عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 26 Jan 2012, 09:24 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

في صحة ثبوت لفظة "أين الله" في حديث الجارية

قال الشيخ صالح آل الشيخ في "اللآلئ البهية" (2/82):
"النفاة للعلو اعترضوا على هذا باعتراضات مرت معنا في القسم الأول لكن الذي يناسب الدليل من هاهنا أنهم قالوا : قوله (أين الله) هذا اللفظ ليس بثابت في بعض نسخ مسلم ، قالوا ولهذا أنكره البيهقي في كتاب الأسماء والصفات وقال ليس في نسختنا من مسلم لفظ (أين الله) في الحديث, وهذه شبهة أدلى بها بعض المعاصرين الذين ينفون صفة العلو لله تبارك وتعالى .
والجواب عن ذلك:
أن مسلما رحمه الله لم يروِ كتابه عنه إلا رجل واحد .
وكتاب مسلم ليس كالبخاري ، البخاري ثَم له رواة فيرويه عنه الفِرَبْرِي ويرويه عنه حماد بن شاكر ويرويه عنه فلان وفلان ، وكل من هؤلاء له رواة أيضا ورواية الفربري المشهورة في البخاري أيضا فيه ثَم رواية أبي ذر ورواية أبي الوقت ورواية ابن عساكر والكُشْميهَني وهذه الاختلافات موجودة في نسخ البخاري تابعة لرواية الفربري وحده ، أما مسلم رحمه الله فإن كتابه الصحيح لم يروه عنه إلا شخص واحد وهو ابن سفيان رحمه الله وقد رواه عنه مسموعا في أكثر الكتاب وفاته سماع أو لم يُقرئ مسلم الراوي ثلاثة مواضع ، فلم يسمعها من مسلم أصلا ، ثلاثة مواضع كبيرة بعض المواضع يأتي على عشرين ثلاثين صفحة ، فليس له إلا رواية واحدة لأن مسلما ما تيسر له أن يُقرئ كتابه قبل وفاته بل اخترمته المنية قبل أن يُقرئه وإنما رواه عنه ابن سفيان وحده وهذا يدل على أنه ليس ثَم في مسلم اختلاف روايات بل هو رواية واحدة فما يقال في مسلم أن في بعض رواة مسلم رواها كذا وبعض رواة مسلم رواها كذا ، هذا من الجهل .
وأما نسخة البيهقي التي ذكرها بأنه ليس في نسختنا فالنسخ معلوم أن النسخ قد يحصل فيه غلط قد يحصل فيه نقص والرواية إذا كانت ثابتة عن الذي روى عن مسلم هذه اللفظة فإنه يُعتمَد عليها وتكون هي الحجة ، وأما أن يكون في بعض النسخ محذوف فيه هذه فإن ذلك ليس بدليل على نفيها لأن الرواية رواية واحدة وليست بروايات متعددة حتى يقال إن مسلما رجع عن هذه أو اختلفت نسخ مسلم إنما هي نسخة واحدة فيكون الخلل من جهة النُسّاخ وليس من جهة الرواية."اهـ


علو الله اتفقت عليه الأمم دون تواطؤ منهم, لكن أهل البدع تواطئوا على إنكاره !!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "درء تعارض العقل والنقل" (7/5):
" علو الخالق على المخلوق وأنه فوق العالم، أمر مستقر في فطر العباد، معلوم لهم بالضرورة، كما اتفق عليه جميع الأمم، إقراراً بذلك، وتصديقاً من غير أن يتواطؤا على ذلك ويتشاعروا، وهم يخبرون عن أنفسهم أنهم يجدون التصديق بذلك في فطرهم.
وكذلك هم عندما يضطرون إلى قصد الله وإرادته، مثل قصده عند الدعاء والمسألة، يضطرون إلى توجه قلوبهم إلى العلو، فكما أنهم مضطرون إلى أن يوجهوا قلوبهم إلى العلو إليه، لا يجدون في قلوبهم توجهاً إلى جهة أخرى، ولا استواء الجهات كلها عندها وخلو القلب عن قصد جهة من الجهات بل يجدون قلوبهم مضطرة إلى أن تقصد جهة علوهم دون غيرها من الجهات.
فهذا يتضمن بيان اضطرارهم إلى قصده في العلو وتوجههم عند دعائه إلى العلو، كما يتضمن فطرتهم على الإقرار بأنه في العلو والتصديق بذلك."بتصرف.

