عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 07 Sep 2019, 01:46 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





بسم الله الرّحمن الرّحيم

الأنبياء والرُّسُل أقوى حجّة وأفضل، في الدّعوة إلى الله عزّوجلّ.


لقد أرسل الله الرّسل والأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام، ليبشّروا بالجنّة ورضوان الله، مَن اتّبعوهم بإحسان، وينذروا بالعذاب وانتقام الله، مَن أعرضوا عن طريقه، وآثروا الحياة الدنيا. وانكبّوا على شهواتها، جاحدين نعم الله عليهم. مشركين به ، مَن لم يملك لهم نفعًا ولاضَرَّا.
والله سبحانه، لايظلم أحدًا. فقد جعل الرسالات حججًا على خلقه، ليهلك مَن هلك عن بيّنة ودليل، ويحيا مَن يحيا عن بيّنة وبرهان.
وما من رسالة في حياة البشر، إلاّ واختار لها من أفضل خلقه، الّذين يتّسمون بـالعلم والحِلم والأناة، والصبر على المشاق، وقد جعل فيهم النبوّة والحكمة والكتاب، ليخرجوا النّاس من الظلمات إلى النّور بإذن ربّهم، الذي ما شرع لهم من أحكام إلاّ وفيها الحياة والهدى والنّجاة.

قال الله تعالى:
"كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (213)"البقرة.

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في شرح الآية:

{ ..( أي: كان الناس ) [ أي: كانوا مجتمعين على الهدى، وذلك عشرة قرون بعد نوح عليه السلام، فلمّا اختلفوا في الدّين، فكفر فريق منهم وبقي الفريق الآخر على الدّين، وحصل النزاع وبعث الله الرسل ليفصلوا بين الخلائق ويقيموا الحجة عليهم، وقيل بل كانوا (مجتمعين على الكفر والضلال والشقاء, ليس لهم نور ولا إيمان، فـرحمهم الله تعالى بـإرسال الرسل إليهم ( مُبَشِّرِينَ ) مَن أطاع الله بثمرات الطاعات, من الرزق, والقوة في البدن والقلب, والحياة الطيبة, وأعلى ذلك, الفوز برضوان الله والجنة.
( وَمُنْذِرِينَ ) من عصى الله, بثمرات المعصية, من حرمان الرزق, والضعف, والإهانة, والحياة الضيقة, وأشد ذلك, سخط الله والنار.
( وَأَنزلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) وهو الإخبارات الصادقة, والأوامر العادلة، فكلّ ما اشتملت عليه الكتب, فهو حق, يفصل بين المختلفين في الأصول والفروع، وهذا هو الواجب عند الاختلاف والتنازع, أن يرد الاختلاف إلى الله وإلى رسوله، ولولا أن في كتابه, وسنة رسوله, فصل النزاع, لما أمر بالرد إليهما.
ولمّا ذكر نعمته العظيمة بإنزال الكتب على أهل الكتاب, وكان هذا يقتضي اتّفاقهم عليها واجتماعهم، فأخبر تعالى أنّهم بغى بعضهم على بعض, وحصل النّزاع والخصام وكثرة الاختلاف.
فاختلفوا في الكتاب الذي ينبغي أن يكونوا أولى الناس بالاجتماع عليه, وذلك من بعد ما علموه وتيقّنوه بالآيات البيّنات, والأدلة القاطعات, فضلّوا بذلك ضلالا بعيدا.
( فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) من هذه الأمّة ( لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ ) فكلّ ما اختلف فيه أهل الكتاب, وأخطأوا فيه الحق والصواب, هدى الله للحق فيه هذه الأمّة ( بِإِذْنِهِ ) تعالى وتيسيره لهم ورحمته.
( وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) فعمَّ الخلق تعالى بـالدّعوة إلى الصراط المستقيم, عدلا منه تعالى, وإقامة حجة على الخلق, لئلاّ يقولوا: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ، وهدى - بفضله ورحمته, وإعانته ولطفه - مَن شاء من عباده، فهذا فضله وإحسانه, وذاك عدله وحكمته. }انتهـ.

