الموضوع: قصةٌ وعِبَرٌ
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17 May 2017, 11:53 PM
أبو عمر محمد أبو عمر محمد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 176
افتراضي قصةٌ وعِبَرٌ

بسم الله الرحمن الرحيم





[ الحمد لله الذي ابتدأ الإنسان بنعمته وصوره في الأرحام بحكمته وأبرزه إلى رِفْقِهِ وما يسره له من رزقه، وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما ونبهه بآثار صنعته وأعذر إليه على ألسنة المرسلين الخيرة من خلقه فهدى من وفقه بفضله وأضل من خذله بعدله ويسر المؤمنين لليسرى وشرح صدورهم للذكرى فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين وبقلوبهم مخلصين وبما أتتهم به رسله وكتبه عاملين وتعلموا ما علمهم ووفقوا عند ما حد لهم واستغنوا بما أحل لهم عما حرم عليهم](1) أمّا بعدُ :

فإنّ في تصاريف الأقدار ممّا يقضيه رب العباد و ينفذه لحكماً بالغاتٍ ، لا يقدر مخلوقٌ على الإحاطة بها كعجزه عن الإحاطة بسائر الصفات ،و لكن -بعد إعمال الفكر و إمعان النظر - يقتبس منها أنواراً ، تزيد العبد إيمانا و معرفةً بقدر نفسه و معرفة بقدر الله سبحانه عزّ و جل.
و من ذلك هذه القصة التي وقعت قريباً و كنت لها مشاهداً فأحببتُ مشاركتها عسى الله أن ينفع بما حوته من عبر و عظات
و إليكموها :


حدَّث أحدُهمْ فقال :
"في حلقة تصحيح تلاوة القرآن ، جَلَسَ بجانبي طفل صغير لم يجاوز اثني عشر سنة و جلسَ بجانبه الآخر آخرُ قد جاوز العشرين أو كاد ، فلمّا كان دور الصغير شرع في التلاوة يصيب مرة و يُخطئ مرات و الشيخ يُقومه بحسب ما يقتضيه سنُّه و مُستواه ثمَّ جاء دور الطالب الآخر و هو صاحب تلاوةٍ حسنةٍ إجمالا يقيم الحروف و يعربها و يجودها تجويدا طيبا و قبل أن يشرع في تلاوته سأله الشيخ : أتذكرُ يوم كنت تقرأ مثل هذا الغلام ؟ فأجاب : نعم ، فذكَّره الشيخ بحمد الله على هذه النعمة "

و في هذه القصة فوائد عظيمة منها :

1- توفيق الله للعبْد بتعليمه و اللطف به حتى يبلغ به ما شاء سبحانه من التفضل و الإنعام و ذلك فضله يؤتيه من يشاء و هو ذو الفضل العظيم .

2- فضل شيخ العلم و القرآن فهو من أعظم الأسباب التي يمنُّ الله بها على العبد و من رُزقه فقد رزِق خيراً عظيما .

3- بذل الطالب أسباب التعلّم و الاجتهاد في ذلك أمرٌ مطلوب و ضروري و هو من تمام التوكل و الاستعانة .

4- الحرص على التعلّم من الصغر و لا تخفى أهميّة ذا .

5- الربّانيَّة التي ينبغي أن يكون عليها الشيخ فيعلم صغار العلم قبل كباره .

6- تفكر الإنسان في حاله كيف كان و كيف أصبح من أعظم ما يوقفه على نعم الله التي تترى عليه و لن يحصيها .



قدْ تكون هذه المعاني ممّا لا يخفى على كثيرٍ من الطلبة لكنّ هذا ليس مانعاً من التذكير بها و يصحب ذا تنبيه الغافل

نسأل الله أن يوفقنا و إياكم و أن يرحمنا برحمته إنّه جواد كريم غفور رحيم
و الله أعلم .


ـــــــــــــــــــ
(1) مقدّمةُ مقدمةِ الرسالة لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله.

رد مع اقتباس