عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20 Aug 2019, 11:42 AM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





لَيْسَ كلّ مَنْ دُلَّ على الصّراط، اهْتَدَى".

هكذا قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، في كلام مبسّط، جوابًا عن سؤالٍ طُرِحَ عليه:
ما هو الجمع بين قوله تعالى: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ"، وقوله تعالى: "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

حيث ميّز الشيخ رحمه الله بين هداية الدّلالة والبيان، في قوله تعالى: "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"، وبين هداية التّوفيق والإرشاد، في قوله تعالى: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" والذي يليه قوله تعالى:"وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ". إذ أنّ كلام الله هذا، يؤكّد أنّ هداية التّسديد والتوفيق إلى الطريق المستقيم، هداية بيده سبحانه، لاقدرة للبشر عليها، وإن كان أفضلهم مكانةً عند الله، وهو نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم.

ويلخّص الشيخ العثيمين الجواب عن ذلك السؤال بقوله:

[..فهنا يقول:"إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ"، وفي الآية التي ذكرها المؤلف يقول: "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ".
قال أهل العلم: [ والجمعُ بينهما أنّ الآية التي فيها إثباتُ الهداية، يُرَادُ بها هداية الدّلالة، يعني أنّك تدلّ الخلق، و"لَيْسَ كلّ مَنْ دُلَّ على الصّراط، اهْتَدَى".
وأمّا الهداية التي نفاها الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال:"إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ"، فهي هداية التّوفيق. لاأحد يستطيع أن يوفّق أحدًا للحقّ ولو كان أباه أوابنه، أو أخاه، أو عمّه أو خاله، أو أمّه أو جدّته. أبدًا. "مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ". ولكن علينا أن ندعو عباد الله إلى دين الله، وأن نرغّبهم فيه، وأن نبيّنه لهم، ثمّ إِنِ اهْتَدَوْا، فَلَنَا ولهم، وإن لم يهتدوا، فَلَنَا وعليهم.] انتهـ كلامه رحمه الله.(تفريغ الصوتية)

للاستماع:

ماهو الجمع بين قول الله: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" وقوله: "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"





قال الله تعالى: ﴿وَ إنْ تُطيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾، قد اقتطفتُ مقطعًا نفيسًا من:

(محــاضــرة ألقاها فضيلة الشيخ العلاّمة ربيع بن هادي عمير المدخلي - وفقه الله لكل خير وأطال عمره على طاعته -
دفاعاً عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- وأصحابِه الكرام -رضوان الله عليهم-) هذا الكلام منقول)

والمقطع الذي اقتطفته هو في بداية المحاضرة، يقول فيه الشيخ ربيع حفظه الله:

[ وعنوان هذا اللِّقاء ما سمعتموه من الأخ المُقَدِّم ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ الضمير يعود إلى الرَّسول الكريم عليه الصَّلاَة والسَّلاَم، فطاعة الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام فيها الهداية الكاملة، لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام جاء بالهدى والنُّور، وأرسله الله تبارك وتعالى ليُظهِرَه على الدِّين كلِّه ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33]؛ فجاء بالهُدى وجاء بدين الحق، فكيف لا يهتدي مَن يطيعه ويتّبعه عليه الصَّلاة وَالسَّلام! والله يشهد لهذا الرَّسول بأنَّه يهدي إلى صراط مستقيم ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52]؟! وكان في خُطَبِه عليه الصَّلاة وَالسَّلام يقول: «أَمَّا بَعد؛ فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كَلاَمُ الله، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم »( 1) .



واللهُ وَصَفَ كتابَه الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم بأنَّه هُدًى للمتقين كما في أول سورة البقرة وفي غيرها،و في سورة لقمان بأنَّه هدى للمحسنين، وفي غيرها أنه هدى للمؤمنين، وقال عز وجل في سورة البقرة: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة:185]. فهو أفضل الرُّسل وأكمَلُهُم، وبه خُتِمَت الرِّسَالات وعنده أَكْمَلُ هِدَاية، كتاب الله وما أوحاه إليه من السُنَّة المُطَهَّرة التي هي تفصيلٌ وبيانٌ وشرحٌ لهذا القرآن العظيم .

