عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 14 Oct 2013, 12:16 PM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي



كيف أغفل أصلها وأنا لم أرها؟!



نعم أخي خالد لم أر حجة في مقالك، حتى أُغفل أصل احتجاجك!
واعترافك لأخيك بحومه حول المورد هو اعتراف ضمنيّ أنّه قاربه، وهذا فيه مقنع لمن عقل!
فقاربوا وسدّدوا
أمّا ما جاء في تقرير المبحث الثاني فهو شرح للخطأ الأولّ، وبيان لمعاني ما جاء فيه من الغلط واضح.
وعليه يليق بي في هذه العجالة الثانية أن أزيد من شرح (التخطئة الأولى) والتي تجنبت فيها الإطالة خشية الملالة
قال الفاضل حمودة – وفقه الله- : (إنّ من سعادة المرء أن يرزقه الله أخا ناصحا يقرأ ما يكتب بعيني ناقد)
وهذا بطبيعة الحال من أعظ النعم وأجمل الفضائل، لكن الحق والحق أقول: لم أقرأ مقالتك أُخيّ بتلك العيون التي لا أمتلكها!
وإنما قرأت ما كتبت بعينيّ مستفيد مسلّم لما جاء في تحريرك من تنبيه يليق بمقامكم، و تخطئة هي في صميم مجالكم
أما ما حملني على البحث والبيان، هو نفيك أن يكون ابن كثير ترجم للأشعريّ في (طبقاته) وهذا قول يهزّ انتباه من يدرك أنّ الطبقات هي للشافعيّة: (وهذا استبعدته لمكان ابن كثير من التحرير والإتقان) كما قلت في مقالك
هذا ما تعلّق بمقدّمة الفاضل، أمّا مضمون مقالته، فلي عليها ملاحظات عديدة
1-قال –وفقه الله-: (فلا أدري أيّ موضع في كلامي أفهم هذا)
فأقول للفاضل: ومن ذا الذي قال أنّ هذا موجود في كلامك؟! وأين هو موضع ذلك في مقالي؟! وغاية ما فعلته أنّي نبّهت إلى أمر ذي خطر، وهو الجزم في مواطن بقول يخالف قول من موضعه في ذاك الفن المجزوم فيه، موضع البدر في السماء!
وأذكّرك أيّها الفاضل أنّك ما بحثت في الطبقات عن ترجمة الأشعري إلاّ بعد توهمّ تبادر في ذهنك أنّ الكلام عائد على الأشعري، فقصدت باب (الطبقات) فلم تجد فاتحا، لأنّك لم تطرقه، وبقيت محبوس القدم، ثم قفلت راجعا!
وهو ما جعلك تجزم بأنّ قول الحافظ: (وقد ترجمته في الطبقات) يرجع إلى الساجي، وبقيت مصرّا على القول بأنّ ابن كثير، ترجم للأشعري، فقفز ذهنه عند ذكر الساجي فوجد نفسه يترجم له ويذكر شيخه وموطن ترجمته، ونسي من كان يترجم له أصالة! وهذا سرف من القول سيأتي مزيد إيضاح لموضع الاشتباه فيه.
2- قال الفاضل –وفقه الله-: (وكونه ترجم للأشعري في الطبقات لست أخلد إليه في تبديل نتيجة البحث بل يبقى أنّ قول ابن كثير : تفقه بابن سريج عائد عندي على الساجيّ كما قدّمته، وقوله : قد ترجمته في الطبقات يصلح رجوعه إليهما، ورجوعه إلى الأشعري أقرب)
قولك: (ورجوعه إلى الأشعري أقرب) هو نتيجة ما نبّهتك عليه من إثبات ترجمة الأشعري في الطبقات
ولعلّي أوفق في إقناعك بأنّ الكلام راجع على الأشعري فأبين بأجوبة مختصرة

