عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10 Aug 2017, 04:12 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي الفوائد المنتقاة من شروحات مشايخ التصفية على الإذاعة _مذاكرة للعلم_ الجزء الأول

الفوائد المنتقاة من شرح مراقي السعود لشارحها الشيخ: خالد حمودة حفظه الله
الشريط الأول: الثلاثاء 5 جمادى الأولى 1436هـ
شرح المتن المبارك: (مراقي السُّعود لمبتغي الرُّقَي والصُّعود) في فن أصول الفقه لمؤلفه العلامة: عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي / (ت: 1233هـ).
|||
المقدمة الأولى في التحريض على علم أصول الفقه ومنزلته:
1. هو ميزان العلم، ووسيلة للفهم، وبه تنفتح أساليب أهل العلم في تناول المسائل وبحثها، قال لسان الدين بن الخطيب /: $فهو العلم العظيم المنة، المهدي كنوز الكتاب والسنة# اهـ.
2. أعظم مزية لهذا العلم: أنه به تستنبط الأحكام الشرعية، وفهم القرآن، كما نص على ذلك الشافعي / في: (الرسالة).
3. وبه تصحَّح النية في هذا العلم.
4. وتُعرف منزلة من أتقن هذا الفن، إذ في الزمن الأول كانوا يسمون من لم يتقن علم أصول الفقه: عامِّيا، قال الذهبي / في: (بيان زغل العلم) : $أصول الفقه لا حاجة لك به يا مقلد، ويا من زعم أنَّ الاجتهاد قد انقطع وما بقي مجتهد ...# اهـ.
ولا يظن بهذا الكلام أن طالب العلم لا يحتاج إلى أصول الفقه، لأنه به يفهم كلام المجتهد لينقل فتواه ولا يحق لغيره ذلك قال بعض أهل العلم: $لا يحل لمن لم يعرف من أين أخذنا قولنا أن يأخذ به#.
5. والناس ثلاثة في فهم الأدلة:
أ_ المجتهد: وهو الذي يجتهد لاستنباط الأحكام الشرعية.
ب_ المتبع أو المتبصّر: هو الذي يفهم مدارك الفتيا ومبانيها.
ج_ المقلد: يأخذ الفتوى من المجتهد دون معرفة مبنى الفتيا.
وبعضهم يجعلهم اثنين: مجتهد ومقلد، لقوله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون _ [النحل: 43]. والصواب الأول.
6. معرفة الترجيح: ولا سبيل إليه إلا بأصول الفقه.
7. الغزّالي / سلك طريقا آخر في بيان منزلة أصول الفقه، فيقول: $العلوم منها ما هو عقلي محض ومنها ما هو نظري محض ومنها ما يجمع بين العقلي والنظري، والذي يجمع بين العقلي والنظري هو الفقه وأصوله#، فبهذا يتبين منزلة أصول الفقه، وتبعه على ذلك كثير من أهل العلم، حتى من المعاصرين، ولا يُسلَّم له بذلك، بخلاف طريقة الشافعي /.
8. قال صدر الدين بن المرحِّل /: $ينبغي للإنسان أن يكون في الفقه قيما، وفي الأصول راجحا، وفي بقية العلوم مشاركا# اهـ.
|||

المقدمة الثانية علم الأصول في جملته أربع أبواب:
1_ المباحث اللفظية: كالأمر والنهي والعموم والتخصيص وغيرها.
2_ الأدلة: الأصلية والتبعية.
3_ التعارض والترجيح.
4_ الاجتهاد والتقليد, وهذه طريقة الآمدي في كتابه: (الإحكام في أصول الأحكام) وهي أخصر وأضبط.
ومنهم من يجعله سبعة أبواب:
1_ القرآن ومباحث الألفاظ.
2_ السنة.
3_ الإجماع.
4_ القياس.
5_ الاستدلال (بغير ما تقدم).
6_ التعارض والترجيح.
