21 Nov 2007, 09:54 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
|
|
في آداب طالب العلم والأسباب المعينة على تحصيله
طالب العلم لابد له من التأدب بآداب، نذكر منها :
الأمر الأول : إخلاص النية لله - عز وجل -:
بأن يكون قصده بطلب العلم وجه الله والدار الآخرة ؛ لأن الله حثَّ عليه ورغَّب فيه ، فقال تعالى: (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ )) (محمد: الآية19) ؛ والثناء على العلماء في القرآن معروف؛ وإذا أثنى الله على شيء أو أمر به صار عبادة.
إذن فيجب الإخلاص فيه لله بأن ينوي الإنسان في طلب العلم وجه الله – عز وجل – ؛ وإذا نوى الإنسان بطلب العلم الشرعي أن ينال شهادة ليتوصل بها إلى مرتبة أو رتبة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( من تعلم علماً يبتغي به وجه الله – عز وجل – لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا ,لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) – يعني ريحها - (1) ؛ وهذا وعيد شديد.
لكـن لو قال طالب العلم:" أنا أريد أن أنال الشهادة لا من أجل حظ من الدنيا، ولكن لأن النظم أصبح مقياس العالم فيها شهادته " فنقول: إذا كانت نية الإنسان نيل الشهادة من أجل نفع الخلق تعليمًا أو إدارة أو نحوها، فهذه نية سليمة لا تضره شيئاً ؛ لأنها نية حق. وإنما ذكرنا الإخلاص في أول آداب طالب العلم , لأن الإخلاص أساس ؛ فعلى طالب العلم أن ينوي بطلب العلم امتثال أمر الله – عز وجل – , لأن الله - عز وجل – أمر بالعلم فقال تعالى : (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ )) (محمد: الآية 19) فأمر بالعلم ؛ فإذا تعلمت فإنك ممتثل لأمر الله – عز وجل - .
الأمر الثاني: رفع الجهل عن نفسه وعن غيره :
أن ينوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسه وعن غيره ؛ لأن الأصل في الإنسان الجهل ، ودليل ذلك قوله
تعالى: (( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون )) (النحل:78) . والواقع يشهد بذلك ؛ فتنوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسك وبذلك تنال خشية الله (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )) (فاطر، الآية:28) فتنوي رفع الجهل عن نفسك لأن الأصل فيك الجهل ؛ فإذا تعلمت وصرت من العلماء انتفى عنك الجهل ؛ وكذلك تنوي رفع الجهل عن الأمة ويكون ذلك بالتعليم بشتى الوسائل لتنفع الناس بعلمك.
وهل من شرط نفع العلم أن تجلس في المسجد في حلقة ؟
أو يمكن أن تنفع الناس بعلمك في كل حال ؟
الجواب: بالثاني ؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( بلغوا عني ولو آية )) (2)
لأنك إذا علمت رجلاً علماً وعلّمه رجلاً آخر صار لك أجر رجلين ؛ ولو علم ثالثا صار لك أجر ثلاثة وهكذا ؛ ومن ثم صار من البدع أن الإنسان إذا فعل عبادة قال: " اللهم اجعل ثوابها لرسول الله " ؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي علمك بها , وهو الذي دلّك عليها فله مثل أجرك.
قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -: " العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته ". قالوا : كيف ذلك ؟ " ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره " ؛ لأن الأصل فيهم الجهل كما هو الأصل فيك ؛ فإذا تعلمت من أجل أن ترفع الجهل عن هذه الأمة كنت من المجاهدين في سبيل الله الذين ينشرون دين الله.
الأمر الثالث: الدفاع عن الشريعة:
أن ينوي بطلب العلم الدفاع عن الشريعة ؛ لأن الكتب لا يمكن أن تدافع عن الشريعة، ولا يدافع عن الشريعة إلا حامل الشريعة ؛ فلو أن رجلاً من أهل البدع جاء إلى مكتبة حافلة بالكتب الشرعية فيها ما لا يحصى من الكتب، وقام يتكلم ببدعة ويقررها فلا أظن أن كتاباً واحداً يرد عليه ؛ لكن إذا تكلم عن عند شخص من أهل العلم ببدعته ليقررها , فإن طالب العلم يرد عليه ويدحض كلامه بالقرآن والسنة.
فعلى طالب العلم أن ينوى بطلب العلم الدفاع عن الشريعة ؛ لأن الدفاع عن الشريعة لا يكون إلا برجالها كالسلاح تماماً ؛ لو كان عندنا أسلحة ملأت خزائنها فهل هذه الأسلحة تستطيع أن تقوم من أجل أن تلقي قذائفها على العدو؟ أو لا يكون ذلك إلا بالرجال ؟
فالجواب: لا يكون ذلك إلا بالرجال، وكذلك العلم.
ثم إن البدع تتجدد ؛ فقد توجد بدع ما حدثت في الزمن الأول ولا توجد في الكتب ؛ فلا يمكن أن يدافع عنها إلا طالب العلم، ولهذا أقول: إن ما تجب مراعاته لطالب العلم الدفاع عن الشريعة
إذن فالناس في حاجة ماسة إلى العلماء , لأجل أن يردوا على كيد المبتدعين وسائر أعداء الله – عز وجل – ولا يكون ذلك إلا بالعلم الشرعي المتلقَّى من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- .
---------------------------------
(1) أخرجـه الإمام أحمد ج 2 ص 338، وأبوداود ، كتاب العلم، باب: طلب العلم لغير الله تعالى. وابن ماجه، المقدمة، باب: الانتفاع بالعلم والعمل به، والحاكم في (( المستدرك)) (1 / 160)، وابن أبي شيبة في (( المصنف)) (8 , 543)، قال الحاكم : حديث صحيح سنده ثقات.
(2) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء ، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل
التعديل الأخير تم بواسطة أبو نعيم إحسان ; 21 Nov 2007 الساعة 10:05 PM
|