عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 16 Jan 2020, 01:01 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي



بسم الله الرّحمن الرّحيم



قبل أن أختم إن شاء الله، بحثي البسيط، الذي حاولتُ فيه أن أجمع كلّ (معاني الهداية)، وإن كانت لاتُعَدّ ولاتُحصى في كتاب الله القرآن، الذي يحمل للإنسان، ما يدلّه به على خيريّ الدنيا والآخرة، في هداية إرشادٍ وتوجيه من ربّ العالمين، تمهيدًا لطريقٍ، قد يشقّ على بعض النّاس، ويسهل على البعض الآخر، اجتيازه، والله سبحانه، وحده، يعلم مَن يستحقّ الهداية، فيلهمه رشده، ويعلم مَن هو في ضلالٍ مبين.

قال الله تعالى: " أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَن بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (164)) (1)



وكتاب الله سبحانه، القرآن، حجّة للإنسان أو عليه. فمن بعد ما يتبيّن للمرء الهدى وطريق الحقّ، ليس له أن يختار لنفسه ما يوبقها به، "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ(111)" (2)

يقول الإمام الطبري رحمه الله في تفسير الآية: "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ"
يقول تعالى ذكره: إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ ) تخاصم عن نفسها، وتحتجّ عنها بما أسلفت في الدنيا من خير أو شرّ أو إيمان أو كفر ، ( وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ ) في الدنيا من طاعة ومعصية ( وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) : يقول: وهم لا يفعل بهم إلا ما يستحقونه ويستوجبونه بما قدّموه من خير أو شرّ، فلا يجزى المحسن إلا بالإحسان ولا المسيء إلا بالذي أسلف من الإساءة، لا يعاقب محسن ولا يبخس جزاء إحسانه، ولا يثاب مسيء إلا ثواب عمله} انتهـ.

ثمّ قال الإمام البغوي رحمه الله:
{ (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ) تخاصم وتحتج ، (عَن نَّفْسِهَا) بما أسلفت من خير وشر ، مشتغلا بها لا تتفرغ إلى غيرها ، (وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

روي أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار : خوفنا ، قال : يا أمير المؤمنين ، والذي نفسي بيده ، لو وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبيا لأتت عليك ساعات وأنت لا تهمك إلا نفسك ، وإن لجهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل منتخب ، إلا وقع جاثيا على ركبتيه ، حتى إبراهيم خليل الرحمن ، يقول : يا رب لا أسألك إلا نفسي ، وإن تصديق ذلك : الذي أنزل الله عليكم " يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا " .

وروى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال : ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة ، حتى تخاصم الروح الجسد ، فتقول الروح : يا رب ، لم يكن لي يد أبطش بها ، ولا رجل أمشي بها ، ولا عين أبصر بها . ويقول الجسد : خلقتني كالخشب ليست لي يد أبطش بها ، ولا رجل أمشي بها ، ولا عين أبصر بها ، فجاء هذا كشعاع النور ، فبه نطق لساني ، وأبصرت عيني ، ومشت رجلي . فيضرب الله لهما مثلا أعمى ومقعد ، دخلا حائطا فيه ثمار ، فـالأعمى لا يبصر الثمر ، والمقعد لا يناله ، فحمل الأعمى المقعد فأصابا من الثمر، فعليهما العذاب .} انتهـ



---------------------------------------------
(1) سورة آل عمران.
(2) سورة النحل.

الصور المرفقة
نوع الملف: jpg أفمن اتبع رضوان الله.jpg‏ (45.9 كيلوبايت, المشاهدات 1314)
نوع الملف: png إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ.png‏ (106.4 كيلوبايت, المشاهدات 1244)
نوع الملف: png أفمن اتّبع رضوان الله.png‏ (181.5 كيلوبايت, المشاهدات 1500)
رد مع اقتباس