7_ الاجتهاد والتقليد، وهذه طريقة ابن السبكي في: (جمع الجوامع)، وتبعه صاحب (المراقي).
|||

المقدمة الثالثة في الطريقة المنصوح بها في تحصيل هذا العلم:
1_ تصوُّر مصطلحات هذا العلم بحفظ مختصر في هذا الفن، كـ: (الورقات) للجويني /، أو (مبادئ الأصول) لابن باديس /، أو (الأصول من علم الأصول) لابن عثيمين /.
2_ تحرير رؤوس المسائل من هذا الفن، كأن يأخذ كتاب: (المراقي).
3_ التوسع في هذا الفن، بمطالعة الكتب الكبار في هذا الفن، ويقيد ما فاته مما سبق.
الشيخ الغديان / يجعل الطلب على مرحلتين فقط:
1_ التصور.
2_ يدرس كل مسألة دراسة مفصلة على حدة، وهذه الطريقة هي أليق بالتخصص.
|||

المقدمة الرابعة في أول من ألف في هذا العلم:
1_ هو الإمام الشافعي / في: (رسالته) المعروفة المتداولة، وهي موجودة محققة، من عمل الشيخ أحمد شاكر /، وهي الرسالة الثانية، والأولى غير موجودة، وعلى ما علقه عبد الرزاق عفيفي / على: (الإحكام) أن الشافعي اعتنى بالتقعيد واعتنى بالتمثيل، وعليه سار أصحابه من شراح الرسالة كالقفال / وغيره، ومن غير الشافعية: أصبغ بن الفرج / والقاضي إسماعيل بن إسحاق /، وللأسف لم يصل من شروح المالكية القدماء إلا (مقدمة) ابن القصار /، وهي مقدمة جيدة وقريبة في نسجها إلى طريقة الشافعي.
2_ ثم تكلم في أصول الفقه المتكلمون تكلم أبو الحسين البصري / في: (المعتمد)، وقبله الجويني / في: (البرهان)، وقبله الباقلاني / في: (الإرشاد)، وهم ليسوا أهل شرع وأدلة، فهم أهل رأي وأهل عقل مجرد عن الدليل فخالفوا الشافعي في ركنيه: التقعيد والتمثيل.
مسألة مهمة:
أصحاب الشافعي القدماء صاروا يتقصدون في المسائل فيقولون: قال الشافعي وقال أصحابنا وقال المتكلمون، ليفصلوا كلام الشافعي عن المتكلمين، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في: (درء التعارض)، بخلاف ما هو الحال عليه اليوم في المدارس والمعاهد من نسبة قول المتكلمين إلى طريقة الشافعي، ولهذا ألف بعض القدماء من الشافعية في أصول الفقه بقصد تجريد أصول الفقه الشافعية من أصول المتكلمين كابن السمعاني / صاحب: (القواطع) _ الذي زعم بعضهم أنه لم يؤلف في الأصول مثله _ وأبي إسحاق الشيرازي / في: (اللمع) وشرحه عليها.
3_ طريقة الحنفية: استنبطوا مسائل من كلام أئمتهم _ وبخاصه أن الإمام أبا حنيفة / كان قليل الحديث مع غزارته في الفقه وكونه كان مضرب المثل في الذكاء، ولهذا وقع في مخالفته الصريحة في السنن الصحيحة _ وأصلوا أصولا من كلامهم ليعتذروا بها عند رد الحديث :كردهم (حديث المصراة)، يقولون: $ما تعم به البلوى لابد أن يكون راويه فقيها#، وعندهم أن أبا هريرة ط راوي الحديث غير فقيه، مع أنَّه من أفقه الصحابة، ولم تطرد لهم هذه الأصول، لتناقض قواعدهم مع كلام أئمتهم في كثير من المواضع، والصواب طريقة الجمهور.
4_ الطريقة الرابعة طريقة أبي إسحاق الشاطبي /، وفيها كتاب واحد هو كتاب: (الموافقات) للشاطبي حيث اعتمد على الاستقراء من الكتاب والسنة وكلام الأئمة لاستخراج القواعد والأصول، ذكر هذا عبد الرزاق عفيفي في: (مقدمته على الإحكام)، وكان الشيخ عبد الله بن غديان / يكرره كثيرا، فلهذا كان لا يقدم على هذا الكتاب في الأصول كتابا يقول: $أنفع كتب الأصول على الإطلاق هو كتاب: (الموافقات) لأبي إسحاق الشاطبي#.
