عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 25 Oct 2018, 08:42 PM
أبو معاذ محمد مرابط أبو معاذ محمد مرابط غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2007
المشاركات: 350
افتراضي

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على نبيّه ورسوله، وعلى آله الطيّبين وصحابته المُكرمين، وعلى أتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقد تَشنّجَ الخاطِر، وتعكَّر المِزاج، وتشوَّش الذهن في تلك اللحظة الشاقّة التي وصلتني فيها صوتية مُخزية حملت في طيّاتها كبيرة من كبائر جمعة، وعظيمة من عظائمه –وما أكثرها-، ولم يُنقذني من شَرَك النازلة إلاّ صوت شجيّ ارتفع دويّه كدويّ الرعد من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعم هو همس يُطيّب آذان المخلصين، وجلجلة تُصمّ لها آذان المُفرقين، إنّه زئير أسد السنّة وحاميها العلامة الإمام الشيخ ربيع المدخلي –حفظه الله-، فكان في كلامه مع ينبوع التفريق جلاء لهمٍّ أصابني، وراحة من غمٍّ انتابني، فبارك الله في علمه وعمله.

وإتماما لسلسلة كنت قد بدأتها بعنون: «الإلمام بفوائد مجالس الإمام» أضع بين يدي القارئ الحلقة الخامسة من هذه المقالات، ولعلّها تكون أهمّ وأفيد حلقة، لأنّها مُتعلّقة برأس المفرّقين في الجزائر، و«مَدْفعُ التُّهم» عندهم، و«مَصنع الكذب» لديهم، جمعة وما أدراك ما جمعة! صاحب الفتنة ومؤسِّسها، وسيّد الطائفة ومُرشدها، من قام في هذا الزمان بمقصِّ البَغيّ ليُمزّق ديباجَ الجماعة، فخذله الله كما هي عادته –سبحانه- في أمثال هؤلاء.

وقبل التطرق إلى مجريات النقاش ألفت انتباه القارئ إلى أمر مهمّ فأقول: أشهدُ الله أننّي لا أعرف لا مُسجِّل الجلسة ولا من أخرجها، لأنّ جمعة في أوّل جواب له أشار إلى أنّ ما وقع هو مكيدة منّي، ولن أجاريه في كلامه لأنّ ظلمه وبغيه وكذبه اشتهر وظهر، وأنّي أضرب له موعدا بين يدي الله وهناك يكون القصاص العادل.

فوائد حوار الإمام مع رأس المفرقين


أحاول باختصار شديد بيان شيء من فوائد هذه المحاورة، وتجلية بعض حقائقها التي قد تخفى على كثير من الناس لاسيما المتعصّبة منهم.

الفائدة الأولى: التأكيد مرّة أخرى على كذب المفرقين في زعمهم أنّ باب الشيخ أغلقت في وجوههم، وأنّ البطانة حالت بينهم وبين الدخول على الشيخ، فها هو جمعة يتكلم مع الشيخ في بيته وفي وقت قريب فقد كانت هذه الزيارة في شعبان، ولم نسمع منذ ذلك أيّ مضايقة تعرض لها جمعة، ولو حصلت لطار بها الأتباع.

الفائدة الثانية: ودائما تذكرني هذه الفائدة بصنيع الثوري علي بن حاج عندما زار الإمام الألباني رحمه الله ولم يخبر أتباعه بفحوى الزيارة ولم يبلغهم نصائح الشيخ وأخفى عليهم موقفه من عمل الجبهة! وهذا الذي فعله شيوخ التفريق اليوم، فجمعة لم يخبر عن هذه الجلسة ولم ينقل مجرياتها منذ ذلك الوقت، وهي خيانة منه لكلّ من وثق به، بل كان صنيع هؤلاء أشدّ جرما من صنيع علي بن حاج، فهذا الأخير لم نسمع أنّه طعن في بطانة الشيخ الألباني ولم يقل أنّه كبر في السنّ وأصبح سيقة! أمّا هؤلاء فكتموا الحقيقة ونقلوا الكذب.

الفائدة الثالثة: ظهرت بهذه الصوتية شدّة عناية الشيخ بالقضية، ودقّة تركيزه في تفاصيل هذه الفتنة، فقد ذكر لجمعة جريمة من جرائمه الثابتة عنه، وواجهه بكلامه وقد طبق عمليا –حفظه الله- ما كان يطالب به المفرقين من أوّل يوم من ضرورة بيان الأدلّة والبراهين، فقد قدّم الشيخ للمعنيّ بالأمر دليلا صريحا يدينه، فلم يجد جمعة ما يدافع به عن نفسه إلا الكذب والنفي لوضوح الخطأ وشناعته من جهة ولثبات الشيخ وهيبته من جهة أخرى.

