عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 03 Jul 2020, 08:14 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي



السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته



في هذه المشاركة، سوف أتطرّق إن شاء الله، إلى أمر جدّ مهمّ عند المسلم، حيث نجد ارتباط قويّ بين الإيمان والعمل، إذ لايكون إيمان بأمر إلاّ ويعمل به صاحبه، على يقين أنّ العمل ثمرة لذلك الإيمان كحصاد ناتجٍ عن زرعٍ تمّ في أرضٍ تصلح للبذر، وتتهيّأ لإخراج محصولٍ ينفع النّاس.

فالمسلم المجيب لما دعاه الله إليه، في استقامة صادقة على شريعته، بمثابة الأرض النّافعة التي تزوّد النّاس بما ينعشهم في الدنيا والآخرة.



قال الله تعالى في سورة الكهف بعد ما بيّن عقوبة مَن خالف داعي الله، وقد سمّاهم الظّالمين، على كفرهم بما جاء به المرسلون. قال الله سبحانه، مدحًا فيمَن استجابوا لله ورسله، وإظهارًا للجزاء الذي سوف ينالونه من حسن إيمانهم الذي أثمر العمل به، وعدًا عليه حقًّا، ومَن أوفى بعهده من الله سبحانه، قال عزّوجل: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا"

يقول الإمام الطبري رحمه الله في تأويل الآية: ( يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين صدقوا الله ورسوله، وعملوا بطاعة الله، وانتهوا إلى أمره ونهيه، إنّا لا نضيع ثواب مَن أحسن عملا فأطاع الله، واتّبع أمره ونهيه، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنّات عدن تجري من تحتها الأنهار....
فإن قال قائل: وأين خَبَر " إنّ " الأولى؟ قيل: جائز أن يكون خبرها قوله: ( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا ) فيكون معنى الكلام:
إنّا لا نضيع أجر مَن عمل صالحا، فترك الكلام الأوّل، واعتمد على الثاني بنية التكرير، كما قيل : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) بمعنى: عن قتال فيه على التكرير، وكما قال الشاعر:
إنَّ الخَلِيفَـــةَ إنَّ اللـــهَ سَــرْبَلَهُ
سِـرْبالَ مُلْـك بِـهِ تُرْجَـى الخَـواتِيمُ
(8)

ويروى: تُرْخَى ، وجائز أن يكون: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) جزاء ، فيكون معنى الكلام: إنّ مَن عمل صالحا فإنّا لا نضيع أجره، فتضمر الفاء في قوله " إنّا " ، وجائز أن يكون خبرها: أولئك لهم جنات عدن، فيكون معنى الكلام: إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أولئك لهم جنات عدن.
------------------------------------------------
الهوامش:
(8) في ( اللسان : سربل ) السربال : القميص والدرع . وفي حديث عثمان : " لا أخلع سربالا سربلنيه الله " كنى به عن الخلافة . واستشهد به المؤلف على أن التكرار في قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ ..... الآية ، له نظير في قول الشاعر : " إن الخليفة إن الله سربله . . . " البيت . وقد بين وجهي الإعراب في المكرر . والبيت من شواهد الفراء في ( معاني القرآن : الورقة 185 من مصورة الجامعة ) قال : خبر الذين آمنوا في قوله : إنّا لا نضيع وهو مثل قول الشاعر : إن الخليفة . . . البيت ، فإنه في المعنى : إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا . فترك الكلام الأول ، واعتمد على الثاني ، بنية التكرير . كما قال : " يسئلونك عن الشهر الحرام " ، ثم قال : قتال فيه " يريد : عن قتال فيه ، بالتكرير ويكون أن تجعل " إن الذين آمنوا وعملوا " في مذهب جزاء ، كقولك : إنّ مَن عمل صالحا فإنّا لا نضيع أجره ، فتضمر الفاء في قوله " فإنا " ، وإلقاؤها جائز ، وهو أحب الوجوه إلي . ) انتهـ.

ويلخّص الشيخ السعدي تفسير الآية بقوله رحمه الله:

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)

ثم ذكر الفريق الثاني فقال: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أي: جمعوا بين الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وعمل الصالحات من الواجبات والمستحبات، (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)، وإحسان العمل: أن يريد العبد العمل لوجه الله، متّبعا في ذلك شرع الله. فهذا العمل لا يضيعه الله، ولا شيئا منه، بل يحفظه للعاملين، ويوفيهم من الأجر، بحسب عملهم وفضله وإحسانه) انتهـ.



سُئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ورعاه هكذا

انتشر على الإنترنت مقال يقول فيه صاحبه: إن كثيرًا من العلماء؛ يقولون: الإيمان أصل والعمل كمال؟

فكان الجواب: هذا ما يدري! اللي يقول هذا الكلام ما يدري! هذا إمعة يسمع من يقول هذا القول ويردده.
الإيمان: قولٌ واعتقادٌ وعمل، لابدَّ من الثلاثة: قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالقلب، وعملٌ بالجوارح، لابد من الثلاثة، هذا ما درج عليه السلف الصالح وأئمّة الهدى قديمًا وحديثًا. والذي يظهر ويجيب مسائل شاذة ومسائل خلافية ويشوش بها على الناس؛ هذا ما يُلتفت إليه. نعم.

المصدر



الصور المرفقة
نوع الملف: png آمنت بالله.png‏ (229.5 كيلوبايت, المشاهدات 2167)
نوع الملف: png إذا أراد الله بعبدٍ خيرا عسله.png‏ (593.2 كيلوبايت, المشاهدات 2114)
نوع الملف: png شرطا قبول العمل.png‏ (836.6 كيلوبايت, المشاهدات 2107)
نوع الملف: png إنّ الذين آمنوا.png‏ (672.5 كيلوبايت, المشاهدات 2300)
رد مع اقتباس