عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09 Jun 2014, 12:08 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

شرح الحديث : شرح النووي لصحيح مسلم.

قوله : ( عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة ) هو بحاء مهملة مفتوحة ثم زاي ثم راء ثم هاء . وأبو اليسر بفتح الياء المثناة تحت والسين المهملة ، واسمه كعب بن عمرو ، شهد العقبة وبدرا وهو ابن عشرين سنة ، وهو آخر من توفي من أهل بدر رضي الله عنهم ، توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين .

قوله : ( ضمامة من صحف ) هي بكسر الضاد المعجمة أي رزمة يضم بعضها إلى بعض ، هكذا وقع في جميع نسخ مسلم : ضمامة ، وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ . قال القاضي : وقال بعض شيوخنا : صوابه ( إضمامة ) بكسر الهمزة قبل الضاد . قال القاضي : ولا يبعد عندي صحة ما جاءت به الرواية هنا ، كما قالوا : صنارة وإصنارة لجماعة الكتب ، ولفافة لما يلف فيه الشيء . هذا كلام القاضي .

وذكر صاحب نهاية الغريب أن الضمامة لغة في الإضمامة ، والمشهور في اللغة إضمامة بالألف .

قوله : ( وعلى أبي اليسر بردة ومعافري ) البردة شملة مخططة ، وقيل : كساء مربع فيه صغر يلبسه الأعراب ، وجمعه البرد والمعافري بفتح الميم نوع من الثياب يعمل بقرية تسمى معافر ، وقيل : هي [ ص: 423 ] نسبة إلى قبيلة نزلت تلك القرية ، والميم فيه زائدة .

قوله : ( سفعة من غضب ) هي بفتح السين المهملة وضمها ، لغتان ، وبإسكان الفاء ، أي علامة وتغير .

قوله : ( كان لي على فلان بن فلان الحرامي ) قال القاضي : رواه الأكثرون ( الحرامي ) بفتح الحاء وبالراء نسبة إلى بني حرام ، ورواه الطبري وغيره بالزاي المعجمة مع كسر الحاء ، ورواه ابن ماهان ( الجذامي ) بجيم مضمومة وذال معجمة .

قوله : ( ابن له جفر ) الجفر هو الذي قارب البلوغ ، وقيل : هو الذي قوي على الأكل ، وقيل : ابن خمس سنين .

قوله : ( دخل أريكة أمي ) قال ثعلب : هي السرير الذي في الحجلة ، ولا يكون السرير المفرد .

وقال الأزهري : كل ما اتكأت عليه فهو أريكة .

قوله : ( قلت : آلله قال : الله ) الأول بهمزة ممدودة على الاستفهام ، والثاني بلا مد ، والهاء فيهما مكسورة ، هذا هو المشهور . قال القاضي : رويناه بكسرها وفتحها معا . وأكثر أهل العربية لا يجيزون غير كسرها .

[ ص: 424 ] قوله : ( بصر عيني هاتين وسمع أذني هاتين ) هو بفتح الصاد ورفع الراء ، وبإسكان ميم ( سمع ) ، ورفع العين . هذه رواية الأكثرين . ورواه جماعة بضم الصاد وفتح الراء عيناي هاتان ، وسمع بكسر الميم أذناي هاتان ، وكلاهما صحيح ، لكن الأول أولى .

قوله : ( وأشار إلى مناط قلبه ) هو بفتح الميم ، وفي بعض النسخ المعتمدة : ( نياط ) بكسر النون ، ومعناهما واحد ، وهو عرق معلق بالقلب .

قوله ( فقلت له : يا عم لو أنك أخذت بردة غلامك ، وأعطيته معافريك ، وأخذت معافريه ، وأعطيته بردتك ، فكانت عليك حلة ، وعليه حلة ) هكذا هو في جميع النسخ : وأخذت بالواو ، وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ والروايات ، ووجه الكلام وصوابه أن يقول : أو أخذت ( بأو ) ; لأن المقصود أن يكون على أحدهما بردتان ، وعلى الآخر معافريان . وأما الحلة فهي ثوبان إزار ورداء . قال أهل اللغة : لا تكون إلا ثوبين ، سميت بذلك لأن أحدهما يحل على الآخر ، وقيل : لا تكون إلا الثوب الجديد الذي يحل من طيه .

قوله : ( وهو يصلي في ثوب واحد مشتملا به ) أي ملتحفا اشتمالا ليس باشتمال الصماء المنهي عنه .

وفيه دليل لجواز الصلاة في ثوب واحد مع وجود الثياب ، لكن الأفضل أن يزيد على ثوب عند الإمكان ، وإنما فعل جابر هذا للتعليم كما قال .

