عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06 May 2017, 04:20 PM
أبو أحمد حمزة داودي أبو أحمد حمزة داودي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
الدولة: بشار
المشاركات: 10
افتراضي أهمية علم أصول الفقه .

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فبادىء ذي بدأ أشكر الإخوة القائمين على منتدى التصفية والتربية - وعلى رأسهم الشيخ العَلَم الهُمَام أبو عبد الله أزهر سنيقرة حفظه الله من كل سوء وسائر إخوانه - على قبول تسجيلي في هذا المنتدى المبارك وهذا الصرح العلمي الشامخ والذي نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع به الإسلام والمسلمين آمين .

ففي هذه المشاركة المتواضعة التي أسأل الله عز وجل أن تكون نافعة لي ولإخواني سأبدأ بمجموعة من النقولات لبعض العلماء المُبَرزين في هذا العلم تبين أهمية علم أصول الفقه وأن طالب العلم يجب أن يوليه إهتماما لايقل عن إهتمامه بباقي العلوم ثم سأذكر كلامـًا للشيخ بن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة يذكر فيه أن أصول الفقه أصول أيضا للحديث والتفسير وفي الأخير أختم بتفريغ صوتي للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله أجاب عن سؤال يتعلق بالمنهجية في أصول الفقه وأهميته .


أولا : كلام بعض العلماء في أهمية أصول الفقه
قال الزركشي رحمه الله '' الحمد لله الذي أسسَّ قواعدَ الشرعِ بأصول أساسه ، وملَك من شاء قياد قياسه، ووهب من اختصه بالسبق إليه على أفراد أفراسه ، وأولى عنان العناية من وفقه لاقتباسه ، فإن أولى ما صُرفت الهمم إلى تمهيده، وأحرى ما عُنيت بتسديد قواعده وتشييده ، العلم الذي هو قوام الدين، والمرقى إلى درجات المتقين. وكان علم أصول الفقه جواده الذي لا يلحق، وحبله المتين الذي هو أقوى وأوثق، فإنه قاعدة الشرع، وأصل يرد إليه كل فرع. وقد أشار المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في جوامع كلمه إليه، ونبه أرباب اللسان عليه.'' (1)
قال الآمدي رحمه الله (( وأمّا غايةُ علمِ الأصولِ فالوصولُ إلى معرفةِ الأحكامِ الشرعيّةِ التي هي مناطُ السعادةِ الدّنيويّة والأخرويّة . ))(2)
وكذا بنِ الحاجبِ (( وأمّا فائدتُهُ : فالعلمُ بأحكامِ الله تعالى )) .(3)
وأما السبكي فيقولُ : (( وكلُّ العلماءِ في حضيضٍ عنه ( أي الاجتهاد ) إلا من تغلغلَ بأصْلِ الفقهِ ، وكرعَ من مناهلهِ الصّافيةِ بكلّ المواردِ ، وسبحَ في بحرِهِ وتروّى من زلالهِ ، وباتَ يَعِلّ به وطرفُهُ ساهدٌ )) (4)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله سره "لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ثم يعرف الجزيئات كيف وقعت وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم". (5)
ثانيا : أصول الفقه أصول أيضا لغيره .
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة:
"وصار علم أصول الفقه في الحقيقة علما مهما لاينبغي لطالب العلم أن يفرط فيه ومع كونه يسمى أصول الفقه فهو أصول أيضا لغير الفقه إذ يمكن أن تستخدمه في باب التوحيد ولهذا نعرف أن الصفات التي وصف الله بها نفسه أنها مغايرة لصفات المخلوقين بقواعد أصول الفقه وهو أن نحمل هذه الظواهر على مثل قوله تعالى "ليس كمثله شيء " الشورى11. ونقول إن هذه الظواهر إن كان يفهم أنها تماثل صفات المخلوقين -على سبيل الفرض لا على سبيل الواقع-فإن قوله تعالى "ليس كمثله شيء " الشورى11, يمنع هذا الفهم الفاسد.
على أن الصحيح أنه لا يمكن أبدا أن يفهم من الصفات التي أضافها الله لنفسه ما يفهم من صفات المخلوقين , لأن الصفات بحسب ما تضاف إليه, فإذا أضيفت إلى الله فهي ليست كما أضيفت لغيره.
ولهذا لو قلت: يد الذرة بفتح وتشديد الذال والراء, فهل يفهم المخاطب أنها في حجم يد البعير ؟
لا يفهم هذا بل لايفهم أن لها يدا تناسبها .إذن لا يمكن أن نفهم من قوله تعالى"بل يداه مبسوطتان "المائدة 644 , أن يديه كأيدينا , فإن هذا مستحيل , لأنها منسوبة إلى الله عز وجل , فهي تليق به ولهذا فنحن نهدم قول من يقول : إن الذي يفهم من هذه الآيات هو ما يماثل صفات المخلوقين لكن منع ذلك قوله تعالى "ليس كمثله شيء " الشورى11 ,لأن أصل هذا الفهم خطأ , إذ لا يمكن أن تفهم الصفات إلا على حسب ما أضيفت إليه , فنفهم من صفات الخالق المضافة إليه غير ما نفهم من صفاتنا المضافة إلينا كما نفهم من صفات المخلوق حسب ذلك المخلوق . إذن يمكن أن نستخدم أصول الفقه في التوحيد والتفسير والحديث وفي كل شيء وهو من العلوم المهمة " إنتهى كلامه رحمه الله(6)

