عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19 Feb 2016, 08:33 PM
أبو عبيدة الشيخ مشري أبو عبيدة الشيخ مشري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: البيض، الجزائر حرسها الله
المشاركات: 26
افتراضي تفريغ لكلمة بعنوان: الكذب على العلماء طريقة أهل البدع والأهواء





تفريغ لكلمة بعنوان:
الكذب على العلماء طريقة أهل البدع والأهواء


ألقاها فضيلة الشيخ محمد بن هادي ابن علي المدخلي –حفظه الله تعالى-يوم الأربعاء 24 ربيع الثاني 1437 في مسجد بدري العتيبي بالمدينة النبوية.



الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله غلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والأخرين وقيوم السماوات والأرضين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ورحمته للعالمين وحجتهُ على الخلق أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الأمانة خُلُقٌ عظيم، وفي الوقت نفسه خطرها جسيم، وأشد ما تكون هذ الأمانة، الأمانة على دين الله –تبارك و تعالى-، فالدنيا والدرهم مطلوب أن يكون الرجل في تعامله فيهما أميناً ؟ ومن أهل الكتاب...ومنهم من إن تأمنه... [سورة آل عمران، الآية 75]، فمدح هذا وذم ذاك، ولكن الذم على الخيانة في دين الله وشرعه أعظمُ وأعظم، قال –جل و علا-:يا أيها الذين أمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون [سورة الأنفال، الآية 27] قال –جل و علا-: ؟...واعلموا أن الله يحول بين المرء و قلبه وأنه إليه تحشرونï´ [سورة الأنفال، الآية 24]، فالله -سبحانه و تعالى- عند قلب كل عبد لا يخفى عليه خافية -سبحانه و تعالى- فيعلم ما في الصدور، و يعلم ما في القلوب -سبحانه و تعالى-. وقد يتظاهر الإنسان في خيانته بما يعمي به على الناس وربما سُترَ في هذه الدنيا فظلم ولكن أين هو ممن لا تخفى عليه خافية؟
وأشد ما تكون الخيانة في دين الله حينما يراد التوصل بها إلى الطعن في أهل الديانة، و الى الطعن في أهل السنة، و إلى الطعن في حماة السنة والتوحيد و تشويههم، فهذا أشد جرماً عند الله –تبارك وتعالى-، بل إن هذا الخلق إنما هو خُلُقُ من لا إيمان له، نسأل الله العافية و السلامة، و لا يتخلق به من هذه الأمة إلا من ضعف إيمانه، ومن ضعُف إيمانه فلم يوجد لديه الحاجز والرادع فقُل عليه السلام، ولكن ليعلم أنه سينكشف في هذه الحياة الدنيا، وإن لم ينكشف اليوم فسينكشف انكشافاً أعظم منه على رؤوس الخلائق يوم القيامة، يوم أن تكون الفضيحة أشد والعار أعظم، فإذا أخر الله العبد الفاعل لذلك إلى يوم القيامة فهذا شرٌ به –والعياذ بالله- كما هو الحال بالغالِّ، إذ لما غلَّ فخان في الدنيا، خان في حق الله، في مال الله، في المغانم ؟ واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه و للرسول... [ سورة الأنفال، الآية 41]، فخان في شيء لله فيه نصيب و لرسوله صلى الله عليه و سلم فيه نصيب، فلما ستر عليه في الدنيا أو تستر به في الدنيا جازاه الله بأن يفضحه الفضيحة العامة على رؤوس الخلائق في يوم القيامة، إن كان بعيراً فعلى ظهره له رغاء، و إن كان شاة فلها ثغاء، و إن كان من البقر فله خوار، و عن كان حصاناً فله حمحمة، وإن كان ذهباً كوي به أو فضة، و إن كانت شملة من الثياب اشتعلت عليه ناراً –عياذاً بالله من ذلك-. ؟ ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون [سورة آل عمران، الآية 161]، فعند الله يوفى هؤلاء الخائنون –نسأل الله العافية والسلامة-
ومن يخن في دين الله ويرمي البرآء فإنه سيناله ما يناله من هذا، فإن سُتر في الدنيا فإن الله سيفضحه يوم القيامة – فنعوذ بالله من ذلك-
