[أبو همام عبد القادر حري]

بسم الله الرحمن الرحيم

حديثُ عرقِ الخَيل موضوعٌ مكذوبٌ
وضعتهُ الجهميَّة وصيَّروه مسبَّة على السَّلفيَّة

الحمد لله الذي هدانا إلى الإعتصام بالكتاب والسنَّة وإِلى اتِّباع هدي سلف الأمَّة , وأضلَّ آخرين, له الحمد في الأولى والآخرة وله المنَّة والفضل لا اله إلا هو , نسأله الثبات على الحق المبين .وبعد:

- نسب البوروبي في مسودتَّه جذور البلاء ص162: الأهوازي لأهل السنَّة السَّلفيين , وشنَّع عليهم بما جاء في كتابه "البيان في شرح عقود أهل الإيمان"ومن ذلك حديث عرق الخيل.
فأستعنت بالله في كشفِ تلبيسِهِ وبيانِ ضلاله وتضليلِه:

حديثُ عرق الخيل:حديثٌ مكذوبٌ موضوعٌ باتِّفاقِ أهلِ العِلْم :

حديثُ عرق الخيْل الذي كذَبه بعض النَّاس على أصحابِ حمَّاد بن سلمة، وقالوا: إنه كذبه بعضُ أهل البدع، اتَّهموا بوضعه محمَّد بنُ شجاع الثَّلجي، وقالوا: إنَّه وضعه ورمَى به بعض أهلِ الحديث، ليقال عنهم إنَّهم يروُون مثل هذا، وهو الذي يقال في مَتْنِه: إنَّه خلق خيلاً فأجْراها، فعرقَت، فخلق نفسه من ذلك العرق تعالى الله عن فريةِ المفترين وإلحاد المُلْحدينَ، وكذلك حديث نُزوله عشيَّة عرفة إلى الموقف على جمل أوْرق، ومصافحتُه للرُّكبانِ، ومعانقتُه للمشاة، وأمثال ذلك: هي أحاديث مكذوبةٌ موضوعةٌ باتِّفاق أهل العلم، فلا يجوز لأحد أن يدخل هذا وأمثاله في الأدلَّة الشرعيَّة.
[درء تعارض العقل والنقل 1/149]

- هَذَا حَدِيثٌ لَا يُشَكُّ فِي وَضْعِهِ، وَمَا وَضَعَ مِثْلَ هَذَا مُسْلِمٌ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَرَكِّ الْمَوْضُوعَاتِ وَأَدْبَرهَا، إِذْ هُوَ مُسْتحِيلٌ لأَنَّ الْخَالِقَ لَا يَخْلقُ نَفْسَهُ.
(الموضوعات لابن الجوزي ت : عبد الرحمن محمد عثمان [1/105]الناشر محمد عبد المحسن صاحب المكتبة السلفية بالمدينة النبوية) .وقد وَهِم المحقِّق فسمَّى بن شجاع الثَّلجي بابن شجاع البلخيّ .مع أنَّ الأول محمّد والثاني الحسن وكلاهما بن شجاع .
والحسن بن شجاع البلخي من أقران البخاري وروى عنه في صحيحه ,وقد وقفت على حديثين رواهُما عنه:

- الحديث الأوَّل:في كتاب المغازي ,رقم(4243) – قال رحمه الله:حَدَّثَنَا الحَسَنُ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ».

- الحديث الثاني في كتاب التفسير رقم(4813) - قال رحمه اللّه :حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنِّي أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِالْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِي، أَكَذَلِكَ كَانَ أَمْ بَعْدَ النَّفْخَةِ».

- جزم أبو حاتم سهل بن السري الحافظ فيما نقله الكلاباذي بأن الحسن هو بن شجاع البلخي الحافظ. [إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 7/322]
وكذا الحاكم كما ذكره العيني في عمدة القاري . وابن عبد البر ,ذكره صاحب المعلم بشيوخ البخاري ومسلم .

حديث عرق الخيل وضعته الزَّنادقة والملاحدة على أهل السنَّة :
واضعه محمّد بن شجاع الجهميّ الوضَّاع الكذَّاب:

كتاب [الردّ على المبتدعة لأبي علي الحسن بن البنا الحنبلي تحقيق :عبد المنعم عبد الغفور حيدر الجامعة الإسلامية ]

ذكر فيه ص186 بابا بعنوان :باب ما وضعته الزنادقة والملاحدة على أهل السنة وأصحاب الحديث .

ص188:قال أبو محمّد عبدُ الله بنُ مسلم بنُ قتيبة ,وَضعوا عليهم أحاديثَ لا أصل لها منها حديثُ عرق الخيل ,وزغبِ الصَّدر ونور الذراعين ,وعيادة الملائكة ....

