عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 06 Mar 2020, 12:44 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





وقفة نافعة ومفيدة على آية من آيات الله بتفسير من التّفسيرات الرّشيدة،
لشيخنا الجليل عبدالرحمن السعدي رحمه الله.

قال الله تعالى: "وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)"

ويفسّرها العلاّمة الشيخ السعدي رحمه الله بأوجز مقال، وأنفعه، في عِبرة يقف عليها القارىء، يتدبّر فيها أحواله، ويتفكّر في كيف يصيّر ما يتحصّل عليه من قراءة للقرآن وعلومه، إلى أعمال يتقرّب بها إلى مَن وفّقه إلى كلّ خير ينال به رضاه والجنّة. أسأل الله أن نكون منهم!!

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية: "وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)"

{ وستعود الأرض صعيدا جرزا، قد ذهبت لذّاتها، وانقطعت أنهارها، واندرست أثارها، وزال نعيمها، هذه حقيقة الدنيا، قد جلاّها الله لنا كأنّها رأي عين، وحذّرنا من الاغترار بها، ورغّبنا في دار يدوم نعيمها، ويسعد مقيمها، كلّ ذلك رحمة بنا، فاغترّ بزخرف الدّنيا وزينتها، مَن نظر إلى ظاهر الدنيا، دون باطنها، فصحبوا الدنيا صحبة البهائم، وتمتّعوا بها تمتّع السوائم، لا ينظرون في حقّ ربّهم، ولا يهتمّون لمعرفته، بل همّهم تناول الشهوات، من أيّ وجه حصلت، وعلى أيّ حالة اتفقت، فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت، قلق لخراب ذاته، وفوات لذّاته، لا لما قدّمت يداه من التّفريط والسيّئات.

وأمّا مَن نظر إلى باطن الدنيا، وعلم المقصود منها ومنه، فإنّه يتناول منها ما يستعين به على ما خُلِق له، وانتهز الفرصة في عمره الشريف، فجعل الدنيا منزل عبور، لا محلّ حبور، وشقّة سفر، لا منزل إقامة، فبذل جهده في معرفة ربّه، وتنفيذ أوامره، وإحسان العمل، فهذا بـأحسن المنازل عند الله، وهو حقيق منه بكل كرامة ونعيم، وسرور وتكريم، فنظر إلى باطن الدنيا، حين نظر المغترّ إلى ظاهرها، وعمل لآخرته، حين عمل البطّال لدنياه، فشتّان ما بين الفريقين، وما أبعد الفرق بين الطائفتين"} انتهـ.



وفسّر الامام ابن كثير رحمه الله الآية: "وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)"

{ ثم أخبر تعالى بـزوالها وفنائها، وفراغها وانقضائها، وذهابها وخرابها، فقال: (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا) أي : وإنّا لمصيّروها بعد الزّينة إلى الخراب والدّمار، فنجعل كلّ شيء عليها هالكا (صعيدا جرزا) : لا ينبت ولا ينتفع به، كما قال العوفي، عن ابن عباس في قوله تعالى (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا) يقول : يهلك كل شيء عليها ويبيد. وقال مجاهد: (صعيدا جرزا) بلقعا.

وقال قتادة: الصعيد: الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات .

وقال ابن زيد: الصعيد: الأرض التي ليس فيها شيء، ألا ترى إلى قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ ۖ أَفَلَا يُبْصِرُونَ) [ السجدة : 27 ].

وقال محمد بن إسحاق: (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا) يعني الأرض، إن ما عليها لفان وبائد، وإنّ المرجع لإلى الله فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى.} انتهـ.





الصور المرفقة
نوع الملف: png إِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا.png‏ (436.2 كيلوبايت, المشاهدات 2447)
نوع الملف: png وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا.png‏ (237.2 كيلوبايت, المشاهدات 3268)
نوع الملف: png نظرت إلى الخلق.png‏ (1.20 ميجابايت, المشاهدات 2492)
رد مع اقتباس