عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08 Jun 2019, 01:29 PM
فتحي إدريس فتحي إدريس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 48
افتراضي كلمة مختصرة في الذب عن أخي الشيخ محمد مرابط -وفقه الله-



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمَّد وآله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد:

فهذه كتابةٌ مختصرةٌ أحببت أن أذبَّ فيها عن أخي الفاضل أبي معاذ محمَّد مرابط وقد نالته في هذه الفتنة كثيرٌ من السِّهام وأُلصقت به كثيرٌ من الأباطيل، وما ذلك إلا لكونه نصرَ الحقَّ نصرًا مؤزَّرا وأعلى رايته شامخةً من أوَّل يومٍ استبانَ وظهرَ، وزادَ اجتهادًا في نصرته بعد نصائح العلماء وتوجيهاته.
ولما كانت عادة المبطِل في ردِّ الحقِّ واحدةً، وسنَّة الله في خلقه جارية، فإنهم يسعون لتشويه صورَته سعيا حثيثًا، ولتبكِيته بمختلف الطُّرق والأساليبِ، وقَلْبِ المناقب مثالب.
ومن عادة المبطلين في ردِّ الحقِّ الطعن في صاحبِ الحقِّ وانتقاصُ قَدْرِه، وما ذلك إلا لتنفير الناس عن الحق الذي معه، واقرأ إن شئت قوله سبحانه وتعالى: «وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ»[الزخرف] الآية، وقوله سبحانه وتعالى: « وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ۚ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا (8)»[الفرقان] وانظر ما فِيهِما من الانتقاصِ والحطِّ من قيمة الرسول صلى الله عليه وسلَّم مع أنَّه أكمل الخلق صلى الله عليه وسلم وأصدقهم وأفصحهم وأتمهم خَلقا وخُلقا، ومع ذلك هي عادة المبطلِ في ردِّ الحقِّ.
فهؤلاء سلكوا هذا السَّبيل المشين لردِّ ما جاء به الشَّيخ محمَّد مرابط فقالوا عنه "بائع الشاي/بائع الكاوكاو" انتقاصًا وطعنا كما سلف.
والمعلوم عند صغار السَّلفيين قبل كبارهم أنَّ الحقَّ يقبل ممن جاء به كائنا من كان والأدلة والأمثلة على ذلك أشهر من أن تذكر، فهؤلاءِ وقعوا في الانتقاص وفي بطر الحقِّ ودفعه وليتهم ردُّوه ردًّا علميًّا.

ثمَّ يقال:
1/ بيننا وبينكم شرع الله سبحانه وتعالى ودينه، فإن كان "بيع الشاي/الكاوكاو" نقيصة ومثلبة فاذكرُوا من شرع الله سبحانه وتعالى ما يبيِّن ذلك ويحطُّ من قدر صاحبه، وإن كان من حصل منه هذا الأمر في زمن ما لا يقبَلُ منه قوله ولا يسمع له ويردُّ قوله مباشرةً فاذكروا لنا كذلك الأدلة على هذا وإنَّا منتظرون.
يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا، فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ»[صحيح البخاري برقم (1470)].
فتأمَّل هذه الصُّورة التي أقسمَ عليها الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه، مبيِّنا فيها فضل الاستعاف وطلب الرزق والتَّكسُّب وخيريته على سؤال الناس، فبيَّن بأنَّ الرَّجل لو أخذ حبله فأتى الجبل فاحتطب فأتى برزمة حطبٍ يحملها على ظهره فباعها هذا خير له من أن يسأل النَّاس، فهذا شرف وتربية على الشَّرف، فكان الأولى أن يحمدَ من يتكسَّب ويطلب رزقه بعرق جبينه ولا يسأل النَّاس، ولعلَّ الحاجةَ حملت المرء في زمن من الأزمان ودفعته إلى مزاولة بعض الأعمال ليسدَّ حاجته أو حاجة عياله، فيأتي بعد مدد متطاولة من يريد أن ينتقصه ويحتقره بما الأصل أن يحمد عليه لرجولته وفحولته، أفليست هذه خسَّة بعينها؟! فالرجل حقًّا الذي يذهب حينها فيتفقد حال أخيه وينظر في أمره ويسعى لمساعدته وأن يترك هذا العمل الذي ألجئ إليه لا سيما وأنكم تعلمون أنه كان طالب علم مشتغلٌ بالعلم! أما أن تضرب عن ذلك صفحا ثم لما ينطق بالحق تعيبه بما يفخر به! فما هذا بسبيل الفحول.
يقول ابن الجوزي -رحمه الله- في كتابه "صيد الخاطر"(222-223): "وقد سبق في كتابي هذا في بعض الفصول شرف المال، ومن كان من الصَّحابة والعلماء يقتنيه، والسِّرُّ في فعلهم ذلك...ومن تأَّمل أخبار الأخيار من الأحبار، وجدهم على هذه الطريقة؛ وإنما سلك طريق الترفه عن الكسب من لم يؤثر عنده بذل الدين والوجه، فطلب الراحة، ونسي أنها في المعنى عناء، كما فعل جماعة من جهال المتصوفة في إخراج ما في أيديهم، وادعاء التوكل! وما علموا أن الكسب لا ينافي التوكل! وإنما طلبوا طريق الراحة، وجعلوا التعرض للناس كسبًا! وهذه طريقة مركبة من شيئين: أحدهما: قلة الأنفة على العرض، والثاني: قلة العلم" وقد اعتنى بهذا المعنى في كتابه "صيد الخاطر" في مواضع متفرِّقة فليراجع كلامه عن أهمية الكسب لطالب العلم.

