عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 11 Sep 2012, 04:09 PM
أم عبد الرحمن العاصمية أم عبد الرحمن العاصمية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 156
افتراضي

باب سخاوة النفس

مناسبة الترجمة مع الكتاب واضحة لأنها من أخص الخصال الطيبة و هي جود النفس و كرمها، فسخاوة النفس من أفضل المكارم
و ليس المقصود بالسخاء بالمال بل يتعلق بكل شيء من الخير يمكن للمسلم أن يوصله لغيره ، ما كان من السخاوة في باب العلم أو إعانة الغير على ما ينفعهم و ما كان في باب الأخلاق الفاضلة التي يكون فيها الخير العظيم و ما تعلق بالعفو عنهم و الصفح عن أخطائهم و زلاتهم.
- في هذه الترجمة إشارة من البخاري- رحمه الله- أن مثل هذه الأمور هي مكتسبة يجتهد فيها المسلم و كلما كان صادقا في أمره جازما فإن الله يزكي هذه النفس لأن سخاوة النفس من تزكيتها.
نسمع من بعض الناس أنه يتصرف تصرفا مخالفا للشرع ثم إذا نُبه قال أن ذلك طبعه كأنه رفع عنه القلم، فيُقال فيه: عذر أقبح من ذنب.
كما قال أهل العلم: إذا كانت الوحوش و الحيوانات المفترسة تُروض كيف لا يُروض الإنسان أو المؤمن.
فلابد من ترويض النفوس بتمرينها على الفضائل.
قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم-:" و من يتحرَّ الخير يُعطه و من يتوقَّ الشر يوقه"



276- حدثنا يحيى بن بُكير قال: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح،عن أبي هريرة، عن النبي-صلى الله عليه و سلم- قال:" ليس الغنى عن كثرة العَرض إنما الغنى غنى النفس"

الفقر ليس نقيصة و عيبا فالنبي –صلى الله عليه و سلم - كان من الأنبياء الفقراء، و كان يدعو الله أن يكون من المساكين و أن يحشر مع المساكين.
من خصاله –صلى الله عليه و سلم- و أكرمها الإيثار و البذل و كان أيضا في بعض أصحابه و ليس فيه تعارض
قال الله تعالى:" فوجدك عائلا فأغنى" أكرمه الله تعالى بزواجه بأمنا خديجة- رضي الله عنها- و بعد ذلك أصابته فاقة و توفي- صلى الله عليه و سلم- و درعه مرهونة عن اليهودي على حفنات من شعير.


قوله:" الغنى"الذي وُسع له في رزقه، ذو المال الكثير و المتاع و الذي لا يحتاج لغيره أي استغنى عن الناس بما عنده من كثرة عرضه
النبي - صلى الله عليه و سلم- بيَّن لنا حقيقة الغنى في قوله:" ليس الغنى" كما في قوله:" ليس الشديد بالصرعة"
الغني حقيقة ليس الذي عنده متاع كثير


قوله:" العرض"ما كان من المال غير النقد كما قال ابن فارس - رحمه الله - في المعجم. ما يملكه الإنسان من الزرع و المواشي و الآلات من غير المال.
الغني الذي اعتاد الناس المعروف بهذا الوصف أي الذي كان كثير العرض.

قوله:" لكن الغنى غنى النفس " فيه إشارة إلى خصلة من الخصال الطيبة و هي القناعة و الرضا بما قسم الله تعالى لعبده ، قسم بين عباده أرزاقهم فجعل منهم الغني و الفقير، فالعبرة ليست في غنى العبد و لكن في تقواه، قال الله تعالى:" إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
الذي رزق التقوى هو الأكرم، كذلك في باب الغنى، الذي كان غنيا في نفسه قانعا بما آتاه الله فيجعل الإنسان يترفع عن سؤال غيره لأنه غني النفس فنفسه تأبى عليه أن تتذلل لأي مخلوق.
النبي –صلى الله عليه و سلم- يربي أمته على التخلي عن الجشع فقال:" من أصبح آمنا في سربه، معافا في بدنه، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها" ، من حاز الدنيا أليس هو أغنى الناس ، قوت يومه لا يتعدى أنه ملك غذاءه و عشاءه، وجد ما يأكل في يومه و لا ينظر في غيره و لا في غده.
هذه تربية متعلقة بالقناعة لأن من اتصف بها يصل لأن يكون سخي النفس.
غني النفس لا يكون حريص على الاستزادة فيما عنده و لا يجعل فكره و همه لا يتعدى دنياه.
و قد ذم نبينا – صلى الله عليه و سلم- من كان هذا همه و مدح من كان همه الآخرة فقال:" أتته الدنيا و هي راغمة" فهي ليست مُخضعة بل خاضعة.و الله – عز و جل – ما أمرنا أن نعظمها بل أن نحتقرها، و ما سميت دنيا إلا لدناءتها و حقارتها.
قال صلى الله عليه و سلم:" لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء"
يؤيد هذا حديث أبي ذر رُوي بسند صحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"يا أبا ذر ! أترى كثرة المال هو الغنى ؟ . قلت : نعم يا رسول الله ! قال : أفترى قلة المال هو الفقر ؟ قلت : نعم يا رسول الله ! قال : إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب"



الفــــــــــــــــــــــــــــــوائــــــــــــــ ـــــــــــــــــــد:


1- بيان حقيقة الغنى عند الله تعالى


2- بيان أن من الناس كان كثير العرض إلا أنه كثير الفقر لأنه حَرُمَ القناعة، إذا رآه الناس ظنوا أنه من الأغنياء و لكنه من الفقراء لأنه مهما أوتي طلب المزيد و يحرص على ذلك و يخاصم على ذلك


3- بيان فضل القناعة و أنها من أكرم الخصال عند الله تبارك و تعالى


4- أن غنى النفس يبعث على تحصيل المكارم كلها


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(276) صحيح : البخاري في الرقاق (6446) ، و مسلم في الزكاة (1051/120)


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الرحمن العاصمية ; 15 Sep 2012 الساعة 07:14 PM
رد مع اقتباس