عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 02 Nov 2013, 05:42 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

تَعْريفُ الطَّبَقَةِ لُغَةً


الطَّبَقَةُ : مفرد طبقات ، و مرجع طبقة لمادة (طََبَقَ) ، و قد تكلَّم علماء اللُّغة عن هذه المادة و معانيها.
قال ابن فارس : " الطاء و الباء و القاف أصل صحيح واحد ، و هو يدُلُّ على وضع شيء مبسوط على مثله حتى يُغَطِّيهِ ، من ذلك الطَّبَق . تقول : أطبقت الشَّيء على الشَّيء ، فالأوَّلُ طَبَقٌ للثاني ، و قد تطابقا..."([1]) .
" و قال اللًّيث([2]) : و السَّمَاوَاتُ طِبَاقٌ بعضها على بعض ، و كلُّ واحد من الطِّباق طَبَقَة ، و يُذَكَّرُ فيقال : طَبَقٌ .
و قال ابن الأعرابي([3]): الطَّبَقُ : الأمَّة بعد الأمَّة .
و قال الأصمعي([4]): الطِّبْقُ بالكسر : الجماعة من النَّاس .
و قال ابن سيِّده([5]): الطَّبَقُ : الجماعة من النَّاس يعدلون جماعة مثلهم . وقيل : هو الجماعة من الجراد و النَّاس .
و قيل : طبقات النَّاس : هي مراتبهم..."([6]).
وقد استخلص العلاَّمة اللُّغوي محمود شاكر تعريفاً للطَّبقة استقاه من مجموع كلام أئمة اللُّغة على مادة (طبق) ، و هو يُعدُّ من أجود التعريفات للطَّبقة ، قال رحمه الله : " و مادة (طبق) تؤول أكثر معانيها في لسان العرب إلى تماثل شيئين ؛ إذا وضعت أحدهما على الآخر ساواه ، و كانا على حذو واحد ، فقيل منه: تطابق الشيئان إذا تساويا و تماثلا ، و سَمَّوْا كلَّ ما غطَّى شيئاً (طبقا) ، لأنه لا يغطِّيه حتى يكون مساوياً له ، ثم لا يغطِّيه حتى يكون فوقه ؛ فسمَّوْا مراتب النَّاس و منازل بعضهم فوق بعض (طبقات) ، و لـمَّا كانت كلّ مرتبة من المراتب لها حال و مذهب ؛ سمَّوْا الحال المميزة نفسها (طبقة) فقالوا : (فلان من الدنيا على طبقات شتـى) ؛ أي : على أحوال شتـى...([7]) .
ولم يذكر في القرآن الكريم لفظ (الطبقة) ، ولكن جاء فيه ذكر لفظ (طَبَقٌ) و (طِبَاقٌ) .
والطبق : الحال ، قال الله تعالى :(لتركبن طبق عن طبق) ([8]) .
وقال تعالى :(الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)([9]). أي بعضها فوق بعض([10]).