الجواب الأول:
وهو أن صنيع ابن كثير في طبقاته لا ينسجم مع ما ذكرته، وحتى يظهر صواب ذلك أنقل لك مثالا واحدا من أقواله التي قد تدفعك لتغيير رأيك
قال رحمه الله في ترجمة الشافعيّ : (أما الفقه فأخذه الشافعي، رضي الله عنه، أولا عن مسلم بن خالد الزنجي بمكة، والزنجي تفقه على ابن جريج، وابن جريج أخذ الفقه عن عطاء بن أبي رباح وتفقه عطاء على ابن عباس، وابن الزبير وغيرهما)
فعندما أراد الحافظ أن يبين أن الزنجي هو من تفقه بابن جريج، أعاد ذكر اسمه توضيحا منه حتى لا يقع الاشتباه ولا يقول قائل أن الكلام راجع على الشافعي فيكون هو من تفقه على ابن جريج
وهناك أمثلة كثيرة أقتصر على المشار إليه


الجواب الثاني:
قال الفاضل: (ولو كان مقصوده أن الأشعري هو الذي تفقَّه على ابن سريج لكان ذكر ذلك في ترجمة الأشعري من الطَّبقات أعني لذكر تفقهه على ابن سريج،، لأن المترجمين لا يغفلون مثل هذا أبدًا، وأنا أجزم أن لو تفقَّه الأشعري بابن سريج لصُدِّرت أكثر تراجمه بذكر ذلك والإشارة إليه)
فهذه فائدة من الفاضل تبرز تلمذة الساجي على ابن سريج و تفقهه عليه، فلازم قول الفاضل! أنّ المترجمين قد صدّروا ترجمة الساجي بخبر تفقهه بابن سريج! لأنها منقبة عظمى وفضيلة كبرى، لا يغفلها أئمة التاريخ والتراجم، وخصوصا الشافعية منهم!!
فهل واقع ذلك يؤيّده؟
الجواب: هو ما سيستغربه الفاضل، عندما نخبره بأن الساجي لم يتفقه بابن سريج –في حدود بحثي-، بل لم يذكر أصلا في عداد تلامذته!

ترجمة الساجي

1-قال السبكي (طبقات الشافعية 3/299) : ( كان من الثِّقَات الْأَئِمَّة، أَخذ عَن المزنى وَالربيع، وسمع من عبيد الله بن معَاذ العنبرى وَمُحَمّد بن بشار وهدبة بن خَالِد وأبى الرّبيع الزهرانى وطالوت بن عباد وأبى كَامِل الجحدرى وَغَيرهم..)
2- قال الخليلي في (الإرشاد2 / 527) : (زكريا بن يحيى الساجي فقيه حافظ سمع الحسن بن المثنى وأقرانه بالبصرة وسمع بالشام ومصر أصحاب ابن وهب والشافعي وله تصانيف في هذا الشأن أخذ عنه عبد الله بن عدي الجرجاني وإبراهيم بن يحيى بن منده الأصبهاني وأقرانهما وهو متفق عليه مجروح من جرحه موثق من وثقه)
3-قال الشيرازي (1/104) : (زكريا بن يحيى الساجي البصري: أخذ عن الربيع والمزني ومات بالبصرة سنة سبع وثلاثمائة وله كتاب اختلاف الفقهاء، وكتاب علل الحديث)
5- قال الذهبي (سير أعلام النبلاء 14 / 198): (سمع: طالوت بن عباد، وأبا الربيع الزهراني، وعبيد الله بن معاذ العنبري، وعبد الواحد بن غياث، وعبد الأعلى بن حماد النرسي، ومحمد بن أبي الشوارب، وأبا كامل الجحدري، وموسى بن عمر الجاري، وسليمان بن داود المهري، وهدبة بن خالد القيسي، ومحمد بن موسى الحرشي، ومحمد بن بشار، ووالده يحيى الساجي، وخلقا بالبصرة.
6- قال ابن كثير في ترجمة الساجي (طبقات الشافعيين 1/ 202): (زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن بن بحر بن عدي بن عبد الرحمن بن أبيض ابن الديلم بن باسل بن ضبة الضبي أبو يحيى الساجي البصري الحافظ، أحد الأئمة الثقات، سمع الحديث من عبيد الله بن معاذ العنبري، ومحمد بن بشار، ومحمد بن موسى الحرشي، وهدبة بن خالد، وخلق)
فأين هو ذكر ابن سيرج في مشيخة الساجي حتى نقول بما قال الفاضل؟!
فأنا أنتظر منكم إثباتا لما ادعيتم، ولعله يكون!


