عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 12 Apr 2015, 05:53 PM
عبد القادر شكيمة عبد القادر شكيمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
الدولة: الجزائر ولاية الوادي دائرة المقرن
المشاركات: 315
افتراضي يتبع توجيه الإشكالات النحويةفي القرآن الكريم

الإشكال الخامس:

ورد على قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [المائدة:69].
في رفع كلمة (الصابئون) بالواو، ومقتضى القياس أن تنصب بالياء لأنها معطوفة على الاسم الموصول, وهو في محل نصب اسم إن, والمعطوف على المنصوب منصوب.
لابن هشام في حل هذا الإشكال أقوال:
1- (( ... وما تصنع بـ (الصابئون) من قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} فإنه جاء بالواو، وقد كان مقتضى قياس ما ذكرت أن تكون (الصابئين) بالياء لأنه معطوف على المنصوب, والمعطوف على المنصوب منصوب، وجمع المذكر السالم ينصب بالياء كما ذكرت؟
قلت: ... فيها أوجه أرجحها وجهان:
أحدهما: أن يكون (الذين هادوا) مرتفعا بالابتداء، و(الصابئون والنصارى) عطفا عليه , والخبر محذوف والجملة في نية التأخير عما في حيز (إن) من اسمها وخبرها , كأنه قيل: إن الذين آمنوا بألسنتهم من آمن منهم – أي بقلبه - بالله إلى آخر الآية، ثم قيل: والذين هادوا والصابئون والنصارى كذلك .
والثاني: أن يكون الأمر على ما ذكرناه من ارتفاع (الذين هادوا) بالابتداء، وكون ما بعده عليه, ولكن يكون الخبر المذكور له , ويكون خبر (إن) محذوفا مدلولا عليه بخبر المبتدأ, كأنه قيل: إن الذين آمنوا من آمن منهم، ثم قيل: والذين هادوا... الخ .
والوجه الأول أجود؛ لأن الحذف من الثاني بدلالة الأول أولى من العكس.
وقرأ أبي بن كعب: (والصابئين) بالياء(1) وهي مروية عن ابن كثير ولا إشكال فيها. )) (2)
2- (( أجيب عن الآية بأمرين:
أحدهما: أن خبر إن محذوف, أي مأجورون أو آمنون أو فرحون, والصابئون مبتدأ, وما بعده الخبر, ويشهد له قوله:
خَلِيلَيَّ هَلْ طِبٌّ فَإِنِّي وأنتما وَإِنْ لَمْ تَبُوحَا بِالْهَوَى دَنِفَانِ(3)
ويضعفه أنه حذف من الأول لدلالة الثاني. وإنما الكثير العكس.
والثاني أن الخبر المذكور لـ "إن" وخبر "الصابئون" محذوف, أي كذلك, ويشهد له قوله:
فَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالْمَدِينَةِ رَحْلُهُ فَإِنِّي وَقَيَّـارٌ بِهَا لَغَرِيبُ(4)
إذ لا تدخل اللام في خبر المبتدأ حتى يقدم, نحو: (لقائكم زيد) ويضعفه تقديم الجملة المعطوفة على بعض الجملة المعطوف عليها. )) (5)
3 - (( أجاب البصريون بجوابين :
أحدهما: أنها محمولة على التقديم والتأخير, والأصل: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله إلى آخره, والصابئون كذلك.
والثاني: أن خبر الحرف محذوف, وأن الخبر المذكور للمبتدأ, والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا آمنون, والصابئون من آمن إلى آخره.
وقد يستبعد كل من التأويلين:
أما الأول فمن وجهين:
أحدهما: إن فيه تقديم الجملة المعطوفة على بعض الجملة المعطوف عليها, وإنما يتقدم المعطوف على المعطوف عليه في الشعر, فلذا ينبغي أن يكون تقديمه على بعض المعطوف عليه, ويجاب بأن الواو للاستئناف كسائر الواوات المقترنة بالجملة المعترضة، كقوله تعالى: { فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ } [البقرة:24]...
والثاني: أن الاعتراض إنما يكون لغرض, ولم يظهر هنا, وقد أجيب بأن الصابئين لما كانوا أشد غيا لخروجهم عن الأديان قدم الإخبار بأنهم يتاب عليهم إن آمنوا وأصلحوا، ليثبت ذلك لمن هو أقل غيا منهم من باب أولى.
وأما الثاني: فلأن فيه حذفا من الأول لدلالة الثاني, ويجاب بأنه واقع وإن عكسه أكثر. )) (6)
قال الشوكاني:
(( وقيل: إِنَّ هُنَا بِمَعْنَى نَعَمْ، فَالصَّابِئُونَ مُرْتَفِعٌ بِالِابْتِدَاءِ، ومثله قول ابن قيس الرُّقَيَّاتِ:
بَكَرَ الْعَــوَاذِلُ فِي الصَّبَا ***حِ يَلُمْنَـــــنِي وَأَلُومُهُـــنَّـــــــــتهْ
وَيَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلَا *** كَ وَقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ إِنَّهْ
قَالَ الْأَخْفَشُ: إِنَّهْ بِمَعْنَى نَعَمْ وَالْهَاءُ لِلسَّكْتِ.)) (7)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(1)-الكشاف: (2/274).
(2)-شرح شذور الذهب.ص: 83-84.
(3)-لم يسمَّ قائله.والأصل: فإني دنف وأنتما دنفان.
(4)-البيت لضابئ بن الحارث البرجمي (أدرك النبي،وسجنه عثمان بسبب الهجاء،وأطلق سراحه بعدما قال أبياتا منها هذا البيت، لكنه هم بقتله فأعاده إلى السجن ومات هناك).انظر:خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب:عبد القادر بن عمر البغدادي: (9/326).
(5)-مغني اللبيب.ص: 446.
(6)-تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد لابن هشام الأنصاري ص: 373-374.
(7)-فتح القدير للشوكاني:(2/72).
- يتبع بإذن الله -


التعديل الأخير تم بواسطة عبد القادر شكيمة ; 15 Apr 2015 الساعة 10:12 PM
رد مع اقتباس