عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 Jan 2012, 09:13 AM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي



مسألة المماسة
الناس لهم في هذه المسألة أقوال:
القول الأول: منهم من يقول هو نفسه فوق العرش غير مماس ولا بينه ولا بين العرش فرجة، وهذا قول ابن كلاب، والحارث المحاسبي، وأبي العباس القلانسي، والأشعري، وابن الباقلاني، وغير واحد من هؤلاء وقد وافقهم على ذلك طوائف كثيرون من أصناف العلماء من أتباع الأئمة الأربعة وأهل الحديث والصوفية وغيرهم, وهؤلاء يقولون: هو بذاته فوق العرش وليس بجسم، ولا هو محدود ولا متناه.
و منهم من يقول: هو نفسه فوق العرش، وإن كان موصوفاً لقدر له لا يعلمه غيره.
ثم من هؤلاء من لا يجوز عليه مماسة العرش، ومنهم من يجوز ذلك, وهذا قول أئمة أهل الحديث والسنة وكثير من أهل الفقه والصوفية والكلام غير الكرامية، فأما أئمة أهل السنة والحديث وأتباعهم فلا يطلقون لفظ الجسم نفياً ولا إثباتاً، وأما كثير من أهل الكلام فيطلقون لفظ الجسم كهشام بن الحكم، وهشام الجواليقي وأتباعهما. (1).

وليعلم أن لهذا اللفظ في كلام الأئمة موقفان:
1 _ استعملوه على سبيل النفي في مسائل العلو.
2 _ منعوه على سبيل الإثبات في مسائل الاستواء.


الموقف الأول: قد استعمل من استعمل من العلماء لفظ المماسة ليثبتوا أن الله بائن من الخلق وهم منه بائنون, قال الإمام أحمد بن حنبل:"إن الله عز وجل على عرشه فوق السماء السابعة، يعلم ما تحت الأرض السفلى، وإنه غير مماس لشيء من خلقه، وهو تبارك وتعالى بائن من خلقه، وخلقه بائنون منه." (2).

ورداً على مزاعم هؤلاء الباطلة أطلق من أطلق من علماء السلف لفظ المباينة وعدم المماسة تقريراً منهم لإثبات علو الله على خلقه واستوائه على عرشه ومباينته من خلقه.

والموقف الثاني: منعهم لاستعمال لفظ المماسة في مسألة الاستواء على العرش، وذلك رداً على الكرامية الذين خاضوا في شأن الكيفية وتعمقوا فيها.
وفي هذا يقول السجزي: "واعتقاد أهل الحق أن الله سبحانه فوق العرش بذاته من غير مماسة، وأن الكرامية ومن تابعهم على قول المماسة ضُلال"(3).
وقال قوام السنة الأصبهاني: "قال أهل السنة: خلق الله السموات والأرض، وكان عرشه على الماء مخلوقاً قبل خلق السموات والأرض ثم استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض وليس معناه المماسة، بل هو مستو على العرش بلا كيف كما أخبر عن نفسه"(4).
وقال الإمام أبو القاسم عبد الله بن خلف المقري: "إن الله تعالى في السماء على العرش فوق سبع سموات من غير مماسة ولا تكييف"(5).

فهذه النصوص تدل دلالة واضحة أن السبب في منع استعمال هذا اللفظ لما فيه من التعمق في شأن الكيفية، ومن عادة السلف أنهم عند تقريرهم لصفة الاستواء ولسائر الصفات لا يتعمقون في شأن الكيفية ويكلون علم ذلك لله عز وجل, كما جاء في عقيدة أبي حاتم وأبي زرعة الرازيين وفيها "أن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه بلا كيف"(6).


__________
(1) "درء تعارض العقل والنقل" (6/288-289).
(2) راجع "اجتماع الجيوش الإسلامية" (ص201).
(3) "الرد على من أنكر الحرف والصوت" (ص126-127).
(4) "نقض تأسيس الجهمية" (2/531).
(5) "اجتماع الجيوش الإسلامية "(ص55).

(6) "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للإمام اللالكائي (321), وقد استفدت جل هذا المبحث من تحقيق التميمي لـ: "كتاب العرش" تصنيف الإمام الذهبي, مع ما أضفته والله الموفق.




التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 26 Jan 2012 الساعة 10:13 AM
رد مع اقتباس