عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28 Dec 2013, 01:23 PM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي هل تصح نسبة «رسالة في الرد على الرافضة» للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -؟

بسم الله الرحمن الرحيم


انتشر بين النَّاس عمومًا وطلاَّب العلم خصوصًا كتاب باسم
«رسالةٌ في الرَّدِّ على الرَّافضة» منسوبًا لشيخ الإسلام محمَّد بن عبد الوهاب - رحمه الله - (ت: 1206هـ)، ولم يشُكَّ في نسبته إليه أحدٌ أبدًا.
وأوَّل من نشره هو الدُّكتور ناصر بن سعد الرشيد - حفظه الله - سنة (1400هـ)، وعلى نَشرته اعتمد من جمع مؤلَّفات الشَّيخ،
وكلُّ من طبع الكتاب بعده، أو حقَّقه تابعه في ذلك!
وقد ذكر الدُّكتور ناصر الرشيد في مقدمة تحقيقه أنَّه اعتمد على مخطوطٍ جلبه من العراق، وأنه عمل عليه وحققه.
وفي جمادى الآخر من سنة أربع وثلاثين وأربعمائة وألف نشر الأستاذ إبراهيم بن عبد العزيز اليحيى - حفظه الله - [وهو مفهرس في مكتبة الملك عبد العزيز بالرياض] في الشَّبكة العنكبوتية نسخةً مخطوطةً من مكتبة عبد العزيز العامة بالرياض، وعليها عنوان «ركضة في ظهر الرفضة» لمؤلِّفها محمَّد حياة السِّندي - رحمه الله - (ت: 1163هـ)، وهو من مشايخ محمَّد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، كما أثبته الناسخ، وقد كتب هذه النسخة في حياة المصنف (أعني: السندي)، ويظهر أن الناسخ تلميذ له، أو ممن يحضر مجالسه، ويبدو أنه من طلاب العلم، لذا خلت نسخته من الأخطاء [انظر الصورة].

نظرت في الكتاب، وبدأت نسخه على الجهاز، ثمَّ نبَّهني أخي الكريم فتحي إدريس - حفظه الله - إلى أنَّ الكتاب هو نفسه «رسالة في الرد على الرافضة» لمحمَّد بن عبد الوهاب، فتعجبت وقلت: سأنظر.
ولـمَّا نظرت وجدته كذلك، فاتَّصلت على الأستاذ إبراهيم، وكلَّمت بعض المشايخ، فتعجَّبوا! وشجعوني على المضي قدما في خدمة الكتاب.
فقلت - في نفسي -: ليس من السَّهل أن يدَّعي الطَّالب شيئًا لم يسبق إليه! خاصة أنه للشيخ المجدد.
ومما شجعني على خدمة الكتاب أيضا أنه لم يذكره من ترجم الشيخ، بل قال الدكتور صالح العبود في
«عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب» (ص 128- ط.الجامعة الإسلامية): «فلعله هو مختصر المنهاج الذي ذكره ابن قاسم».
فاحتمال كبير أن يكون التبس هذا الأمر على بعضهم، فظن أن الكتاب للشيخ فنسبه إليه، ومضى من بعده عليه، كما حصل في كتاب

«تمني الموت» الذي نسب للشيخ أيضا.
فبدأت أشتغل على الكتاب، وقد قارب الانتهاء ولله الحمد، وتلخص لدي ما يلي:


[أ] أن الكتاب نسب خطأ لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، والدليل على ذلك ما يلي:
1. المثبت في النسخ التي بين يدي - وهي ثلاثة - نسبة الكتاب إلى الشيخ محمد حياة السندي - رحمه الله -.
النسخة السعودية (راجع ما أثبته الناسخ)
النسخة الهندية (انظر الصورة)


النسخة الأذربيجانية (انظر الصورة)