كتاب: (المراقي) هو على طريقة المتكلمين لأنه لخصه من: (جمع الجوامع) لابن السبكي /، من حيث تقرير المسائل النظرية وتجريدها من التمثيل، ولكن مع ذلك فهو من أنفع المختصرات كما سيأتي.
تنبيه على شيء جديد أدخل في علم الأصول:
قال أبو زرعة: $ما أسرع الناس إلى البدع، كلما تأخر الزمان بالناس كلما زادوا إحداثا#، أبتلي علم الأصول بالقانون، ويسمون من ألف فيها: فقيها، وهي إنما ألفت محادة لله ورسوله، وصار منهم من يقول: أصول الفقه ليس حكرا على علماء الشريعة، بل هو علم مشترك بين علماء الشريعة و علماء القانون، بل من المتأخرين من عده من مفاخر هذا العصر، وهو المقارنات القانونية هذه، ولهذا وجدوا إشكالا في الاستنباط لضيق المواد القانونية، وتطبيق القواعد والأصول عليها، بخلاف مرونة وسعة الأدلة الشرعية، فصاروا يدعون إلى صياغة القانون صياغة تشبه الكتاب نسأل الله العافية، وهذا الإحداث أسوأ من علم الكلام، ولهذا تأسف صاحب كتاب: (تفسير النصوص) لذكره النصوص القانونية ضرورة.
|||

المقدمة الخامسة:
النظم الذي معنا اسمه: (مراقي السُّعود لمبتغي الرقَي والصُّعود)، نص على ذلك في قوله:
سَمَّيْتُهُ: (مَرَاقِيَ السُّعُودِ ◌ لِمُبْتَغِي الرُّقَيِّ وَالصُّعُودِ)
والمراقي: جمع مِرقاة، من رَقَيت أرقى رُقِيًّا، كقولك: صعدت أصعد صعودا، فهي مثلها وزنا ومعنى، فالمراقي هي درجات السلم في الأمور الحسية، ودرجات العلم والشرف في الأمور المعنوية.
والسُّعود: جمع السعد، وهو الحظ والسعادة، يقول: هذه درجات الشرف والحظ والسعادة لمبتغي الرقي والصعود، يعني: التدرج في كتب العلم.
وهذا المتن من أعلى درجات التحصيل عند علماء شنقيط، واعتمده محمد الأمين / صاحب: (أضواء البيان) في: (مذكرته) حتى كأنها نثر لها، وهو الذي شهَّره في المشرق.
|||

المقدمة السادسة في مؤلف المراقي:
هو من أقصى المغرب وأهلها قليلو العناية بأخبار علمائهم، وللفائدة فتراجم أهل التكرور أو الشناقطة أو شمال إفريقيا من الموريتانيين ترجع إلى ثلاثة كتب:
1_ (الوسيط في تراجم أدباء شنقيط) لأحمد الأمين الشنقيطي.
2_ (فتح الشكور في تراجم علماء التكرور) لمحمد بن أبي بكر .
3_ (ذيل على فتح الشكور) لأبي بكر المحجوبي.
وصاحب (المراقي) له ذكر لشهرته التي طبَّقت الآفاق، فترجم له في (الوسيط)، وفي (فتح الشكور) وجمع بينهما محمد بن عمر الدكري في أول شرحه على (غرة الصباح)، وولده له ترجمة عليه اسمها (الدر الخالد)، لم أقف عليها ولكن نقل منها محققو فتاوي الشيخ عبد الله العلوي، وهي أوسع ترجمة كتبت للمصنف /، فهو:
عبد الله بن إبراهيم ابن الإمام عبد الرحمن العلوي نسبا التججكي وطنا _ نسبة إلى تججكة _ ولد سنة 1152هـ، وقيل: 1153هـ، قال في (الوسيط): $مكث أربعين سنة يرتاد لطلب العلم لم يشبع منه، يأخذ عن من وجد عنده زيادة، حتى انتهى إلى الغاية القصوى، جمع أول ما في الصحراء، ثم أقام بفاس مدة كثيرة للنظر والتحرير، وتلقى على البنَّاني المحشي على عبد الباقي، وتلقى عنه البناني أيضا، حجَّ ولقي من علماء مصر وذاكرهم أيضا واستفاد منهم ...# اهـ.
