عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03 Mar 2014, 09:50 PM
عبد الله سنيقرة عبد الله سنيقرة غير متواجد حالياً
عفا الله عنه
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 268
افتراضي بحث لا تجده في كتاب..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد :
هذا بحث لخاتمة المحققين السيد محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني فيما نقله عنه احمد شاكر رحمهما الله في تحقيقه المحلى لابن حزم بعد ان أورد هذا الأخير كلاما هذا نصه "وَلَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِالظَّنِّ أَصْلًا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28] وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ"
قال الصنعاني معلقا :
"هذا النفي في أنه لا يحل الحكم بالظن مشكل غاية الإشكال وقد آن أن نحقق البحث للناظرين دفعا للاغترار بكلام هذا المحقق رحمه الله فنقول :
الظن لفظ مشترك بين معانٍ
1. يطلق على الشك كما صرح أئمة اللغة ففي القاموس "الظن التردد والراجح بين طرفي الاعتقاد الغير جازم" آه فهذان إطلاقان
2.ويطلق على اليقين كما في قوله تعالى " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وانهم إليه راجعون" مع قوله في صفة المؤمنين " وهم بالآخرة هم يوقنون " لأنه لابد من اليقين في الإيمان بالآخرة
3. ويطلق على التهمة كما في قوله تعالى " وما هو على الغيب بظنين " فيمن قرأه بالظاء المشالة أي : بمتهم كما قال أئمة التفسير.
وإذا عرفت هذا عرفت أن المذموم من الظن هو ما كان بمعنى الشك وهو التردد بين طرفي الأمر فطرفاه مستويان لا راجح فيهما فهذا يحرم العمل به اتفاقا وهو الذي هو أكذب الحديث وهو الذي لا يغني من الحق شيئا وهو بغض الإثم الذي أراده الله تعالى " إن بعض الظن إثم " وذلك لما تقرر في الفطرة وقررته الشريعة ألا عمل إلا براجح يستفاد من علم أو ظن .
وأما الظن الذي بمعنى الطرف الراجح فهو متعبد به قطعا بل أكثر الأحكام الشرعية دائرة عليه وهو البعض الذي ليس فيه إثم المفهوم من قوله تعالى " ان بعض الظن إثم "
فان خبر الآحاد معمول به في الأحكام وهو لايفيد بنفسه إلا الظن
والمصنف ( ابن حزم ) تقدم له ان الجاهل يسأل العالم عن الحكم فيما يعرض له فإذا افتاه وقال : هذا حكم الله ورسوله عمل به أبدا ومعلوم ان هذه رواية آحادية من العالم بالمعنى ولا تفيد إلا الظن وقد أوجب قبولها !
وكذلك أمر الله بإشعال ذوي عدل فإن شهدا على الحاكم الحكم بما شهدا به وشهادتهما لا تفيد إلا الظن بل كونهما ذوي عدل لا يمون إلا بالظن
بل قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنكم تختصمون إلي " إلى قوله " فإنما أقطع له قطعة من النار " وهذا صريح انه صلى الله عليه وسلم حكم بالظن الحاصل عن البينة إذ لو كان بالعلم لما كان المحكوم به قطعة من نار لأنه لا يجوز ان البينة التي حكم بها باطلة في نفس الأمر ، وفي حديث ابن مسعود في سجد السهو " إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع واكثر ظنك على أربع " الحديث ، فاعتبر الظن في اشرف العبادات وحديث الطبراني والحاكم " قال الله : انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء " اخرجه احمد وأبو داود وابن ماجه .
فهذا كله عمل بالظن الراجح الصادر عن إمارة صحيحة نحو ظن الكفار أنه " لن ينقلب الرسول و المؤمنون " الآية " وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا " فهذا ظن باطل مستند إلى ان الله تعالى لا ينصر رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، ومثل ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون الذي حكاه الله عنهم بقوله " ولكن ظننتم ان الله لايعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين " فظنهم هذا مستند إلى الجهل بعلم الله و إحاطته ، ومنه ي قصة الأحزاب في ظن المنافقين " وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا " فإنهم ظنوا غلبة الأحزاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولذا قالوا " ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا " وعكسهم أهل الإيمان فإنهم قالوا " هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا و تسليما "
فهذا البحث لا تجده في كتاب وإنما هو فتح الكريم الوهاب وبه يزل الإشكال و الاضطراب ، وتعلم أن المصنف أوجز في محل الاطناب فأخل بما يذكره هو في هذا الكتاب ، فإنه لا يزال يستدل فيه بأخبار الآحاد وبعموم ألفاظها وألفاظ القرآن ، و الكل لا يخرج عن الأدلة الظنية ، فاعرف قدر هذه الفائدة السنية "

المرجع المحلى لابن حزم : الطبعة المنيرية بتحقيق أحمد شاكر (ص 71 , 72 )


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله سنيقرة ; 03 Mar 2014 الساعة 09:54 PM
رد مع اقتباس