قوله : ( أردت أن يدخل علي الأحمق مثلك ) المراد بالأحمق هنا الجاهل ، وحقيقة الأحمق من يعمل ما يضره مع علمه بقبحه . وفي هذا جواز مثل هذا اللفظ للتعزير والتأديب ، وزجر المتعلم وتنبيهه ، ولأن لفظة الأحمق والظالم قل من ينفك من الاتصاف بهما ، وهذه الألفاظ هي التي يؤدب بها المتقون والورعون من استحق التأديب والتوبيخ والإغلاظ في القول ; لأن ما يقوله غيرهم من ألفاظ السفه .

قوله ( عرجون ابن طاب ) سبق شرحه قريبا ، وسبق أيضا مرات ، وهو نوع من التمر ، والعرجون الغصن .

قوله : ( فخشعنا ) هو بالخاء المعجمة ، كذا رواية الجمهور ، ورواه جماعة بالجيم ، وكلاهما صحيح ، والأول من الخشوع ، وهو الخضوع والتذلل والسكون ، وأيضا غض البصر ، وأيضا الخوف . وأما الثاني فمعناه الفزع .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن الله قبل وجهه ) قال العلماء : تأويل أي الجهة التي عظمها ، أو الكعبة التي عظمها قبل وجهه .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن عجلت به بادرة ) أي غلبته بصقة أو نخامة بدرت منه .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( أروني عبيرا فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله ، فجاء بخلوق ) قال أبو عبيد : [ ص: 425 ] العبير بفتح العين وكسر الموحدة عند العرب هو الزعفران وحده . وقال الأصمعي : هو أخلاط من الطيب تجمع بالزعفران . قال ابن قتيبة : ولا أرى القول إلا ما قاله الأصمعي . والخلوق بفتح الخاء هو طيب من أنواع مختلفة يجمع بالزعفران ، وهو العبير على تفسير الأصمعي ، وهو ظاهر الحديث ، فإنه أمر بإحضار عبير ، فأحضر خلوقا ، فلو لم يكن هو لم يكن ممتثلا .

وقوله : ( يشتد ) أي يسعى ويعدو عدوا شديدا .

في هذا الحديث تعظيم المساجد وتنزيهها من الأوساخ ونحوها .

وفيه استحباب تطييبها .

وفيه إزالة المنكر باليد لمن قدر ، وتقبيح ذلك الفعل باللسان .

قوله : ( في غزوة بطن بواط ) هو بضم الباء الموحدة وفتحها ، والواو مخففة ، والطاء مهملة . قال القاضي رحمه الله تعالى : قال أهل اللغة هو بالضم ، وهي رواية أكثر المحدثين ، وكذا قيده البكري ، وهو جبل من جبال جهينة . قال : ورواه العذري رحمه الله تعالى بفتح الباء ، وصححه ابن سراج .

قوله : ( وهو يطلب المجدي بن عمرو ) هو بالميم المفتوحة وإسكان الجيم ، هكذا في جميع النسخ عندنا ، وكذا نقله القاضي عن عامة الرواة والنسخ . قال : وفي بعضها ( النجدي ) بالنون بدل الميم . قال : والمعروف الأول ، وهو الذي ذكره الخطابي وغيره .

قوله : ( الناضح ) هو البعير الذي يستقى عليه . وأما العقبة بضم العين فهي ركوب هذا نوبة ، وهذا نوبة . قال صاحب العين : هي ركوب مقدار فرسخين .

وقوله : ( وكان الناضح يعقبه منا الخمسة ) هكذا هو في رواية أكثرهم : ( يعقبه ) بفتح الياء وضم القاف ، وفي بعضها : ( يعتقبه ) بزيادة تاء وكسر القاف ، وكلاهما صحيح . يقال : عقبه واعتقبه ، واعتقبنا وتعاقبنا ، كله من هذا .

قوله : ( فتلدن عليه بعض التلدن ) أي تلكأ وتوقف .

قوله : ( شأ لعنك الله ) هو بشين معجمة بعدها همزة ، هكذا هو في نسخ بلادنا ، وذكر القاضي رحمه الله تعالى أن الرواة اختلفوا فيه ، فرواه بعضهم بالشين المعجمة كما ذكرناه . وبعضهم بالمهملة . قالوا : وكلاهما كلمة زجر للبعير ، يقال منهما شأشأت بالبعير ، بالمعجمة والمهملة إذا [ ص: 426 ] زجرته وقلت له شأ . قال الجوهري وسأسأت بالحمار بالهمز أي دعوته وقلت له تشؤ بضم التاء والشين المعجمة وبعدها همزة . وفي هذا الحديث النهي عن لعن الدواب ، وقد سبق بيان هذا مع الأمر بمفارقة البعير الذي لعنه صاحبه .