قال في: (فتح الشكور): $كان عالما فقيها أصوليا بيانيًّا أثريا مفتيا مدرِّسا يقتصر من الفتوى على محل الحاجة ولا يطيلها ويبنيها على فنِّ الأصول لقربه عنده...# _ إلى أن قال _: $وكان يقول: إذا ظهرت البدعة ولم يتكلم العالم استوجب غضب الله تعالى، وكان الرجل فارًّا بدينه من الفتن# اهـ.
أكرمه ملك مصر _ ولعلَّه علي باشا _ وأهداه فرسا من عتاق مصر معروفات بالكُحَيْلات، فسئل عنها صاحب الترجمة، فقال: $جعلتها حطَّابًا#، يعني: باعها واشترى بها (مواهب الجليل) للحطَّاب /، ولما اشتهر بفاس دعاه سلطانها إليه فامتنع فأمر حجبتها (المخازنية) بحمله إليه على الهيئة التي يجدونه عليها، فوجدوه على فراشه يطالع فأدخلوه عليه على تلك الهيئة، ومن هدي السلف الفرار من السلطان، وفي الحديث: $ومن أتى أبواب السلطان افتتن#، وكان السلطان عالما فذاكره فأعجب به وبعد تسع سنين سأله عن نسبه فأخبره بأنه علوي فقال السلطان: $سبحان الله أنت معنا منذ تسع سنين لم تذكر لنا نسبك، فلان أتعبنا بنسبه#، يعني: أحد الجعفريين يتبجح بنسبه.
دخل على محمد بن السلطان إسماعيل لطلب الكتب فأعجب به فأكرمه وعظمه، قال في: (فتح الشكور): $فأعطاه خزانة كبيرة نفيسة#.
ثم حج البيت، وكان من خلقه أنه لا يجالس السفهاء، وشنقيط التي نشأ فيها المؤلف تجد فيهم أن من اقتصر على (مختصر خليل) فقط أو (ألفية ابن مالك) فهو جاهل عندهم، كما قال صاحب الترجمة، فكيف به وقد اتفقوا على تبحره في العلم ورسوخه فيه.
طريقته في التأليف:
أنّه ينظم رجزا ثم يشرحه، فمثلا نظم (المراقي) ثم شرحه في: (نشر البنود)، في المصطلح اختصر (ألفية العراقي) في: 300 بيت سماه: (طلعة الأنوار) ثم شرحه في: (هدية الأبرار)، ونظم: (غرة الصباح) في مصطلحات البخاري، وشرحها في: (نيل النجاح)، في البيان له: (نَور الأقاح) شرحه في: (فيض الفتاح)، في الصلاة على النبي > له: (روضة النسرين) شرحه في (يسر الناظرين)، وله نظم (رشد الغافل) وشرحه (الحافل)، وغيرها.
ولم يخلُ المؤلف من بعض البدع الصوفية غفر الله له. توفي / في: 28 ربيع الثاني 1233هـ.
|||

المقدمة السابعة: المقارنة بين (الكوكب الساطع) للسيوطي و(المراقي):
أوجه الاتفاق:
1_ كل منهما نظم لجمع الجوامع.
2_ كل منهما له شرح من المؤلف مطبوع.