ثلثا :المنهج الأسلم لدراسة أصول الفقه .
قال الشيخ د.سليمان الرحيلي ، عضو هيئة التدريس بقسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية لما سئل الأسئلة التالية :
1- ما هو المنهج الأسلم في دراسة علم أصول الفقه ؟
2- هل من كان قد قرأ في الورقات تنصحونه بحفظ مراقي السعود ؟ وهل هو نظم مناسب أو أن هناك نظم أنسب منه؟
3- وبما أن أصول الفقه مرتبطة بالمنطق فهل تنصحون بدراسة المنطق تمهيدًا لفهم الأصول ؟
وما هو المناسب في ذلك؟ أفيدونا - أثابكم الله - .
أجاب حفظه الله فقال:
1- وأما السؤال عن علم أصول الفقه ، فـ "من حرم الأصول حُرم الوصول" ، ولا شك أن أصول الفقه علم ضابط ، يضبط للإنسان فهم الأقوال ، سواء ما يتعلق بالكتاب والسنة ، أو ما يتعلق بفهم كلام السلف ، أو ما يتعلق بفهم كلام الناس ؛ فإن مَن انضبطت له الأصول كان حكمه في الغالب موافقا للمنقول والمعقول ، وأصول الفقه علم شريف بدأ كسائر العلوم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم - أعني العلوم الشرعية -، واستقر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمل به الصحابة ، ولما اختلط اللسان العربي بغيره ، وكثُرَت المناظرات = احتيج إلى تدوينه ، فكان أولَ من ألَّف فيه تأليفا كاملا مستقلا = هو الإمام المطلبي الشافعي محمد بن إدريس ، ألَّف الرسالة على سنن قيم ، لكن من أسف أن هذا العلم تلقفه المنحرفون ؛ المنحرفون في علم العقيدة ، والمنحرفون في علم الفقه ، فأخذ هذا يرمي فيه بحجر ، وهذا يرمي فيه بحجر ، حتى كدروا صفوه ، وجعلوه بعيد العبارة ، صعب الإشارة ، فيه كثير من الكلام الذي لا يُفهم ، كأنه تمتمات كاهن أو عزائم ساحر.وطالب العلم يحتاج أن يفهمه وأن يدرسه دراسة صحيحة ، والدراسة الصحيحة له ينبغي أن تكون بمقدِّمات :
المقدمة الأولى : إحكام المعتقد وفهم معتقد السلف الصالح - رضوان الله عليهم- ؛ فإن أصول الفقه فيه كثير من المداخل والزلل في هذا الباب .
والمقدمة الثانية : هي بتجريده أولا ، كقراءة كتاب الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله- ، أو نحوه في هذا الباب ، ثم بقراءته على شيخ ، فكل العلوم تحتاج أن تُقرأ على شيخ ؛ لكن علم أصول الفقه يتأكد فيه هذا ؛ لأن علم أصول الفقه فيه كثير من الدخيل الذكي ، الذي يحتاج إلى من ينبه إلى ما فيه .
2- وطالب العلم إذا قرأ مثلا الورقات - كما جاء في السؤال - الورقات متن مشهور عند الأصوليين ، ولو قرأه طالب العلم على شيخ ينتفع بذلك كثيرا ، ثم الأخ يشير إلى نظم المراقي ، ونظم المراقي نظم في أصول الفقه ، نُظِم فيه جمع الجوامع مع غيره ، وهذ النظم فيه كثير من العبارات المعقدة ، وأنا لا أحبذه ولا أفضله - وإن راج عند الطلاب ترويجًا من بعض مشايخ اصول الفقه - ، وإنما أرى أن طالب العلم إذا قرأ الورقات على شيخ = ينتقل إلى الروضة - روضة الناضر لابن قدامة - ، ثم بعدها ينتقل إلى شرح الكوكب المنير لابن النجار الحنبلي ، وهذا الكتاب يتميز بميزات :