وقال الإمام البغوي رحمه الله في تفسير الآية:

{...قوله تعالى ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) على دين واحد قال مجاهد : أراد آدم وحده كان أمّة واحدة قال سمّي الواحد بلفظ الجمع لأنّه أصل النسل وأبو البشر ثم خلق الله تعالى حواء ونشر منهما الناس فانتشروا وكانوا مسلمين إلى أن قتل قابيل هابيل فاختلفوا ( فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ ) قال الحسن وعطاء : كان الناس من وقت وفاة آدم إلى مبعث نوح أمّة واحدة على ملة الكفر أمثال البهائم فبعث الله نوحا وغيره من النّبيّين . وقال قتادة وعكرمة : كان الناس من وقت آدم إلى مبعث نوح وكان بينهما عشرة قرون كلّهم على شريعة واحدة من الحق والهدى ثم اختلفوا في زمن نوح فبعث الله إليهم نوحا فكان أول نبي بعث ثم بعث بعده النبيين .
وقال الكلبي : هم أهل سفينة نوح كانوا مؤمنين ثم اختلفوا بعد وفاة نوح .

وروي عن ابن عباس قال : كان الناس على عهد إبراهيم عليه السلام أمّة واحدة كفارا كلّهم. فبعث الله إبراهيم وغيره من النّبيّين وقيل : كان العرب على دين إبراهيم إلى أن غيّره عمرو بن لحي . وروي عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال : كان الناس حين عرضوا على آدم وأخرجوا من ظهره وأقرّوا بالعبودية، أمّة واحدة مسلمين كلّهم ولم يكونوا أمّة واحدة قط غير ذلك اليوم ثم اختلفوا بعد آدم نظيره في سورة يونس " وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ " ( 19 - يونس ) وجملتهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر والمذكورون في القرآن باسم العلم ثمانية وعشرون نبيًا ) ( مُبَشِّرِينَ ) بالثواب من آمن وأطاع ) ( ومُنذِرِينَ ) محذّرين بالعقاب مَن كفر وعصى ( وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ) أي الكُتُب تقديره وأنزل مع كل واحد منهم الكتاب ) ( بالحق ) بالعدل والصدق ( ليحكم بين الناس ) قرأ أبو جعفر ) ( لِيُحْكَم ) بضم الياء وفتح الكاف هاهنا وفي أول آل عمران وفي النور موضعين لأنّ الكتاب لا يحكم في الحقيقة إنّما ) ( الحكم ) به، وقراءة العامّة بفتح الياء وضم الكاف أي ليحكم الكتاب ذكره على سعة الكلام كقوله تعالى " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق " ( 29 - الجاثية ) . وقيل معناه ليحكم كل نبي بكتابه ( فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه ) أي في الكتاب ( إلا الذين أوتوه ) أي أعطوا الكتاب ( من بعد ما جاءتهم البينات ) يعني أحكام التوراة والإنجيل قال الفراء : ولاختلافهم معنيان :
-أحدهما : كفر بعضهم بكتاب بعض قال الله تعالى : " ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض " ( 150 - النساء ) والآخر : تحريفهم كتاب الله قال الله تعالى : "يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ " ( 46 - النساء ) وقيل الآية راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه اختلف فيه أهل الكتاب ( مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ) صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم ) ( بَغْيًا ) ظلما وحسدا ( بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) أي لما اختلفوا فيه ( مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ) بعلمه وإرادته فيهم . قال ابن زيد في هذه الآية : اختلفوا في القِبْلَة، فمنهم مَن يصلّي إلى المشرق ومنهم مَن يصلّي إلى المغرب ومنهم مَن يصلّي إلى بيت المقدس فهدانا الله إلى الكعبة. واختلفوا في الصيام، فهدانا الله لشهر رمضان. واختلفوا في الأيام فأخذت اليهود السبت والنصارى الأحد. فهدانا الله للجمعة. واختلفوا في إبراهيم عليه السلام فقالت اليهود كان يهوديا وقالت النصارى كان نصرانيا. فهدانا الله للحق من ذلك. واختلفوا في عيسى فجعلته اليهود لفرية وجعلته النصارى إلها وهدانا الله للحق فيه (وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) . }انتهـ.



الصور المرفقة
نوع الملف: png كان الناس أمة واحدة.png‏ (310.6 كيلوبايت, المشاهدات 5672)
نوع الملف: png ولقد اهلنا القرون من قبلكم.png‏ (33.7 كيلوبايت, المشاهدات 3259)
رد مع اقتباس