، فلسان الحال: يا مسعوديُّ إياك أعني واسمع يا من وراءه.
ثمَّ إنَّ الغرض الأساس من جوابه هو بيان أنَّ ما ينسبونه إلى علماء السنَّة إمَّا محض كذب وافتراء، وإما سوء فهم واستغلاق، والله الموفِّق.
وقفتان مع عنوا ن المقال
ولي مع عنوان المقال وقفتان:
الأولى: في قوله: "شيوخ مجلَّة الإصلاح"، وهي تسمية غير صحيحة، بل هم شيوخ الإصلاح، لا شيوخ مجلَّة الإصلاح، فالمجلَّة مجلَّة شيوخ الإصلاح، أنشؤوها لرفع راية الإصلاح، وهي مفتوحة لأقلام المصلحين بشرطه كلِّهم، هؤلاء وغيرهم.
الثَّانية: قوله: "حبيبٌ إلى قلوبنا"، فلم يظهر من المقال إلا غلٌّ وحنق وصدرٌ ممتلئ غيظًا، ولو كنت يامسعوديُّ محبًّا له كما تدَّعي وأردت له النُّصح كما تزعم شفقةً عليه وحرصًا على توبته وأوبته لكنت راسلته فيما بينك وبينه، وأنت تعرفه، وقد كنت مكثرًا التردُّدَ عليه، وهو يذكر لك اليوم الَّذي جئته فيه بردِّك على مشهور حسن في بعض المسائل الحديثيَّة، فكان سيشكر لك لو أتيته ناصحًا مذكِّرًا.

بداية المناقشة
أبدأ مع المسعوديِّ من حيث انتهى، فهو قد جاء بهذرٍ كثير ثم جمع لبابه ولخَّص مقاصده في جمَلٍ ختم بها مقاله فقال:
"فممَّا تقدم من كلمة الشيخ يظهر منها أنه وقع في جملة من البدع والأخطاء منها:
التفريق المحدث والتكلُّم بما لم يتكلَّم به السلف.
وجعل الشيخُ الشيخ ربيعا كالصحابة، وأن الكلام فيه سيئة وهذه السيئة كافية في إبطال باقي الحسنات.
وكذلك التشكيك في بعض الآثار التي تلقاها الأئمة بالقبول، وذكروها في مصنفاتهم استدلالا واحتجاجا بها دون أن يذكر أي حجة على ذلك.

وكذلك نسبة الباطل لمن لم يقل به".
فهذه أربع مسائل هي الَّتي عليها مدار المقال، ونحن نرتِّب الكلام عليها واحدة واحدة،
وإلى المقصود فنقول:
المسألة الأولى من المسائل التي شغَّب بها على الشَّيخ قوله: "التَّفريق المحدث والتَّكلم بما لم يتكلم به السَّلف".
ومقصوده بالتكلُّم بما لم يتكلم به أحد من السَّلف ما شرحه في أوَّل مقاله:
قال:"ثم قال الشيخ غفر الله لي وله:" إن لم تكن لهذا الرجل يعني علي حسن الحلبي- إلا هذه السيئة كونه فتح هذا المنتدى لأمثال هؤلاء الأشرار يكفيه شرا ويكفيه خبثا..".
نعم هكذا فليكن العلم، لا يضرُّ مع الثناء على الشَّيخ ربيع سيئة ولا بدعة، كما أنه لا ينفع إيمان ولا سنة مع الطعن في الشيخ ربيع.
لقد صدق الشيخ مقبل بن هادي الوادعي حين قال: " لا يقلد عصري إلا هابط".
يا أهل السنة لقد أُضيف أصل جديد: لا يمكنهم أن يكونوا سلفيين إلا بالاعتراف بالشيخ ربيع وإلا كانوا أشرارا وخبثاء.

ندعوك يا شيخ إلى أن تتوب من هذه البدعة المخزية النكراء التي بسببها تفرقت الأمة، وأن نعود جميعا إلى الكتاب والسنة فما نطقا به نطقنا به وما سكتا عنه نسكت عنه رحمة بأمة الإسلام.
والسنة هي التي تجمعنا ولما كان هذا هو ديدن الأئمة الكبار: ابن باز والعثيمين والألباني رحمهم الله تعالى، كان الاجتماع أكثر من الفرقة، وأما بعدهم لمَّا حدثت هذه البدعة وهي إيجاب الرجوع للشيخ ربيع حدث التفرق والاختلاف"

