عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 07 Apr 2020, 03:07 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 364
افتراضي





إنّ الذين يتّفقون على مبدأ الحقّ الذي عليه سلفنا الصّالح، قدوتهم فيه نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، يجمعهم ذلك الحق، ويعملون لأجل ترسيخه في قلوب مَن هم حولهم، وإن تفرّقوا، فبـخروج أحدهم عن ذلك المبدأ وانحرافه عنه، يتّخذ إلهه هواه، يحلّل به ويحرّم، ويسلك به طريقا غير طريق المؤمنين، المتّبعين لطريق نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذين ذكرهم الله سبحانه في كتابه الكريم بقوله: "وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا"

والشّقاق هذا، الّذي ذمّه الله عزوجل، لايعني سوى تمرّد صاحبه وعصيانه وخروجه عن جماعة المسلمين، بعدما بلغه الحقّ والهدى وبُيِّنَ له طريق الله المستقيم.

قال الشيخ السعدي في تفسير الآية: "وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا 115"(النساء).

{ أي: ومَن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم ويعانده فيما جاء به (مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى) بالدلائل القرآنية والبراهين النبوية. (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) وسبيلهم هو طريقهم في عقائدهم وأعمالهم (نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى) أي: نتركه وما اختاره لنفسه، ونخذله فلا نوفّقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلاً أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله. كما قال تعالى: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) وقال تعالى: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) ويدلّ مفهومها على أنّ مَن لم يشاقق الرسول، ويتّبع سبيل المؤمنين، بأن كان قصده وجه الله واتّباع رسوله ولزوم جماعة المسلمين، ثم صدر منه من الذنوب أو الهّم بها ما هو من مقتضيات النفوس، وغلبات الطباع، فإنّ الله لا يوليه نفسه وشيطانه بل يتداركه بلطفه، ويمنّ عليه بحفظه ويعصمه من السوء، كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) أي: بسبب إخلاصه صرفنا عنه السّوء، وكذلك كلّ مخلص، كما يدلّ عليه عموم التّعليل.
وقوله: (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) أي: نعذبه فيها عذابا عظيما. (وَسَاءَتْ مَصِيرًا) أي: مرجعًا له ومآلا.
وهذا الوعيد المرتّب على الشِّقَاق ومخالفة المؤمنين مراتب لا يحصيها إلاّ الله بحسب حالة الذنب صغرا وكبرا، فمنه ما يخلد في النار ويوجب جميع الخذلان. ومنه ما هو دون ذلك، فلعل الآية الثانية كالتفصيل لهذا المطلق.}.انتهـ.

وما قاله الإمام ابن كثير رحمه الله، يوضّح ما قاله الشيخ السعدي رحمه الله، في أبسط تفسير للآية: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) :

{ وقوله : (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ) أي : ومَن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فصار في شقّ والشرع في شقّ، وذلك عن عمد منه بعدما ظهر له الحق وتبيّن له واتّضح له. وقوله: (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع، وقد تكون لما أجمعت عليه الأمة المحمدية، فيما علم اتّفاقهم عليه تحقيقا، فإنّه قد ضمنت لهم العصمة، في اجتماعهم، من الخطأ، تشريفا لهم وتعظيما لنبيّهم [ صلى الله عليه وسلم ] . وقد وردت في ذلك أحاديث صحيحة كثيرة ، قد ذكرنا منها طرفا صالحا في كتاب " أحاديث الأصول " ، ومن العلماء من ادعى تواتر معناها ، والذي عول عليه الشافعي ، رحمه الله ، في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته هذه الآية الكريمة، بعد التروي والفكر الطويل. وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك واستبعد الدلالة منها على ذلك .
ولهذا توعّد تعالى على ذلك بقوله: (نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) أي : إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك، بأن نحسنها في صدره ونزيّنها له - استدراجا له - كما قال تعالى: (فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ) [ القلم : 44 ] . وقال تعالى : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) [ الصف : 5 ] . وقوله (ونذرهم في طغيانهم يعمهون) [ الأنعام : 110 ] .
وجعل النار مصيره في الآخرة ، لأنّ مَن خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلاّ إلى النار يوم القيامة، كما قال تعالى: (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم [ وما كانوا يعبدون . من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ] ) [ الصافات : 22 ، 23 ] . وقال : ( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ) [ الكهف : 53 ] .} انتهـ.


ولقد نبّهنا النبي صلى الله عليه وسلم وحذّرنا من شرور تمرّ عليها الأُمّة في حديث حذيفة بن اليمان. تؤكّد أنّه سيحدث افتراق واختلاف بعد ما كانت الأمّة في اتّقاف وجماعة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، يقودها خير الأنام نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم ومَن تابعه من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، في القرون الخيرية الثلاثة.

