عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 26 Dec 2010, 04:46 PM
أبو عبد الله بلال يونسي أبو عبد الله بلال يونسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 283
افتراضي " الخطابات والأخبار الشعرية بين الطلبة وشيوخهم "


ثانيا :

الصوارم الحداد :

قصيدة السائل التي وجهها إلي المؤلف:



أعن العذول يطيق يكتم ما به ** والجفن يغرق في خليج سحابه
جازت ركائبه الحمى فتعلقت ** أحشاؤه بشعابه وهضابه
نفد الزمان وما نفدن مسائلي ** في الحب والتنقير عن أربابه
فركضت في ميدانه وكرعت من ** غدرانه وركعت في محرابه
وسألت عن تحقيقه وبحثت عن ** تدقيقه وكشفت عن أسبابه
فوجدت أخبار الغرام كواذبا ** في أكثر الفتيان من طلابه
ولقلما نلقى امرأ متصوفا ** ينحو طريق الحب من أبوابه
فيميت من شهواته لحياته ** ويرد فضل ذهابه لإيابه
وجد الخطيئة كالقذاة لعينه ** فرمى بها في الدمع عن تسكابه
وحمى الحقيقة في الطريقة سالكا ** نهج النبي قد اقتدى بصوابه
تمضي به اللحظات وهو محاسب ** للنفس قبل وقوفه لحسابه
هذي الطريقة للمريد مبلغ ** مخ التصوف فهي لب لبابه
وجماعة رقصوا على أوتارهم ** يتجاذبون الخمر عن أكوابه
يتواجدون لكل أحوى أحور ** يتعللون من الهوى برضابه
أصحاب أحوال تعدوا طورهم ** فتنكروا في الحال عن أحزابه
زجروا مطاياهم إليه وإنما ** نكص الغرام بهم على أعقابه
دعواك معرفة الغيوب سفاهة ** والشرع قاض والنهى بكذابه
فمن المحال يرى امرؤ من غيره ** ما في الضمير بدون رفع نقابه
وخرافة بشر يرى متشكلا ** متمكنا من لبس غير إهابه
رجحت نهاي فلا أصدق ما سوى ** رسل المليك وترجمان كتابه
فدع التصوف واثقا بحقيقة ** واحرص فلا يغررك لمع سرابه
للقوم تعبير به يسبي النهى ** طربا ويثني الصب عن أحبابه
ويرون حق الغير غير محرم ** بل يزعمون بأنهم أولى به
لبسوا المدارع واستراحوا جرأة ** عن أمر باريهم وعن إيجابه
خرجوا عن الإسلام ثم تمسكوا ** بتصوف فتستروا بحجابه
فأولئك القوم الذين جهادهم ** فرض فلا يعدوك نيل ثوابه
وإذا أرابك ما أقول فسل به ** من عنده في الحكم فصل خطابه
علامة المعقول والمنقول من ** حكمت له العليا على أترابه
فذ الزمان وتوءم المجد الذي ** ساد الأكابر في أوان شبابه
بدر الهدى النظار سله مقبلا ** كفيه ملتمسا لرد جوابه
فمحمد بن علي بن محمد ** مني ومنك محققا أدرى به
سله زكاة الاجتهاد فإنه ** إن صح فقرك محرز لنصابه

ابتداء الجواب من العلامة الشوكاني :


