عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23 Dec 2013, 04:08 PM
أبو عبد الرحمن إبراهيم البجائي أبو عبد الرحمن إبراهيم البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 15
افتراضي الجواب المتين من الشيخ ربيع في بيان أن خبر الآحاد الصحيح يفيد العلم واليقين

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
أما بعد:
فإن الله جلّ وعلا يمنّ بفضله على من يشاء من عباده، ومن أجلِّ الناس الذين فتح الله عليهم في العلم والدعوة في عصرنا هذا فضيلة الشّيخ العلاّمة: ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله تعالى ورعاه وبارك في عمره ووقته-، فهو من العلماء الأعلام الذين بذلوا قصارى جهدهم في الذَّبِّ عن دين الله عز وجل، وإعلاء كلمته، وتصفية عقول الناس من كثير من خرافات المُخرِّفين، وزيغ الزائغين، وبدع المبتدعين، فاجتهَد –حفظه الله ورعاه- بما يستطيع لنصح هذه الأمة، وبذل وقته وعمره لإرشاد شباب المسلمين، وفتح بيته وصدره لكل من أراد الحق وسعى إليه، فجزاه الله خير الجزاء عما قدّمه وما زال يُقدّمه للإسلام والمسلمين
(1).
والشيخ ربيع -حفظه الله تعالى- من العلماء الذين تميّزوا في علم الحديث رواية ودراية، هذا وقد اطّلعتُ على كتابٍ بعنوان: " الإكليل لأجوبة العلاّمة ربيع بن هادي المدخلي عن أسئلة المصطلح والجرح والتعديل"، اعتنى به وعلّق عليه: أبو همام بن علي الصومعي البيضاني- وفقه الله لكل خير-، فألْفَيتُه كتابا ماتعًا مفيدًا، والكتاب يحوي سبعة وأربعين سؤالا في مختلف مسائل المصطلح والجرح والتعديل -وهو كتاب جدير بالمطالعة-، فانتقيتُ منه سؤالا متعلقا بمسألة في ظنّي لابد لإخواننا طلبة العلم أن يتبصّروا فيها، لاسيما أني لاحظت أن كثيرا من دكاترة الجامعة يُخلِّطون ويُخبِطُّون ويُلبِّسون فيها، فلعلّ بيان شيخٍ عالمٍ فاضلٍ خبيرٍ كالشيخ ربيع -حفظه الله تعالى- مما يرفع اللَّبس والشُّبه في أمثال هذه المسائل، والله الموفّق.
السؤال الرابع: يقول السائل: بعض طلبة العلم يحضرون عندك ينقلون عنك أنك تقول: "خبر الآحاد الذي لم تَحُفَّهُ القرائن لا يفيد العلم"، وينقل هذا أيضا عن الشيخ الألباني، فهل هذا صحيح؟