هذا كلامه، وهو كلام لا يحتاج إلى الوقوف عنده والنظر فيه لولا أن القوم بوَّؤوه مقاما عاليا بين مقالات المنتديات، فحظي بالتثبيت من بين كثير منها.
والكلام عليه في نقاط:
1- هنيئًا لك هذا الفهم الَّذي خُصصت به من سائر الأنام، فشيخنا ينكر على من سلط السُّفهاء على العلماء بتمكينهم من الكتابة في منتدياته حتى ملؤوها طعنا وسبًّا في أفاضل الأمة وخيار علمائها ودعاتها، وهذا الفهِم يقول: "نعم هكذا فليكن العلم، لا يضرُّ مع الثناء على الشَّيخ ربيع سيئة ولا بدعة، كما أنه لا ينفع إيمان ولا سنة مع الطعن في الشيخ ربيع".
فأين هذا من كلام الشَّيخ؟
فإن قال: هو إنما حكم عليهم بالشرِّ والخبث لكلامهم في الشيخ ربيع فالجواب من وجهين:
الأول: أن الطعن في الشيخ ربيع هو عندنا على ما ذُكر، دليلٌ على أن فاعله على غير السنة والسبيل.
الثاني: أن طعون هؤلاء الأشرار امتدَّت إلى كل معلن بالسَّلفية الحقَّة، بل إلى كل من انتقد شيخهم أو تكلم فيه، بحق أو بباطل.
وممَّن نالتهم طعونهم مشايخنا في الجزائر الذين تكلموا فيهم في غير ما مناسبة، ومن أقرب الأمثلة على إساءتهم لهم وإساءة الأدب معهم ما في مقال المسعودي هذا، كقوله عن فضيلة الشيخ محمد علي فركوس: "مفتي المجلة..."
2ـ وقوله: "يا أهل السنة لقد أُضيف أصل جديد: لا يمكنهم أن يكونوا سلفيين إلا بالاعتراف بالشيخ ربيع وإلا كانوا أشرارا وخبثاء.
ندعوك يا شيخ إلى أن تتوب من هذه البدعة المخزية النكراء التي بسببها تفرقت الأمة، وأن نعود جميعا إلى الكتاب والسنة فما نطقا به نطقنا به وما سكتا عنه نسكت عنه رحمة بأمة الإسلام".
نقول: أين أنت ممَّا تواتر عن السلف من امتحانهم النَّاس بالطعن في أئمَّة السُّنة.
3ـ وقوله: "وأما بعدهم لمَّا حدثت هذه البدعة وهي إيجاب الرجوع للشيخ ربيع حدث التفرق والاختلاف".
مخالفةٌ صريحة لقوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، فإنَّ سؤال أهل العلم سنَّة ودين، فقَلَبه هذا الرَّجل ليصبح سؤال أهل العلم -ومن أعيانهم في هذا الزمان الشيخ ربيع- بدعة، فنعوذ بالله من حور بعد كور.
وقد أطال النَّاس الكلام على هذا الأصل وبيان أنه من صميم منهج أهل السنة والجماعة، فنطيل ولا نحيل.
نعم لو تكلم فيه لشخصه، أو لتجارة بينهما أو نجارة، أو سوء جوار أو خلاف دنيوي في شيء آخر، فذاك معصية، أمَّا أن يتكلم فيه لما يحمله من منهج وعقيدة فذاك عين البدعة والمخالفة وقد قال الني صلى الله عليه وسلم: "آية الإيمان حب الأنصار وآية ألنفاق بغض الأنصار". متفق عليه.
المسألة الثَّانية التي طعن بها على الشَّيخ:
قوله: "وجعل الشيخُ الشيخَ ربيعا كالصحابة، وأن الكلام فيه سيئة وهذه السيئة كافية في إبطال باقي الحسنات".
قبل التعليق على كلامه أحبُّ أن يقرأ القارئ المقطع الذي حكم به على الشيخ هذا الحكم "جعل الشيخ ربيعا كالصحابة".
قال الشَّيخ : "الَّذي جعل من عرض الشَّيخ ربيع دينًا له، يطعن فيه كما جعل الشِّيعة أعراض الصَّحابة دينًا لهم."
فهذا جعله يقول إن الشيخ جعله كالصحابة، وقال معلِّقًا:
"إن الصَّحابة رضوان الله عليهم جاءت النصوص تترى ببيان فضلهم والسكوت عن ما شجر بينهم، وأن لا يُذكروا بسوء، وقد ماتوا على الخير، أما الشيخ ربيع فهو من أهل القرن الخامس عشر، وقد بدرت منه هنات وهنات وكان الواجب عليك وعلى أمثالك أن تسألوا عن الحجة والبرهان كما هي طريقة أهل السنة "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ".ثم إننا لا ندري بما يُختم للشيخ ربيع ولا بما يُختم لغيره. والواجب علينا جميعا أن نرجع إلى الكتاب والسنة على ما كان عليه سلفنا الصالح.
إن الطعن في الصحابة طعن في الدين، وإسقاط للسنة، أما الشيخ ربيع فلا يضر إلا نفسه والدين محفوظ وعدٌ من الله جل وعلا".