الجواب الثالث:
لو صححنا القول الذي تردد فيه الفاضل وهو أن الحافظ كان يقصد بكلامه وقد (ترجمنا له في الطبقات) لتبادر في الأذهان أنّه قد أحال إلى ترجمة وافية، وهذا مال لم نجده
فترجمة الساجي كما في (الطبقات) من : 1 / 202 إلى 1 / 203 يعني صفحة واحدة
أما ترجمة الأشعري: من 1 / 208 إلى 1 / 214 فهي ستّ صفحات


الجواب الرابع:
وهو ترجمة الساجي في (البداية والنهاية) قال ابن كثير (14/ 813):
(زكريا بن يحيى الساجي.الفقيه المحدث شيخ أبي الحسن الأشعري في السنة والحديث).
فأنت ترى أن الحافظ في هذا الموضع لم يذكر تفقهه على ابن سريج ولم يُحل إلى ترجمته، لأنه لم يترجم له في الطبقات بترجمة يحتاج إلى الإحالة عليها
وهذا منهج معلوم مشهور عند الأئمة، وأفضل ما نمثل به قول الحافظ نفسه في ترجمة ابن سريج في (البداية و النهاية 14 / 808) حيث قال في آخرتها: (وقد ذكرنا ترجمته في طبقات الشافعية بما فيه مقنع)
وحتى نوسّع من مجال البحث فما علينا إلا النظر في تراجم ابن سريج و التأكد هل ذكر الأئمة الساجي في عداد تلامذته.
وهي النتيجة التي تلتقي مع النتيجة الأولى، فكما لم يذكر ابن سريج في ترجمة الساجي، فكذلك لم يذكر الساجي في ترجمة ابن سريج، ودليله في كل من:
1-(طبقات الفقهاء للشيرازي 1 /108) ط. الرائد
2-(تهذيب الأسماء واللغات 2/ 251) ط. العلمية
3-(طبقات الشافعية 3 /28) للسبكي
4-(طبقات الشافعيين 1/196) لابن كثير
5- (سير أعلام النبلاء 14 /201) ط.الرسالة
6- (طبقات الشافعية 1 / 89) لابن قاضي شهبة ط. عالم الكتب
7- (البداية و النهاية 14 / 808)
8- (المنتظم 13 / 182) لابن الجوزي ط.العلمية
10-(شذرات الذهب 4 / 29) و (5 / 471) لابن العماد
11-(تاريخ بغداد 5 /43) ط. العلمية
وغير هذه من المصادر التي آثرت عدم نقلها

الجواب الخامس:

وهو أن الساجي من الأئمة الأثبات وهو أكبر سنّا من ابن سريج، فلو قال قائل أن ابن سريج أخذ عنه لما أبعد
فالساجي أخذ عن المزني، وقد عدّ من تلامذة المزني من هو من أشياخ ابن سريج
قال ابن كثير في (الطبقات): (من أَصْحَاب الْمُزنِيّ وَالربيع وَهُوَ أستاذ ابْن سُرَيج، حدث عَن الْمُزنِيّ وَالربيع الْمرَادِي.)
فإذا ظهر هذا جليا علم بعده أن (تفقه بابن سريج) يقينا ترجع على الأشعري
وأما كيف نُخرج قول الحافظ هذا، فسيظهر لاحقا في المتبقي من المقالة
يتبع


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 14 Oct 2013 الساعة 09:07 PM