والحديث هكذا:

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ( كان الناس يسألون رسول االله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشرّ مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول االله ، إنّا كنّا في جاهلية وشرّ ، فجاءنا االله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير شرّ ؟ قال : " نعم " . فقلت : هل بعد ذلك الشرّ من خير ؟ قال " نعم ، وفيه دخن " . قلت : وما دخنه ؟ قال : " قوم يستنّون بغير سُنّتي ، ويهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر " . فقلت : هل بعد ذلك الخير من شرّ ؟ قال : " نعم ، دعاة على أبواب جهنّم ، مَن أجابهم إليها قذفوه فيها " . فقلت : يا رسول االله ، صفهم لنا. قال : " نعم ، قوم من جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا " . قلت : يا رسول االله ، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال : " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " فقلت : فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق ، ولو أن تعضّ على أصل شجرة حتى يدركك الموت ، وأنت على ذلك )

=============

وأقول بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فاعتزل تلك الفرق، ولو أن تعضّ على أصل شجرة حتى يدركك الموت ، وأنت على ذلك".
فـالأمر بالاعتزال معناه الابتعاد بعدًا لايجتمع فيه مع أحد من هؤلاء الفرق، وقد وصف الأمر بأدقّ معنى يفهمه الجاهل والصغير والبليد، حين قال صلى الله عليه وسلم:"ولو أن تعضّ على أصل شجرة حتى يدركك الموت ، وأنت على ذلك"، فـالعضّ على أصل الشجرة أصعب ما يكون في التّمسّك بالأمر، وقد وقّت صلى الله عليه وسلم العضّ إلى أن يدركه الموت، ولا يترك ذلك العضّ، الذي يعني: الحثّ والحضّ على التّمسّك بالأصل وهو السُنَّة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يتوفّاه الله وهو على طريق مستقيم.

فهذا الحديث صحيح، ويمكن وحده أن يقوّي حديث الإفتراق الذي أزعج أهل البدع والضلالات، الّذين اصطفّوا وراء الطائفة المنصورة في الدنيا، الناجية من النار يوم القيامة، ينتظرون جزاء مثل مَن كابد العناء في المسير على خطى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم أجمعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.

و أزيدكم على هذا الحديث أحاديث أخرى تميّز الفرقة الناجية في الإسلام عن غيرها من الفرق الضّالة في هذا المقال بعنوان:


الجماعة موجودة إلى قيام الساعة


من مجلة البحوث الإسلاميّة بالمملكة العربية السعودية.

الجماعة التي جاء الأمر بلزومها موجودة على مدار الزمن إلى قيام الساعة ، فظاهر تلك الأحاديث التي اشتملت على الأمر بلزومها دال على وجودها، إذ لا معنى للأمر بلزوم بشيء لا وجود له، نعم قد يشكل عليه ما جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه فقد جاء فيه ما نصه : قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال : " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : " تعتزل تلك الفرق كلها ... " .

فحذيفة رضي الله عنه افترض عدم وجود الجماعة ، ولم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه ذلك ، وهذا قد يفهم منه خلو بعض الأزمنة من الجماعة .

لكن يُجاب عن هذا الإشكال بأنّ افتراض حذيفة رضي الله عنه عدم وجود الجماعة ، قد يفهم منه خُلوّ بعض الأزمنة من الجماعة ، وقد يفهم منه خُلوّ بعض البلاد منها أيضا ، والمعنى الثاني هو الأقرب، لأنّ حذيفة قال ذلك حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة، فمراده عدم وجود الجماعة التي يمكن لزومها، وهذا لا ينافي وجود جماعة في بلد آخر يتعذر لزومها، بل ربّما تعذّر العلم بها لتباعد ما بين البلدين، ويرجح هذا المعنى، بل يجعله متعينا ما جاء في أحاديث الطائفة المنصورة من التصريح بـبقاء الطائفة إلى قيام الساعة ، ففي " صحيح مسلم " من حديث ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك .

وفي " صحيح مسلم ) أيضا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين ، حتى تقوم الساعة .

وفي " سنن الترمذي وابن ماجه " من حديث قرة بن إياس رضي الله عنه : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تزال طائفة من أمتي منصورين ، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة ... " .

فهذه الأحاديث وغيرها قد اشتملت على التصريح ببقاء الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة ، والطائفة المنصورة هي الجماعة دل على ذلك أمور ثلاثة :

-أحدها : ما جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه فقد جاء فيه ما نصه : قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك .

فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر حذيفة باعتزال كل ما عدا الجماعة ، والطائفة المنصورة إن لم تكن هي الجماعة التي أمر صلى الله عليه وسلم حذيفة بلزومها ، فإنّها تكون داخلة فيما أمره باعتزاله ، وهذا محال، ولهذا يتعيّن القول بأنّ الطائفة المنصورة هي الجماعة التي أمر حذيفة بلزومها ، ويؤكد ذلك اتحادهما في الصفة ، فالجماعة المذكورة في حديث حذيفة هي التي اجتمعت على طاعة أمر كما ذكر الإمام الطبري وغيره ، والطائفة المنصورة جاء في صفتها أنّهم ظاهرون على الحق وأنّهم يقاتلون على الحق ، ولا بدّ للظهور على الحق وللقتال في سبيل الله من جماعة وإمارة .