منها بيانه( 2)



لقوله عز وجل: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأنفال: 41] ، قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 44]

فصلواتُ الله وسلامُه عليه، لقد أكرمه الله وأنزله أعظَمَ منزلة لمخلوق مِنْ خَلْقِه -صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُه عَلَيْه- . فعلينا أن نتّبعه، وعلينا أن نُطيعه لنَهتَدِيَ -إن شاء الله- الهداية الكاملة التي نسألها ربَّنَا عزّوجل في كلِّ ركعة من ركعاتِنَا الفريضة والنافلة ﴿اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]، ونسأله عزّوجلّ أن يهدينا الصِّرَاط المستقيم في عقائدنا وفي عباداتنا وفي سائر شؤون حياتنا.
وأعظم وسيلة إلى هذه الهداية هي طاعة الرَّسول الكريم ـ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ـ واتِّبَاعه، فمَن يريد الهداية والاهتداء بهذا النُّور، فعليه أَنْ يُوَطِّنَ نَفْسَهُ على الالتزام الكامل بطاعة هذا الرَّسُول الكَرِيم -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- وتَرَسُّمِ خُطَاه، واحتِرام أقوالِه وأفعالِه وتقريراتِه وأخبارِه الصادقة. فيُؤمن بهذه الأخبار، ويطيعُ هذه الأَوامر، ويجتنب النَّواهي، ويؤمن بالوعد والوعيد وبالجنَّة والنَّار، تصديقًا لهذا الرَّسول وطاعةً واتِّباعًا له -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- .

وهذه الآية التي اختير منها العنوان تبدأ بقول الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النور: 54] صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُهُ عَلَيْه، ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾. طاعة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم طاعة لله عزّوجلّ، كما قال في آية أخرى: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ [النساء: 80]، ومَن يَعْصِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله عزّوجلّ، كما جاء في أحاديث()



فعلينا بطاعة الرَّسول الكريم -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- وذلك أخذٌ منَّا بـأعظم أسباب الهداية، ويدخل في هذه الطَّاعة التزام العقائد التي جاء بها في رسالتِه، تضمَّنَها القرآن وتضمَّنَتها السُنَّة، وتصديق الأخبار كلِّها ما يتعلَّق بالماضي والحاضر وما يأتي في المستقبل. ما يتعلَّق بالماضي من قَصَصِ الأنبياء عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم من آدم -عليه الصلاة والسلام- مُرُورًا بنوح وغيره من الأنبياء هود وصالح وإبراهيم وإسحاق و موسى وغيرهم-صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ،كلُّها فيها عظات، وفيها عِبَر وفيها تربية، بل وفيها عقائد، إذ عَرَضَ الله علينا عقائدَهم ودعواتِهم عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم.
وأخباره التي تُحَدِّثُنَا عن المستقبل سواء في القرآن أو في السُنَّة نؤمن بها، وأوامرُه: نطيعُه فيها في السَرَّاء وفي الضَرَّاء وفي المنشط وفي المكره. وليس واللهِ لنا أيُّ خيار في أن نأخذ أو نترك. قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾[الأحزاب : 36] فلسنا مختارين، علينا أن نطيع هذا الرَّسُولَ الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .

طاعته فَرْضٌ حَتمٌ من الله تبارك وتعالى الّذي خلقنا لعبادته، وأكرمنا عزّوجلّ بإرسال الرُّسل، وإنزال الكتب. ومن أكمل هذه الكتب الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو أَكملُ الرُّسُل. فليس لنا أيّ عذر في التَخَلُّف عن طاعته، وليس واللهِ أمامنا أيُّ خِيَار واختيار غير طاعته اختيار للشَّقاء، واختيار للضَّلاَل، واختيار للمصير إلى النَّار.

وإيثار طاعته، والاستسلام لأوامره ونواهيه، والانقياد لتوجيهاته هي طريق الهداية إلى كلِّ خير وتخليصنا من كلِّ شر.] انتهـ المقصود من النقل.


الصور المرفقة
نوع الملف: jpg وإن تطيعوه تهتدوا.jpg‏ (25.1 كيلوبايت, المشاهدات 5093)
نوع الملف: jpg انك لاتهدي من احببت.jpg‏ (16.7 كيلوبايت, المشاهدات 13166)
نوع الملف: jpg وان تطيعوه تهتدوا الحاشية0.jpg‏ (9.7 كيلوبايت, المشاهدات 3795)
نوع الملف: jpg وان تطيعوه تهتدوا الحاشية1.jpg‏ (68.1 كيلوبايت, المشاهدات 3881)
نوع الملف: jpg وان تطيعوه تهتدوا الحاشية2.jpg‏ (17.9 كيلوبايت, المشاهدات 4080)
رد مع اقتباس