ص221:وما وضع مثل هذه الأحاديث إلا زنديق ملحدٌ يستهزئ بها ويشنِّع بها على أصحاب الحديثِ وأهل السنَّة مثل ما وضع (خلق نفسه من عرق الخيل )ونحو ذلك مما يجلّ الله تعالى عن صفته به.

قال المحقِّق:حديث عرق الخيل ,أخرجه:
- بن عدي في الكامل(6/293)
- البيهقي في الأسماء والصفات (2/229)وقال موضوع
- وابن الجوزي في الموضوعات وقال" هَذَا حَدِيثٌ لَا يُشَكُّ فِي وَضْعِهِ، وَمَا وَضَعَ مِثْلَ هَذَا مُسْلِمٌ ولا عاقل.
- والسيوطي في [اللآلئ المصنوعة(10/3)]
- وبن العراقي في [تنزيه الشريعة(1/134)] وقال : والمتَّهم به بن الثلجي أي محمَّد بن شجاع الجهميّ الوضَّاع الكذَّاب فلعنة الله على واضعه.
وبن الثّلجي كان جهميًّا يقول بخلق القرآن ...كان يضع أحاديثَ في التَّشبيه ينسبها إلى أصحاب الحديث يسبُّهم بها .
- (الموضوعات لابن الجوزي [1/105])

حديث عرقِ الخيلِ وضعته الجهميَّة وفرحَت به المشبِّهة وأقرَّته السَّالمية :

ـ قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الأهوازي في لسان الميزان: "وقال ابن عساكر: جمع كتاباً سمَّاه: (شرح البيان في عقود أهل الإيمان) ، أودعه أحاديث منكرة، كحديث (إنَّ الله لَمَّا أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل فأجراها حتى عرقت، ثمَّ خلق نفسه من ذلك العرق) ، وغير ذلك مِمَّا لا يجوز أن يُروى ولا يحلُّ أن يُعتقد، وكان مذهبُه مذهبَ السالميَّة، يقول بالظاهر ويتمسَّك بالأحاديث الضعيفة لتقوية مذهبه، وحديث إجراء الخيل موضوع، وضعه بعضُ الزنادقة ليشنِّع به على أصحاب الحديث في روايتهم المستحيل، فحمله بعضُ مَن لا عقل له ورواه، وهو مِمَّا يُقطع ببطلانه شرعاً وعقلاً".

وابن تيمية في كتابه منهاج السنَّة (5/261) ذكر أنَّ الأهوازي من السَّالمية وأنَّه صنَّف كتاباً في مثالب الأشعري، وأنَّ ابن عساكر ألَّف في الردِّ عليه، وذكر مثالبَ السالميَّة.

وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (16/23) : "وهذا يقوله (يعني عدم قبول توبة الداعي إلى البدعة) طائفةٌ مِمَّن ينتسب إلى السنَّة والحديث وليسوا من العلماء بذلك، كأبي علي الأهوازي وأمثاله، مِمَّن لا يُميِّزون بين الأحاديث الصحيحة والموضوعة، وما يُحتجُّ به وما لا يُحتجُّ به، بل يروون كلَّ ما في الباب مُحتجِّين به".
من كتاب [الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي لعبد المحسن العباد البدر ص112.]

قول شيخ الإسلام أنَّ الأهوازي ينتسب إلى السُنَّة والحديث , ولم يقل أنّه من أهل السنَّة والفرقُ واضحٌ بين من انتسب إلى أهل السنَّة ومن انتمى إليهم, لا سيما وقد بيَّن أنه من السّالميَّة (طائفة من المشبِّهة)، لا يُميِّز بين الأحاديث الصَّحيحة والموضوعة وما يُحتجُّ به وما لا يُحتجُّ به .

وما أشبهَ الليلة بالبارحة، فالبوروبي نفسه هو على طريقة الجهميَّة متبع للصُّوفية أو بالأحرى القبورية ، مع أنَّه ينتسبُ إلى أهل السنَّة، فليس كلُّ من انتسب إلى أهل السنَّة كان سُنيًّا ولا كلّ من انتسب إلى الإسلام كان إسلامه مرضيًّا .

- حديث" خلق الله الملائكة من نور الذراعين والصدر ".
[الدارمي في الرد على الجهمية 91]
[أبو الشيخ الاصبهاني في العظمة (2/733)]
[الهيثمي في مجمع الزوائد] و[البيهقي في الأسماء والصفات (2/178)]
وبين أنَّه موقوف ومنقطع ويحتمل انَّه من الإسرائيليات.
- قال الألباني: فهذا كله من الإسرائيليات التي لا يجوز الأخذ بها، لأنها لم ترد عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. [سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/820)].

ولا يسعنا إلا أن نقول لهذا البوروبي "ليس هذا بعشِّك فادرجي".

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
كتبه أبو همام عبد القادر حري 21شوال 1438