عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 14 Sep 2019, 09:15 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





قال الله تعالى:

"إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)"

فمَن هم الّذين اصطفاهم الله من خلقه، الّذين يتميّزون عن غيرهم بصفات وخصائص، تهيّئهم للأمر العظيم، والأمانة الكبرى التي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال وأَبَيْنَ أن يحملنها، وحملها ذلك الإنسان، الذي اختار الله سبحانه، منه، الأفضل فالأفضل من نسله.

وما هي الأمانة التي عرضها الله على السّماوات والأرض والجبال، فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وحملها الإنسان؟ إن لم تكن توحيدالله، وإرساء شريعته في حياة العالمين والدّعوة إلى ذلك؟.

سنبدأ الآن بتوضيح: ماهي الأمانة التي حملها الإنسان، في قول الله تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا". [الأحزاب:72]؟

سؤال قد طرح على فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، بعنوان: المقصود بالأمانة في قوله تعالى: ( إنّا عرضنا الأمانة ... )، يستفسر صاحبه عن :
ما هي الأمانة الواردة في قوله تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ.." [الأحزاب:72] نرجو منكم التوجيه؟
فأجابة الشيخ رحمه الله بكلام، أهمّ ما جاء فيه: "...... فهي ما أوجب الله علينا من التّوحيد الّذي هو أصل الدّين، وإخلاص العبادة لله وحده وهكذا ما أوجب الله علينا من اتّباع الرّسول ﷺ، والإيمان بأنّه رسول الله، والإيمان بكلّ ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة والنار والساعة والجنة وغير ذلك والحساب والجزاء كل ذلك داخل في الأمانة.
وهكذا الإيمان بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل ذلك داخل في الأمانة، لابد أن تؤدى هذه الأمور على الوجه الذي شرعه الله، كل ذلك أمانة.....} انتهـ.

ومَن هم الّذين اصطفاهم الله سبحانه لحمل أمانة تبليغ شريعة الإسلام للنّاس، وإرشادهم إلى الطّريق المستقيم ومنهح الله القويم؟

يجيبك عن هذا، الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره للآية: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)"

قال رحمه الله في تفسيره الآية: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)"

{ يخبر تعالى باختيار مَن اختاره من أوليائه وأصفيائه وأحبابه، فأخبر أنّه اصطفى آدم، أي: اختاره على سائر المخلوقات، فخلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسّجود له، وأسكنه جنّته، وأعطاه من العلم والحلم والفضل ما فاق به سائر المخلوقات، ولهذا فضّل بنيه، فقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} ، واصطفى نوحا، فجعله أوّل رسول إلى أهل الأرض حين عبدت الأوثان، ووفّقه من الصبر والاحتمال والشكر والدعوة إلى الله في جميع الأوقات ما أوجب اصطفاءه واجتباءه، وأغرق الله أهل الأرض بدعوته، ونجّاه ومَن معه في الفلك المشحون، وجعل ذرّيته هم الباقين، وترك عليه ثناءً يُذكر في جميع الأحيان والأزمان. واصطفى آل إبراهيم وهو إبراهيم خليل الرّحمن الّذي اختصّه الله بخلّته، وبذل نفسه للنّيران وولده للقربان وماله للضّيفان، ودعا إلى ربّه ليلا ونهارا وسرّا وجهارا، وجعله الله أسوة يقتدي به من بعده، وجعل في ذرّيته النبوة والكتاب، ويدخل في آل إبراهيم جميع الأنبياء الّذين بُعِثُوا من بعده لأنّهم من ذرّيته، وقد خصّهم بأنواع الفضائل ما كانوا به صفوة على العالمين، ومنهم سيّد ولد آدم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنّ الله تعالى جمع فيه من الكمال ما تفرّق في غيره، وفاق صلى الله عليه وسلم الأوّلين والآخرين، فكان سيّد المرسلين المصطفى من ولد إبراهيم. واصطفى الله آل عمران وهو والد مريم بنت عمران، أو والد موسى بن عمران عليه السلام، فهذه البيوت التي ذكرها الله هي صفوته من العالمين، وتسلسل الصلاح والتوفيق بذريّاتهم..} انتهـ.

ثمّ قال رحمه الله في تفسير الآية التي بعدها: "ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)" :
{.. (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ) أي: حصل التّناسب والتّشابه بينهم في الخلق والأخلاق الجميلة، كما قال تعالى لمّا ذكر جملة من الأنبياء الدّاخلين في ضمن هذه البيوت الكبار، (وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، (وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) : يعلم مَن يستحق الاصطفاء فيصطفيه ومَن لا يستحق ذلك فيخذله ويرديه، ودلّ هذا على أنّ هؤلاء اختارهم لِمَا علم من أحوالهم الموجبة لذلك فضلا منه وكرما، ومن الفائدة والحكمة في قصّه علينا أخبار هؤلاء الأصفياء أن نحبّهم ونقتدي بهم، ونسأل الله أن يوفّقنا لما وفّقهم، وأن لا نزال نزري أنفسنا بتأخّرنا عنهم وعدم اتّصافنا بأوصافهم ومزاياهم الجميلة، وهذا أيضا من لطفه بهم، وإظهاره الثّناء عليهم في الأوّلين والآخرين، والتّنويه بشرفهم، فلله ما أعظم جوده وكرمه وأكثر فوائد معاملته، لو لم يكن لهم من الشرف إلاّ أن أذكارهم مخلّدة ومناقبهم مؤبّدة لكفى بذلك فضلا. } انتهـ.

وقد أوضح في التّفسير الإمام الطبري رحمه الله بأدقّ المعاني، للآية: "ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ..."، قائلاً:
{....وإنّما جعل " بَعْضُهم مِن بَعْضٍ " في الموالاة في الدّين، والمؤازرة على الإسلام والحق، كما قال جلّ ثناؤه: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ" [سورة التوبة: 71]، وقال في موضع آخر: "الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ" [ سورة التوبة: 67]، يعني: أنّ دينهم واحدٌ وطريقتهم واحدة، فكذلك قوله: " ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ "، إنّما معناه: ذريّةً دِينُ بَعْضِهَا دِينُ بَعْض، وكلمتهم واحدةٌ، وملّتهم واحدة في توحيد الله وطاعته، كما:-
6855 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ"، يقول: في النِيَّة والعمل والإخلاص والتّوحيد له. } انتهـ.

وآيات الله في القرآن كثيرة، تذكر المصطفين الأخيار، وتذكر فضائلهم. على أنّهم يستحقّون بجدارة وقوّة حزم، المكانة التي رفعهم بها الله، في الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى: "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)..."
وقال سبحانه في نفس السورة (ص) : "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ (48) .....".



الصور المرفقة
نوع الملف: jpg ذرية بعضها من بعض.jpg‏ (86.3 كيلوبايت, المشاهدات 3045)
نوع الملف: gif لقد كان في قصصهم عبرة.gif‏ (31.6 كيلوبايت, المشاهدات 2825)
رد مع اقتباس