وإننا لنلحظ في هذه الأيام عدم التحري في النقل الذي يُتوصلُ به إلى الطعن في المشايخ وطلبة العلم الذين عرفوا بالمنافحة والدفاع عن الدين والإسلام والسنة، فإما أن يبتر وإما أن يغير الكلام تماماً، والحمد لله نحن في هذه الأيام خاصة ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله المسجلات كثيرة والجموع وفيرة، فإن فات من شخص وجد عند أشخاص، فالذي أوصي به نفسي وأحبتي أن لا نعجل جميعاً، فإن جاءنا من يقول قال فلان فترددنا قلنا هات إثبات ذلك إن كان مسموعاً فمسموعاً، وإن كان مطبوعاً فمطبوعاً. ولا تعجلوا فإن الكذب قد شاع وأصحاب الأهواء يستحلونه وإن لم يقولوه استحلالا بألسنتهم لكن بأفعالهم إن شعروا بذلك تدل عليه، فهذا الفعل الذي يصدر من صاحبه وهو وإن لم يقل أنا أستحله بلساني إلا أن فعله وخاصة إذا نصح هذا أشد، فالكلام على هذا الصنف إذا نصح وبُين له، أن هذا الكلام لا يصح نسبته إلى فلان فيبقى مصراً عليه، فالخطاب مع هذا الصنف فنقول له ستقدم أنت ومن طعنت بسبب ما تحملته من هذه الأكاذيب، ولم يزل أهل العلم قديماً و حديثاً يُكذب عليهم، وأحياناً يأتي بالكذبة الصلعاء لا يستحيي صاحبها منها، فيكشفه الله –تبارك وتعالى-.
أضرب لكم مثالاً ولنقتصر مع أهل الأهواء مع أهل السنة: ولن أمثل إلا بجبلٍ، فهذا شيخ الإسلام المجدد في زمانه لما اندثر من دين الله –جل وعلا-واندرس، وإلى يومنا هذا الانتفاع بعلمه، تقي الدين أبو العباس أحمد ابن عبد الحليم ابن تيمية –رحمه الله تعالى-كذب عليه ذلكم الكذاب الذي تعرفونه جميعاً، صاحب الرحلة ابن بطوطة، وزعم أنه دخل جامع الشام فرآه على المنبر وأنه يقول إن الله –إيش-ينزل كنزولي هذا، فلما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ، متى قدمت الشام؟ وجدنا تاريخ قدومه الشام شيخ الإسلام –رحمه الله ورضي عنه-مسجون في القلعة، فأصبحت كذبته صلعاء لا شعر عليها يغطيها فسوءته بادية.
فإذا كان هناك كذبة من هذا الصنف ومن هذا القبيل فهناك ولله الحمد كتبة من نوعين "كراما كاتبين " هؤلاء يسجلون عليه إلى يوم القيامة، وكتبة من أهل السنة وحسبة، يؤرخون ويدوِّنون فيكشفون بفضل الله تعالى الكذابين، فهذا الرجل انكشفت كذبته وسوءته، فسقطت عند أهل العلم والإيمان والتحقيق أخباره جميعاً التي يذكرها في رحلته، إن كان عن المشاهير فعل هذه الفعلة! فكيف بغيرهم؟ الذين لا يعرفهم إلا الأقل من القليل، هل يُؤمن على ما نسبه إليهم؟ لا يُؤمن. فسقطت أخباره، وهكذا، والمقصود من هذا أنه قد غاظه من هذا الإمام ما بلغ إلى علمه من قيامه في نصرة دين الله –تبارك وتعالى-وانتصاره لعقيدة السلف وخاصةً في توحيدي الألوهية والأسماء والصفات، إذ جُلُ معاركه –رحمه الله تعالى-مع أهل الشرك والبدع في هذا الجانب، ومع أهل التعطيل والتحريف والتشبيه والتمثيل في جانب أسماء الله –جل وعلا-وصفاته، وهذا الرجل ليس على نهج سوي، فأراد أن ينتصر لمن هو على شاكلته، فغلبه هواه فأرداه فأوقعه في الكذب المفضوح –فنعوذ بالله من ذلك-
وكم! وكم! يُكذب على أهل السنة ومشايخ السنة في كل زمان ومكان، فيهيئ الله –جل وعلا-من يكشف هؤلاء الكذبة، والمقصود من ذلك كله التروي والتأكد والتثبت، والتثبت الذي نقوله هو تثبت أهل الحديث، ونحن إن شاء الله أحق به وأهله وإياكم، فإذا جاء ما يقوم به موجب الأمر قلنا به ولو كان عدلاً واحداً، وأخبار الثقات معمولٌ بها الضابطين، على رغم أنف من يعاند في ذلك هذه الأيام، وما التسجيل والتوثيق إلا زيادة للتوكيد، فإن دين الله نقل إلينا عن طريق العدول الضابطين، فإذا شككت في ضبط إنسان وجائك الثاني والثالث والرابع كل هؤلاء ما يضبطون، إذا عملنا بهذا في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الذي تبنى عليه الأحكام فكيف به في أقوال أفناء الناس، فإن الناس إذا تواردوا على النقل عن شخص وهم ثقات محلُ قبُول قبلنا ونُعمِلُ فيهم أيضاً ميزان الرواية، نُعمِلُ ميزان الرواية لا على قاعدة لا يلزمني، إذا استبانة صحةُ الرواية قال لا يلزمني، ومن يلزمك؟ هذا هو التفلّت والتملّص، إذا صحت الرواية قلنا بها، إذا جاءنا العدل الضابط المتقن قلنا، وإذا ترددنا تركنا روايته حتى نجد من يؤيده ويتابعه على هذا.