الفائدة الرابعة: التأكيد مرّة أخرى على مهزلة القوم القديمة، يوم أن زعموا أنّ قول الشيخ ربيع لجمعة «بارك الله فيك» هي تزكية وثناء، فشرّقوا بها وغرّبوا، وها نحن اليوم نستمع للشيخ –حفظه الله- وهو ينتقد جمعة ويشدّد عليه ثم يقول: «بارك الله فيك»، فهي كلمة اعتاد الشيخ قولها في مخاطبة الناس أدبا منه –حفظه الله- لكن القوم افتقروا إلى مكارم الأخلاق فتجاهلوا معانيها.

الفائدة الخامسة: أنّ شيوخ التفريق وعلى رأسهم جمعة هم في الحقيقة مجرد طلبة عند الإمام، وقد ظهر من هذا الحوار شدّة ارتباك جمعة عندما سأله شيخه، فليسوا كما صوّروا أنفسهم وصوّرهم الأبواق، فالإمام بحق قد ظهرت هيبته في هذه الصوتية واستمع الجميع إلى نبرته الحادّة التي انخلع لها قلب جمعة فصار يخلط في الكلام حتى زعم أنّ الأرض رفعت بغير عمد! وهي من عجائبه.
الفائدة السادسة: افتضاح الأبواق يوما بعد يوم، فبعد أن كتبَ فتّان مغنية عبد الصمد في الدفاع عن فتوى جمعة، وأكّد كلام شيخه وعلّل حُكمه، ظهر فجأة التلميذ جمعة أمام الجبل الشامخ ربيع بن هادي وهو ينكر فتواه! بل ويقسم بالله على ذلك! فما أوقح هؤلاء الأتباع الذين كانوا وبالا على شيوخهم، ومثله صنيع موقد الفتنة «باهي» وغيره من شرار المُصعفِقة ممّن دافع بالباطل عن أسياده كأولئك الذين قاموا -يوم أن سُرّب طعن لزهر في الشيخ ربيع- يدافعون عن شيخهم، حتّى أنكروا أن يكون في الكلام طعنا، وإذا بهم يُفجعون بشيخهم وهو يكتب منشورا سمّاه تراجعا! فاجتهد هؤلاء ليكونوا مفرّقين أكثر من المفرقين أنفسهم! ولله في خلقه شؤون.

الفائدة السابعة: شناعة الفتوى بحرق كتب السلفيين خصوصا ما كان منها في الدفاع عن الصحابة والرد على الرافضة بدليل أنّ جمعة نفسه -كما في الصوتيّة-أنكر بشدّة أن تنسب هذه الجريمة إليه، وتعجّب من هذا القول العظيم وكرّر قوله: «عجيب يعني كيف أنا أمرتُ بحرق كتب في الدفاع عن الصحابة؟!»، فإذا كان صاحب الكلام يتعجّب من كلامه! فكيف لا نتعجب نحن؟! وكيف لا نشتكي إلى الله ظلم صاحب الفتوى؟!

الفائدة الثامنة:
بيان جانب مشرق من جوانب شخصيّة الإمام ربيع –حفظه الله-، وهو تعظيمه لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشدّة مقته للروافض الأجناس، لذلك استنكر فتوى جمعة من أوّل يوم، وبقي يذكرها إلى أن زاره جمعة فأنكر عليه ولم يُفوّت فرصة تقريعه وتوبيخه، بخلاف هؤلاء الظلمة الذين اختلّت غيرتهم على المهاجرين و الأنصار في هذه الفتنة وأباحوا لأنفسهم حرق الكتب التي دافعت عن أشرف الخلق بعد الأنبياء لا لشيء إلا لأن مؤلفي تلك الرسائل من خصومهم، وقد تألّمت كثيرا لتأييد لزهر سنيقرة لفتوى الحرق كما في تعليقه على مقال الجاني عبد الصمد! فأين يذهب هؤلاء من الله؟! وما الذي سيقوله لربّه يوم القيامة من أسهم في هذه الجريمة وكان سببا في نشرها وتقريرها في النفوس؟!
الفائدة التاسعة: ما ظهر في هذا الحوار من نباهة الشيخ العجيبة وشدّة ضبطه وتركيزه، فقد حاول جمعة إيهامه بأنّه لم يحذّر من كتب تدافع عن الصحابة وترد على الرافضة، يعني جمعة يقول لم أحذّر من منهاج السنة لابن تيمية وفضائل الصحابة للإمام أحمد! لكن الشيخ تفطّن وقال له: «يعني الكتب ذي ألّفها إخوانكم الذين تحاربونهم»، يريد أن يقول: لا تتهرّب فأنا أقصد كتب خصومك.

الفائدة العاشرة: حكم حامل لواء الجرح والتعديل على أفعال هؤلاء وتأكيده على أنّها «حرب»، لذلك قال في كلامه الموجه لجمعة: «إخوانكم الذين تحاربونهم»، فكيف يريد منّا المتجرّئون أن نترك هذا الحكم ونتنازل عنه وهو حكم في القضية صدر من إمام عارف بارع في فنّه، ونتمسّك ببنيّات الطريق ونصدّق الكذبة الخونة الذين حاولوا جاهدين إقناع الشباب المغفّل بأنّ ما وقع في هذه الفتنة هي مباينة لأهل البدع وتحذير من المميّعين!

