عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 17 Aug 2017, 07:57 AM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي المقدمة الثانية

(تابع للشريط الثاني)

قال النَّاظم:
مُقَدِّمَةٌ
أَوَّلُ مَنْ أَلَّفَهُ فِي الكُتُبِ ◌ مُحَمَّدُ بْنُ شَافِعِ المُطَّلِبِي
وَغَيْرُهُ كَانَ لَهُ سَلِيقَهْ ◌ مِثْلُ الذِي لِلْعُرْبِ مِنْ خَلِيقَهْ

1_ هذه مقدمة أودعها النَّاظم اثنين من مبادئ أصول الفقه: واضعه وموضوعه، وذكر بعدهما: الاسم والحدَّ، فهي أربعة، والمبادئ عشرة جمعت في قول النَّاظم:
إِنَّ مَبَادِئَ كُلِّ عِلْمٍ عَشَرَهْ: ◌ (الحَدُّ) وَ(المَوْضُوعُ) ثُمَّ (الثَّمَرَهْ)
وَ(نِسْبَةٌ) وَ(فَضْلُهُ) وَ(الوَاضِعْ) ◌ وَ(الاِسْمُ) (الاِسْتِمْدَادُ) (حُكْمُ) الشَّارِعْ
(مَسَائِلٌ)، وَالبَعْضُ بِالبَعْضِ اكْتَفَى، ◌ وَمَنْ دَرَى الجَمِيعَ حَازَ الشَّرَفَا
ومَّمن ذكر هذه المبادئ كلها الآمدي في (الإحكام).

2_ أوَّل من جرَّد علم أصول الفقه في كتاب مستقلٍّ هو محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204ه) رحمه الله في (رسالته إلى ابن مهدي /) تحقيق أبي الأشبال أحمد شاكر / _ وقد احتفل بذلك لكونه حقَّقه من نسخة جزم بأنها من خطِّ الرَّبيع تلميذ المصنِّف _ وإلا فهناك من ذكر مباحث من هذا العلم مفرقة ولم يجمعها في كتاب مستقل كـ (الموطَّأ) فإنَّ فيه مباحث أصوليَّة كثيرة حتَّى زعم بعض المالكية كابن العربي وغيره: $أنَّه كتاب أصول، وأنَّ مالكا رحمه الله ما ألَّفه إلا لتمهيد قواعد الدِّين وأصول الملَّة#، وكذلك أبو يوسف في كتاب (الخراج)، ذكر بعض القواعد والأصول، وبعضهم يقول أنه أول من ألف في الأصول، وقد نقل البرزلي في كتابه (نوازل الأحكام) قول الصَّيرفي: $في أن أول من ألف فيه هو الشافعي: غير صحيح، بدليل أن (موطأ) مالك رحمه الله أصول فقه كله# اهـ، قال البرزلي رحمه الله _ معلِّقًا _: $وعندنا إنما أحدث الشافعي الألقاب والصَّنْعَة، والأوَّلون كانوا يعرفون ذلك بطبعهم كعلم الإعراب# اهـ.
وهذا كما قال الناظم: (وَغَيْرُهُ كَانَ لَهُ سَلِيقَهْ)، فمَن قبل الشافعي من الأئمة كانت له سجية وطبيعة مركوز لهم في الفطرة، كما قال الشاعر:
وَلَسْتُ بِنَحْوِيٍّ يَلُوكُ لِسَانَهُ ◌ وَلَكِنْ سَلِيقِيٌّ أَقُولُ فَأُعْرِبُ
وقصَّة يعلى بن أمية رضي الله عنه مع عمر لما تلى عليه قول الله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا_ [النساء: 105] ، فقال: قال: ﴿إِنْ خِفْتُمْ_ وقد أمنا، فقال عمر رضي الله عنه: عجبت مما عجبت منه فسألت النبي صلى الله عليه وسلم .... فالشاهد أنه استعمل (مفهوم المخالفة)، لكنه لم يعرف هذا الاصطلاح ولم يدرسه إياه مدرس، لكن بفطرته يعلم ذلك.

3_ القول بأن علم أصول الفقه كان عند السلف سليقة نستفيد منه فائدتين:
الأولى: أن الأولى بإطلاق اسم الأصولي هم السلف كالصحابة والتابعون ومن بعدهم من الأئمة، لا من جرده ولم يعرف الفروع، نبه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فلا يقول قائل: أجمع الأصوليون على كذا ويريد بذلك المتكلمين ويخرج الصحابة ومن بعدهم، وفي هذا رد على من ادعى الإجماع في المسائل الأصولية باسم المتكلمين.
الثانية: إذا علم أن الأوائل كان لهم هذا العلم سليقة وطبيعة تبيَّن لنا فضلهم وسابقتهم على من تأخر عنهم، ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) في معرض ذكر حجية أقوال الصحابة، وذكر منها أن هذه العلوم كالنحو والصرف والبيان والأصول والبلاغة فطرية عندهم لا يحتاجون إلى دراستها لاستنباط الأحكام، أما نحن فتحتاج عقولنا أن تسافر سفرا طويلا لإدراك ذلك بعد كلل وتعب.

///

قال النَّاظم:
الاَحْكَامُ وَالأَدِلَّةُ المَوْضُوعُ ◌ وَكَوْنُهُ هَذِي فَقَطْ مَسْمُوعُ
1_ أي: موضوع علم الأصول هو الأحكام والأدلَّة، وفيه قول آخر أشار إليه النَّاظم بقوله: (وَكَوْنُهُ هَذِي فَقَطْ)، الضمير في: (كونه هذي) يعود على الأدلة، أي: أنَّ بعضهم جعل موضوعه الأدلة فقط.
2_ مبدأ الموضوع يشتبه بمبدأ المسائل، والفرق بينهما من جهة أن موضوع العلم: هو الشيء الذي يبحث فيه ذلك العلم عن عوارضه الذاتية، مثلا: الطب موضوعه بدن الإنسان، من جهة العوارض الذاتية التي تعرض للإنسان من علل وأسقام، ومسائل العلم هي تلك العوارض التي تعرض لذلك الشيء المتحدَّث عنه، فإذا كان الموضوع في الطب هو بدن الإنسان، فالمسائل هي تلك العوارض التي تعرض للإنسان، وكذلك علم الفرائض: موضوعه التركة ومسائله قسمة التركة وكيفيتها، وموضوع النحو هو الكلمة العربية، ومسائله ما يعرض لتلك الكلمة من تغير الأواخر.
فموضوع أصول الفقه: الأحكام والأدلة، أو الأدلة فقط، ومسائله: هو ما يعرض لتلك الأحكام والأدلة من تعارض وترجيح وغير ذلك من المسائل.

الصور المرفقة
نوع الملف: pdf الفوائد المنتقاة من شرح مراقي السعود لشارحها الشيخ2.pdf‏ (223.9 كيلوبايت, المشاهدات 853)

التعديل الأخير تم بواسطة يوسف بن عومر ; 17 Aug 2017 الساعة 09:05 AM سبب آخر: إضافة
رد مع اقتباس