أقول: لا شكَّ أنَّ هذا تجنِّ عظيم أو جهل وخيم، إذ كلام الشَّيخ في تشبيه من يتقرَّب إلى الله بسب الشَّيخ ربيع، بمن يتقرَّب إلى الله بسبِّ الصَّحابة، فالكلام مجرَّد تشبيه، أفليس جعله تسوية بين الشيخ ربيع وبين الصحابة من البغي الذي ينعاه هؤلاء على مخالفيهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في جواب الاعتراضات الحموية (161) وقد ذكر ما وقع بين مالك وابن أبي ذئب: " وهم أئمة مجتهدون فالكلام في ذلك يشبه الكلام فيما وقع بين الصحابة إذ المعنى المقتضي لذلك يعمُّ الصحابة وسائر طبقات الأمة".
فهل تراه جعل العلماء كالصَّحابة؟
وأمَّا أنه جعل الكلام فيه سيئة، وهذه السيئة كافية في إبطال باقي الحسنات فدليلٌ على أن صاحب المقال أعجمي لا يفقه ما يلقى إليه، فالشيخ قال: كفاهم شرا وخبثا الطعن في العلماء، ومعنى هذا في اللِّسان: أنَّ ما أتوا به كافٍ في اتِّصافهم بالشر والخبث، وهذا كقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم"، أي: يكفيه من الشرِّ أنَّه يحتقر المسلم، فهل يقول صاحبنا إنَّ معنى الحديث أنَّ احتقار المسلم سيِّئة تبطل كلَّ الحسنات؟
المسألة الثالثة:
قال: "وكذلك التشكيك في بعض الآثار التي تلقاها الأئمة بالقبول، وذكروها في مصنفاتهم استدلالا واحتجاجا بها دون أن يذكر أي حجة على ذلك".
مقصوده ببعض الآثار التي تلقَّاها الأئمة بالقبول ما قال الشَّيخ: "وكما يروى -وإن كان في إسناده مقال- من كلام عبد الله بن عبَّاس رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وقال عمر..."
فقال هذا المتعجِّل ما قال، وزاد عليه قوله:
"هذا أثر صحيح أخرجه عبد الرزاق في مصنفه كما في جامع بيان العلم وفضله ج2/ص195 لابن عبد البر، وكذلك في التمهيد (8/208)، وله طريق آخر عند الإمام أحمد (3121) والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/376، 377، 378)
وأما التشكيك في الآثار من غير حجة ولا برهان فطريق أهل الزيغ لا طريق أهل الإيمان".

