عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 26 Aug 2017, 05:42 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي أهل الفترة

(تابع للشريط الرابع)
قال النَّاظم:
ذُو فَتْرَةٍ بِالفَرْعِ لَا يُرَاعُ === وَفِي الأُصُولِ عِنْدَهُمْ نِزَاعُ
1_ هذه المسلألة تتعلق بالمحكوم فيه، وهو البالغ العاقل الذي بلغته الحجَّة الرِّساليَّة، قال تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام: 19]، أي: من بلغه هذا القرآن فهو حجَّة عليه, ولهذا يقولون عن المكلف: هو البالغ العاقل الذي بلغه الشرع فيضيفون هذا الشرط كما فعل ابن حزم في كتابه (النبذ)، ولهذا فأهل الفترة ومن مات صبيا ومن بلغ مجنونا وغيرهم ليسوا مكلفين لأنهم لم تبلغهم الحجة الرسالية، ويمتحنون يوم القيامة، وقد استوفى الأدلة في ذلك الحافظ بن كثير رحمه الله في (تفسيره) عند قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 16] وهو المذهب الصواب.
2_ قوله: (ذُو فَتْرَةٍ)، أي: صاحب الفترة الذي عاش بين رسولين ولم يدرك الثَّاني، وشاع بين النَّاس أنَّ المراد بأهل الفترة هم أهل الجاهليَّة الذين عاشوا قبل البعثة المحمدية.
3_ قوله: (بِالفَرْعِ لَا يُرَاعُ )، أي: لا يخاطب بالفروع كالصلاة والزكاة وغيرهما لا يسأل عنها، ولا يراع أي: لا يروَّع والنَّاظم قد حرَّر النِّزاع في هذا وأشار إلى الخلاف في الأصول بقوله: (وَفِي الأُصُولِ عِنْدَهُمْ نِزَاعُ)، وجزم النووي في: (شرح مسلم) عند حديث: أبي وأباك في النار بأن أهل الفترة معذبون، وأنهم من أهل النار، قال: وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة فقد كانت بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والدليل على ذلك حال زيد بن عمرو بن نفيل وغيره من الموحدين وقد عقد لهم الألوسي في (بلوغ الأرب) فصلا عدَّ منهم واحدا وعشرين رجلا كانوا إما على ملة إبراهيم وإما على ملة عيسى عليهما السلام، وقد جاء أن عمرو بن لحي الخزاعي ووالدي النبي صلى الله عليه وسلم أنهم في النار فدل على أنهم بلغتهم الدعوة فغيروا وبدلوا، وأمَّا قول الله تعالى: لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ [السجدة: 3]، وقوله تعالى: لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ [يس: 6] ليس المقصود أنهم لم تصلهم الدعوة بل المقصود أنهم بعدما غيروا وبدلوا لم ينذروا، وقد حكى القرافي في (شرح التنقيح) إجماع العلماء ذلك، ولكن نشأ الخلاف بعد قول بعض المتأخرين بأن والدي النبي صلى الله عليه وسلَّم ليسا بكافرين ونصرهم السيوطي وألَّف في ذلك سبع رسائل فيما قيل ورووا في ذلك حديثا موضوعا: أنَّ الله عز وجل أحياهما للنبي ضلى الله عليه وسلم حتى أسلما.
4_ قوله: (ذُو فَتْرَةٍ بِالفَرْعِ لَا يُرَاعُ)، قلَّد في ذلك ابن قاسم العبَّادي في: (الآيات البيِّنات) وابن قاسم لم يحكه جزما بل قاله بحثًا ونقلا، والقاعدة تشمل الفروع والأصول عند السلف كما قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله.

رد مع اقتباس