عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04 Jun 2017, 08:38 PM
أبو ياسر أحمد بليل أبو ياسر أحمد بليل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
الدولة: ولاية سعيدة - الجزائر
المشاركات: 405
افتراضي دفــــــع وحشـــة الغربـة عن أهل السنـــة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد أشرف الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه الأتقياء الأطهار ومن إقتفى أثرهم إلى يوم الدين ثم أما بعد :
يعلم كل مسلم حصيف متصفٍ بالبصيرة أن السُّنّة هي المنبع الأصيل وأن حملتها هم أهل السنة والجماعة لأنهم أهل الحق من أهل العلم والإيمان ، هم الغرباء في كل زمان ومكان لأنهم قد تميزوا عن سائر الطوائف والفرق بالغربة في حمل الحق ، فهم أهل إتباعٍ وإقتداء ، وأهل علمٍ واستدلال ، وأهل نصرة وإيمان ، هم الهداة الأدلاء ، هم أعلم الخلق وأنفعهم وأرحمهم وأنصحهم لهم ، بهم يعرف الخير من الشر .
فالقوم ما اعتزُّوا إلاّ بالسُّنّة والأخذ بها فأعزّهم الله جلّ وعلا ونصرهم وأظهرهم على كلّ من خالفهم، وبقيَت أقوالهم المأثورة وأفعالهم الجميلة في الكُتب مزبورة يُقتدى بهم فيها إلى أن يَرِث الله الأرض ومن عليها.
في حين تنشأ غربتهم وتزداد وحشتهم عند تمسكهم بسنة نبيهم صلى الله علي وسلم ، ولا يبالون بقلة عددهم ولا بكثرة مخالفيهم ،يجتهدون في إدراك علو الهمة لحمل الحق ، وإحياء السنن وتعليم الأحكام ، يشتغلون بالإصلاح أنفسهم وإصلاح غيرهم مما أفسده الناس ، لأنهم يعلمون أنهم هم البقية الباقية من أتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام .
ويشهد لهذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ" رواه مسلم وبن ماجة وأحمد
ويقول الحافظ أبو الفرج بن رجب الحنبلي رحمه الله معلقا على هذا الحديث في كتابه الماتع النافع المفيد كشف الكربة في وصف أهل الغربة قال رحمه الله : ( قال الأوزاعي في قوله صلى الله عليه وسلم : " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ "أما إنه ما يذهب الإسلام ولكن يذهب أهل السنة حتى ما يبقى في البلد منهم إلا رجل واحد.
قلت أي – بن رجب رحمه الله - ولهذا المعنى يوجد في كلام السلف كثيرا مدح السنة ووصفها بالغربة ووصف أهلها بالقلة، فكان الحسن رحمه الله يقول لأصحابه : يا أهل السنة ! ترفقوا رحمكم الله فإنكم من أقل الناس
وقال يونس بن عبيد : ليس شيء أغرب من السنة وأغرب منها من يعرفها
وروي عنه أنه قال : أصبح من إذا عرف السنة فعرفها غريبا وأغرب منه من يعرفها
وعن سفيان الثوري قال :استوصوا بأهل السنة فإنهم غرباء
ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة :طريقة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان عليها هو وأصحابه السالمة من الشبهات والشهوات )
انتهى من كشف الكربة في وصف أهل الغربة

ويقول فضيلة الشيخ عبدالله البخاري حفظه الله :
" المتمسكون بالسنة في هذا الزمن أغرب الناس وغربتهم تأتي من ثلاث طوائف :
الطائفة الإولى : هم أهل الكفر بكل مللهم واختلاف نحلهم .
الجانب الثاني : أهل •هواء من أمة الإسلام التي وقع فيها الافتراق .
الجانب الثالث : من زعم أنه من أهل السنة وذهب يحارب السنة وأهلها وهذا أشد الأنواع الثلاثة ضرارا وأعضمهم خطرا .!".
(من اللقاءات السلفية المدنية - اللقاء الثاني)

كما ان احبتي للغربة وحشة ومرارة وضيق ومشقة، فلا يحتملها إلا من ذاق حلاوة العلم والإيمان وطعم الصدق والإخلاص ولذة الإتباع والإنقياد .

قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله : " إياك أن تستوحش من الاغتراب والتفرد، فإنه والله عين العزة والصحبة مع الله ورسوله، وروح الأنس به، والرضى به ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا.بل الصادق كلما وجد مس الاغتراب، وذاق حلاوته، وتنَسَّم روحه قال: اللهم زدني اغتراباً ووحشةً من العالم، وأنسا بك. وكلما ذاق حلاوة هذا الاغتراب، وهذا التفرد: رأى الوحشة عين الأنس بالناس، والذل عين العز بهم، والجهل عين الوقوف مع آرائهم وزبالة أذهانهم، والانقطاع: عين التقيد برسومهم وأوضاعهم. فلم يؤثر بنصيبه من الله أحداً من الخلق، ولم يَبِع حظه من الله بموافقتهم فيما لا يُجدي عليه إلا الحرمان. وغايته: مودةَ بينهم في الحياة الدنيا. فإذا انقطعت الأسباب، وحَقَّت الحقائق، وبُعثِرَ ما في القبور، وحُصِّل ما في الصدور، وبُليت السرائر، ولم يجد من دون مولاه الحق من قوة ولا ناصر: تبين له حينئذ مواقع الربح والخسران، وما الذي يَخِفُّ أو يرجح به الميزان، والله المستعان، وعليه التكلان " . ( مدارج السالكين).

وعلى هذا فإن مدافعة وحشة الغربة لا تكون إلا بأمور منها :

• سعي العبد في تكميل التقوى والإيمان وذلك بإمتثال الاوامر وإجتناب النواهي
• الإخلاص الإخلاص أحبتى لانه هو مدار الأعمال ومحورها وكذلك المخلص لا يخذله الله
• التمسك بالسنة قلبا وقالبا وتحكيمها على النفس قولا وعملا
• لزوم غرز العلماء والإرتباط بهم وإياك وبنيات الطريق
• الصدع بالحق لكن لا يسلك طريق التعجل في التغيير والإصلاح
• عدم ركوب أمواج الفتن والحوادث والقلاقل وما أكثرها اليوم
• قراءة تراجم السلف وصبرهم على غربة الدين
• بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لك بطوبى وهي شجرة في الجنة
• الجد والمثابرة في طلب العلم وإلا فالوحشة لا تدفع بالكسل والخمول
• إياك وهمج الرعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح

والمقصود أيها الأحبة أن تعلموا علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين أن النجاة في السنة وما أحسن ما ذكره الشاطبي رحمه الله في الإعتصام عن الفضيل بن عياض رحمه الله أنه قال : " إتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين ، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين "

وحسبي بهذه الكلمات والله المستعان



كتبه
أبوياسرأحمد بليل


التعديل الأخير تم بواسطة أبو ياسر أحمد بليل ; 04 Jun 2017 الساعة 08:47 PM
رد مع اقتباس