عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12 Apr 2010, 04:11 PM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي " حكم إزالة الشّعر المسكوت عنه من البدن " للشّيخ أبي وائل سمير محمد ناصر مرابيع الجزائري حفظه الله .


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

" حكم إزالة الشّعر المسكوت عنه من البدن "

للشّيخ أبي وائل سميرمحمد ناصر مرابيع حفظه الله





لقد اختلف العلماء قديما و حديثا في حكم إزالة الشّعر المسكوت عنه من البدن .

فأوّل الأقوال : المنع مطلقا إلاّ لضرر و أذيّة .

قال الإمام الطبري ( الفتح : 10 / 390 ) : " في هذا الحديث بيان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه لا يجوز لامرأة تغيير شيء من خلقتها الذي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماس الحسن ، لا للزّوج و لا لغيره ، كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما ، توهم البلج ، أو عكسه ، و من تكون لها سنّ زائدة فتقلعها ، أو طويلة فتقطع منها ، أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنّتف ، و من يكون شعرها قصيرا أو حقيرا فتطوله ، أو تعزّره بشعر غيرها ، فكل ذلك داخل في النّهي ، و هو من تغيير خلق الله تعالى " ، قال : " و يُستثنى من ذلك ما يحصل به الضّرر و الأذيّة كمن يكون لها سنّ زائدة ، أو طويلة تعيقها في الأكل أو إصبعٌ زائدة تؤذيها أو تؤلمها فيجوز ذلك و الرّجل في هذا الأخير كالمرأة " .


و يؤيّد هذا القول ما ورد عن قبيصة بن جابر الأسدي قال : كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلّمها ، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى عبد الله بن مسعود ، فرأى جبينها يبرق ، فقال : أتحلقينه ؟ فغضبَت ، و قالت : التي تحلق جبينها امرأتك ، قال : فاذهبي فانظري فإن كانت تفعله فهي مني بريئة .

فانطلقَت فدخلَت فقالت : ما رأيتها تفعله . فقال عبد الله بن مسعود : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لعن الله المتنمّصات و المتفلّجات و المتوشّمات اللاتي يغيّرن خلق الله تعالى " . رواه ابن عساكر ( 40 / 303 ) و غيره بسند حسن . راجع أدب الزفاف ( ص : 115 ) ، و كذا ما جاء عن الحسن البصري بسند حسن ، أن رجلا سأله فقال : ما تقول في امرأة قشرت وجهها ؟ قال : " ما لها لعنها الله ! غيّرت خلق الله " .

رواه الطبري في تفسيره عند قول الله تعالى ذاكرا قول إبليس :{ و لآمرنّهم فليغيّرن خلق الله } .

و أمّا ما رُوِيَ عن أمّ الحسن عن معاذة : أنها سألت عائشة عن المرأة تقشر وجهها ؟ فقالت : " إن كنتِ تشتهين أن تتزيّني فلا يحلّ ، و إن كانت امرأة بوجهها كلف شديد فما – كأنّها كرهته و لم تصرّح ". فالأثر ضعيف ، لجهالة أم الحسن جدّة أبي بكر العدوي ( شرح ابن بطّال : 9 / 180 ) .

و القول الثّاني : يجوز مطلقا .

قال النووي ( شرح مسلم : 14 / 106 ) : " و هذا الفعل – أي النّمص – حرام إلاّ إذا نبتت للمرأة لِحيَة أو شارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب عندنا " .

و قد يُستدلّ لهذا القول بما أخرجه الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة و كانت شابة يعجبها الجمال فقالت : " المرأة تحفّ جبينها لزوجها ؟ " فقالت : " أميطي عنك الأذى ما استطعت " .

و الأثر ضعيف ، لجهالة امرأة أبي إسحاق ، راجع " غاية المرام " ( ص : 66 ) .

و القول الثّالث : يجوز بإذن الزّوج و عِلمِه ، و إلاّ مُنِعَ من أجل التّدليس .

قاله الحافظ في الفتح ( 10 / 391 ) ، ثم ذكر الحافظ أقوال الحنابلة في جواز النّمص مطلقا ، إذ النّهي الوارد عندهم نهي تنزيه ، يباح بإذن الزّوج ارتكابُه ، إلا أن يصير شعارا للفواجر فيُمنَع ( الفتح : 10 / 391 ) ، و قد روى الخلال في كتاب التّرجُّل ( رقم : 60 ) بسند صحيح عن إسحاق بن إبراهيم قال : " رأيت أبا عبد الله – أحمد بن حنبل – يأخذ من حاجبيه بالمقراض " .

و خلاصة القول :


أنّ أخذ الشعر المسكوت عنه من البدن لا يجوز ن إلا لضرر أو أذيّة
، كأن ينزل على العينين فيُتأذى به ، قال الحافظ ( الفتح : 10 / 385 ) : " يفهم منه – أي الحديث – أن المذمومة من فعلت ذلك لأجل الحسن ، فلو احتاجت إلى ذلك لمداواةٍ مثلا جاز " اه .

و أن لا يطول و يكثر حتى تشابه المرأة الرّجال فيه ، قصدت ذلك أو لم تقصده
، ففي الحديث : " لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم المتشبّهين من الرجال بالنساء ، و المتشبّهات من النساء بالرجال " . رواه البخاري ( الفتح : 10 / 345 ) .

قال الحافظ : " قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : ظاهر اللّفظ الزّجرُ عن التّشبه في كل شيء ، لكن عُرِفَ من الأدلّة الأخرى أنّ المراد التّشبه في الزّي و بعض الصّفات و الحركات و نحوها ، لا التّشبه في أمور الخير ".

و قال الشيخ الألباني بعد سوق أحاديث اللّعن هذه : " ففي هذه الأحاديث دلالة واضحة على تحريم تشبّه النساء بالرجال ، و على العكس ، و هي عامّة تشمل اللّباس و غيره " . ( جلباب المرأة المسلمة ص 146 ) .

لأن المشابهة في الظاهر تورث تشابها في الأخلاق و الأعمال ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : و الرجل المتشبه بالنساء يكتسب من أخلاقهنّ بحسب تشبّهه ، حتى يفضي به الأمر إلى التّخنُّث المحض ، و التّمكين من نفسه كأنه امرأة ، و لمّا كان الغناء مقدّمة ذلك ، و كان من عمل النّساء ، كانوا يسمّون الرجال المغنّين ( مخانيث ) .

و المرأة المتشبّهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم حتى يصير فيها من التّبرّج و البروز و مشابهة الرّجال ما قد يفضي ببعضهنّ إلى أن تظهر بدنها كما يظهره الرجال ...
( الكواكب لابن عروة الحنبلي عن طريق جلباب المرأة المسلمة ص 158 ) .

و الله أعلم .




المصدر : كتاب " أحكام شعر المراة المسلمة "
تأليف الشيخ : أبي وائل سمير محمد ناصر مرابيع حفظه الله .
بتقديم فضيلة الشيخ : عبد المالك بن أحمد بن المبارك رمضاني حفظه الله .

رد مع اقتباس