عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20 Jun 2018, 01:12 AM
أحمد القلي أحمد القلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2017
المشاركات: 135
افتراضي مناقشة مذهب المالكية في كراهة صوم الست من شوال ؟




الكراهة هي مذهب الامام مالك وأبي حنيفة في صيام ست من شوال
جاء في الموطأ عن الامام مالك



(( قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ: إنِّي لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ خِفَّتَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ ).
كل يأخذ من قوله ويترك الا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم كما قال الامام مالك

لأنه علم ببصيرته النافذة أنه سيأتي أقوام من بعده ينتصرون لمقالته وياخذونها ولا يتركونها ولا يفرطون فيها و يعارضون بها ما استيقنته أنفسهم و تلقته أسماعهم من صريح سنة صاحب القبر المعصوم صلى الله عليه وسلم

و اجتهد أمثلهم طريقة في أن يلتمسوا له العذر والمخرج في ترك العمل بالحديث ,
فتارة يضعفون الاسناد بأي مقالة تلوح لهم في أحد رواته
وتارة يطعنون في المتن أنه مخالف لعمل أهل المدينة
واضطرب ابن عبد البر , فتارة يقول لعل الحديث لم يبلغ مالكا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ وَالْإِحَاطَةُ بِعِلْمِ الْخَاصَّةِ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ وَالَّذِي كَرِهَهُ لَهُ مَالِكٌ أَمْرٌ قَدْ بَيَّنَهُ وَأَوْضَحَهُ وَذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يُضَافَ إِلَى فَرْضِ رَمَضَانَ وَأَنْ يَسْتَبِينَ ذَلِكَ إِلَى الْعَامَّةِ وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُتَحَفِّظًا كَثِيرَ الِاحْتِيَاطِ لِلدِّينِ)) انتهى
ومرة أخرى يقول أنه بلغه لكن استضعفه ولم يبلغ عنده مرتبة الاحتجاج , فالحديث من مفردات عمر بن ثابت المدني روى عنه مالك كما قال أبو حاتم

قال (وَمَا أَظُنُّ مَالِكًا جَهِلَ الْحَدِيثَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ انْفَرَدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَلَوْلَا عِلْمُهُ بِهِ مَا أَنْكَرَهُ وَأَظُنُّ الشَّيْخَ عُمَرَ بْنَ ثَابِتٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَرَكَ مَالِكٌ الِاحْتِجَاجَ بِبَعْضِ مَا رَوَاهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إِذَا لَمْ يَثِقْ بِحِفْظِهِ بِبَعْضِ مَا رَوَاهُ ))

ثم عاد وقال رحمه الله تعالى

(( وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَهِلَ الْحَدِيثَ وَلَوْ عَلِمَهُ لَقَالَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ)) انتهى من الاستذكار
وحديث أبي أيوب رواه مسلم محتجا به وصححه الترمذي
و طعن فيه لأجل سعد بن سعيد المدني الراوي عن عمر بن ثابت فقد ضعفه أحمد وتكلم الأئمة في حفظه وقال النسائي ضعيف وثال مرة : ليس بالقوي
وهذا لا يضره فقد قال فيه أبو حاتم (صالح ) و احتج به مسلم , و أخرج له هذا الحديث في كتابه لقرائن وشواهد ومتابعات انضافت الى روايته تلك التي لم يتفرد بها عن عمر كما زعموا
وقد تابعه ثقتان ثبتان هما أخوه يحيى بن سعيد وكذا صفوان بن سليم .

وانما لم يخرج البخاري هذا الحديث لأن سعيدا هذا ليس من شرطه لكن قد روى له مستشهدا به .


ثم قالوا ان عمر بن ثابت قد تفرد به عن أبي أيوب ومثله لا يقبل تفرده بمثل هذا الأصل
وهذا أيضا مردود فهو لم يتفرد بهذا الحديث فله شاهد قوي من حديث ثوبان
مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ جَعَلَ اللَّهُ الْحَسَنَةَ بِعَشْرٍ فَشَهْرُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ تَمَامُ السَّنَةِ))

و قد أشار ابن حبان في صحيحه الى هذا الاعتراض ورده , فبعد أن روى الحديث عن أبي أيوب قال (ذِكْر الْخَبَر الْمُدْحِض قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَر تَفَرَّدَ بِهِ عُمَر بْن ثَابِت عَنْ أَبِي أَيُّوب )) انتهى
ثم روى حديث ثوبان
والحاصل أن الحديث قد صح واتضح , ولم يبق لمن رده الا تأويله
ومن قال أن هذا الصيام يدخل على العامة مفسدة اعتقاد وجوبه أو الحاقه بعدة رمضان فهذه علة لا تسقط بموجبها السنن والمستحبات
ولو تتبعنا مثل هذا التعليل لأبطلنا كل سنة لحقت الفريضة أو استقلت عنها
ومنها الرواتب التي تصلى مع الفرائض , و الايراد نفسه يرد على صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء
والعجيب أن الامام مالك بعد أن صرح بكراهية صوم هاته الأيام , صرح في الموطأ باستحباب صوم يوم الجمعة مع ورود النهي الصحيح الصريح في كراهية افراده بالصوم
فقال (وَقَالَ مَالِكٌ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَمَنْ يَقْتَدِي بِهِ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصِيَامُهُ حَسَنٌ وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأَرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ)) انتهى من الموطأ

وقيل أن هذا الذي كان يتحراه هو محمد بن المنكدر

والامام مالك قد يترك العمل بالحديث لأجل عمل أهل المدينة
كما كره الصلاة على القبر مع علمه بخبر صلاة النبي عليه السلام على المرأة السوداء , وقال جاء هذا الحديث وليس عليه العمل أو كما قال
لكن ترك أهل المدينة العمل بالحديث لا يوجب تركه , فالصحابة تفرقوا في الأامصار ويوجد عند بعضهم من العلم ما لا يوجد عند بعضهم الآخر
والكلام في هذا الأصل متشعب و يطول بسطه
والمقصود أن السنة واضحة جلية و لا يجوز لأحد تركها لأجل سوابق التبعية ومضائق العصبية بعد أن تلاحت له سبيلها النيرة ومقاماتها العلية


التعديل الأخير تم بواسطة أحمد القلي ; 20 Jun 2018 الساعة 06:52 PM
رد مع اقتباس