عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12 Jun 2015, 03:09 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي طرائف ولطائف من كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير -رحمه الله-

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّدا عبده ورسوله.

أمَّا بعد:

فهذه بعض القصص والنوادر الَّلطيفة، الظَّريفة تارةً، والنادرة الوقوع تارة أخرى، أحببت أن أجمعها في مقالة واحدة قصد إدخال السُّرور على الإخوان والتَّرويح عنهم بها وحتَّى لا تبقى حبيسةَ الدَّفاتر بل يشاركني فيها الأحبَّة الأفاضل؛ وهي بعض ما مرَّ معي أثناء القراءة في كتاب الحافظ ابن كثير –رحمه الله- ومن دوَّن غيرَها من الكتاب نفسه فحبَّذا أن يتمَّم النَّقص ويجبر الخلل، وقد رتبتها على حسب ورودها في الكتاب أوَّلا فأوَّل، فأرجو أن تكون وافيةً ببعض ما قصد مؤدية للغرض فيكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.

قصَّة لطيفةٌ عن أمِّ حاتم طيِّء المشهور بالجود
قال محمد بن جعفر الخرائطي في كتاب "مكارم الأخلاق": حدثنا العباس بن الفضل الربعي حدثنا إسحاق بن ابراهيم حدثني حماد الراوية ومشيخة من مشيخة طيئ قالوا: "كانت غنية بنت عفيف بن عمرو بن امرئ القيس أم حاتم طيِّء لا تمسك شيئا سخاء وجودا، وكان إخوتها يمنعونها فتأبى، وكانت امرأة موسرة فحبسوها في بيت سنة يطعمونها قوتها لعلها تكف عما تصنع، ثم أخرجوها بعد سنة وقد ظنوا أنها قد تركت ذلك الخلق فدفعوا إليها صرمة من مالها، وقالوا: استمتعي بها فأتتها امرأة من هوازن وكانت تغشاها فسألتها فقالت: دونك هذه الصرمة فقد والله مسني من الجوع ما آليت أن لا أمنع سائلا، ثم أنشأت تقول:

لعمري -لقدما- عضني الجوع عضة ... فآليت أن لا أمنع الدهر جائعا
فقولا لهذا اللائمي اليوم: أَعْفِنِي ... وإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا
فماذا عساكم أن تقولوا لأختكم ... سوى عذلكم أو عذل من كان مانعا
وماذا ترون اليوم إلا طبيعةً ... فكيف بتركي -يا ابن أمي- الطَّبائعا
"البداية والنهاية"(3/ 262).

لطيفتان عن أشعب الطَّامع!

هو أشعب بن جبير أبو العلاء، ويقال: أبو إسحاق المدني، ويقال له: ابن أم حميدة؛ وكان أبوه مولى لابن الزبير، قتله المختار، وهو خال الواقدي.

قال الشافعي: "عبث الولدان يوما بأشعب، فقال: إن هاهنا أناسا يفرقون الجوز. فتسارعوا إلى ذلك، فلما رآهم مسرعين قال: لعله حق. فتبعهم".

وقال له بعضهم: "ما بلغ من طمعك؟ فقال. ما زفَّت عروس بالمدينة إلا رجوت أن تزف إلي فكسحت داري ونظفت ثيابي".

"البداية والنهاية"(13/ 431-432)

ظرافة أبي دلامة الشَّاعر مع المنصور
أبو دلامة زند بن الجون، الشَّاعر الماجن، أحد الظُّرفاء، أصله من الكوفة، وأقام ببغداد، وحظي عند أبي جعفر المنصور; لأنه كان يضحكه، وينشده ويمدحه; حضر يوما جنازة امرأة المنصور وابنة عمه حمادة بنت عيسى، وكان المنصور قد وجد عليها، فلما شهد القبر نظر إليه المنصور ثم قال لأبي دلامة: ويحك يا أبا دلامة! ما أعددت لهذا؟ فقال: ابنة عم أمير المؤمنين. فضحك المنصور حتى استلقى، ثم قال: ويحك! فضحتنا بين الناس.

"البداية والنهاية"(13/ 491).

محمد بن يحيى "حامل كفنه" والسِّرُّ في ذلك!
هو أبو سعيد محمد بن يحيى سكن دمشق، وكان يدعى بحامل كفنه، وذلك ما ذكره الخطيب؛ قال: "بلغني أنه توفي فغسل وكفن وصلي عليه ودفن فلما كان الليل جاء نباش ليسرق كفنه ففتح عليه قبره فلما حل عنه كفنه استوى جالسا وفر النباش هاربا من الفزع ونهض محمد بن يحيى هذا فأخذ كفنه معه وخرج من القبر وقصد منزله فوجد أهله يبكون عليه فدق عليهم الباب، فقالوا: من هذا؟ فقال: أنا فلان. فقالوا: يا هذا لا يحل لك أن تزيدنا حزنا إلى حزننا. فقال: افتحوا والله أنا فلان، فعرفوا صوته فلما رأوه فرحوا به فرحا شديدا وأبدل الله حزنهم سرورا ثم ذكر لهم ما كان من أمره وأمر النباش".

وكأنه قد أصابته سكتة ولم يكن قد مات حقيقةً فقدَّر الله بحوله وقوَّته أن بعث له هذا النبَّاش ففتح عليه قبره فكان ذلك سبب حياته فعاش بعد ذلك عدة سنين ثم كانت وفاته في هذه السنة (299).

"البداية والنهاية"(14/ 777).

قصَّة عجيبة لأبي نصر المروزيِّ وبركة الصَّلاة!
أبو نصر المروزي، كان إماما في القراءات وله فيها المصنفات، وسافر في ذلك كثيرا، واتَّفق له أنه غرق في البحر في بعض أسفاره; فبينما الموج يرفعه ويضعه إذ نظر إلى الشمس قد زالت فنوى الوضوء وانغمس في الماء، ثم صعد فإذا خشبة فركبها وصلى عليها ورزقه الله السلامة ببركة الصلاة وعاش بعد ذلك دهرا وتوفي في هذه السنة (484) وله نيف وتسعون سنة.

"البداية والنهاية"(16/ 121).

آخره، والحمد لله رب العالمين.
فتحي إدريس
24/شعبان/1436


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 13 Jun 2015 الساعة 03:29 PM
رد مع اقتباس