عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29 Jun 2012, 03:32 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعريف الاصطلاحي للفقه: بأنه استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية غير جامع؛ إذ أنه يخرج طالب العلم ومن ليس له أحقية الاستنباط كالعامي وغيره, فهو قاصر على المجتهد المستنبط.
هذا وقد عرفه ابن تيمية بقوله: (الفقه: معرفة أحكام أفعال العباد, سواء كانت علما أو ظنا, أو نحو ذلك) الاستقامة (1/55).
والذي يظهر من تعريف الإمام أنه جعل الفقه من باب العلم أيضا, لا كما يخصه المتكلمون والفقهاء أنه من باب الظنون فقط
وهاهنا فائدة أذكرها وهي: أن المشهور عند طلبة العلم أن الذين اعتنوا بهذا العلم هم غالبهم من طوائف المتكلمين كالمعتزلة والأشاعرة, وهذا العلم -أعني أصول الفقه- هو علم إسلامي محض, لكن هؤلاء المتلكمون لما تكلموا فيه بنوه على أصول فلسفية وكلامية فاسدة, وكثير من المسائل المبحوثة فيه تحتاج من طالب العلم التروي والتأني في اعتقادها, فلا يسرع في تقبلها دون نظر وتأمل, وهذا لا يكون إلا لصاحب العقيدة السلفية الراسخة.

يقول ابن تيمية: (.. فصل مهم عظيم القدر في هذا الباب وذلك أن طوائف كبيرة من أهل
الكلام من المعتزلة وهو أصل هذا الباب كأبي على وأبي هاشم وعبد الجبار وأبى الحسين وغيرهم ومن اتبعهم من الاشعرية كالقاضى أبى بكر وأبى المعالى وأبى حامد والرازي ومن إتبعهم من الفقهاء يعظمون أمر الكلام الذي يسمونه أصول الدين حتى يجعلون مسائله قطعية ويوهنون من أمر الفقه الذي هو معرفة أحكام الأفعال حتى يجعلوه من باب الظنون لا العلوم
وقد رتبوا على ذلك أصولا انتشرت في الناس حتى دخل فيها طوائف من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث لا يعلمون أصلها ولا ما تؤول إليه من الفساد مع أن هذه الأصول التي ادعوها في ذلك باطلة واهية كما سنبينه في غير هذا الموضع ذلك أنهم لم يجعلوا لله في الأحكام حكما معينا حتى ينقسم المجتهد إلى مصيب ومخطئ بل الحكم في حق كل شخص ما أدى إليه اجتهاده
وقد بينا في غير هذا الموضع ما في هذا من السفسطة والزندقة فلم يجعلوا لله حكما في موارد الاجتهاد أصلا ولا جعلوا له على ذلك دليلا أصلا بل ابن الباقلاني وغيره يقول وما ثم أمارة في الباطن بحيث يكون ظن أصح من ظن وإنما هو أمور اتفاقية فليست الظنون عنده مستندة إلى أدلة وأمارات تقتضيها كالمعلوم في استنادها إلى الأدلة
ثم إنه وطائفة مع هذا قد أبطلوا أصول الفقه ومنعوا دلالتها حتى سموا واقفة والكلام نوعان أمر وخبر فمنعوا دلالة صيغ الأمر عليه ومنعوا دلالة صيغ الخبر العام عليه
ومن فروع ذلك أنهم يزعمون أن ما تكلموا فيه من مسائل الكلام هي مسائل قطعية يقينية وليس في طوائف العلماء من المسلمين أكثر تفرقا واختلافا منهم ودعوى كل فريق في دعوى خصمه الذي يقول إنه قطعى بل الشخص الواحد منهم يناقض نفسه حتى أن الشخصين والطائفتين بل الشخص الواحد والطائفة الواحدة يدعون العلم الضروري بالشئ ونقيضه ثم مع هذا الاضطراب الغالب عليهم يكفر بعضهم بعضا كما هو أصول الخوارج والروافض والمعتزلة وكثير من الأشعرية
ويقولون في آخر أصول الفقه المصيب في أصول الدين واحد وأما الفروع ففيها كل مجتهد مصيب

ثمَّ إنهم صنفوا في أصول الفقه, وهو علم مشترك بين الفقهاء والمتكلمين, فبنوه على أصول فاسدة, حتَّى إن أول مسألة منه وهي الكلام في حدَّ (الفقه): لما حدوه بأنه: العلم بأحكام أفعال المكلفين الشرعية, أورد على هؤلاء: كالقاضي أبي بكر والرازي والآمدي ومن وافقهم من فقهاء الطوائف كأبي الخطاب وغيره السؤال المشهور هنا: وهو أن الفقه من باب الظنون؛ لأنه مبني على الحكم بخبر الواحد, والقياس, والعموم, والظواهر, وهي إنما تفيد الظن, فكيف جعلتموه من العلم حيث قلتم العلم...-إلى أن قال-:

والمقصود هنا ذكر أصلين هما:
بيان فساد قولهم الفقه من باب الظنون وبيان أنه أحق بأسم العلم من الكلام الذي يدعون أنه علم وأن طرق الفقه احق بأن تسمى أدلة من طرق الكلام
والأصل الثاني: بيان أن غالب ما يتكلمون فيه من الأصول ليس بعلم ولا ظن صحيح بل ظن فاسد وجهل مركب
). الاستقامة لابن تيمية
فتأمل أخي طالب العلم -رحمني الله وإياك- كلام هذا الإمام الهمام, والله إنه لنافع جدا للخائض في هذا الفن الذي تكلم فيه هؤلاء المبطلون.

وأنا أنصح ممن يهتم بهذا العلم وهو أصول الفقه أن يقرأ كتابين نافعين عظيمين قبل أن يخوض في كتب القوم, وهما:
أحدهما: كتاب المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين للشيخ محمد العروسي.
والثاني: مسائل أصول الدين المبحوثة في علم أصول الفقه للدكتور خالد بن عبد اللطيف.

وفي الأخير أعتذر للأخ الفاضل عبد الصمد إن كنت خرجت شيئا ما عن المقصود, لكن واجب التنبيه هو الذي دفعني إلى ذلك.


التعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز بوفلجة ; 29 Jun 2012 الساعة 04:15 PM
رد مع اقتباس