قوله : ( حتى إذا كان عشيشية ) هكذا الرواية فيها على التصغير مخففة الياء الأخيرة ساكنة الأولى . قال سيبويه : صغروها على غير تكبيرها ، وكان أصلها عشية ، فأبدلوا من إحدى الياءين شينا .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( فيمدر الحوض ) أي يطينه ويصلحه .

قوله : ( فنزعنا في الحوض سجلا ) أي أخذنا وجبذنا . والسجل بفتح السين وإسكان الجيم الدلو المملوءة ، وسبق بيانها مرات .

قوله : ( حتى أفهقناه ) هكذا هو في جميع نسخنا ، وكذا ذكره القاضي عن الجمهور . قال : وفي رواية السمرقندي : أصفقناه بالصاد ، وكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن رواية مسلم ، ومعناهما ملأناه .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( أتأذنان ؟ قلنا : نعم ) هذا تعليم منه صلى الله عليه وسلم لأمته الآداب الشرعية والورع والاحتياط والاستئذان في مثل هذا ، وإن كان يعلم أنهما راضيان ، وقد أرصدا ذلك له صلى الله عليه وسلم ، ثم لمن بعده .

قوله : ( فأشرع ناقته فشربت ، فشنق لها فشجت فبالت ) معنى ( أشرعها ) أرسل رأسها في الماء لتشرب ، ويقال : شنقها وأشنقها أي كففتها بزمامها وأنت راكبها . وقال ابن دريد : هو أن تجذب زمامها حتى تقارب رأسها قادمة الرحل .

وقوله : ( فشجت ) بفاء وشين معجمة وجيم مفتوحات الجيم مخففة والفاء هنا أصلية يقال : فشج البعير إذا فرج بين رجليه للبول ، وفشج بتشديد الشين أشد من فشج بالتخفيف . قاله الأزهري وغيره : هذا الذي ذكرناه من ضبطه هو الصحيح الموجود في عامة النسخ ، وهو الذي ذكره الخطابي والهروي وغيرهما من أهل الغريب ، وذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين : فشجت بتشديد الجيم ، وتكون الفاء زائدة للعطف . وفسره الحميدي في غريب الجمع بين الصحيحين له قال : معناه قطعت الشرب من قولهم : شججت المفازة إذا قطعتها بالسير . وقال القاضي : وقع في رواية العذري : ( فثجت ) بالثاء المثلثة والجيم . قال : ولا معنى لهذه الرواية ، ولا [ ص: 427 ] لرواية الحميدي .

قال : وأنكر بعضهم اجتماع الشين والجيم ، وادعى أن صوابه ( فشحت ) بالحاء المهملة من قولهم : شحا فاه إذا فتحه ، فيكون بمعنى تفاجت ، هذا كلام القاضي والصحيح ما قدمناه عن عامة النسخ . والذي ذكره الحميدي أيضا صحيح . والله أعلم .

قوله : ( ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحوض فتوضأ منه ) فيه دليل لجواز الوضوء من الماء الذي شربت منه الإبل ونحوها من الحيوان الطاهر ، وأنه لا كراهة فيه ، وإن كان الماء دون قلتين ، وهكذا مذهبنا .

قوله : ( لها ذباذب ) أي أهداب وأطراف ، واحدها ذبذب بكسر الذالين ، سميت بذلك لأنها تتذبذب على صاحبها إذا مشى ، أي تتحرك وتضطرب .

قوله : ( فنكستها ) بتخفيف الكاف وتشديدها .

قوله : ( تواقصت عليها ) أي أمسكت عليها بعنقي وخبنته عليها لئلا تسقط .

قوله : ( قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ بيدي ، فأدارني حتى أقامني عن يمينه ، ثم جاء جبار بن صخر . . . إلى آخره ) هذا فيه فوائد منها جواز العمل اليسير في الصلاة ، وأنه لا يكره إذا كان لحاجة ، فإن لم يكن لحاجة كره . ومنها أن المأموم الواحد يقف على يمين الإمام ، وإن وقف على يساره حوله الإمام . ومنها أن المأمومين يكونان صفا وراء الإمام كما لو كانوا ثلاثة أو أكثر ، هذا مذهب العلماء كافة إلا ابن مسعود وصاحبيه ، فإنهم قالوا : يقف الاثنان عن جانبيه .