هذا العقيق فقف على أبوابه ** متمايلا طربا لوصل عرابه
يا طالما قد جئت كل تنوفة ** مغبرة ترجو لقا أترابه
وقطعت أمتاع الرواحل معربا ** في كل حي جئته بطلابه
حتى غدت غدران دمعك فيضا ** بالنفح في ذا السفح من تسكابه
والعمر وهو أجل ما خولته ** أنفقته في الدور في أدرابه
وعصيت فيه قول كل مفند ** وسددت سمعا عن سماع خطابه
بشراي بعد اليأس وهي حظية ** بتبدلي سهل الهوى بصعابه
قد أنجح الله الذي أملته ** وكدحت فيه لنيل لب لبابه
وهجرت فيه ملاعبي ولقيت فيه ** متاعبي ومنيت من أوصابه
وشربت كاسات الفراق وقد غدت ** ممزوجة بزعافه وبصابه
وبذلت للهادي إليه نفائسي ** ومنحته مني بملء وطابه
فحططت رحلي بين سكان الحمى ** وأنخته في مخصبات شعابه
وشفيت نفسي بعد طول عنائها ** في قطع حزن فلاته وهضابه
ووضعت عن عنقي عصا الترحال لا ** أخشى العذول ولا قبيح عتابه
فأنا ولا فخر العليم بأرضه ** وأنا العروف بسانحات عقابه
وأنا العليم بكل ما في سوحه ** وأنا المترجم عن خفي جوابه
يابن الرسول وعالم المعقول والمنقول ** أنت بمثل ذا أدرى به
لا تسألن عن العقيق فإنها ** قد ذللت لك جامحات ركابه
وكرعت في تلك الموارد برهة ** وشربت صفو الود من أربابه
وقعدت في عرصاته متمايلا ** متبسما نشوان من إطرابه
واسلم ودم أنت المعد لمعضل ** أعيا الورى يوما بكشف نقابه
وخذ الجواب فما به خطل ولا ** عصبية قدحت بغير صوابه
سكانه صنفان صنف قد غدا ** متجردا للحب بين صحابه
قد طلق الدنيا فليس بضارع ** يوما لنيل طعامه وشرابه
يمضي على سنن الرسول مفوضا ** للأمر لا يلوي للمع سرابه
يرضى من الدنيا بميسور ولا ** يغتم عند نفارها عن بابه
متقللا منها تقلل موقن ** بدروس رونقها وقرب ذهابه
متزهدا فيما يزول مزايلا ** إدراك ما يبقى عظيم ثوابه
جعل الشعار له محبة ربه ** وثنى عنان الحب عن أحبابه
أكرم بهذا الصنف من سكانه ** أحبب بهذا الجنس من أحزابه
فهم الذين أصابوا الغرض الذي ** هو لامرا في الدين لب لبابه
ولكم مشى هذي الطريقة صاحب ** لمحمد فمشوا على أعقابه
فبها الغفاري قد أناخ مطيه ** ومشى بها القرني بسبق ركابه
وبها فضيل والجنيد تجاذبا ** كأس الهوى وتعللا برضابه
وكذاك بشر وابن أدهم أسرعا ** مشيا به والكينعي مشى به
أما الذين غدوا على أوتارهم ** يتجاذبون الخمر عن أكوابه
ولوحدة جعلوا المثاني مؤنسا ** واللحن عند الذكر من إعرابه
ويرون حق الغير غير محرم ** بل يزعمون بأنهم أولى به
فهم الذين تلاعبوا بين الورى ** بالدين وانتدبوا لقصد خرابه
قد أنهج الحلاج طرق سبيلهم ** وكذاك محي الدين لا أحيا به
وكذاك فارضهم بتائياته ** فرض الضلال عليهم ودعا به
وكذا ابن سبعين المهين فقد غدا ** متطورا في جهله ولعابه
رام النبوءة لالعا لعثاره ** روم البغاث مصيره كعقابه
والتلمساني قال قد حلت له ** كل الفروج فخذ بذا وكفى به
وكذلك الجيلي أجال جواده ** في ذلك الميدان ثم سعى به
إنسانه إنسان عين الكفر لا ** يرتاب فيه سابح بعبابه
نهقوا بوحدتهم على روس الملا ** ومن المقال أتوا بعين كذابه
إن صح ما نقل الأئمة عنهم ** فالكفر ضربة لازب لصحابه
لا كفر في الدنيا على كل الورى ** إن كان هذا القول دون نصابه
قد ألزمونا أن ندين بكفرهم ** والكفر شر الخلق من يرضى به
فدع التأول للنصوص ولا تكن ** كفتى يغطي جيفة بثيابه
قد صرحوا أن الذي يبغونه ** هو ظاهر الأمر الذي قلنا به
هذي فتوحات المشوم شواهد ** أن المراد له نصوص كتابه

رد مع اقتباس