عرض مشاركة واحدة
  #51  
قديم 21 Jan 2018, 06:21 PM
أبو عبد الله بلال يونسي أبو عبد الله بلال يونسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 283
افتراضي الفائدة الثانية من سلسلة فوائد مقالات فضيلة شيخنا عبد المجيد جمعه حفظه الله في ردوده على جماعة الاحتواء مع نقل قيم لكلام ابن قيم العصر رحمه الله (العل

الفائدة الثانية من سلسلة فوائد مقالات فضيلة شيخنا عبد المجيد جمعه حفظه الله في ردوده على جماعة الاحتواء مع نقل قيم لكلام ابن قيم العصر رحمه الله (العلامة البرجس ):
أولا: قال شيخنا العلامة أبو عبد الرحمن جمعه:
(( سادسا: قوله بعدما نقل كلامي: «كذا قال: «كلام خاص في مجموعة مغلقة» هل صارت الدعوة السلفية صوفية إخوانية..» فقال: «فهذا من المدهشات، لأنّ من العلم المستفيض الذي لا يخفى على من هو دونك بمراحل أنّ من العلم ما لا يجوز أن يحدّث به عامة الناس، وقد بوّب البخاري رحمه الله على ذلك: «باب من خصّ بالعلم قوما دون آخرين كراهية أن لا يفهموا» ...»
والجواب عنه من وجوه:
أولها: أنّ المدهشات هو قياسك الجلسات السرّية والمجموعات المغلقة، وما يبثّ فيها من الغمز واللمز على تخصيص قوم بالعلم دون آخرين؛ وهل هذا إلا من قياس الشبه، وهو من القياس الفاسد الذي ذمّه السلف، وقالوا: أوّل من قاس إبليس؛ وذلك في قوله تعالى حكاية عنه: {قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}. ولم يذكره سبحانه إلا على المبطلين؛ كما قال تعالى إخبارًا عن إخوة يوسف أنهم قالوا لما وجدوا الصواع في رحل أخيهم: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} يعني أنّ ذاك قد سَرِق فكذلك هذا، فهو مقيس على أخيه.
وكذلك المشركون، قاسوا الربا على البيع، و{قالوا إنّما البيع مثل الربا}؛ وقاسوا الميتة على المذكاة في إباحة الأكل؛ كما في «إعلام الموقعين» (1/115).
الوجه الثاني: أنّ الإمام البخاري ذكر العلّة في الترجمة، فقال: «كراهية أن لا يفهموا» أي لأجل كراهية عدم فهم القوم الذين هم غير القوم الذين خصّهم بالعلم؛ فترك بعض النّاس من التخصيص بالعلم لقصور فهمهم؛ كما في «عمدة القاري» (2/204).
ولهذا استشهد بأثر علي رضي الله عنه أنّه قال: «حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبّون أن يكذّب الله ورسوله».
وقد نقلتَ هذه العلّة، وأبيت إلا أن تنـزّلها على غرف صاحبك المغلقة؛ وكأنّه خصّ فيها قومًا بالعلم النافع، والعمل الصالح. وصدق الله سبحانه: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}. )) .
ثانيا : التعليق على كلام فضيلته من كلام العلامة الشاب:
((الاجتماعات السرية
أثران عظيمان من آثار سلفنا الصالح وقفتُ عليهما، يقضيان بقطع دابر الاجتماعات السرية، التي تُعقَد بعيداً عن أنظار ولاة الأمر وعلماء المسلمين:
الأثر الأول: ما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" [(14/567-568)]، وابن أبي عاصم في "المُذَكِّر والتذكير" [(ص91)] بإسناد صحيح عن زيد بن أسلم العدوي، عن أبيه، قال:
(بلغ عمر بن الخطاب أنَّ ناساً يجتمعون في بيت فاطمة، فأتاها، فقال: يا بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ! ما كان أحدُ من الناس أحبَّ إلينا من أبيك، ولا بعد أبيك أحبَّ إلينا منك، وقد بلغني أنَّ هؤلاء النَّفر يجتمعون عندك، وايم الله؛ لئن بلغني ذلك؛ لأحرقنَّ عليهم البيت، فما جاءوا فاطمة قالت: إن ابن الخطاب قال كذا وكذا، فإنه فاعل ذلك، فتفرقوا حين بويع لأبي بكر -رضي الله عنه-).
الأثر الثاني: ما رواه أحمد في "الزهد" [(ص48)]، والدارمي في "سننه" [(1/343/344) تحقيق حسين أسد باسم (مسند الدارمي)]، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" [(1/135)]، وابن عبدالبر في "جامع بيان وفضله" [(2/932)] عن الأوزاعي قال:
