عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 26 Jan 2012, 09:19 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

القول بخلو العرش حال نزوله مرتبط بمسألة هل يقال: أن نزوله بحركة وانتقال

اعلم أخي الكريم أن حديث النزول متواتر وممن صرح بتواتره:
ابن كثير وابن حجر والشوكاني "تمام المنة"(79), وشيخ الإسلام ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (5/470), العلامة ابن القيم كما في "مختصر الصواعق" (322), وفي "تهذيب السنن" (7/107), والإمام الذهبي في "العلو" (73), وابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" (304), وأبو زرعة كما في "عمدة القارئ" (7/199), والكتاني في "النظم المتناثر" (191), والحافظ عبد الغني المقدسي "تذكرة المؤتسي" (110), والعلامة ابن سعدي في "توضيح الشافية الكافية" (48), والعلامة ابن عثيمين في "شرح العقيدة الواسطية" (398), والعلامة الألباني في "تخريج الطحاوية" (522), قال في "تمام المنة"(79):"وقد كنت جمعت في بعض المناسبات الطرق الصحيحة فقط لحديث النزول فجاوزت العشرين طريقا عن تسعة عشر صحابيا, فهل التواتر غير هذا؟.", وقال الحافظ أبو القاسم الأصبهاني في كتابة " الحجة " (ق 42/ 2):"رواه ثلاثة وعشرون من الصحابة ، سبعة عشر رجلا، وست امرأة."اهـ
ونقل الحافظ ابن عبد البر اتفاق أهل الحديث على صحته, قال في "التمهيد" (7/131):"هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته."اهـ

و قبل نقل أقوال الأئمة فلنقف مع إثبات لفظ الحركة لله عز وجل, فليعلم أنه قد أثبته طوائف من أهل السنة والحديث وهو الذي ذكره حرب بن إسماعيل الكرماني في السنة التي حكاها عن الشيوخ الذين أدركهم كالحميدي وأحمد بن حنبل وسعيد ابن منصور وإسحاق بن إبراهيم وكذلك هو الذي ذكره عثمان ابن سعيد الدارمي في نقضه على بشر المريسي وذكر أن ذلك مذهب أهل السنة وهو قول كثير من أهل الكلام والفلسفة من الشيعة والكرامية والفلاسفة الأوائل والمتأخرين كأبي البركات صاحب المعتبر وغيرهم.
ونفاه طوائف منهم أبو الحسن التميمي وأبو سليمان الخطابي وكل من اثبت حدوث العالم بحدوث الأعراض كأبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر بن الباقلاني وأبى الوفاء بن عقيل وغيرهم ممن سلك في إثبات حدوث العالم هذه الطريقة التي أنشأها قبلهم المعتزلة وهو أيضا قول كثير من الفلاسفة الأوائل والمتأخرين كابن سينا وغيره.
والمنصوص عن الإمام أحمد إنكار نفي ذلك ولم يثبت عنه إثبات لفظ الحركة, وإن أثبت أنواعا قد يدرجها المثبت في جنس الحركة فإنه لما سمع شخصا يروى حديث النزول ويقول ينزل بغير حركة ولا انتقال ولا بغير حال أنكر أحمد ذلك وقال: قل كما قال رسول الله فهو كان أغير على ربه منك. "الاستقامة" (1/70).

فيعلم بهذا كما قرر شيخ الإسلام أن كثيرا من أهل الحديث والسنة يقول: المعنى صحيح لكن لا يطلق هذا اللفظ لعدم مجيء الأثر به كما ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر وغيره في كلامهم على حديث النزول. "مجموع الفتاوى" (5/575).

ثم إن القول بخلو العرش حال نزوله سبحانه وتعالى مرتبط (1) بمسألة: هل يقال في النزول والإتيان والمجيء إنه بحركة وانتقال؟.
وقد اختلف أصحاب الإمام أحمد وغيرهم من المنتسبين إلى السنة والحديث في هذه المسألة على ثلاثة أقوال ذكرها القاضي أبو يعلى في كتاب "اختلاف الروايتين والوجهين".
وهذه الأقوال هي:
2_ أنه نزول انتقال, وهو قول أبي عبد الله بن حامد. (2)
2_أنه نزول بغير انتقال, وهو قول أبي الحسن التميمي وأهل بيته، وأن معناه: قدرته.
3_الإمساك عن القول في المسألة، وهو قول أبي عبد الله بن بطة وغيره.
ثم هؤلاء فيهم من يقف عن إثبات اللفظ مع الموافقة على المعنى وهو قول كثير منهم، ومنهم من يمسك عن إثبات المعنى وعن اللفظ (3)."اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع فتاوى" (5/ 131):
"وقد ذكرنا في غير هذا الموضع ما قاله السلف في مثل ذلك؛ مثل حماد بن زيد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهما، من أنه ينزل إلى سماء الدنيا ولا يخلو منه العرش، وبينا أن هذا هو الصواب، وإن كان طائفة ممن يدعى السنة يظن خلو العرش منه.
وقد صنف أبو القاسم عبد الرحمن بن منده في ذلك مصنفًا، وزيف قول من قال : ينزل ولا يخلو منه العرش، وضعف ما قيل في ذلك عن أحمد بن حنبل في رسالته إلى مُسَدَّد، وطعن في هذه الرسالة .
وقال : إنها مكذوبة على أحمد وتكلم على راويها البردعي أحمد بن محمد . وقال : إنه مجهول لا يعرف في أصحاب أحمد .
وطائفة تقف، لا تقول : يخلو، ولا : لا يخلو، وتنكر على من يقول ذلك, منهم: الحافظ عبد الغني المقدسي.
والصواب: قول السلف؛ أنه ينزل ولا يخلو منه العرش؟."اهـ