الفروق بينهما:
1_ السيوطي اقتصر على: (جمع الجوامع) ولم يزد عليها إلا الشيء اليسير، مع أنه قال في ألفيته:
وَرُبَّمَا غَيَّرْتُ أَوْ أَزِيدُ ◌ مَا كَانَ مَنْقُوصًا وَمَا يُفِيدُ
بخلاف صاحب (المراقي) فإنه اعتنى بـ: (شرح المحلي على جمع الجوامع)، و(شرح حلولو)، و(حاشية ابن القاسم العبَّادي)، مع (تنقيح الفصول) للقرافي، يقول في آخرها:
أَنْهَيْتُ مَا جَمَّعَهُ اجْتِهَادِي ◌ وَضَرْبِيَ الأَغْوَارَ مَعَ الإِنْجَادِ
[مِمَّا أَفَادَنِيهِ دَرْسُ البَرَرَهْ ◌ مِمَّا انْطَوَتْ عَلَيْهِ كُتْبُ المَهَرَهْ]
ومن أهمِّ ما زاده أصول مذهب مالك /لأنه المذهب السائد، يقول في المقدمة:
هَذَا وَحِينَ قَدْ رَأَيْتُ المَذْهَبَا ◌ رُجْحَـــانُهُ لَهُ الكَثِيرُ ذَهَبَـــــــــــــــــــــــــا
وَمَا سِوَاهُ مِثْــــــــــلُ عَنْقَا مُغْرِبِ ◌ فِي كُلِّ قُطْرٍ مِنْ نَوَاحِي المَغْرِبِ
أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ مِنْ أُصُولِــــــــــهِ ◌ مَـــــــــــــــــــــــــا فِيهِ بُغْيَةٌ لِذِي فُصُولِهِ
2_ صاحب المراقي أسقط المسائل التي رأى أنها مبحوثة في مظانها، بخلاف السيوطي فإنه نظم الأصلين: أصول الفقه وأصول الدين على طريقة الأشاعرة التي ختم بها ابن السبكي كتابه.
3_ عبارة السيوطي أسهل، وعبارة المراقي أصعب، ولكنها أقعد، وفي بعض الأحيان يتوافقان في النظم، مثل قولهما في تعريف الدليل يقول السيوطي:
ثُمَّ الدَّلِيلُ مَا صَحِيحُ النَّظَرِ ◌ فِيهِ مُوَصِّلٌ لِقَصْدِ الخَبَرِ
وصاحب (المراقي) قال:
وَمَا بِهِ لِلْخَبَرِ الوُصُولُ ◌ بِنَظَرٍ صَحَّ هُوَ: الدَّلِيلُ
وأحيانا يظهر تفوُّق صاحب (المراقي)، كما في مسألة التفريق بين الوهم والظن والشك، يقول السيوطي:
وَغَيْرُهُ ظَنٌّ لِرُجْحَانٍ سَلَكْ ◌ وَضِدُّهُ الوَهْمُ وَمَا سَوَى فَشَكْ
وصاحب المراقي قال:
وَالوَهْمُ وَالظَنُّ وَشَكٌّ مَا احْتَمَلْ ◌ لِرَاجِحٍ أَوْ ضِدِّهِ أَوْ مَا اعْتَدَلْ
4_ مخالفات صاحب (المراقي) لابن السبكي كثيرة، والسيوطي في الغالب مقلِّد لابن السبكي، قال السيوطي، وقد تبعه في أنَّ العلم لا يتفاوت وبنى عليه أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص:
ثُمَّ عَلَيْهِ الأَكْثَرُونَ يُطْلِقُونْ ◌ تَفَاوُتًا وَرَدَّهُ المُحَقِقُونْ
وأما صاحب المراقي فخالفهما، فقال:
وَالعِلْمُ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ يَخْتَلِفْ ◌ جَزْمًا وَبَعْضُهُمْ بِنَفْيِهِ عُرِفْ
وبهذا يتبين تفوق صاحب المراقي.
|||
المقدمة الثامنة: شروح المراقي المتداولة أربعة:
1_ (نشر البنود) للناظم نفسه، وهو من أهمها لأن صاحب البيت أدرى بمن فيه، طبع بفاس قديما في ثلاث مجلدات طبعة حجرية فيها بعض الأخطاء، ثم طبع في مجلد في المحمدية بالمغرب ثم طبع طبعة محققة في 1426هـ طبعه محمد بن الأمين بن بيب اعتمد فيه على خمس نسخ خطية وهي موجودة مصورة على النت قابلة للتحميل من هنا.
