02 Jan 2008, 12:29 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
|
|
في كتب طالب العلم وفتاوى حول العلم وفوائد
الفصل الأولكتب طالب العلم
قبل البدء في هذا الفصل لابد أن نبين بعض الأمور المهمة لطالب العلم وهي:
الأمر الأول: كيف تتعامل مع الكتاب ؟
التعامل مع الكتاب يكون بأمور:
الأول: معرفة موضوعه
حتى يستفيد الإنسان منه؛ لأنه يحتاج إلى التخصص ؛ ربما يكون كتاب سحر أو شعوذة أو باطل ؛ فلا بد من معرفة موضوع الكتاب حتى تحصل الفائدة منه.
الثاني: معرفة مصطلحاته
لأن معرفة المصطلحات يحصل بها أنك تحفظ أوقاتاً كثيرة ؛ وهذا يفعله العلماء في مقدمات الكتب ؛ فمثلاً ، نعرف أن صاحب " بلوغ المرام " إذا قال: متفق عليه ؛ يعني رواه البخاري ومسلم ؛ لكن صاحب " المنتقى " على خلاف ذلك فإذا قال صاحب المنتقى : متفق عليه ؛ فإنه يعني رواه الإمام أحمد والبخاري، ومسلم ؛ وكذلك في كتب الفقه يفرق كثير من العلماء بين القولين، والوجهين، والروايتين، والاحتمالين ؛ فالروايتان عن الإمام، والوجهان عن الأصحاب، وهم أصحاب المذهب الكبار أهل التوجيه ؛ والاحتمالان للتردد بين قولين، والقولان أعم من ذلك كله .
كذلك يحتاج أن تعرف –مثلاً- إذا قال المؤلف إجماعاً أو وفاقاً ؛ إذا قال إجماعاً يعني بين الأمة ؛ وإذا قال وفاقاً يعني مع الأئمة الثلاثة كما هو اصطلاح صاحب " الفروع" في فقه الحنابلة ؛ وكذلك بقية أصحاب المذاهب كل له اصطلاح ؛ فلا بد أن تعرف اصطلاح المؤلف.
الثالث: معرفة أسلوبه وعباراته
ولهذا تجد أنك إذا قرأت الكتاب ، أول ما تقرأ -لاسيما في الكتب العلمية المملوءة علماً- تجد أنه تمر بك العبارة تحتاج إلى تأمل وتفكير في معناها ؛ لأنك لم تألفه ؛ فإذا كررت هذا الكتاب ألفته.
وهناك أيضا أمر خارج عن التعامل مع الكتاب وهو : التعليق بالهوامش أو الحواشي. فهذا أيضاً مما يجب لطالب العلم أن يغتنمه ؛ وإذا مرت به مسألة تحتاج إلى شرح، أو إلى دليل، أو إلى تعليل ويخشى أن ينساه ، فإنه يُعلق إما بالهامش - وهو الذي على اليمين أو اليسار – أو بالحاشية – وهي التي في الأسفل – وكثيراً ما يفوت الإنسان مثل هذه الفوائد التي لو علقها لم تستغرق عليه إلا دقيقة أو دقيقتين ؛ ثم إذا عاد ليتذكرها بقي مدة يتذكرها وقد لا يذكرها.
فينبغي على طالب العلم أن يعتني بذلك لاسيما في كتب الفقه ؛ يمر بك في بعض الكتب مسألة وحكمها ويحصل عندك توقف وإشكال ؛ فإذا رجعت للكتب – التي أوسع من الكتاب الذي بين يديك- و وجدت قولاً يوضح المسألة ، فإنك تعلق القول من أجل أن ترجع إليه مرة أخرى إذا احتجت إليه دون الرجوع إلى أصل الكتاب الذي نقلت منه ؛ فهذا مما يوفر عليك الوقت.
الأمر الثاني: مطالعة الكتب على نوعين
أولاً: مطالعة تدبر وتفهم ؛ فهذه لابد أن يتأمل الإنسان ويتأنى.
ثانيا: مطالعة استطلاع فقط ؛ ينظر من خلالها على موضوع الكتاب، وما فيه من مباحث، ويتعرف على مضمون الكتاب ؛ وذلك من خلال تصفح وقراءة سريعة للكتاب ؛ فهذه لا يحصل فيها من التأمل والتدبر ما يحصل في النوع الأول .