أما في السُّنَّة فقد جاء ذكر الطَّبَقة صريحاً فيما رُوِيَ من حديث أبي سعيد الخدري tمرفوعاً : "... ألا إنَّ بني آدم خُلِقوا على طبقات شتى ؛ منهم من يُولد مؤمناً ، و يحيا مؤمناً..."([11])
والمراد هنا : أنَّهم على أحوال شتّى([12]) .
وقد ورد ذكر (الطبق) في كلام بعض الصَّحابة ، وهو بالمعنى السَّابق ، كما
في قول عمرو بن العاص رضي الله عنه:"إنِّي كنت على أطباق ثلاث..."([13]) .
وجاء من كلام أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بمعنى الجماعة من الناس ، قال رضي الله عنه: " لمَّا قدم رسول الله ﷺ كنَّا نُؤذِنُهُ لمن حضر من موتانا ؛ فيأتيه قبل أن يموت فيحضره، و يستغفر له ، و ينتظر موته ، قال : فكان ذلك ربَّما حبسه الحبس الطَّويل فشقَّ عليه ، قال: فقلنا ارفِقْ برسول الله ﷺ أن لا نُؤذنه بالمَيِّتِ حتى يموت ، قال : فكنَّا إذا مات المَيِّت آذناه به ، فجاء في أهله فاستغفر له ، و صلَّى عليه ، ثمَّ إن بدا له أن يشهده انتظر شهوده ، و إن بدا له أن ينصرف انصرف ، قال : فَكُنَّا على ذلك طبقة أخرى ، قال : فقلنا : أرفقُ برسول الله ﷺأن نحمل موتانا إلى بيته ، و لا نُشْخِصُه ونعنِّيه ، قال : ففعلنا ذلك فكان الأمر"([14])
الشاهد من ذلك قول أبي سعيد: " فَكُنَّا على ذلك طبقة أخرى".
وتُجمع كلمة (طبق) على طباق، وتجمع قِياساً جمع مؤنث سالم؛ فيقال: طبقات([15]) .
كما نلاحظ أنَّ الطَّبقة: مأخوذة من المُطَابَقةِ، وهي: الموافقة والمساواة، ومن التَّطاَبُق وهو الاتفاق. وتُطْلَقُ الطَّبَقَةُ أيضاً: على مراتبِ النَّاسِ.
وتُطْلَقُ كذلك : على الحال ، ومن ذلك تسميتهم للحال المميِّزة لمرتبة من المراتب ، طبقة .
أمَّا ابن الصَّلاح فقال في تعريفه للطَّبَقَةِ في اللُّغَةِ: "عبارة عن القوم المتشابهين"([16]).


تَعْرِيفُ الطَّبَقَةِ اصْطِلَاحًا
أمَّا أَوَّلُ من نصَّ على تعريف الطَّبَقَة في الاصطلاح فهو الإمام العراقي ؛ حيث قال بعد تعريفه لها في اللُّغَةِ : "وأمَّا في الاصطلاح : فالمراد التشابه في الأسنان و الإسناد ، و ربَّمَا اكتفوا بالمتشابه في الإسناد "([17]) .
ثمَّ تابعه على ذلك من جاء بعده من المُصنِّفِينَ في علوم الحديث ؛ حيث اعتمدوا تعريفه الاصطلاحي للطَّبَقَةِ ([18]).