وجوابًا عليه:
1-فالشيخ تكلَّم عن أثر واحد، وأتى به بصيغة التَّمريض لكلام يعلمه في ثبوته، فجعله هذا الباغي منهجا للشيخ: التشكيك في الآثار على طريقة أهل الزيغ. فأي بغيٍ بعد هذا؟
2-ثم إنَّا نعلم أن أهل الأهواء والبدع لا يدينون بالآثار ولا يرفعون بها رأسا، فهم في حكم منهجهم في غنى عن النَّظر فيما صحَّ منها فضلا عن التشكيك فيما في سنده بعض مقال منها، فما الذي أحوجهم إلى ذلك وهم يردُّون الأحاديث المتفق عليها في البخاري ومسلم بدعوى أنها أخبار آحاد، أو أنها ظواهر لفظية لا تفيد اليقين لاحتمالها المجاز والنقل والتأويل والإضمار ونحو ذلك من أصولهم التي يردُّون بها السنن الثابتة.
3-ثم إنَّ الأثر باللَّفظ المذكور قد ذكر غير واحد من الباحثين أنَّه غير موجود بهذا اللَّفظ في شيء من كتب السنَّة، ونشروا في ذلك أكثر من بحث، وإنمَّا هو المصادر التي أشار إليها وفي غيرها بألفاظ أخرى، فقد أخرجه أحمد (3121) وغيره من طريق شريك عن الأعمش عن الفضيل بن عمرو قال: أراه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " تمتَّع النَّبي صلى الله عليه وسلم "، فقال عروة بن الزُّبير: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس: ما يقول عُرَيَّة؟ قال: يقول: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس: "أراهم سيهلكون، أقول: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: نهى أبو بكر وعمر".
وشريك سيِّء الحفظ، ومن أجله قال الشَّيخ ما قال عن ضعف إسناد الأثر.
وقد ذكره عبد الرَّزاق بإسناد أصحَّ من هذا، لكن ليس فيه اللَّفظ المذكور، بل فيه: "والله ما أراكم منتهين حتى يعذِّبكم الله، نحدُّثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدِّثونا عن أبي بكر وعمر".
وما أرى المسعوديَّ إلا ترك سياق ألفظ الخبر يوهمُ النَّاظر أنَّه جاء عن ابن عباس باللَّفظ المذكور بالأسانيد الصِّحاح، ليثبِّت حجته على الشَّيخ، وما هكذا الردُّ بالعلم والعدل.

المسألة الرَّابعة:
قال: "وكذلك نسبة الباطل لمن لم يقل به".
وهذا تعميم ظالم، والمسألة المقصودة هي مسألة الإشادة بالدُّعاة إلى وحدة الأديان، والكلام فيها مبثوث في مواضعه من ابتغاه وجده.
هذا، وليُعلم أنَّ لصاحب ذلك الكلام - الإشادة بالدُّعاة إلى وحدة الأديان - طريقة عجيبة بعيدة الغور في الدَّهاء، يستعملها لتهييج النَّاس على من ينتقده، فهو إذا انتقد في مسألة ما ورأى أن النَّاس لن يوافقوه عليها نشر كلامًا غير كلامه الأوَّل، ثم إذا ردَّ على المنتقد نقل كلامه الثَّاني وأحال عليه، وبهذا وأمثاله دوَّخ النَّاس ـ وأنا منهم ـ فيما انتقدته اللَّجنة الدَّائمة من كلامه في حصر الكفر في الجحود والتكذيب وغيره من مسائل الإيمان.
وهو الآن يفعل مثل هذا مع الشَّيخ ربيع وغيره ممَّن انتقده في كلامه على رسالة عمان، وما تضمَّنته من ضلالات.
نبَّهت على هذا لأنِّي لم أرَ من اعتنى بتوضيحه والتَّنبيه عليه، وعسى أن يكون فيه ما يُزيل إشكال بعض الصَّادقين من المتحيِّرين في هذه الدُّروب.
تتمَّة مهمَّة:
ممَّا صدَّر به المسعوديُّ مقاله فريةٌ ألصقها بالشَّيخ الإمام ربيع بن هادي حفظه الله مفادها أنَّه يقول: إنَّ الحقَّ لا يقبل من المخالف عقوبة له، وأحال على مقالٍ له سمَّاه: "جيد النَّقد.." رجعنا إلى المقال المذكور، فوجدناه ينقل عن الشَّيخ ربيع قوله: "وإن كان انتشر شره (أي من تُكلِّم فيه) واستفحل وعاند واستكبر وأبى أن يعود إلى الصَّواب فهذا من عقوباته ألا يقبل منه الحقُّ كما قال بعض السَّلف: من عقوبة الكاذب ألا يُقبَل منهم الصدق"
فمراد الشَّيخ ربيع ظاهر، وهو أن من عقوبة المخالف أن لا يهجر ولا يكون ما عنده من الحقَّ سببًا للجلوس عنده وطلب العلم منه عقوبة له، وليس معناه أنَّنا نردُّ الحقَّ ونلتزم الباطل لأنَّ الحقَّ جاء من المخالف، فهذا لا يقوله الشَّيخ ربيع ولا غيره من عقلاء النَّاس فضلًا عن علمائهم.
فهذا هو مقدار الرَّجل في الفهم، وبه الختم، وقد تركت من كلامه ما لو اشتغلت بردِّه لم يكد الكلام ينتهي إلى قرار، والمهمُّ لا يُغفل، والمشغول لا يُشغل، وَلَو تُرِكَ القطَا لَنَام.
والحمد لله أولًا, وآخرًا.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 12 Sep 2013 الساعة 02:26 PM