ولا تعجب أخي من تواطو أهل البدع على إنكار علو الله تعالى, فإن الجماعة الذين يقلدون مذهبا تلقاه بعضهم عن بعض يجوز اتفاقهم على جحد الضروريات كما يجوز الاتفاق على الكذب مع المواطئة والاتفاق, ولهذا يوجد في أهل المذاهب الباطلة كالنصارى والرافضة والفلاسفة من يصر على القول الذي يعلم فساده بالضرورة.
فإذا لقنوا قولا بشبهة وحجج واعتقدوا صحته جاز أن يصروا على اعتقاده, وإن كان مخالفا لضرورة العقل, وإن كانوا جماعة عظيمة ولهذا يطبع الله على قلوب الكفار فلا يعرفون الحق.
وإنما تؤخذ الضروريات من القلوب السليمة, والعقول المستقيمة, التي لم تمرض بما تقلدته من العقائد وتعودته من المقاصد. "بيان تلبيس الجهمية" (1 / 7).

وكذلك الكفار قد يتواصون ويتواطئون على كتمان الحقائق التي أتتهم بها رسلهم, قال العلامة ابن قيم الجوزية في "عدة الصابرين" (357):
" فالقوم كانوا يعلمون أنهم كانوا في الدنيا على باطل وأن الرسل صدقوهم فيما بلغوهم عن الله وتيقنوا ذلك وتحققوه ولكنهم أخفوه ولم يظهروه بينهم بل تواصوا بكتمانه."اهـ

وقال عن اليهود في كتابه القيم "هداية الحيارى" (115):
"ومن ذلك تواطؤهم على تعطيل أحكام التوراة وفرائضها وتركها في جل أمورهم إلا اليسير منها وهم معترفون بذلك وانه أكبر أسباب زوال ملكهم وعزهم."اهـ


ماذا لو صح البيت المشهور الذي يتمسك أهل البدع:
قد استوى بشر على العراق ** من غير سيف ولا دم مهراق
بم تجيب أيها السني؟.


اعلم أولا أن باب التنـزل في المناظرة أمر معروف في فنون الجدل, فالمناظر إذا أراد أن يفحم خصمه سلم له مقدمة تسليما جدليا ليمكنه أن يفحمه, لأنه إن نفى مقدمته لا يمكن له ذلك, لأنه لا بد للخصمين من أن يتفقا على قاعدة, ومن ذلك قوله تعالى:" أي شركائي" فنسب لنفسه الشريك سبحانه, وليس له شريك, ليقرعهم ويوبخهم. "العذب النمير" (1/354).

ثم إن المعتزلة والجهمية والحرورية استدلوا بهذا البيت على أن معنى قوله تعالى: ( الرحمن على العرش استوى ) أنه استولى وملك وقهر، وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، ولو كان هذا كما قالوا كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة السفلى، لأن الله تعالى قادر على كل شيء والأرض والسماوات وكل شيء في العالم
فقال لهم أهل الحق على فرض صحة البيت إلى قائله فإنه لا حجة لكم به من وجوه:

1_ أنه لو صح هذا البيت وصح أنه غير محرف لم يكن فيه حجة بل هو حجة عليهم، وهو على حقيقة الاستواء، فإن بشرا هذا كان أخا عبد الملك بن مروان، وكان أميرا على العراق، فاستوى على سريرها كما هي عادة الملوك ونوابها أن يجلسوا فوق سرير الملك مستوين عليه، وهذا هو المطابق لمعنى هذه اللفظة في اللغة كقوله تعالى : ( لتستووا على ظهوره ).


2_ استواء الشيء على غيره يتضمن استقراره وثباته وتمكنه عليه كما قال تعالى في السفينة : ( واستوت على الجودي ) أي رست عليه واستقرت على ظهره، وقال تعالى : ( لتستووا على ظهوره ) وقال في الزرع : ( فاستوى على سوقه )، فإنه قبل ذلك يكون فيه ميل واعوجاج لأجل ضعف سوقه، وإذا استغلظ الساق واشتدت السنبلة استقرت، ومنه :
قد استوى بشر على العراق **......................
فإنه يتضمن استقراره وثباته عليها ودخوله دخول مستقر ثابت غير مزلزل، وهذا يستلزم الاستيلاء أو يتضمنه.