(1) ابن فارس ، معجم مقاييس اللغة ، 3/439 .
(2) اللَّيث بن المُظَفَّر بن رافع بن سيّار ، اللغوي صاحب الخليل بن أحمد ، انظر : الحموي ، معجم الأدباء : 17/43-53 .
(3) هو محمد بن زياد ، أبو عبد الله الكوفي اللُّغوي توفي سنة 231هـ ، انظر : الزركلي ، الأعلام ، 6/131 .
(4) هو عبد الملك بن قريب الأصمعي ، أبو سعيد الباهلي البصري اللغوي توفي سنة 216 هـ ، انظر : الزركلي ، الأعلام ، 4/162.
(5) هو أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيِّده الأندلسي اللُّغوي ، توفي سنة 458 هـ ، انظر: الزركلي ، الأعلام 6/263 .
(6) ابن منظور ، لسان العرب ، 8/120-121 .
(7) ابن سلاَّم ، طبقات فحول الشعراء ، مقدمة الشيخ محمود شاكر ، 1/65 ، وانظر : مطر الزَّهراني ، علم الرجال ، ص : 39-40 ، وابن فارس ، مقاييس اللغة ، 3/439 ، والجوهري ، الصِّحاح ، 6/1512 ، وابن منظور ، لسان العرب ، 8/120-121 ، وابن سيِّده ، المحكم المحيط الأعظم ، 6/178 ، وجهاد شاهر المجالي ، مفهوم الطَّبقات في النّقد العربي حتى نهاية القرن الثالث الهجري ، ص : 6 وما بعدها ، ومنير سلطان ، ابن سلاَّم و طبقات الشعراء ، ص : 145 ، و شوقي ضيف ، تاريخ الأدب العربي ، ص : 67 .
(8) سورة الإنشقاق : الآية : 19.
(9) سورة الملك : الآية : 3.
(10) العمري ، أكرم ضياء ، بحوث في تأريخ السنة ، ص : 180 ، وانظر : الجوهري ، الصِّحاح ، 4/1512 ، وابن فارس ، معجم مقاييس اللغة ، 3/449 .
(11)ضعيف .
أخرجه أحمد في المسند ، (11143) ، (11169) ، (11426) ، (11587) ، (11796) ، و أبو داود الطيالسي في المسند ، (2156) ، وعبد بن حميد في المنتخب ، (684)، وأبو يعلى في المسند، (1101)، والحاكم في المستدرك ، 4/505 ، والبيهقي في شعب الإيمان ، (8289) ، كلهم من طريق حمَّاد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : خطبنا رسول الله ﷺ... الحديث .
وقال الحاكم : هذا حديث تفرَّد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القرشي ، عن أبي نضرة، و الشيخان رضي الله عنهما لم يحتجا بعلي بن زيد .
وتعقبه الذَّهبي بقوله : ابن جدعان صالح الحديث!!
وأخرجه التِّرمذي في الجامع ، كتاب الفتن ، باب : ما أخبر النَّبِيُّ ﷺبما هو كائن ، (2191)، والحميدي في المسند ، (752) عن سفيان بن عيينة ، والبغوي في شرح السنة ، (4039) ، من طريق حماد بن زيد ، والخطيب في "تاريخه" ، 10/237-238 من طريق شعبة ، ثلاثتهم ، عن علي بن زيد ، به .
و قال التِّرمذي : وهذا حديث حسن صحيح!!
قلت : و الحديث ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان ، قال عنه الحافظ في "التقريب": "ضعيف"، 2/37.
(12) انظر: محمود شاكر، مقدِّمة طبقات فحول الشعراء، 1/65-66.
(13) صحيح .
أخرجه مسلم في الجامع الصَّحيح ، كتاب الإيمان ، باب كون الإسلام يهدم ما قبله ، (192) (121) ، وأحمد في المسند ، (17777) و (17780) و (17813) و (17827) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى ، 4/258-259 ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" ، (801) ، وابن خزيمة في الصَّحيح ، (2515) ، وأبو عوانة في المسند ، 1/70 ، وابن منده في "الإيمان" ، (270) ، والبيهقي في السنن الكبرى ، 9/98 ، كلهم من طريق حيوة بن شريك ، عن يزيد بن أبي حبيب ، به .
(14) حسن .
أخرجه أحمد في المسند ، (11628) ، وابن حبان كما في "الإحسان" ، (3006) ، و الحاكم في المستدرك ، 1/357 ، والبيهقي في "السنن الكبرى" ، 4/74 ، من طريق فُلَيْح ، عن سعيد بن عبيد بن السباق ، عن أبي سعيد الخدري قال: الحديث .
وقال الحاكم: هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه !!ووافقه الذهبي!! . وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/26، وقال : رواه أحمد ، ورجاله ثقات!!
قلت : قال الحافظ بن حجر في "هدي الساري" ص : 435 " وفُلَيْح : هو ابن سليمان الخزاعي، تكلَّم بعض الأئمة في حفظه ، ولم يـُخرج له البخاري في الأحكام إلاَّ ما توبع عليه ، وأخرج له في المواعظ و الآداب وما شاكلها ، وروى له مسلم حديثاً واحداً وهو حديث الإفك ، وضعَّفه يحي ابن معين و النَّسائي وأبو داود ، وقال السَّاجي : هو من أهل الصدق ، وكان يهم . وقال الدَّارقطني : مختلف فيه ولا بأس به ، وقال ابن عدي : له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب ، وهو عندي لا بأس به . قلت : لم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما و إنَّما أخرج له أحاديث أكثرها في المناقب و بعضها في الرقاق " .
وقال في "التقريب" ، 2/114 "صدوق، كثير الخطأ".
(15) انظر : فاروق يوسف البحريني ، طبقات الرواة عن الإمام الزهري ممن له رواية في الكتب الستة، رسالة ماجستير ، إشراف : الأستاذ الدكتور الشيخ العلامة : حمّاد بن محمد الأنصاري رحمه الله ، الجامعة الإسلامية ، المدينة النَّبوية ، نوقشت عام 1410 هـ ، و46.
(16) ابن الصَّلاح ، علوم الحديث ، ص 399 .
(17) العراقي ، التبصرة والتذكرة ، 3/274-275 .
(18) ابن حجر ، نزهة النظر ، 131 ، وانظر : السخاوي ، فتح المغيث ، 4/394 ، والسيوطي ، تدريب الراوي ، 2/909-910 .


رد مع اقتباس