(قال عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله تعالى ورضي عنه- : إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم بشيء دون العامة؛ فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة).
فهذان الأثران بليغان، من نظر فيهما بعين الإنصاف وقف على شؤم الاجتماعات السرية، وسوء عاقبتها على جماعة المسلمين، ولو لم يكن ذلك في هذه الاجتماعات؛ لَمَا ذهب عمر -رضي الله عنه- إلى العزم على تعزير من قام بها، ولَمَا وصفها عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- بأنها "تأسيس ضلالة".
وقد علَّق أبو بكر أحمد بن أبي عاصم (المتوفى في سنة 287هـ) -رحمه الله- على أثر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال [المُذَكِّر والتذكير والذكر (ص97)] : وفي حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ما يدلُّ على أنَّ الإمام إذا بلغه أنَّ قوماً يجتمعون على أمر يخاف أن يحدث عن اجتماعهم ما يكون فيه فسادٌ: أن يتقدم إليهم، ويوعِّدهم في ذلك وعيداً يرهبون به، مع اعتراف عمر بحق فاطمة -رضي الله عنها-، ومعرفة فاطمة بحق عمر -رضي الله عنه- وأنه يفي بوعده. ا.هـ.
فهذا الذي قاله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وعمر بن عبدالعزيز -رحمه الله تعالى- مستمدٌ من السنة النبوية، فقد أخرج ابن أبي عاصم في "السنة" [(2/508-509)] بإسناد جيد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((اعبد اللهَ ولا تشرك به شيئاً، وأقم الصلاة، وآت الزكاة، وصم رمضان، وحُجَّ البيت واعتمر، واسمع وأطع، وعليك بالعلانية، وإياك والسر)).
فقوله -صلى الله عليه وسلم- : ((وعليك بالعلانية، وإياك والسر))، بعد أمره بالسمع والطاعة لولاة أمر المسلمين: دليل على أن الاجتماعات السرية المخالفة لولي الأمر، والمنطوية على خلع ولي الأمر، الإفتيات عليه؛ مُحرَّمة.
فالاجتماعات السرية هذه مُحرَّمة بالنَّص عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأثرِ عن الصحابة والتابعين؛ لأنها طريق إلى الخروج المحرَّم على الولاة المسلمين، وإلى التفريق بين المؤمنين.
وفي جَمْعِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الأمر بالسمع والطاعة والنهي عن السرية، وبين الأمر بأركان الإسلام الخمسة، إشارة إلى أن أمر السمع والطاعة عظيم، وأنَّ كل ما يعيق أو يُخِلُّ بمبدأ السمع والطاعة جُرْمٌ كبير، إذ هو هدم لأصل عظيم.
وقد رأيتُ مَن يذهب إلى أنَّ الاجتماعات السرية في هذا الزمن عمل صحيح، احتجاجاً بأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بدأ بالدعوة في مكة سراً.
وهذا الاحتجاج مبني على أنَّ المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع جاهلي، أي: كافر.
وهذا مفسد فاسد، جميع علماء المسلمين على إنكاره؛ إذ لا يُسَلِّم العقلاء فضلاً عن العلاماء أنَّ مجتمعنا مجتمع جاهلي كالجاهلية الأولى، بل نحن -بحمد الله- في الإسلام؛ الأذان معلن، والصلاة مقامة، والشعائر ظاهرة، فأين نحن من الجاهليين الأوائل من كفار العرب وغيرهم؟! {سبحانك هذا بهتان عظيم}، ولا يخلو بشر من خطأ، فكل بني آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون.
فلا يقول أحد: إننا في مرحلة الدعوة السرية، إلا وهو منطوٍ على تكفير المسلمين بغير حق، مليء القلب غيظاً على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقد أمر الله تعالى نبيه محمداً بالصدع بالدعوة في قوله تعالى: {فاصدع بما تُؤمر وأعرض عن المشركين}، أي: أعلن بما تُؤمر، فمنذ أن نزل هذا الأمر الكريم إلى يومنا هذا وبلاد المسلمين ليست بحاجة إلى الدعوة السرية، بل هي إثم مبين، وافتراء على الدين.
[مقتبس من كتاب: "الأمر بلزوم جماعة المسلمين والتحذير من مفارقتها" للشيخ عبدالسلام بن برجس العبدالكريم (ص54-57)] )) .

نقلها إليكم أخوكم:
بلال يونسي السكيكدي السلفي

رد مع اقتباس