عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 04 Jul 2012, 04:21 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

وفقك الله أخي عبد الصمد لما فيه الصواب والحق.
يظهر والله أعلم أن القول بأن الحكم الشرعي: هو مفهوم الدليل الشرعي, أو هو مدلوله, أو مقتضاه, أو موجبه, لا اختلاف بينها؛ إذ مؤداها واحد؛ بيانه:
إن كان مفهوم الخطاب الشرعي الإيجاب فهو يفيد الأمر, وهو مدلوله ومقتضاه وموجبه.
وإن كان مفهوم الخطاب الشرعي التحريم فهو يفيد المنع والترك, وهو مدلوه ومقتضاه وموجبه.

ثم قولك بالاعتضاد عن التعلق إلى المراد لا يظهر فيه كذلك كبير اختلاف, وإن أراد به أولئك المعنى الفاسد؛ لأنه قد تكلم به أئمة السنة كشيخ الاسلام ابن تيمية وغيره من أئمة الإسلام كالأمين الشنقيطي وابن عثيمين وغيرهم, وأصله في لغة العرب أن يناط الشيء بالشيء العالي, وهذا المعنى ثابت هاهنا.

ثم قولك إنه لم يثبت صفة صحيح, لكن يجوز إطلاقه من باب الإخبار, كما تقول (الشارع) و(المشرع) وأمثال ذلك.

ثم إن تنبيهك عن قول الأشاعرة بالكلام النفسي هو محل الصواب, ولك أن تعجب من هؤلاء القوم الذين نفوا الحرف والصوت عن خطاب الشارع, فكيف يتأتى لهم الكلام في الصيغ والألفاظ, كالأمر والنهي وألفاظ العموم والخصوص والمطلق والمقيد, وأمثال ذلك.

ثم في الأخير استدلالك بالآية: (إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) لا تدل على المقصود؛ لأن المراد بالآية العبودبة العامة الكونية وهي عبودية الانقياد والطواعية والقهر والملك والربوبية وهي تشمل كل من في السموات والأرض لا يخرجها عنها أحد, لا العبودية الخاصة وهي عبودية الطاعة والخضوع والذل الاختيارية التي يترتب عليها الثواب والعقاب, والخطاب الشرعي إنما هو موجه للعقلاء المكلفين من الجن والإنس, ولا يدخل في الخطاب الشرعي السموات والأرض والقمر والمجانين والأطفال وأمثالهم فتنبه.

فهذا الذي يظهر والله أعلى وعلم, وجزاك الله خيرا على فتح هذا الباب -أعني باب المذاكرة-, فهو من أنفع الأبواب, وكان أئمة السلف والمقتدى بهم يصنعون ذلك, وأما الخلف من طلاب العلم -من أمثالنا- فقد عزفوا عنه, والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

رد مع اقتباس