2_ (نثر الورود) لمحمد الأمين الشنقيطي، وهذا الكتاب له قصة.
[قصَّة الكتاب]:
وهي أن شيخنا أحمد بن أحمد المختار الشنقيطي صاحب (مواهب الجليل لأدلة خليل) وهو ابن عم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي سافر إليه من شنقيط قبل أن يجري عليه قلم التكليف، وكان الشيخ في الرياض، فرحل إليه لطلب العلم، وبين له وجهته قال: أنا لم آتي للحج لأن الله لم يفرضه علي بعد، وإنما جئت لطلب العلم، ولابد أن تعلمني، وكان قد راسل الشيخ في ذلك وأرسل إليه الشيخ: أن تعال، فاشترط عليه شيخنا أن يملي عليه شرحا على مراقي السعود، وأصر على ذلك مع شغل الشيخ، وقال كلاما غريبا: إذا لم تدرسني سأرجع إلى البلد فأقول: أرسل في طلبي فلما ذهبت لم يدرسني وما إلى ذلك، فاضطر الشيخ / إلى أن ينزل إلى رغبته، فكان عندهما مجلس يستصحب معه سبعة كتب مع ما منَّ الله عز وجل عليه من الأصول، وقد سألت الشيخ /عن هذه الكتب السبعة فلم يستحضرها، لكن الظن أنها باستقراء (نثر الورود) أنها موجودة والشيخ يحيل عليها كشرح المحلي وحلولو والتنقيح وشرح التنقيح والآيات البينات وغيرها.
الشاهد: أنه بدأ يملي عليه / فأحيانا يحرِّر الشيخ الأمين وأحيانا يملي على شيخنا /، لما وصل إلى قوله في أوائل الكتاب:
كَذَاكَ مَا قَابَلَ ذَا اعْتِلَالِ ◌ مِنَ التَّأَصُّلِ وَالاِسْتِقْلَالِ
شغل الشيخ ولم يحرِّره بخطه، وإن كان شرحه بلفظه، لكنه لم يقيِّدها، وكلُّ من تكلم على (نثر الورود) يقولون: إن الشيخ الأمين لم يشرح هذه الأبيات، وعدتها: 164 بيتًا، من قوله في البيت الآنف الذكر إلى مبحث التخصيص، وفي موضع آخر توجد كذلك قطعة صغيرة حوالي: 180 بيتًا لم يشرحه الشيخ محمد الأمين، لكن لا يصح أن يقال: لم يشرحها الشيخ، بل يقال: لم يقيد شرح الشيخ عليها، بقيت هذه الكراسة عند الشيخ /، وكان بعض إخوانه يحضر رسالة الدكتوراه فاستعارها منه، ليأخذ اختيارات الشيخ محمد الأمين وتحريراته، رآها عنده رجل من شنقيط وقد أدرك الشيخَ محمد الأمين ودرس عنده، وهو: محمد ولد سيدي الحبيب الشنقيطي صوَّر هذه الكراسة من عند شيخنا وعمل فيه وحققه وبذل فيه جهدا مشكورا جزاه الله خيرا، ثم عرض العمل على الشيخ، فلما رأى عمله وتعبه فيه كره أن يرده، ويبطل جهده وعمله فأذن له بطباعته، فطبعه ونشرته دار المنارة، وهي طبعة مشهورة معروفة عندكم جميعًا، بعد مدة الذين عملوا في مشروع آثار الشيخ الأمين الشنقيطي بدل أن يحرصوا على النسخة الأصلية وهي نسخة شيخنا عليه رحمة الله أخذوا نسخة الشيخ عبد الوهاب الشنقيطي حفظه الله وعافاه وشافاه، ونسخته إنما انتسخها من نسخة الشيخ أحمد، فأخذوا النسخة الثانية من غير إشارة إلى النسخة الأصلية، ثم زادوا في شرح الأبيات التي لم يقيد عليها شرح الشيخ محمد الأمين أدخلوا فيها شرح محمد بن يحيى الوَلَاتي، الذي سيأتي الكلام عليه وهو: (فتح الودود)، فغضب الشيخ أحمد وتأسف لهذا العمل، فشرع هو في تكميل مواضع النقص وأعاد تسمية الكتاب فسماه: (مدارج الصعود)، وهو نفسه (نثر الورود)، وأخطأ من فرق بينهما، لكن الفرق بينهما في التكملة، وتوجد نسخة يعتمد عليها في كلام محمد الأمين فهي تلك النسخة مع عزتها وندور وجودها.
