عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30 Dec 2007, 10:31 PM
بشير ابو عبد الرحمن بشير ابو عبد الرحمن غير متواجد حالياً
bachir-dellys.blogspot
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: الجزائر
المشاركات: 600
إرسال رسالة عبر MSN إلى بشير ابو عبد الرحمن
افتراضي الإكمال بتقريب شرح نواقض الإسلام الشيخ ع

الإكمال بتقريب شرح نواقض الإسلام (1) الشيخ عبدالعزيز الريس

(اعلم) يؤتى بهذه الكلمة لشدًّ انتباه القارئ، وكان كثيراً ما يأتي بها ـ رحمه الله ـ في مصنفاته لا سيما المختصرات.


(نواقض الإسلام) جمع ومفرده (ناقض) وهو ما ينقض الإسلام، فإذا وجد أحدها مع الإسلام نقض الإسلام وأحبطه وصار صاحبه كافراً.


(عشرة نواقض) ذكر الإمام المجدد هذه العشرة فحسب لأنها الأكثر وقوعاً بين الناس كما بينه في آخر النواقض.


قول المصنف (الأول: الشرك في عبادة الله تعالى): ومراده الشرك الأكبر لأنه هو الناقض للإسلام، وهو تسوية غير الله بالله في شيء من خصائص الله في الاعتقاد، والدليل قول الله تعالى((تالله ان كنا لفي ضلال مبين,اذنسويكم برب العالمين)).وقوله تعالى:" ثم الذين كفروا بربهم يعدلون" وما روى الشيخان عن ابن مسعود أن الرسول - قال في جواب مَنْ سأله: أيُّ الذنب أعظم عند الله ؟ قال: «أن تجعل لله نداً وهو خلقك» وقد نص جمعي من العلماء المحقًّقين على هذا التعريف بلفظه أو بمعناه.


قال ابن القيم: وهو الشرك الذي تضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين» ولهذا قالوا لآلهتهم في النار تَاللَّهً إًنْ كُنَّا لَفًي ضَلالي مُبًيني إًذْ نُسَوًّيكُمْ بًرَبًّ الْعَالَمًينَ «مع إقرارهم بأن الله وحده خالق كل شيء وربه ومليكه، وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت، وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة كما هو حال أكثر مشركي العالم، بل كلهم يحبون معبوداتهم ويعظمونها ويوالونها من دون الله. وكثير منهم ـ بل أكثرهم ـ يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله ا.هـ(1).


والشيخ المصنف رحمه الله قيد الكلام بالشرك في العبودية وهو الشرك في توحيد الإلهية.
والشرك نوعان:

قال ابن القيم: أما الشرك فهو نوعان: أكبر وأصغر. فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله نداً يحبه كما يحب الله ا.هـ(2).


والتسوية في اللفظ لا في الاعتقاد شركي أصغر لا أكبر ويدلُّ عليه ما روى الشيخان عن ابن عمر عن رسول الله - أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركبي وعمرُ يحلف بأبيه فناداهم رسول الله -: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت».
وجه الدلالة: أن الحلف بغير الله لو كان شركاً أكبر لمَاَ أخَّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم تعليمه الصحابة ولما وقع فيه مثل عمر بن الخطاب فبما أنَّ رسول الله أخَّرَ تعليمه للصحابة دلَّ على أنه ليس شركاً أكبر قطعاً،إذ دعوته كلها قائمة على إزالته فهو مقصوده الأول فهو إذاً شرك أصغر.


وقال ابن القيم: ومن الشرك به سبحانه الشرك به في اللفظ كالحلف بغيره... ا. هـ (3).

تنبيه: تعريف الشرك والكفر الأكبرين والأصغرين والفرق بينهما (4).


الشرك الأكبر: تسوية غير الله بالله في شيءي من خصائص الله، وقد سبق الكلام عليه.
الشرك الأصغر: كل ما أطلقت الشريعة عليه شركاً ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر وما كان في معناه كظن الشيء سبباً وليس بسبب.