الفائدة الحادية عشرة: بيان مكر جمعة وخداعه الشديد، فالرجل التزم منذ بداية الفتنة الإجابات الواتسابية، وقد أعدّ في ذهنه جوابا يخلص به نفسه في أحلك الظروف، وقد استعمل هذا السلاح المخبوء مع الشيخ ربيع والمتمثل في قوله: «كيف أنا أمرتُ في صوتية ومكتوبة؟!»، فهو يدرك أن جوابه كان عن سؤال في الواتس، وليس صوتيا أو مكتوبا باسمه في مقال أو بيان، فيسهل عليه نفيه وإنكاره، وحتى لو أخرج له جوابه الواتسابي سيقول كما قال في مجالسه: أكثر هذه الأجوبة منتحلة وليس لي، وقد حدث هذا كثيرا مع أتباعه، وإن شاء الله يتشجع البعض ويشهد بما وقع له مع هذا الرجل الغريب.

الفائدة الثانية عشرة: ظلم جمعة لإخوانه، وشدّة بغيه عليهم، فقد حاكمهم وحكم عليهم بأشياء كثيرة لم تثبت عنهم لا في كتاب ولا في خطاب، أمّا هو فقد برّر موقفه أمام الشيخ بأنّ الكلام المنسوب إليه لم يثبت عنه لا بلسانه ولا بقلمه، فأي إجحاف هذا؟! وعن نفسي أقول: هل ما نسبته إليّ يا جمعة في هذه الفتنة ظلما وعدوانا ثابت عنّي بلساني أو قلمي؟! كوقوفي مع فالح الحربي ضد الشيخ فركوس وقولي عنه موسوس وملكيتي لقناة الماهر وغيرها من الأباطيل التي تتحمل وزرها أمام رب العزة والجلال.


الفائدة الثالثة عشرة:
ما ظهر من أدب العلامة ربيع وسعة صدره، فمع علمه أنّ الكلام ثابت على جمعة فلم يُكذّبه عندما نفى الكلام المنسوب إليه وأقسم بالله على ذلك، بل ناقشه بهدوء، وطرح عليه المسألة برفق ولين، ولو كان غير الشيخ ربيع لنهرَ الرجل وشدّد عليه بعد قَسمِه بالكذب ولو فعل ذلك لما أنكر عليه، لأنّ الرجل يستحق أكثر من ذلك.

الفائدة الرابعة عشرة: أنّ الأتباع أقحموا أنفسهم في ميدان ملتهب لم يقدر عليه حتى شيوخهم، فقد رأيتُهم يناقشون الشيخ بشدّة وبسوء أدب كبير ظنّا منهم أنّهم سيقيمون الحجة على الشيخ، وفي مقابل ذلك كما في هذه الصوتية نستمع لجمعة وهو ينصت للشيخ ويجيب عن الأسئلة، فلم يناقش ولم يذكر القواعد الأصولية ولم يحتج بحرق عثمان ï*¬ للمصاحف! ولم يطرح على الشيخ أخطاء خصومه بل بقي يدافع عن نفسه فقط لأنّه يعلم جيّدا مع من يتكلّم، ولا أظن واحدا منهم ممن بقي له شيء من العقل سيبقى حبيس التعصب بعد سماعه لهذه الصوتية، لأنّ هؤلاء الشيوخ أظهروا لأتباعهم وكأنّ الشيخ لا ولن يقوى على فعل شيء في هذه الفتنة، وقرّروا في مجالسهم أنّه كبر ونسي وعجز، لكن الحقيقة ظهرت في هذه الصوتية.

الفائدة الخامسة عشرة: ثبوت فتوى الحرق عن جمعة، فلو لم تكن كذلك لأخرج جمعة ونشر ما جرى بينه وبين الشيخ ربيع، لأنّها حجّة على خصومه تثبِتُ أن البطانة تكذب على الشيخ وتوصل له الأخبار المحرّفة، لكن جمعة لم يخبر أتباعه ولم يتكلم عن هذا المجلس لعلمه بأنّ ما ذكره الشيخ ثابت عنه.
هذا ما أردت ذكره من فوائد هذه القصّة الغريبة، أسأل الله أن يحفظ شيخنا ووالدنا ربيع السنة وأن يهدي من ضلّ من هؤلاء المفرقين إلى صراطه المستقيم، والحمد لله رب العالمين.

كتبه:
أبو معاذ محمد مرابط
15 صفر 1440 هـ
الموافق لـ 25 /10 /2018 م


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 25 Oct 2018 الساعة 09:06 PM
رد مع اقتباس