3_ (مراقي السعود على مراقي السعود) لابن زيدان / وهو عالم من علماء شنقيط طبعه عبد الله بن الشيخ محمد الأمين.
4_ (فتح الودود) للوَلَاتي وكان عالما متوسعا /.
ويوجد شروح أخرى لم أقف عليها.
|||

المقدمة التاسعة: في سبب اختيار مراقي السعود في الإذاعة وقد استشكله كثير من الناس:
1_ لماذا تم اختيار المراقي مع أنه للمتقدمين في الطلب؟
الجواب: هو أن بلادنا هذه المغرب الأوسط المدارس والمعاهد الشرعية فيها غير موجودة وإن وجدت هي قليلة وليست بذات كبير أثر، وأكثر اعتماد الطلبة على أنفسهم في الطلب، ففي بداية الطلب يجد من يسير معه، وفي المراحل الأخرى لا يجد من يسير معه، فجاء هذا الشرح لطبقة المتوسطين.
2_ السبب الثاني: هو على الإنسان أن يتكلم فيما يحسنه، وقد يسر الله لي أن سمعت الشيخ عبد الله بن غديان يقول: $الشيخ محمد الأمين رجل غاص في أعماق الأصول ثم استخرج لبه فوضعه في نثر الورود#، هذه الكلمة كانت حاملة على أن أدرس هذا الكتاب، ووفق الله عز وجل أن التقيت الشيخ أحمد الشنقيطي / وهو الذي كتب (نثر الورود) أو (مدارج الصعود) عن الشيخ محمد الأمين، فهو درجة عالية إلى الشيخ الأمين رحمه الله تبارك وتعالى، صححت عليه المتن ضبطا وقرأت عليه ما قيده مما أملاه عليه الشيخ الأمين /.
|||

المقدمة العاشرة في كيفية الاستفادة من هذا الشرح والمقصودون به أصالة هم المتوسطون من الطلبة:
وطريقة الاستفادة هو أن يكون على ما ذكر أولا، فالمتن مشهور وعني به العلماء ويكفيه عناية محمد الأمين به، وكان يسمي من عرف هذا الكتاب: متخصصا في الأصول، وكان يسمي علم الأصول: عفريت العلوم، والقياس هو عفريت الأصول، ومعنى العفريت هو الذي يتحكم فيها، وتفهم به ولا يفهم بها، وأصعب مباحث الأصول هو القياس، وذلك أن أصول الفقه تفرع منه علمان: القياس والجدل، والقياس تفرع منه: مسالك العلة وقوادحها، ولابد من حفظ المتن، وإلا تلاشت المعلومة، والشناقطة يقولون: $اللِّي ما يحفظ النص يبقى يتربص#، فمن لم يحفظ المتن يبقى ينتظر والناس يرقون في الدرجات بالحفظ، أما غير المتوسطين فيستعين بمراجعة بعض المتون كـ: (الورقات) قبل الدرس مع طالب علم ليشرح له المصطلحات فتعينه على الفهم.

الصور المرفقة
نوع الملف: pdf الفوائد المنتقاة من شرح مراقي السعود لشارحها الشيخ.pdf‏ (306.9 كيلوبايت, المشاهدات 1663)

التعديل الأخير تم بواسطة يوسف بن عومر ; 12 Aug 2017 الساعة 03:11 PM
رد مع اقتباس