الكفر الأكبر: هو كل ما حكمت الشريعة عليه بأنّه كفر مخرج من الملّة كالتكذيب بالدين والإعراض التام ونحو ذلك.
الكفر الأصغر: كل ما أطلقت الشريعة عليه كفراً ولم يصل إلى حد الكفر الأكبر وما في معناه.

والفرق بينهما من أوجه إليك بعضها:
ـ1 أن الشرك والكفر الأكبرين لا يجتمعان مع الإيمان المنجي من النَّار بخلاف الأصغر.
ـ2 أن الشرك والكفر الأكبرين موجبان الخلود في النَّار بخلاف الأصغر.
ـ3 أن صاحب الشرك والكفر الأكبرين تجري عليه أحكام الكفر في الدنيا بخلاف الأصغر(5).
قول المصنف رحمه الله: (في عبادة الله):
العبادة من خصائص الله فصرفها لغير الله شرك أكبر كما قال تعالى:(قُلْ إًنَّ صَلاتًي وَنُسُكًي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتًي لًلَّهً رَبًّ الْعَالَمًينَ لا شريك لـه).


قال ابن تيمية: العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، الصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة...


ثم قال: والدين يتضمن معنى الخضوع والذل. يقال: دنته فدان لي أي ذللته فذل، ويقال: يدين الله، ويدين لله أي: يعبد الله ويطيعه ويخضع له، فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له. والعبادة أصل معناها الذل أيضاً، يقال: طريق معبد إذا كان مذللاً قد وطئته الأقدام. لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، فهي تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له...


ثم قال: ومن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابداً له، ولو أحب شيئاً ولم يخضع له لم يكن عابداً له، كما قد يحب ولده وصديقه، ولذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء بل لا يستحق المحبة والذلّ التام إلا الله ا.هـ(6).
وقال أيضاً: والتألُّه والتعبُّد يتضمن غاية الحب بغاية الذلّ. ا. هـ(7).


فعلى هذا كل ما يحبه الله فهو عبادة، وكل ما يرجو العبد من ورائه رضا الله والأجر فهو عبادة، وقد اعتنى أئمة الدعوة النجدية السلفية بتعريف العبادة وبيانها لأن المخالفين يصرفون عبادات لغير الله، ويزعمون أن هذه المصروفات ليست عبادة فاحتاجوا إلى بيان ضابط العبادة ليعلم أن فعل المخالفين من صرف العبادات لغير الله فيكون شركي أكبر.

تنبيهان:
التنبيه الأول: الذبح لغير الله تقرباً لا يكون شركاً أصغر بل هو شرك أكبر مطلقاً.
التنبيه الثاني: فرقي بين التقرُّب بإراقة الدم وإزهاق النفس وبين التقرب لله باللحم فإن الثاني يكون إكراماً للضيف وصدقة وهديةً بخلاف الأول، لذا عند الكلام على أنواع الذبح لا يصح ذكر إكرام الضيف بالذبح نوعاً من أنواع الذبح لأن إراقة الدم فيه جاءت تبعاً لا قصداً وإنما المقصود به اللحم بخلاف الذبح الذي يُذكر في أبواب التوحيد فإن إراقة الدم فيه جاءت قصداً لاتبعاً والله أعلم .

عبد العزيز بن ريس الريس



(1) مدارج السالكين (1/368).
(2) المدارج (1/368).
(3) الداء والدواء ص 160.
(4) انظر: حاشية كتاب التوحيد ص 50 والقول المفيد مع الحاشية (1/139، 141، 265) وشرح الثلاثة الأصول للشيخ ابن عثيمين ص 36.
(5) كتاب المدخل لدراسة العقيدة د. البريكان ص 125،154.
(6) مجموع الفتاوى (10/149- 153).
(7) النبوات ص 88، وانظر الجواب الصحيح (6/31)، وانظر التيسير ص 47 وفتح المجيد (1/84) والقول المفيد (1/16).

تاريخ النشر: الاثنين 12/2/2007
جريدة الوطن الكويتية


التعديل الأخير تم بواسطة بشير ابو عبد الرحمن ; 31 Dec 2007 الساعة 02:10 PM
رد مع اقتباس