عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02 Jun 2013, 12:57 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي نكتة تفسيرية أثرية في فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمان الرحيم



نكتة تفسيرية أثرية في فضل أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم



الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله محمد وصحبه وسلم تسليما
أما بعد:
فهذه فائدة نفيسة من أجود الاستنباطات التي يفتح بها الله تعالى بها على بعض عباده، تفتقت على يراع: الحافظ الكبير أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي -رحمه الله- .
فإنه لما عرض لما امتّن الله به على بني إسرائيل الذين كانوا مع موسى في التيه من إظلالهم بالغمام الأبيض البارد لئلا يؤذيهم الحرّ، وإمدادهم بالمنّ الذي هو الطعام الطيب الذي لا تعب فيه ولا كدّ، وبالسلوى الذي هو طائر السُّمانى المعروف أو يشبهه أجودَ منه، وتفجير الحجر ينابيع ماء صافيا، كلّ ذلك وهم مقصرون في الشكر مخالفون للأمر بالقول والفعل
أقول: لما عرض لتفسير الآيات المتضمنة هذا المعنى من صدر سورة البقرة، قال -رحمه الله- عند ذلك (1/416-قرطبة):
"ومن هنا تتبين فضيلة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم وعن سائر أصحاب الأنبياء في صبرهم وثباتهم وعدم تعنتهم مع ما كانوا معه في أسفاره وغزواته منها عام تبوك في ذلك الحر والقيظ الشديد والجهد لم يسألوا خرق عادة ولا إيجاد أمر مع أن ذلك كان سهلا على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لما أجهدهم الجوع سألوه في تكثير طعامهم فجمعوا ما معهم فجاء قدر مبرك الشاة فدعا الله فيه وأمرهم فملؤوا كل وعاء معهم. وكذا لما احتاجوا إلى الماء سأل الله تعالى فجاءتهم سحابة فأمطرتهم فشربوا وسقوا الإبل وملؤوا أسقيتهم ثم نظروا فإذا هي لم تجاوز العسكر، فهذا هو الأكمل في الاتباع: المشي مع قدر الله مع متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم".

قلت: وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أن هذا هو السرّ في كون العجائب والخوارق لم تكثر في أمة الإسلام كثرتها في بني إسرائيل، فإن بني إسرائيل لضعف إيمانهم ويقينهم وحاجتهم إلى ما يقوي يقينهم ويثبت طاعتهم كانوا يطالبون بالخوارق والإمدادات، أما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاكتفوا بكمال يقينهم وتمام تصديقهم عن كثير من الخوارق والآيات.
وما أُيّدوا به من ذلك ففي المواقف التي احتاجوا فيها إلى التأييد لنصرة الدين وإظهاره لا لنفعهم هم وتفكهم كما هو الحال في بني إسرائيل.
وعلى هذا السّنن جرى الحال في أمة الإسلام فكانت الكرامات فيمن بعد الصحابة من التابعين وتابعيهم أكثر منها في الصحابة للمعنى نفسه فإن حاجة من بعد الصحابة إلى التأييد والتقوية أقل من حاجة من بعدهم.
ومن هذا الجنس ما كان يتألف به النبي صلى الله عليه وسلم ضعفاء الإيمان وحدثاء العهد بالإسلام وقد نبه عليه صلى الله عليه وسلم ففي الصحيح عنه أنه قال:" إني لأعطي الرجل وأدع الرجل ، والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ، ولكني أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع ، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير "".
ولما غفل عن هذا المأخذ بعض من تأخر وظن أنها من لوازم الولاية وأنها للإكرام والإرفاه صاروا يطلبون الكرامات ويفعلون الأسباب الجالبة لها، وربما ظنوا أن من تظهر الكرامة على يديه فلم يصل بعد إلى درجة الولاية وهذا منهم غلط عظيم كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مواضع من كتبه الفرقان وغيره.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 03 Jun 2013 الساعة 12:57 PM
رد مع اقتباس