والله أعلم
__________________
(1) ربط شيخ الإسلام بين المسألتين في شرح "حديث النزول" (ص210-211)، وكذا ابن القيم كما في "مختصر الصواعق" (2/253).
(2) وقال ابن القيم رحمه الله في "مختصر الصواعق" (2/254-255):
" أما قول ابن حامد أنه نزول انتقال فهو موافق لقول من يقول يخلو منه العرش، والذي حمله على هذا إثبات النزول حقيقة، وأن حقيقته لا تثبت إلا بالانتقال، ورأى أنه ليس في العقل ولا في النقل ما يحيل الانتقال عليه، فإنه كالمجيء والإتيان والذهاب والهبوط، وهذه أنواع الفعل اللازم القائم به، كما أن الخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، والقبض، والبسط أنواع للفعل المتعدي، وهو سبحانه موصوف بالنوعين، وقد يجمعهما كقوله {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف 54].
والانتقال جنس لأنواع المجيء، والإتيان، والنزول، والهبوط، والصعود، والدنو، والتدلي ونحوها؛ وإثبات النوع مع نفي جنسه جمع بين النقيضين.
قالوا: وليس في القول بلازم النزول والمجيء والإتيان والاستواء والصعود محذور البتة ولا يستلزم ذلك نقصاً، ولا سلب كمال، بل هو الكمال نفسه، وهذه الأفعال كمال ومدح، فهي حق دل عليه النقل ولازم الحق حق."اهـ
وقال أيضا كما في "مختصر الصواعق" (2/257-258):
"الانتقال يراد به:
1انتقال الجسم والعرض من مكان هو محتاج إليه إلى مكان آخر يحتاج إليه.
وهو يمتنع إثباته للرب تبارك وتعالى، وكذلك الحركة إذا أريد بها هذا المعنى امتنع إثباتها لله تعالى.
2ويراد بالحركة والانتقال حركة الفاعل من كونه غير فاعل إلى كونه فاعلاً، وانتقاله أيضاً من كونه غير فاعل إلى كونه فاعلاً.
فهذا المعنى حق في نفسه لا يعقل كون الفاعل فاعلاً إلا به فنفيه عن الفاعل نفي لحقيقة الفعل وتعطيل له.
3وقد يراد بالحركة والانتقال ما هو أعم من ذلك، وهو فعل يقوم بذات الفاعل يتعلق بالمكان الذي قصد له وأراد إيقاع الفعل بنفسه فيه.
وقد دل القرآن والسنة والإجماع على أنه سبحانه يجيء يوم القيامة، وينزل لفصل القضاء بين عباده، ويأتي في ظلل من الغمام والملائكة، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وينزل عشية عرفة، وينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، وينزل إلى أهل الجنة.
وهذه أفعال يفعلها بنفسه في هذه الأمكنة فلا يجوز نفيها عنه بنفي الحركة والنقلة المختصة بالمخلوقين، فإنها ليست من لوازم أفعاله المختصة به، فما كان من لوازم أفعاله لم يجز نفيه عنه، وما كان من خصائص الخلق لم يجز إثباته له.
وحركة الحي من لوازم ذاته، ولا فرق بين الحي والميت إلا بالحركة والشعور، فكل حي متحرك بالإرادة وله شعور فنفي الحركة عنه كنفي الشعور، وذلك يستلزم نفي الحياة."اهـ
(3) شرح "حديث النزول" (ص210-211), "مختصر الصواعق" (2/253-254), وهذا المبحث جله مستل من تحقيق "كتاب العرش" للذهبي (1 / 201) لمحمد خليفة التميمي.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:32 AM
رد مع اقتباس