3_ لو كان المراد بالبيت استيلاء القهر والملك لكان المستوي على العراق عبد الملك بن مروان، لا أخوه بشر، فإن بشرا لم يكن ينازع أخاه الملك ولم يكن ملكا مثله، وإنما كان نائبا له عليها وواليا من جهته، فالمستولي عليها هو عبد الملك لا بشر، بخلاف الاستواء الحقيقي وهو الاستقرار فيها والجلوس على سريرها، فإن نواب الملوك تفعل هذا بإذن الملوك.


4_ أنه إذا دار الأمر بين تحريف لغة العرب وحمل لفظها على معنى لم يعهد استعماله فيه البتة، وبين حمل المضاف المألوف حذفه كثيرا إيجارا واختصارا، فالحمل على حذف المضاف أولى، وهذا البيت كذلك، فإنا إن حملنا لفظ استوى فيه على استولى حملناه على معنى لم يعهد استعماله فيه البتة، وإن حملناها على حذف المضاف وتقديره قد استوى على سرير العراق حملناه على معهود مألوف، فيقولون : قعد فلان على سرير الملك، فيذكرون المضاف إيضاحا وبيانا، ويحذفون تارة إيجازا واختصارا، إذ قد علم المخاطب أن القعود والاستواء والجلوس الذي يضاف ويقصد به الملك يستلزم سرير الملك، فحذف المضاف أقرب إلى لغة القوم من تحريف كلامهم، وحمل لفظ على معنى لفظ آخر لم يعهد استعماله فيه. "مختصر الصواعق" (2/126).


العلو نوعان: مطلق ونسبي
الجهات نوعان:
جهات ثابتة لازمة لا تتحول.
وجهات إضافية نسبية تتبدل وتتحول.

فأما الأولى: وهي الجهة الثابتة اللازمة الحقيقية فهي جهة العلو والسفل, فالسماء أبدا في الجهة العالية التي علوها ثابت لازم لا يتبدل وكلما علت اتسعت, والأرض أبدا في الجهة السافلة التي سفلوها ثابت لازم لا يتبدل.
والثانية: فهي الجهات الست, وهي بالنسبة والإضافة إلى الحيوان وحركته, ولهذا تتبدل بتبدل حركته وأعضائه, فما حاذى رأسه كان فوقه وما حاذى رجليه كان تحته, فهو مثلا يؤم جهة فتكون أمامه، ويخلف أخرى فتكون خلفه، وجهة تحاذى يمينه، وجهة تحاذي شماله، وجهة تحاذي رأسه، وجهة تحاذي رجليه، وليس لهذه الجهات الست في نفسها صفة لازمة، بل هي بحسب النسبة والإضافة، فيكون يمين هذا ما يكون شمال هذا، ويكون أمام هذا ما يكون خلف هذا، ويكون فوق هذا ما يكون تحت هذا.
فإذا مشت نملة تحت سقف: رجلاها إلى السقف وظهرها إلى الأرض, كان هذا الحيوان باعتبار الجهة الحقيقية السماء فوقه والأرض, وباعتبار الجهة الإضافية السماء تحته والأرض فوقه.
وكذلك من يكون على الأرض من الحيوان والنبات والأثقال لا يقال: إنه تحت أولئك الذين في الجهة الأخرى منها، وإنما هذا خيال يتخيله الإنسان، وهو تحت إضافي.
"بيان تلبيس الجهمية "(2/ 217),"درء تعارض العقل والنقل" (6/328), "مجموع الفتاوى" (6/565).

والله جل وعلا في العلو المطلق الذي هو العلو بالنسبة لجميع جهات الأرض, فيكون العلو لله تبارك وتعالى العلو المطلق والعبد إذا دعا الله ورفع يديه إليه سواء كان في أي جهة من الأرض سواء كان في شمالها أم في جنوبها في ظهرها أم في الجهة الأخرى فإنه إذا رفع يديه فإنه يرفع يديه إلى العلو المطلق. "اللآلئ البهية" (2/82).

والله أعلم
وهو الموفق لا إله غيره ولا رب سواه
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله



جمعه أخوكم/
أبو أنس عبد الله الجزائري
الجزائر المحروسة
1433هـ


التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:35 AM
رد مع اقتباس