عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 14 Apr 2015, 03:48 PM
عبد القادر شكيمة عبد القادر شكيمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
الدولة: الجزائر ولاية الوادي دائرة المقرن
المشاركات: 315
افتراضي توجيه الإشكالات النحوية في القرآن الكريم

الإشكال السادس:

ورد على قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151].
وهو أن الآية بدأت بـ: { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } ولما بدأ تعالى يذكر المحرمات قال: { أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ ...} ومعلوم أن عدم الشرك بالله والإحسان بالوالدين وعدم قتل الأولاد ... ليست بمحرمات .
قال ابن هشام في حل هذا الإشكال:
1 - (( قول بعضهم إن الوقف قبل "عليكم" و إن "عليكم" إغراء فحسن ، وبه يتخلص من إشكال ظاهر في الآية محوج للتأويل . )) (1)
2 - (( ... قيل إن "لا" نافية، وقيل ناهية، وقيل زائدة، والجميع محتمل.
وحاصل القول في الآية: أن (ما) خبرية بمعني الذي منصوبة بـ (أتل) و (حرم ربكم) صلة و(عليكم) متعلقة بـ "حرم" هذا هو الظاهر ، وأجاز الزجاج كون (ما) استفهامية منصوبة بـ (حرم) والجملة محكية بـ (أتل) ؛ لأنه بمعنى أقول (2)، ويجوز أن يعلق (عليكم) بـ (أتل). ومن رجح إعمال أول المتنازعين -وهم الكوفيون- رجحه على تعلقه بـ (حرم) وفي (أن) وما بعدها أوجه.
أحدها: أن يكونا في موضع نصب بدلا من (ما) وذلك على أنها موصولة لا استفهامية ؛ إذ لم يقترن البدل بهمزة الاستفهام.
الثاني: أن يكونا في موضع رفع خبراً لـ "هو" محذوفا ، أجازهما بعض المعربين ، وعليهما فـ " لا" زائدة، قاله ابن الشجري(3) ، والصواب أنها نافية على الأول وزائدة على الثاني .
والثالث: أن يكون الأصل أبين لكم ذلك لئلاَّ تشركوا ، وذلك لأنهم إذا حرّم عليهم رؤساؤهم ما أحلَّه الله سبحانه وتعالى فأطاعوهم أشركوا ؛ لأنهم جعلوا غير الله بمنزلته .
والرابع: أن الأصل أوصيكم بألا تشركوا ، بدليل أنَّ { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } معناها وأوصاكم بالوالدين ، وأن في آخر الآية {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ } , وعلى هذين الوجهين فحذفت الجملة وحرف الجر .
والخامس: أن التقدير: أتل عليكم ألاّ تشركوا ، فحذف مدلولا عليه بما تقدم، وأجاز هذه الأوجه الثلاثة الزجاج(4) .
والسادس: أن الكلام تمَّ عند "حرَّم ربكم" ثم ابتدئ عليكم ألاّ تشركوا، وأن تحسنوا بالوالدين إحسانا، وألاَّ تقتلوا، ولا تقربوا، فـ "عليكم" على هذا : اسم فعل بمعنى: الزموا ، و(أن) في الأوجه الستة مصدرية، و"لا" في الأوجه الأربعة الأخيرة نافية.
والسابع: أن (أَنْ) مفسرة بمعنى أي و(لا) ناهية والفعل مجزوم لا منصوب، وكأنه قيل: أقول لكم: لا تشركوا به شيئا، وأحسنوا بالوالدين إحسانا. وهذان الوجهان الأخيران أجازهما ابن الشجري(5).))(6)
قال الشوكاني:
(( قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}
الْآيَةَ، الظاهر في قوله: ما حرم ربكم عليكم أنه مضمن معنى ما وصاكم به فعلا أو تركا; لأن كُلًّا من ترك الواجب وفعل الحرام حرام، فالمعنى وصاكم ألا تشركوا، وأن تحسنوا بالوالدين إحسانا. وقد بين تعالى أن هذا هو المراد بقوله: ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ. الْآيَةَ.)) (7)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1)-مغني اللبيب.ص: 512.
(2)-الحجة للقراء السبعة: (2/303).
(3)-أمالي ابن الشجري.تحق:محمود محمد الطناحي.ط:1،مكتبة الخانجي، القاهرة،1413هـ-1992م: (1/72).
(4)-معاني القرآن وإعرابه:أبو إسحاق الزجاج.تحق:عبد الجليل عبده شلبي.ط:1،عالم الكتب،بيروت، 1408هـ-1988م: (2/303-304).
(5)-أمالي ابن الشجري: (1/73-74).
(6)-مغني اللبيب.ص: 244-245.
(7)-فتح القدير (1/544).

- يتبع بإذن الله -


التعديل الأخير تم بواسطة عبد القادر شكيمة ; 15 Apr 2015 الساعة 10:14 PM
رد مع اقتباس