2/ لم أعرضتم عن هذا الأمر وضربتم عنه صفحًا أيام كان الشيخ محمَّد مرابط مشرفًا في منتديات التصفية والتربية بإشراف لزهر سنيقرة وكان يعمل في مركز دراسات التصفية والتربية، بل لماذا كان متبوعكم لزهر سنيقرة يخرج له مطويَّات ورسائل تتعلَّق بأصول الإسلام العظام كالدفاع عن الصَّحابة وحقيقة الوهَّابيَّة والكلام على الرفض والتَّشيُّع وغير ذلك من المقامات العالية التي لا يليق لها إلا الكُمَّل؟! بل كان يقدم رسائله ويثني على جهوده، وكذلك الشيخ فركوس أثنى على رسالته "درء المخاطر" فهلا اعتبرتم بفعل شيوخكم وعلمتم أن لا منقصة في هذا الأمر ولا مثلبة؟ !

3/ ما المانع أن يزاول الرَّجل عملًا من الأعمال يتكسَّب منه، ومع ذلك يفتح الله عز وجل عليه في العلم والعمل، فيجمع بين الأمرين، وكلكم يفخر بكون العلامة الألباني -رحمه الله- كان ساعاتيا ويتعجب لسعة علم الشيخ -رحمه الله- وكونه كان ساعاتيا في نفس الوقت، ويعدًّ هذا من مناقبة الشريفة ومما يحدث به العامة من الناس ليشحذ هممهم، فهلا عاملتم الشيخ محمدًا هذه المعاملة وأن يكون ممن فتح الله عليه في العلم وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

4/ لو كنتم منصفين لأعملتم قاعدة شيخكم جمعة "العبرة بحاضر الرَّجل" فما هو حاضر الشيخ محمد مرابط، هلًّا ذكرتم أنه فتح مكتبة وسماها بـ"مكتبة معاوية" ترغيمًا للرَّافضة ورفعة لخال المؤمنين رضي الله عنه، وأنه شغل بعد ذلك مركز دراسات التَّصفيَّة، وأنَّه فتح مشروعًا ضخمًا لم يسبق إليه وهو مدرسة عكاظ! فلم يعدل بالعلم والدعوة إلى الله شيئا آخر! ولو أراد الدُّنيا فإنِّي جازمٌ أنه عارفٌ بطريقها خبيرٌ بميادينها قادر على سلوك دروبها والارتقاء في معارجها لتحصيل الأموال الطائلة! ولكن رضي بتفريغ نفسه للدَّعوة إلى الله تعالى ونصرة الحقِّ الذي يدين الله به.

هذا آخرُ ما أردته، وأعيذكم من الفجور في الخصومة فإنَّها سمةُ المنافقين وعلامتهم، والحقُّ لن يطمس نوره بهذه الأفاعيل، بل لن يزداد إلا توهُّجا وتوقُّدا، ولن يزيدَ الله -إن الله شاء- أبا معاذ إلا رفعةً، فلا يمكَّن الرَّجل حتى يبتلى.


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 08 Jun 2019 الساعة 06:03 PM
رد مع اقتباس