1- منها أن صاحبه ذو عقيدة صحيحة .
2- ومنها أن الكتاب فيه سعة أصولية ؛ لأن ابن النجار تلميذ البرماوي صاحب الألفية الذي ألف ألفية في أصول الفقه ، قال فيها : سميتها ألفية تقليلا ؛ لأنها ألف وأربع مئة ونيِّف ، ثم شرحها ، البرماوي هو تلميذ الزركشي صاحب البحر المحيط - الموسوعة الأصولية الكبرى في جمع الأقوال من الكتب - ، فابن النجار أخذ من البرماوي ما أخذه البرماوي من الزركشي من السعة الأصولية مع سلامة معتقده ، فالكتاب نافع جدا ، وأنا أوصي به في المرحلة الثالثة لطالب العلم في دراسة هذا الفن الذي ينبغي على طلاب العلم أن يهتموا به فهذه إشارة باختصار .
3-أما دراسة المنطق ، فالمنطق أدخل في أصول الفقه ، وليس من أصول الفقه ، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : إن المنطق يضر البليد -في الحقيقة -، ولا ينفع الذكي . وما استفاد الأصوليون من إدخال المنطق إلا تكثير العبارة ، ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : إنهم ما استقروا على تعريف ، كلما جاء أحدهم بتعريف نقضه الآخر ، لإدخالهم الحدود المنطقية ، والمنطق لا يحتاجه طالب العلم لمعرفة أصول الفقه معرفة صحيحة ، والمنطق يضر ، ولذلك أفتى كثير من أهل العلم بتحريم تعلمه أصلا ، ولا شك أنه من حيث الجملة على الأفراد لا يجوز تعلمه ؛ لأن تعلمه سلسلة تقود إلى ما يسمونه بالمشككات ، والمشككات هو باب إفساد المعتقدات ، ومن أهل العلم من أخذ شيئا من المنطق وسماه بـ (آداب البحث) من المقدمات التي يمكن أن يستفاد منها ؛ لكني أرى أنه ليس لطالب العلم حاجة إلى مثل هذا العلم حتى يفهم أصول الفقه إذا قرأ أصول الفقه على شيخ متمكن والله أعلم .

فالكلام في هذا الفن المهم من الفنون العلمية لا يمكن أن تحويه مشاركة مختصرة ولهذا من أراد أن يتوسع في البحث عنه فليرجع إلى مظان ذكره.
وجميع ما ذكرته ليس لي فيه من فضل سوى الجمع والترتيب حتى لو قلت لكل كلمة من هذه الكلمات: عودي إلى مكانك لما بقي لي منها شيئا .
اللهم إنا نسألك الإخلاص في الأقوال والأفعال اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما .
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) البحر المحيط في أصول الفقه ص 3.
(2) الإحكام في أصول الأحكام 1/ 21 .
(3) مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل 201/1 .
(4) في الإبهاجِ في شرح المنهاج 42/1.
(5) منهاج السنة النبوية 83/5.
(6) شرح الأصول من علم الأصول ص 36
(7)مفرغ من شريط بعنوان: نفح الطيب في فضائل الحبيب -صلى الله عليه وسلم-

رد مع اقتباس