عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08 May 2017, 05:25 PM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي نَبْوَةُ الأذكياء وكبوةُ الأسْوِياء

بــــــسم الله الرحمن الرحيــــــم

(هذه مقالة مختصرة في أنواع الكتّاب في المنتديات و الصّفحات)
أردتُ الانغماس في هذا العالم المسمّى زورا بالافتراضي ، و أحببتُ اختراق آفاقه ، و استكناه دهاليزه و أنفاقه ، فأرسلتُ رائدا يرتادُ ـ و الرّائد لا يكذب أهله ـ ثمّ يأتيني بخبر الأرض و مواقع القطر و النّبات ، و مواطن القحط و الموات . فلبث غير يسير ، ثم جاءني فقال ـ و إذا قالت حذام فصدّقوها *** فإن القول ما قالت حذام ـ :
وجدتُ النّاس إلى هذه الميادين سراعا ، فمنهم من بثّ فيها نورا و شعاعا ، و منهم من أشاح بوجهه و لم يرفع يراعا ، و منهم من أحال ساحاتها نزاعا و صراعا .
فهم أضربٌ ثلاثة :
ــــــــــــــ
أقوامٌ أَيمانهم زهراء ، تنعقدُ أناملها على أقلام من نور ، تبذر الخير و تزرع العلم ، هم أجنحة هذا الكائن ، التي بها يرتاد الأماكن ، و ينأى بفضلها عن الكمائن
لهم عزائم روّضوها فارتاضت و عوّدوها فاعتادت ، و ساسوها فاستأنست
فأسرجوها و امتطوا متونها ، و وقفوا في كلّ مجالٍ للشّرف و موطنٍ للعلياء

ــــــــــــــ
صفحات بيضاء فارغة ، أهلها عالةٌ يقتاتون ، و بَخَلَةٌ منّاعون ، يتزوّدون ميرةَ غيرهم ، و لا يُزوِّدون ، يكتالون و لا يكيلون
يؤثرون الظِّلَّ على الضِّحِّ ، لهم عزائم أبَوا ترويضها ، و هممٌ تركوا تعويدها ، و أنفسٌ أساءوا سياستها ، فركنت إلى الدّعة و الخمول
فعقلوا مطاياهم ، و حطُّوا رحالهم ، و عرَّوا جيادهم ، و تخلّفوا عن مواطن الشّرف و مواطيء الأكابر و منازل السُّؤدد

ــــــــــــــ
صفحات دُخْنٌ ، أهلها قُطّاع طرق ، و نُهَّابُ متاع ، و صُرّاعُ أطماع ، زُرّاع كوسج و قتاد ، يبذرونه سبُلَ الأنام
روّضوا عزائمهم على الشّر ، و عوّدوا هممهم القهر و الضّر ، و ساسوها سياسة الغِمر
فاسرجوا و امتطوا و وقفوا مواقف الذِّلّة و الصّغار و نزلوا منازل الصّعاليك و الأشرار
ــــــــــــــ
إليكم يا ذوي العزائم و الهمم ( و كلكم كذلك إن شاء الله )
كلّ امريء يستطيع بلوغ العلياء ، و تلامسَ عزيمته عنان السّماء ، إلا من أبى السُّموّ و الإرتقاء
فإن العَجَبَ ليعتري العقلاء ، من نَبْوَةِ الأذكياء ، و من كبوةِ الأسوياء
و من العيب و العار الإكتفاء بمآثر الأجداد و مكرُمات من سلف
قال المتنبّي :
وَآنَفُ مِنْ أخـــي لأبي وَأُمّي .................. إذا مَا لم أجِــدْهُ مِنَ الكِرامِ
أرَى الأجْــــدادَ تَغْلِبُهَا كَثِيراً ................... على الأوْلادِ أخْــــلاقُ اللّئَامِ
و لَسْـــتُ بقانِعٍ مِن كلّ فَضْلٍ .................. بأنْ أُعْزَى إلى جَدٍّ هُمَــــامِ
عَجِبْتُ لمَــــــنْ لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ ................... وَيَنْبُو نَبْوَةَ القَضِـــــمِ الكَـــهَامِ
وَمَنْ يَجِـــدُ الطّرِيقَ إلى المَعَالي .................. فَلا يَذَرُ المَطيَّ بِلا سَــنَامِ
وَلم أرَ في عُيُوبِ النّاسِ شَيْئاً ................... كَنَقصِ القادِرِينَ على التّمَامِ


بقلم :أبي عاصم مصطفى بن محمد
السُّـــلمي
تبلبـــالة

( المقال نشر قبل أكثر من سنة في أحد المنتديات ، فعدّلت فيه شيئا يسيرا ثمّ أعدت نشره كما تراه )


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 09 May 2017 الساعة 12:19 AM
رد مع اقتباس