عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 21 Jul 2014, 02:34 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

الحمد لله.
هذه طُرر مكمِّلة لبعض ما أُجمل أو أُغفل في المقال تتضمَّن الإجابة عمَّا ورد من إخواننا حفظهم الله وبارك فيهم.


«صفة إحياء اللَّيل بالعبادة»، ذكرت هذه العبارة لأنَّ ذلك هو سنَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ليالي العشر كما صحَّ به الحديث عن عائشة رضي الله عنها في «الصَّحيحين» وغيرهما، وفي معنى إحياء اللَّيل قولان ذكرهما الحافظ ابن رجب رحمه الله في «لطائف المعارف»، إمَّا إحياؤه كلَّه أو أكثره، والظَّاهر الأوَّل.


«وهي الَّتي يسمونها التَّهجُّد» هذا بحسب ما شاع عندنا في الاستعمال، أمَّا بحسب التَّسميَّة الشَّرعيَّة الَّتي نطقت بها النُّصوص فالتَّهجُّد اسمٌ لمطلق صلاة اللَّيل كاسم «قيام اللَّيل»، والتراويح أخصُّ منهما، فهي اجتماع المسلمين لقيام ليالي رمضان أوَّلَ اللَّيل.


ممَّا يفعله بعض إخواننا في البلاد الَّتي يصلِّي أهلُها في العشر صلاة التَّهجُّد ـ بالمعنى العرفي ـ أن يصلِّي العشاء مع النَّاس ثمَّ ينصرف ولا يصلِّيَ التَّراويح ليرجع فيصلِّيَ التَّهجُّد معهم ويوتر بوترهم أو منفردًا إن لم يكونوا يوترون، وهذا العمل رأينا بعض مشايخنا يفعله في الحرمين بحكم أنَّ أئمَّة التَّراويح هناك يصلُّون عشرين ركعة، والمعلوم أنَّ سنَّة النَّبي صلى الله عليه وسلم أن لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، فلمَّا كانوا في آخر اللَّيل يصلونها أوفق للسنَّة رجَّحوا تأخيرها إلى ذلك الوقت، فيؤخذ من هذا أنَّ تأخير الصَّلاة ليصلِّي آخر اللَّيل مع من يصلِّي يُشرع أو يستحبُّ لمصلحة راجحة كموافقة السنَّة أو أنَّه أخفُّ عليه أو أحضر لقلبه ، أمَّا من غير مصلحة فالأفضل أن يصلِّي أوَّل اللَّيل مع المسلمين.
قال أبوداود السَّجستاني رحمه الله: قيل لأحمد وأنا أسمع: يؤخَّر القيام يعني التَّراويح إلى آخر اللَّيل؟ قال: «لا، سنَّة المسلمين أحبُّ إليَّ»، .قال: «وكان أحمد يقوم مع النَّاس حتَّى يوتر معهم ولا ينصرف حتَّى ينصرف الإمام، شهدته شهر رمضان كلَّه يوتر مع إمامه إلَّا ـ أرى ـ ليلةً لم أحضر».


«الأحسن له أن يصلِّيَ مع الإمام حتَّى ينصرف، ولا يسلِّم بتسليمه من الوتر، بل يشفع وترَه بركعة أخرى ثمَّ يصلِّي التَّهجُّد مع من يصلِّي إن شاء».
لا يُشكل على هذا الأمرُ بمتابعة الإمام، لأنَّ متابعة الإمام معناها أن يركع بركوعه ويسجد بسجوده فيتابعه في الأركان لا يسابقُه ولا يتأخر عنه، أمَّا بعد أن يسلِّم الإمام فإنَّ المأموم يصلِّي على حسب ما شُرع له، ولهذا إن علم أنَّ الإمام قام إلى خامسة لا يتابعُه، وإذا سلَّم الإمامُ وعلى المأموم بقيَّةٌ من صلاته فلا يتابعُه أيضًا، بل يتمُّ صلاته، فمخالفةُ الإمام لإقامة ما يلزم إقامتُه من أمور الصَّلاة ليس مخالفةً منهيًّا عنها.



«ولا يُمنع من ذلك، لأنَّه خير لا يمكنه أن يحصِّله بما هو أفضل منه».
نعم، لا يُمنع من ذلك ما دام أنَّ ذلك الفعل ليس محرَّمًا ولا بدعةً منهيًّا عنها، إنَّما هو خلافٌ للهدي الأكمل، أمَّا من اعتقد أنَّه بدعة محرَّمة فلا يسعه إلَّا أن يمتنع هو منه ويمنع منه من يسأله ويثق فيه، وهذا في حقِّ طالب العلم العارف بمآخذ الأقوال وأدلَّتها، العارف بمراتب الأدلة ودرجاتها، لا في حقِّ المقلد، إذ المقلِّد يجوز له أن يعمل بما لا يعلم دليله رخصةً في حقِّه، لا يجوز له أن يأمر بها غيره أو يحملهم عليها.

رد مع اقتباس