فكيف بنا اليوم –معشر الأحبة-وقد وجدت من الأسباب ما يجعل التوثيق سهل وميسور بإذن الله -تبارك وتعالى-فهذه التسجيلات موجودة، فإن الذي يقول قولاً فإنه يأتي به لك مسجلاً، فإذا قيل قد بتر، نقول أطلب، هات أصل هذا الكلام إن كان في محاضرة فليأت به، إيتني بالمحاضرة أيه المسؤول كاملة أو الدرس كاملاً وانظر فيه، أما أن يرمي الناس ويرد الحق هذا كلام لا يصح في ميزان التحقيق، وإنما يفعله من ركب الهوى ومتن عمية، هذا الذي يفعله هؤلاء. أما أهل الحق فإنهم يسلمون ويقبلون، وإذا كان الأمر كذلك! فما حُجَتُنَا؟ حُجَتُنَا، أنظر أقوال غير رسول الله –صلى الله عليه وسلم-من الصحابة ومن التابعين ومن الأئمة المرضيين تنقل بالأسانيد أولاً، تنقل بالأسانيد في دين الله –سبحانه وتعالى-وفي غير ذلك.
إذا نظرت إلى تاريخ بغداد رأيت فيه هذا، إذا نظرت إلى تاريخ دمشق فرأيت فيه هذا، إذا نظرت إلى الحلية لأبي نعيم نظرت في هذا، سير الصالحين نظرت في هذا، سير الأعلام أيضاً وجدت فيه هذا، وهكذا تجد من هذا الشيء الكثير الذي لا يحاط به، قال هذه الرواية مكذوبة على فلان وهذه الرواية صحيحة عنه ونحو ذلك، وهي مجرد روايات في السابق عن هؤلاء العدول، فما بالنا اليوم نتنكب عن هذا المنهج، أنا أقول الناقل لك إما أن يكون ضابطا أو غير ضابط، فإذا كان ضابطاً متقناً وهو صادق وجب قبول قوله، وإذا شككت في ضبطه فأنظر فإن جاء من يوافقه اشتد وتقوى وإلا بقي محل انتظار، هذه هي القواعد –معشر الأحبة- وهذه هي الطريقة التي سار عليها أسلافنا الصالحون وكتُبُ أسلافنا دالة عليها ولا يمكن أن يكذب مع وجود هؤلاء الأخيار على عالم بفضل الله –تبارك وتعالى-
ونحن قد زدنا اليوم عليهم بهذه الأدوات والأسباب التي وجدت في زمننا من هذه الأسباب الجديدة، فهذا مما يعين.
فنسأل الله –سبحانه وتعالى-معشر الأحبة أن يسلك بنا وبكم مسلك أهل الأمانة، وإياك إياك أيها الأخ الكريم في الله -تبارك وتعالى-أن تعجل أول ما تسمع الكلام فعليك بالأناة، فتأنى حتى تتأكد منه، فإذا تأكدت منه فلا يضيرك أن تتحدث به شاءه من شاءه وردهُ من رده لا يضيرك ولله الحمد، أهل العلم موجودون الذين يقبلون ما كان عليه سلفهم الصالحون، موجودون ولله الحمد، لكن عليك بالتأني والتروي والتأكد من الكلام، فإذا تأكدت منه فلا مانع من أن ترويَه، أما أن يطار بالكلام ويأخذ عمن أقبل وأدبر، فهذا حتى لو كان هذا ثقة فإنه يَضعُفُ قبول الناس لكلامه إياك أن تنزل بنفسك أيها المسلم، يا طالب العلم، يا طالب السنة والحديث، إياك أن تنزل بنفسك إلى هذا المستوى، فيرد حينئذ كلامك ولا يعول عليك، وتهتز مكانتك وشخصيتك عند إخوانك وزملائك وأبنائك وأشياخك، فأوصيكم معشر الأحبة بذلك.
وأسأل الله –جل وعلا-أن يثبتنا وإياكم جميعاً على الحق والهدى حتى نلقاه، وأن يجنبنا وإياكم أسباب سخطه إنه جوادٌ كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى أصحابه وأتباعه بإحسان.

الملفات المرفقة
نوع الملف: mp3 al_kadhib_alal_ulama_sh_muhammad_madkhaly.mp3‏ (10.53 ميجابايت, المشاهدات 1744)
نوع الملف: doc تفريغ لكلمة بعنوان الكذب على العلماء طريقة أهل البدع والأهواء.doc‏ (71.0 كيلوبايت, المشاهدات 1110)

التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 30 Jan 2018 الساعة 12:48 PM
رد مع اقتباس