الجواب:
أين سمعتم هذا الكلام؟
هل سمعتم هذا الكلام مني؟
يقرّر كثير من علماء الإسلام أنّ خبر الآحاد الذي تلقّته الأمّة بالقبول أنه يفيد العلم اليقيني القطعي، ونقل هذا الكلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل الحديث قاطبة، وعن جماهير العلماء، وحتى عن رؤوس من فرق الضلال؛ من المعتزلة ومن رؤوس الأشاعرة أنّ الخبر إذا كان بهذه المنزلة تلقته الأمة -تصديقا به وعملا بموجبه- أفاد العلم اليقيني.
قرّر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية ونقله –رحمه الله-، وتناقله العلماء من بعده –رحمه الله-؛ نقله عنه الحافظ ابن حجر، ونقله عنه البلقيني، وردوا به على النووي الذي يرى أن أخبار الآحاد تفيد الظن حتى أخبار الصحيحين، فما قبلوا منه هذا الكلام.
النووي يحب الحديث ويحترمه، وجنّد نفسه لخدمته، لكنه ما عرف مذهب أهل السنة، وإنما تلقى هذا المذهب من رؤوس الأشاعرة فقط، ولم يعلم المذاهب الصحيحة.
وقد حكى ابن حزم وابن القيم وغيرهما: أن الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم مجمعون على تلقي أخبار الرسول –عليه الصلاة والسلام- بالقبول، وأن أخبار الرسول –صلى الله عليه وسلم- الصادقة تفيد العلم.
وما أحد قال في هذه الأَعْصُرِ بأن أخبار الآحاد تفيد الظن، حتى جاءت المعتزلة بعد المائة الأولى !
جاءوا بهذه الشكوك وهذه البدع وهذه الضلالات يشككون في سنة الرسول –عليه الصلاة والسلام-، وقد أشرنا سابقا أنهم يقولون: أخبار الآحاد تفيد الظن.
وابن القيم يقرر وغيره أن الخبر إذا ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- بنقل العدل عن العدل وليس فيه علة فإنه يفيد العلم، وأنا هذه عقيدتي: أن الخبر إذا ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- عن طريق العدول الصادقين الأثبات وليس فيه علة ولا شذوذ؛ فإنه عندي يفيد العلم.
وبعض الناس يُقيِّد هذا بما إذا تلقته الأمة بالقبول، لكن أبا الحسن المأربي كما عرفتم –وأظن أن السائل متأثر به والله أعلم- ساق الأدلة لأهل البدع من ثلاثة عشر وجها أن أخبار الآحاد تفيد الظن، وشكك في أخبار الصحيحين، ولم ينقل لأهل السنة حجة واحدة، وبتر كلام ابن حزم، حذفه، وحذف من كلام ابن تيمية، ولعب في هذه القضية، وذهب يرجف في اليمن هنا وهنا.
من عهد ابن تيمية إلى عصرنا هذا، أهل السنة لا يختلفون في أخبار الآحاد، وليس عندهم قضية ظن ويقين وهذا الكلام الفارغ، حتى أثار أبو الحسن الفتنة في اليمن، وذهب يسأل الشيخ الألباني، الشيخ الألباني له كتابان، له مؤلَّفان، أحدهما خاص في حجية أخبار الآحاد وأنها تفيد العلم، ورد على أهل البدع والضلال الذين يقولون تفيد الظن، وتكلم بقوة ونافح عن السنة، وفي كتاب آخر كذلك وفي مناظراته وفي كتابات أخرى...إلخ.
فسأل الشيخ عن هذا السؤال، فأجاب إجابة طبعا ليس فيه أن أخبار الآحاد تفيد الظن، وإنما له كلام دخل منه أبو الحسن، وذهب ينقل ويثير في اليمن أن الألباني يقول: أخبار الآحاد تفيد الظن، وله أهداف سيئة !
وبعد ذلك لما جئت أنا وأمسكته في أخبار الآحاد، قال: الألباني، ابن باز، الشنقيطي، ابن عثيمين، فلان وفلان يقولون: أخبار الآحاد تفيد الظن !
يكذب ويلبس ويدجل.
هذه المسألة لا تثار علينا أن نُسلِّم بكل ما صحّ عن الرسول –عليه الصلاة والسلام-، ولا نأتي بهذه الإثارات والشُّبه؛ لا يأتي بها إلا أهل الفتن.
فأخبار الآحاد عندنا –إن شاء الله- ما ثبت منها إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- نؤمن به ولا نقول: يفيد الظن، نأخذه على أنه علم، وأنه وحي من الله أوحاه إلى رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: (إن هو إلا وحي يوحى).
هذا ما أقوله في الإجابة على هذا السؤال، وأنا أنصح السائل أن يترك هذه الأسئلة، ويحترم سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ولا يثير مثل هذه الفتن والمشاكل(2).


والحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.





كتبه: أبو عبدِ الرَّحمانِ إبراهِيمُ الأَقْبَوِيُّ البِجَائِي.

ـــــــــــــــــ
(1): أنظر: "الثناء البديع من العلماء على الشيخ ربيع"، جمع: خالد بن ضحوي الظفيري.
(2): ويعلم الله، أني ما ذكرت هذه المسألة إلا لما سبق بيانه، فعندنا في الجامعة كثير من دكاترة الحديث يتبنَّوْنَ آراء أبي الحسن والميلباري -والله المستعان-، ويُلقون كثيرا من الشُبه على الطلبة خاصّة في هذه الجزئية: "خبر الآحاد"، فأردتُ نقل كلام الشيخ ربيع -حفظه الله ورعاه- من باب البيان والنّصيحة لا غير.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن إبراهيم البجائي ; 24 Dec 2013 الساعة 04:12 PM
رد مع اقتباس