قوله : ( يرمقني ) أي ينظر إلي نظرا متتابعا .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك ) هو بفتح الحاء وكسرها ، وهو معقد الإزار ، والمراد هنا أن يبلغ السرة .

وفيه جواز الصلاة في ثوب واحد ، وأنه إذا شد المئزر ، وصلى فيه وهو ساتر ما بين سرته وركبته صحت صلاته ، وإن كانت عورته ترى من أسفله لو كان على سطح ونحوه ، فإن هذا لا يضره .

[ ص: 428 ] قوله : ( وكان قوت كل رجل منا كل يوم تمرة فكان يمصها ) هو بفتح الميم على اللغة المشهورة ، وحكي ضمها ، وسبق بيانه .

وفيه ما كانوا عليه من ضيق العيش والصبر عليه في سبيل الله وطاعته .

قوله : ( وكنا نختبط بقسينا ) القسي جمع قوس ، ومعنى نختبط نضرب الشجر ليتحات ورقه فنأكله .

( وقرحت أشداقنا ) أي تجرحت من خشونة الورق وحرارته .

قوله : ( فأقسم أخطئها رجل منا يوما فانطلقنا به ننعشه فشهدنا له أنه لم يعطها فأعطيها ) معنى أقسم أحلف . وقوله : ( أخطئها ) أي فاتته ، ومعناه أنه كان للتمر قاسم يقسمه بينهم فيعطي كل إنسان تمرة كل يوم ، فقسم في بعض الأيام ونسي إنسانا فلم يعطه تمرته ، وظن أنه أعطاه ، فتنازعا في ذلك ، وشهدنا له أنه لم يعطها فأعطيها بعد الشهادة . ومعنى ( ننعشه ) نرفعه ونقيمه من شدة الضعف والجهد . وقال القاضي : الأشبه عندي أن معناه نشد جانبه في دعواه ، ونشهد له .

وفيه دليل لما كانوا عليه من الصبر .

وفيه جواز الشهادة على النفي في المحصور الذي يحاط به .

[ ص: 429 ] قوله : ( نزلنا واديا أفيح ) هو بالفاء أي واسعا ، وشاطئ الوادي جانبه .

قوله ( فانقادت معه كالبعير المخشوش ) هو بالخاء والشين المعجمتين ، وهو الذي يجعل في أنفه خشاش بكسر الخاء ، وهو عود يجعل في أنف البعير إذا كان صعبا ، ويشد فيه حبل ليذل وينقاد ، وقد يتمانع لصعوبته ، فإذا اشتد عليه وآلمه انقاد شيئا ولهذا قال الذي يصانع قائده . وفي هذا هذه المعجزات الظاهرات لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

قوله : ( حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأم بينهما ) أما ( المنصف ) فبفتح الميم والصاد ، وهو نصف المسافة ، وممن صرح بفتحه الجوهري وآخرون .

[ ص: 430 ] وقوله : ( لأم ) بهمزة مقصورة وممدودة ، وكلاهما صحيح ، أي جمع بينهما . ووقع في بعض النسخ ( ألام ) بالألف من غير همزة . قال القاضي وغيره : هو تصحيف .

قوله : ( فخرجت أحضر ) هو بضم الهمزة وإسكان الحاء وكسر الضاد المعجمة أي أعدو وأسعى سعيا شديدا .

قوله : ( فحانت مني لفتة ) اللفتة النظرة إلى جانب ، وهي بفتح اللام ، ووقع لبعض الرواة : ( فحالت ) باللام ، والمشهور بالنون ، وهما بمعنى ، فالحين والحال الوقت ، أي وقعت واتفقت وكانت .

قوله : ( وأشار أبو إسماعيل ) وفي بعض النسخ ( ابن إسماعيل ) ، وكلاهما صحيح ، هو حاتم بن إسماعيل ، وكنيته أبو إسماعيل .

قوله : ( فأخذت حجرا فكسرته وحسرته فانذلق ، فأتيت الشجرتين ، فقطعت من كل واحدة منهما غصنا ) فقوله : ( فحسرته ) بحاء وسين مهملتين والسين مخففة أي أحددته ونحيت عنه ما يمنع حدته بحيث صار مما يمكن قطعي الأغصان به ، وهو معنى قوله : ( فانذلق ) بالذال المعجمة أي صار حادا . وقال الهروي ومن تابعه : الضمير في ( حسرته ) عائد على الغصن أي حسرت غصنا من أغصان الشجرة ، أي قشرته بالحجر . وأنكر القاضي عياض هذا على الهروي ومتابعيه ، وقال : سياق الكلام يأبى هذا ; لأنه حسره ، ثم أتى الشجرة ، فقطع الغصنين ، وهذا صريح في لفظه ، ولأنه قال : فحسرته فانذلق ، والذي يوصف بالانذلاق الحجر لا الغصن ، والصواب أنه إنما حسر الحجر ، وبه قال الخطابي . واعلم أن قوله : ( فحسرته ) بالسين المهملة هكذا هو في جميع النسخ ، وكذا هو في الجمع بين الصحيحين ، وفي كتاب الخطابي والهروي وجميع كتب الغريب ، وادعى القاضي روايته عن جميع شيوخهم لهذا الحرف بالشين المعجمة ، وادعى أنه أصح ، وليس كما قال . والله أعلم .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( يرفه عنهما ) أي يخفف .

