عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 05 Aug 2011, 06:48 PM
أبو عبيد الله عبد الله أبو عبيد الله عبد الله غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: عين البنيان - الجزائر
المشاركات: 82
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبيد الله عبد الله إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبيد الله عبد الله
افتراضي

المطلب الثالث:
أنواع الإلحاد في الأسماء الحسنى(1)


قال ابن القيم(2) :
"الإلحاد في أسمائه تعالى أنواع:
أحدها: أن يسمى الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإلهية والعزى من العزيز وتسميتهم الصنم إلها وهذا إلحاد حقيقة فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة.
الثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أبا وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك.
وثالثها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص كقول أخبث اليهود إنه فقير، وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه، وقولهم يد الله مغلولة، وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته.
ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها، كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد ويقولون لا حياة له ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا إرادة تقوم به وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلا وشرعا ولغة وفطرة وهو يقابل إلحاد المشركين، فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلهتهم وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها، فكلاهما ملحد في أسمائه، ثم الجهمية وفروخهم متفاوتون في هذا الإلحاد، فمنهم الغالي والمتوسط والمنكوب.
وكل من جحد شيئا عما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد ألحد في ذلك فليستقل أو ليستكثر.
وخامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا.
فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة فإن أولئك نفوا صفة كماله وجحدوها، وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد وغرقت بهم طرقه.
وبرّأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه ولم يجحدوا صفاته ولم يشبهوها بصفات خلقه ولم يعدلوا بها عما أنزلت عليه لفظا ولا معنى بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات فكان إثباتهم بريئا من التشبيه وتنزيههم خاليا من التعطيل لا كَمَنْ شبَّهَ حتى كأنه يعبد صنما أو عطَّلَ حتى كأنه لا يعبد إلا عَدَمًَا.
وأهل السنة وسط في النحل كما أن أهل الإسلام وسط في الملل توقد مصابيح معارفهم { مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ } [النور 35] فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته ومتابعة رسوله إنه قريب مجيب
".
وقال أيضا(3) : "وكذلك الإلحاد في أسماء الله تارة يكون بجحد معانيها وحقائقها وتارة يكون بإنكار المسمى بها وتارة يكون بالتشريك بينه وبين غيره فيها".
وقال كذلك: "فالإلحاد إما بجحدها وإنكارها وإما بجحد معانيها وتعطيلها وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات الباطلة وإما بجعلها أسماء لهذه المخلوقات المصنوعات... ثم قال: فنفي معاني أسمائه من أعظم الإلحاد فيها والإلحاد فيها أنواع هذا أحدها" (4) .
وقال القرطبي:
"والإلحاد يكون بثلاثة أوجه:
أحدها: بالتغيير فيها كما فعله المشركون، وذلك أنهم عدلوا بها عما هي عليه فسموا بها أوثانهم؛ فاشتقوا اللات من الله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني: بالزيادة فيها.
الثالث: بالنقصان منها؛ كما يفعله الجهال الذين يخترعون أدعية يسمون فيها الله تعالى بغير أسمائه، ويذكرون بغير ما يذكر من أفعاله؛ إلى غير ذلك مما لا يليق به... ثم قال: ومعنى الزيادة في الأسماء التشبيه، والنقصان التعطيل، فإن المشبهة وصفوه بما لم يأذن فيه، والمعطلة سلبوه ما اتصف به، ولذلك قال أهل الحق: إن ديننا طريق بين طريقين، لا بتشبيه ولا بتعطيل. وسئل الشيخ أبو الحسن البوشنجي عن التوحيد فقال: إثبات ذات غير مشبهة بالذوات، ولا معطلة من الصفات. وقد قيل في قوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ} معناه اتركوهم ولا تحاجوهم ولا تعرضوا لهم
"(5) .
قال ابن العربي:
"وَالْإِلْحَادُ يَكُونُ بِوَجْهَيْنِ : بِالزِّيَادَةِ فِيهَا ، وَالنُّقْصَانِ مِنْهَا ، كَمَا يَفْعَلهُ الْجُهَّالُ الَّذِينَ يَخْتَرِعُونَ أَدْعِيَةً يُسَمُّونَ فِيهَا الْبَارِي بِغَيْرِ أَسْمَائِهِ وَيَذْكُرُونَهُ بِمَا لَمْ يَذْكُرْهُ مِنْ أَفْعَالِهِ ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ ؛ فَحَذَارِ مِنْهَا ، وَلَا يَدْعُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إلَّا بِمَا فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ"(6) .
قال النحاس:
" ومعنى يلحدون في أسمائه على ضربين أحدهما أن يسموا غيره إلها والآخر أن يسموه بغير أسمائه"(7) .
وجماعها: أربعة أنواع:
1- أن ينكر شيئاً منها، أو مما دلت عليه الصفات، كما فعل المعطلة.
2- أن يجعلها دالة على تشبيه الله بخلقه، كما فعل المشبهة.
3- أن يسمي الله بما لم يسم به نفسه، لأن أسماء الله توقيفية كتسمية النصارى له "أبا " وتسمية الفلاسفة إياه " علة فاعلة " ونحو ذلك.
4- أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام كاشتقاق" اللات "من الإله و" العزى" من العزيز
(8) .

ـــــــــــــــــــ

1- قسم العلماء الإلحاد إلى أقسام عدة، واختلفت تقسيماتهم فيه، وهذا الاختلاف بني على تفصيل بعضهم في التقسيم، وإجمال البعض الآخر، فمن العلماء من عدها خمسة أنواع كابن القيم، ومنهم من عدها ثلاثة وهذا كذلك: ابن القيم والشيخ حافظ حكمي[قلت: والقرطبي.]، ومنهم من عدها اثنين كالنحاس، وابن عربي (نقلا من: عبدالله بن صالح بن عبد العزيز الغصن، أسماء الله الحسنى ،ط1، الرياض، دار الوطن 1417هـ، ص:108) .
2 - بدائع الفوائد ج1 ص181.
3 - محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، تح: د. علي بن محمد الدخيل الله، ط3 (الرياض، دار العاصمة، 1418 – 1998)ج1 ص217.
4 - محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تح: محمد حامد الفقي، ط2 (بيروت، دار الكتاب العربي، 1393 – 1973) ج1 ص29-30.
5 - محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تح: هشام سمير البخاري، د ط (المملكة العربية السعودية، دار عالم الكتب، 1423هـ/ 2003م) ج7 ص328-329.
6 - محمد بن عبد الله ابن العربي، أحكام القرآن، تح: علي بن محمد البجاوي، ط2 ( د ب، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، 1387هـ)ج2 ص805.
7 - أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس، إعراب القرآن ، تح: د.زهير غازي زاهد، (بيروت، عالم الكتب، 1409هـ- 1988م)ج2 ص165.
8 - محمد بن صالح العثيمين، مجموع الفتاوى والرسائل ج4 ص23.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبيد الله عبد الله ; 05 Aug 2011 الساعة 06:52 PM
رد مع اقتباس