والطريقة المثلى في قراءة الكتب، التدبر والتفكر في المعاني والاستعانة بذوي الفهم من أهل العلم الصحيح ؛ ولا يخفى أن أولى الكتب بذلك : كتاب الله -عز وجل- .
وعليك بالصبر والمثابرة ؛ فما أعطى الإنسان عطاء خيراً وأوسع من الصبر.
الأمر الثالث: جمع الكتب
ينبغي لطالب العلم أن يحرص على جمع الكتب ؛ ولكن يبدأ بالأهم فالأهم ؛ فإذا كان الإنسان قليل ذات اليد ، فليس من الخير وليس من الحكمة أن يشتري كتباً كثيرة يُلزم نفسه بغرامة قيمتها ؛ فإن هذا من سوء التصرف ؛ وإذا لم يمكنك أن تشتري من مالك فيمكنك أن تستعير من أي مكتبة .
الأمر الرابع : الحرص على الكتب المهمة
يجب على طالب العلم أن يحرص على الكتب الأمهات الأصول دون المؤلفات حديثاً ؛ لأن بعض المؤلفين حديثاً ليس عنده العلم الراسخ ؛ ولهذا إذا قرأت ما كتبوا تجد أنه سطحي ، قد ينقل الشيء بلفظه، وقد يحرفه إلى عبارة طويلة لكنها غثاء ؛ فعليك بالأمهات كتب السلف فإنها خير وأبرك بكثير من كتب الخلف.
لأن غالب كتب المتأخرين قليلة المعاني، كثيرة المباني ؛ تقرأ صفحة كاملة يمكن أن تلخصها بسطر أو سطرين، لكن كتب السلف تجدها هينة، لينة، سهلة رصينة، لا تجد كلمة واحدة ليس لها معنى.
ومن أَجَلِّ الكتب -التي يجب على طالب العلم أن يحرص عليها- كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – رحمهما الله – ؛ ومن المعلوم أن كتب ابن القيم أسهل وأسلس ؛ لأن شيخ الإسلام ابن تيمية كانت عباراته قوية لغزارة علمه، وتوقد ذهنه ؛ وابن القيم رأى بيتاً معموراً فكان من التحسين والترتيب ؛ ولسنا نريد بذلك أن نقول إن ابن القيم نسخة من ابن تيمية ؛ بل ابن القيم حر ؛ إذا رأى أن شيخه خالف ما يراه صواباً تكلم ؛ لما رأى وجوب فسخ الحج إلى العمرة ، وأن ابن عباس – رضي الله عنهما – يرى أنه يجب على من لم يسق الهدي إذا أحرم بحج أو قِران أن يفسخه إلى عمرة ؛ وكان شيخ الإسلام يرى أن الوجوب خاص بالصحابة ؛ قال: وأنا إلى قوله أميل مني إلى قول شيخنا؛ فصرح بمخالفته ؛ فهو رحمه الله مستقل ، حر الفكر ؛ لكن لا غرو أن يتابع شيخه -رحمه الله- فيما يراه حقاً وصواباً ؛ ولا شك أنك إذا تأملت غالب اختيارات شيخ الإسلام وجدت أنها هي الصواب وهذا أمر يعرفه من تدبر كتبهما.
الأمر الخامس: تقويم الكتب
الكتب تنقسم إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأول : كتب خير.
القسم الثاني: كتب شر.
القسم الثالث: كتب لا خير ولا شر.
فاحرص أن تكون مكتبتك خالية من الكتب التي ليس فيها خير أو التي فيها شر ؛ وهناك كتب يقال إنها كتب أدب، لكنها تقطع الوقت وتقتله في غير فائدة ؛ وهناك كتب ضارة ذات أفكار معينة وذات منهج معين ؛ فهذه أيضاً لا تدخل المكتبة -سواء كان ذلك في المنهج أو كان ذلك في العقيدة- مثل كتب المبتدعة التي تضر في العقيدة، والكتب الثورية التي تضر في المنهج.
وعموماً كل كتب تضر فلا تدخل مكتبتك ؛ لأن الكتب غذاء للروح كالطعام والشراب للبدن ؛ فإذا تغذيت بمثل هذه الكتب صار عليك ضرر عظيم واتجهت اتجاهاً مخالفاً لمنهج طالب العلم الصحيح.
|