عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 21 Aug 2017, 03:20 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي الحكم الشرعي ومسألة تكليف الصبي

قال النَّاظم:
$كَلَامُ رَبِّي إِنْ تَعَلَّقَ بِمَا ◌ يَصِحُّ فِعْلًا لِلْمُكَلَّفِ اعْلَمَا
مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بِهِ مُكَلَّفُ# ◌ فَذَاكَ بِـ: الحُكْمِ لَدَيْهِمْ يُعْرَفُ
1_ عرَّف الحكم الشَّرعيَّ بأنَّه: $كلام الله المتعلِّق بما يصحُّ أن يكون فعلا للمكلَّف من حيث إنَّه مكلَّف به#، وهذا التَّعريف فيه ثلاث جمل:
أ_ $كلام الله#: وهذا يدلُّ على أنَّ الأحكام الشَّرعيَّة هي لله، قال تعالى: +إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ_ [يوسف: 40].
ب_ $المتعلِّق بما يصحُّ أن يكون فعلا للمكلَّف#: وغيره يقول: المتعلِّق بفعل المكلَّف، وعدل النَّاظم عن ذلك احترازا من فعل المكلَّف المعدوم أثناء الخطاب، وهذا بناء على المسألة الكلاميَّة: أنَّ كلام الله تعالى معنى نفسيٌّ قديم قائم بذات الله سبحانه وتعالى، كما هو مذهب الأشاعرة، فأورد عليهم المعتزلة سؤالا هو: إذا كان كلام الله أزلي قديم فلم تعلَّق بفعل المكلَّف وهو حادث؟
فاضطرب عند ذلك الأشاعرة اضطرابًا كبيرًا، وعدل الناظم عن قوله: خطاب الله، إلى: كلام الله المتعلق.. قلَّد في ذلك القرافي من الأصوليين في: (تنقيح الأصول) تبعا للرازي، وقالوا: الخطاب يكون بين متخاطبين وقت الخطاب، وكلام الله قديم، وهذا كلام باطل.
أمَّا أهل السُّنَّة والجماعة _ ولله الحمد _ فيقولون: أنَّ كلام الله تعالى قديم النَّوع حادث الآحاد، أي: أفراده حادثة، فالقرآن بالنسبة للكتب المنزَّلة قبله حادث، يقول تعالى: +مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ_ [الأنبياء: 2] وبهذا يزول الإشكال.
وخرج بهذا القيد (فعل المكلَّف): ما تعلَّق بفعل الله وذاته، وما تعلَّق بالجمادات، وما تعلَّق بذات المكلَّف.
ج_ $من حيث إنَّه مكلَّف به#: فخرج ما تعلَّق بفعل المكلَّف لا من حيث أنَّه مكلَّف به، كقوله تعالى: +وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ_ [الصافات: 96]، وقوله: +يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ_ [الانفطار: 12].
وهذا نفسه تعريف بعضهم للحكم الشّرعي: $هو خطاب الله المتعلِّق بفعل المكلَّف طلبًا (اقتضاءً) أو تخييرًا#، فالطَّلب أو الاقتضاء: يشمل الواجب والمحرَّم والمندوب والمكروه، والتَّخيير: يشمل المباح.
ومن يرى أنَّ الأحكام الوضعيَة من الأحكام الشَّرعية يضيف قيدًا آخر في التَّعريف، فيقول: $هو خطاب الله المتعلِّق بفعل المكلَّف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع#.
|||
قال النَّاظم:
قَدْ كُلِّفَ الصَّبِي عَلَى الذِي اعْتُمِي ◌ بِغَيْرِ مَا وَجَبَ وَالمُحَرَّمِ
1_ $اعْتُمِي#، أي: اُختِير، من: اعتام واعتمى اعتماء، والاسم: العِمية، فاختار بعض المتأخرين من المالكيَّة كابن رشد في: (المقدِّمات الممهِّدات) وتبعه القرافي في: (اليواقيت) ذكروا: بأنّ الصَّبيَّ المميِّز مكلَّف بغير الواجب والحرام، أي: مكلَّف بالمندوب والمكروه والمباح، واستدلّا بحديث المرأة التي رفعت للنَّبيِّ > صبيًّا وقالت: ألهذا حجٌّ؟ فقال >: $نعم ولك أجر#، وهذا لا يسلَّم لهما لأنه لا رابط بين الإثابة والتَّكليف، وذلك أن الله يوم القيامة إذا دخل أهل الجنَّة إلى الحنة وأهل النَّار إلى النَّار يبقى في النَّار فضلة في الحديث: $يضع ربُّ العزَّة فيها قدمه فينزوي بعضها على بعض وتقول: قطٍ قطٍ، ويبقى في الجنّة فضلة فينشئ الله لها أقواما لم يفعلوا خيرا قطُّ فيدخلهم الجنّة#، وهذا من فضل الله تعالى فأثابهم من غير تكليف، وهذا الذي عليه الأكثر، بل حكى المَازري / الإجماع على عدم تكليفه في: (البرهان) وهو الصَّحيح لأنَّه لا تكليف إلَّا بالعقل والبلوغ، وروي عن أحمد / أنَّ الصَّبيَّ المميِّز مكلّف بإطلاق وفيه منازعة.
|||

رد مع اقتباس