-الأمر الثاني : اتّفاق الطائفة المنصورة والجماعة في التعريف ، فقد فسّر كبار علماء السلف الطائفة المنصورة بـ: أهل الحديث وأهل العلم ، فقد روى الخطيب البغدادي رحمه الله بسنده عن الإمام عبد الله بن المبارك والإمام أحمد بن حنبل والإمام علي المديني والإمام محمد بن إسماعيل البخاري وغيرهم- رحمهم الله جميعا- أنّهم فسّروا الطائفة المنصورة بأهل الحديث .

وروى الخطيب بسنده عن الحافظ أحمد بن سنان - رحمه الله- أنّه فسّرها بأهل العلم وأصحاب الآثار .

وجاء تفسيرها عن الإمام البخاري أيضا بأهل العلم .

وما فسّرت به الطائفة المنصورة قد فسّرت به الجماعة ، يقول الإمام الترمذي رحمه الله : " وتفسير الجماعة عند أهل العلم هم أهل الفقه والعلم والحديث " .

-الأمر الثالث : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه فسّر الفرقة الناجية بالجماعة ؛ ففي " سنن أبي داود " و"المسند" و"المستدرك" وغيرها من حديث معاوية ، عن أبي سفيان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : "وإنّ هذه الأمّة ستفرق على ثلاث وسبعين ملة- يعني الأهواء- كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة" . وهو حديث صحيح .

وفي " سنن ابن ماجه " من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : والّذي نفس محمد بيده لتفترقن أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار " . قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : " الجماعة . وهو حديث حسن .

والجماعة في هذين الحديثين هي الجماعة المذكورة في الأحاديث التي سبق ذكرها كما تقدّمت حكاية ذلك عن الشاطبي في مبحث "معنى الجماعة" .

وإذا تقرّر أنّ الفرقة الناجية هي الجماعة ، فالفرقة الناجية هي الطائفة المنصورة عند أهل العلم :

قال ابن رجب رحمه الله : " وأمّا فتنة الشبهات والأهواء المضلّة فسببها تفرّق أهل القبلة ، وصاروا شيعا ، وكفر بعضهم بعضا، وأصبحوا أعداء وفرقا وأضرابا بعد أن كانوا قلوبهم على قلب رجل واحد، فلم ينج من هذه الفرق كلّها إلاّ الفرقة الواحدة الناجية وهم المذكورون في قوله صلى الله عليه وسلم : لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين لا يضرّهم مَن خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ... " .

وتكلم العلامة الصنعاني عن تعيين الفرقة الناجية ثم قال : "وهم المرادون بحديث لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق لا يضرّهم من خالفهم ولا مَن خذلهم حتى يأتي أمر الله .... " . وللشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله كتاب في عقيدة أهل السنة والجماعة سمّاه : "أعلام السُنّة المنشورة في اعتقاد الطائفة الناجية المنصورة" .

فعنوان الكتاب يدلّ على اتّحادهما عنده، حيث جعل صفتي النجاة والنصرة لطائفة واحدة ، ثم قال : في الكتاب المذكور : " سؤال : مَن هي الطائفة التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ؟ " .

ثم قال : " جواب : هذه الطائفة هي الفرقة الناجية من الثلاث وسبعين فرقة التي استثناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : كلّها في النار إلاّ واحدة وهي الجماعة .. " .

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن افتراق أمّة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، فأجاب بقوله : " أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه أن اليهود افترقوا على إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، وهذه الفرق كلّها في النار إلاّ واحدة وهي مَن كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهذه الفرقة الناجية التي نجت في الدنيا من البدع وتنجو في الآخرة من النار ، هي الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة التي لا تزال ظاهرة قائمة بأمر الله عز وجل " .

رأينا من خلال ما سبق أنّ النصوص صريحة في بقاء الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة ، وأنّ الطائفة المنصورة هي الجماعة ، وعليه: فالجماعة التي أمرنا بلزومها موجودة على مدار الزمان ، فيجب البحث عنها، والحرص على لزومها، فلزومها واجب ، والآثار المترتبة على لزومها عظيمة ، وسيأتي بيان ذلك في المباحث التالية، إن شاء الله تعالى .

========================================
مجلة البحوث الإسلامية

تصفح برقم المجلد > العدد السادس والسبعون - الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1426هـ > الأبحاث > الأحاديث الواردة في لزوم الجماعة دراسة حديثية فقهية > الفصل الثاني فقه الأحاديث الواردة في الحث على لزوم الجماعة وفيه ستة مباحث > المبحث الثاني الجماعة موجودة إلى قيام الساعة


وللحديث بقية إن شاء الله ترقّبوها عن قريب العاجل.



الصور المرفقة
نوع الملف: png أهل السنة غرباء.png‏ (331.7 كيلوبايت, المشاهدات 5966)
نوع الملف: png الغرباء والطائفة المنصورة.png‏ (514.4 كيلوبايت, المشاهدات 7601)
رد مع اقتباس