2. المثبت في آخر الكتاب في النسخة السعودية ما يلي: «تمت الرسالة الشريفة المسماة بـ«ركضة في ظهر الرفضة» للعالم العلامة، والنحرير الفهامة، منبع العلوم المنقول، مجمع المعارف المعقول، جامع الفضائل العلمية، حاوي المكارم العملية، شيخنا ومولانا، الشيخ محمد حياة السندي ولادة، والمدني إقامة - نفعنا الله ولجميع المسلمين - بآثار علومه، ونورنا بأنوار معارفه ويقينه.
بيد أحقر العباد وأضعفهم، الراجي شفاعة النبي الشافع: جمال الدين محمد بن الشيخ عبد الواسع، في المدينة المنورة، عند الروضة المقدسة، في اليوم الرابع من شهر رجب سنة ثمان وخمسين ومائة وألف من هجرة النبوي، صلى الله على صاحبها أفضل الصلوات، وأكمل التحيات، وأزكى التسليمات، وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين».

3. نفس الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) غيره في هذا الكتاب.

4. أن الكتاب مختصر لكتاب «النواقض» للبرزنجي (ت: 1103هـ) وهو من مشايخ الهند، والسندي أولى بالنقل عنه.

5. أنه نقل عن بعض علماء الهند المعروفين في المدينة كالسَّمهُّودي، وليست هذه عادة الشيخ - رحمه الله -.

[ب] أن المحقق تصرف في الأصل، ولا أدري سبب ذلك، والدليل:

1. في النسخ الخطية: «فهذا مختصر جله من «النواقض» للسيد محمد البرزنجي - تغمده الله بالرحمة والرضوان -».





فغيرها إلى: «فهذا مختصر مفيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب - تغمده الله بالرحمة والرضوان .
ومن نظر في كتاب «النَّواقض على الروافض» للبرزنجي علم يقينًا أنَّ الكتاب الذي نسب لمحمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - هو مختصر له.

2. في النسخ الخطية: «قال العلامة السيد الشريف نور الدين السمهودي».



وأثبتها المحقق: «قال الشيخ ابن تيمية الحنبلي الحراني»!!
والعجيب أن في هذا النقل ما نصه: «قال ابن القيم»! وليس من أسلوب ابن تيمية - رحمه الله - أن يقول هذا.
ومما يدعم ما ذكرت أن هذا الكلام هو للشريف السمهودي رحمه الله (ت: 911هـ)، وقد ذكره في «جواهر العقدين في فضل الشرفين: شرف العلم الجلي، والنسب العلي» (ص 465) [بواسطة «القول السديد في سيرة الحسين الشهيد» (ص 223)].
أما نسبة المحقق النص لابن تيمية - رحمه الله -، وإحالة على (2 / 252) من «الفتاوى» فهو بعيد أشد البعد، وهذا ما وقع فيه النَّهمي كذلك في طبعته، لكنه زاد إحالات أخرى، وكلها تدور في موضوع مقتل الحسين - رضي الله عنه -.
وأما النص المنقول عن ابن القيم - رحمه الله - فهو ضمن كلام السمهودي، لكن المحقق أغلق علامة التنصيص قبله، لكنه ما انتبه إلى عبارة «انتهى كلام الشيخ باختصار»! وهي علامة على انتهاء كلام السمهودي - رحمه الله -، لكن من نظر في عمل المحقق يفهم أنها علامة على انتهاء كلام ابن القيم، والصحيح أنها من كلام السمهودي كما في «جواهر العقدين».

3. في النسخ الخطية: «قال الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف - عقب ذكر ذلك -».


وفي عمل المحقق:
«قال الشيخ - عقب ذلك -»! فلا أدري من أين له هذا؟

وأمور أخرى لعلي أذكرها في مقدمة عملي على الكتاب، والله الموفق.


التعديل الأخير تم بواسطة حسن بوقليل ; 30 Dec 2013 الساعة 07:57 AM
رد مع اقتباس