[ ص: 431 ] قوله : ( وكان رجل من الأنصار يبرد الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشجاب له على حمارة من جريد ) أما ( الأشجاب ) هنا فجمع ( شجب ) بإسكان الجيم ، وهو السقاء الذي قد أخلق وبلي وصار شنا . يقال : شاجب أي يابس ، وهو من الشجب الذي هو الهلاك ، ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( قام إلى شجب فصب منه الماء ، وتوضأ ) . ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : ( فانظر هل في أشجابه من شيء ) وأما قول المازري وغيره أن المراد بالأشجاب هنا الأعواد التي تعلق عليها القربة فغلط ; لقوله : ( يبرد فيها على حمارة من جريد ) . وأما ( الحمارة ) فبكسر الحاء وتخفيف الميم والراء وهي أعواد تعلق عليها أسقية الماء . قال القاضي : ووقع لبعض الرواة ( حمار ) بحذف الهاء ، ورواية الجمهور ( حماره ) بالهاء ، وكلاهما صحيح ، ومعناهما ما ذكرنا .

قوله : ( فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها لو أني أفرغه شربه يابسه ) قوله : ( قطرة ) أي يسيرا . و ( العزلاء ) بفتح العين المهملة وبإسكان الزاي وبالمد وهي فم القربة . وقوله : ( شربه يابسه ) معناه أنه قليل جدا ، فلقلته مع شدة يبس باقي الشجب ، وهو السقاء ، لو أفرغته لاشتفه اليابس منه ، ولم ينزل منه شيء .

قوله : ( ويغمزه بيديه ) وفي بعض النسخ : ( بيده ) ، أي يعصره .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( ناد بجفنة فقلت : يا جفنة الركب ، فأتيت بها ) أي يا صاحب جفنة الركب ، فحذف المضاف للعلم . بأنه المراد ، وأن الجفنة لا تنادى ، ومعناه يا صاحب جفنة الركب التي تشبعهم أحضرها ، أي من كان عنده جفنة بهذه الصفة فليحضرها ، والجفنة بفتح الجيم .

[ ص: 432 ] قوله : ( فأتينا سيف البحر ، فزخر البحر زخرة ، فألقى دابة ، فأورينا على شقها النار ) سيف البحر بكسر السين وإسكان المثناة تحت هو ساحله ، وزخر بالخاء المعجمة أي علا موجه ، وأورينا أوقدنا .

قوله : ( حجاج عينها ) هو بكسر الحاء وفتحها ، وهو عظمها المستدير بها .

قوله : ( ثم دعونا بأعظم رجل في الركب ، وأعظم جمل في الركب ، وأعظم كفل في الركب ، فدخل تحته ما يطأطئ رأسه ) ( الكفل ) هنا بكسر الكاف وإسكان الفاء قال الجمهور : والمراد بالكفل هنا الكساء الذي يحويه راكب البعير على سنامه لئلا يسقط ، فيحفظ الكفل الراكب ، قال الهروي : قال الأزهري : ومنه اشتقاق قوله تعالى : يؤتكم كفلين من رحمته أي نصيبين يحفظانكم من الهلكة ، كما يحفظ الكفل الراكب . يقال منه : تكفلت البعير ، وأكفلته ، إذا أدرت ذلك الكساء حول سنامه ثم ركبته . وهذا الكساء كفل بكسر الكاف وسكون الفاء . وقال القاضي عياض : وضبطه بعض الرواة بفتح الكاف والفاء ، والصحيح الأول . وأما قوله : ( بأعظم رجل ) فهو بالجيم في رواية الأكثرين ، وهو الأصح ، ورواه بعضهم بالحاء ، وكذا وقع لرواة البخاري بالوجهين . وفي هذا الحديث معجزات ظاهرات لرسول الله صلى الله عليه وسلم . والله أعلم .

رد مع اقتباس