عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 30 Jun 2012, 10:20 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اطلعت على كتاب قواطع الأدلة للسمعاني فوجدته عرف الفقه بأنه: استنباط حكم المشكل من الواضح, واستدل له من القرآن والأثر.
فأما من القرآن فاستدل بقوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة) الآية.
ومن الأثر: ما جاء في حديث زياد عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: (إن كنت أعدك من فقهاء المدينة) على أنه لما لم يستنبط علم ما أشكل عليه خرج عن الفقه.
وحديث: (رب حامل فقه غير فقيه)؛ أي غير مستنبط.
كذا قال باختصار
انظر: قواطع الأدلة (1/9-12).

ونقل الزركشي كلامه مختصرا في البحر المحيط(1/22) كما نقل تعريفا آخر لابن سراقة يشبهه, فقال: (وقال ابن سراقة في حده في الشرع: عبارة عن اعتقاد علم الفروع في الشرع, ولذلك لا يقال في صفاته سبحانه وتعالى: فقيه. قال: وحقيقة الفقه عندي: الاستنباط, قال الله تعالى: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم).
واختيار ابن السمعاني في القواطع: أنه استنباط حكم المشكل من الواضح...)انتهى.

ثم ذكر الزركشي في آخر كلامه تنبيها يتضمن اعتراضا على من عرفه بالاستنباط, فقال: (تبيه: علم من تعريفهم الفقه باستنباط الأحكام: أن المسائل المدونة في كتب الفقه ليس بفقه اصطلاحا, وأن حافظها ليس بفقيه, وبه صرح العبدري في باب الإجماع من شرح المستصفى. قال: وإنما هي نتائج الفقه, والعارف بها فرعي, وإنما الفقيه هو المجتهد الذي ينتج تلك الفروع عن أدلة صحيحة, فيتلقاها منه الفروعي تقليدا, ويدونها ويحفظها. ونحوه قال ابن عبد السلام: هم نقلة فقه لا فقهاء)انتهى.

وقد ظهر لي والله أعلى وأعلم أن الفقه له مفهوم خاص في اصطلاح الأصوليين, وهو المذكور في أصل البحث, وله مفهوم شرعي وهو الذي ذكره ابن السمعاني, كما له اصطلاح خاص في مفهوم الفقهاء, كما له اصطلاح آخر أعم مما ذكر, كما ذكر ذلك الزركشي عن الحليمي فقال: (ولذلك قال الحليمي في المنهاج: إن تخصيص اسم الفقه بهذا الاصطلاح حادث قال: والحق: إن اسم الفقه يعم جميع الشريعة التي من جملتها ما يتوصل به إلى معرفة الله ووحدانيته وتقدسه وسائر صفاته, وإلى معرفة أنبيائه ورسله عليهم السلام, ومنها علم الأحوال والأخلاق والآداب والقيام بحق العبودية وغير ذلك.
قلت: ولهذا صنف أبو حنيفة كتابا في أصول الدين وسماه: الفقه الأكبر)البحر المحيط(1/23).

فظهر إذا أن لمفهوم الفقه معان متنوعة, والمعنى المذكور في أصل الكلام هو خاص باصطلاح الأصوليين, والمعنى المذكور عن ابن السمعاني هو أقرب إلى المعنى الشرعي.

ولعلي أختم بكلام لابن تيمية جميل؛ حيث قال: (وإنما الفقه في الدين: فهم معاني الأمر والنهي ليتبصر الإنسان في دينه, ألا ترى إلى قوله تعالى: (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون), فقرن الإنذار بالفقه, فدل على أن الفقه ما وزع عن محرم ودعا إلى واجب, وخوف النفوس مواقعه المحظورة, لا ما هوَّن عليه استحلال المحارم بأدنى الحيل) الفتاوى الكبرى(6/171).


التعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز بوفلجة ; 30 Jun 2012 الساعة 10:56 PM
رد مع اقتباس